* غاندي خططت لاجتياح باكستان قبل اغتيالها بعشرة أيام! * يأس اسلام آباد يدفعها الى الجهاد بالسلاح النووي؟ لا يزال حجم القدرة النووية الباكستانية يثير التكهنات والاجتهادات في الهند واسرائيل والولايات المتحدة وكثير من اجهزة الاستخبارات المعنية. واذا كانت التقارير المعروفة والمتداولة في اوساط هذه الاجهزة عن "القنبلة النووية الاسلامية" تجمع على ان اسلام آباد نجحت، على رغم الحظر المفروض عليها، في استيراد الاجهزة والتقنية والمعدات المطلوبة لمفاعلاتها. فان القلق الذي يعتري الولايات المتحدة والهند واسرائيل عن تسرب خبرات فنية ومواد تقنية من جمهوريات آسيا الوسطى الاسلامية الى باكستان وايران والعراق وغيرها كان ولا يزال هو الحافز الرئيسي الذي يدفع الولايات المتحدة واسرائيل الى ابقاء "العيون مفتوحة" ورصد كل ما يخرج من الجمهوريات الاسلامية في آسيا الوسطى الى الدول المجاورة، خصوصاً ان الانباء تحدثت في السابق عن وصول شبه القارة الهندية في ايار مايو 1990 الى حافة الخطر بعدما جهّزت باكستان طائرات من طراز "ف - 16" بصواريخ تحمل رؤوساً نووية تمهيداً لقصف اهداف هندية. ولا يتردد المسؤولون الباكستانيون في القول ان الغرب منحاز ولا يريد ان يرى دولة مسلمة بحجم باكستان تمتلك سلاحاً نووياً، ويضرب هؤلاء مثلاً فيقولون ان وسائل الاعلام والدوائر الغربية والاسرائيلية تتحدث عن "قنبلة باكستان النووية الاسلامية" كأن برنامج اسلام آباد النووي هو الوحيد، في حين لا تركز هذه الوسائل والدوائر اي اهتمام على عشرات القنابل التي تملكها اسرائيل او الهند وحتى دول اوروبا نفسها. ويفخر هؤلاء المسؤولون بأن خبرات الفنيين الباكستانيين في حقل الذرة والعلوم النووية باتت تؤهلهم للوصول الى مرحلة متقدمة، وانهم حريصون على ان تكون هذه الخبرات متجهة نحو وضع "الذرة في خدمة السلام". لكن الدكتور عبدالقادر خان الذي يسميه بعض المثقفين الباكستانيين ابا القنبلة النووية الباكستانية يقول ان امتلاك السلاح النووي كامتلاك سكين في اليد، يمكن استعمالها لأكل الفاكهة ويمكن استعمالها لطعن كائن بشري. وعلى رغم الاعترافات المحدودة التي أدلى بها الدكتور خان في هذا المجال عن القدرات النووية لبلاده، إلا أنه لم يذهب الى الحد الذي ذهب اليه الجنرال ميرزا اسلام بيغ رئيس أركان الجيش الباكستاني السابق الذي أكد ل "الوسط" ان باكستان قادرة على انتاج رؤوس نووية وعلى التصويب على الهند وتحقيق الهدف المطلوب. وشدد الجنرال بيغ على عدم حاجة بلاده الى اجراء اختبارات نووية كما فعلت الهند في العام 1974 للتثبت من حجم قدراتها النووية. ومع استمرار مشكلة كشمير من دون حل، فإن التوتر بين الهند وباكستان سيظل مستمراً وقد يهدد بانفجار حرب نووية بين البلدين. ولا تخفي الهند والولايات المتحدة وحتى اسرائيل قلقها من امتلاك باكستان السلاح النووي، ولعل في المحاولات التي بذلتها كل دولة على حدة أو الثلاث مجتمعة لمعرفة أسرار باكستان النووية ما يدل على حجم القلق الذي يصفه الباكستانيون بأن ليس هناك ما يبرره. ولم تتوقف اسرائيل والهند وغيرهما عن محاولات التجسس على مفاعلات باكستان التي قبضت على عملاء من جنسيات مختلفة اعترفوا بالمهمات الموكولة اليهم في هذا المجال. ويعترف مسؤولون باكستانيون بأن دولاً عربية عدة وأجهزة أمنية لدول صديقة لم تتردد في السابق في ابلاغ اسلام آباد عمليات تجسس ضدها، لكن باكستان لم تتوقع أن تصل حدود التنسيق بين الهند واسرائيل الى حد التخطيط لغارة جوية لضرب مفاعلها النووي شبيهة بالغارة الاسرائيلية على مفاعل "تموز" العراقي. في رحلة لاحدى طائرات الخطوط الجوية الباكستانية من كراتشي الى بيشاور قبل اقل من سنة كان طالب جامعي فلسطيني من الضفة الغربية المحتلة يدرس في باكستان يقرأ كتاباً حين سمع حواراً بالعبرية بين شاب وفتاة يجلسان خلفه. واسترق السمع طوال الرحلة. وحين وصلت الطائرة الى مطار بيشاور، سارع الفلسطيني الى ابلاغ رجال الأمن الباكستانيين بأمر الشاب والفتاة، ما دفعهم الى الاشتباه في ارتباطهما بالاستخبارات الاسرائيلية موساد. فرصدوا تحركاتهما في المدينة التي تعج بمئات الآلاف من اللاجئين الافغان والاجانب العاملين في حقل الاغاثة ولدى المنظمات الدولية. ولم تمر بضعة ايام حتى كانت وسائل الاعلام الباكستانية تتحدث عن اعتقال مجموعة من عملاء "موساد" خططوا لجمع معلومات عن برنامج باكستان النووي. وبين فترة وأخرى تضاف الى ملفات جهاز الاستخبارات الداخلية الباكستانية I.S.I قضايا مشابهة لعملاء باكستانيين وهنود واجانب يعتقلون بتهمة التجسس لجمع معلومات عن برنامج باكستان النووي، أو ما درج على تسميته القنبلة النووية. وكشف مسؤول باكستاني لپ"الوسط" قصة تجسس اسرائيلية ضد باكستان قال: "في سجن اديالا في مدينة راولبندي يمضي الطيار الحربي الباكستاني اكرم عوان عقوبة السجن المؤبد بعدما اعترف بأنه يعمل لجهاز الاستخبارات الاسرائيلية والاستخبارات الهندية راو. ومما قاله في اعترافاته انه انضم الى سلاح الجو الباكستاني عام 1976، وخلال فترة تدريبه في كلية ريسلبور الجوية عمل لحساب ديبلوماسي ليبي. وفي 1979 هرب من سلاح الجو وذهب للعمل في دولة الامارات العربية المتحدة حيث تعرف الى احد عملاء "الموساد" الذي رتب له زيارة للسويد، وهناك قدمه الى عميل آخر ملقب بپ"جون" خلال سهرة في نادٍ ليلي. ومن ستوكهولم نقل اكرم عوان في طائرة خاصة الى لندن حيث اجتمع مع ديبلوماسي في السفارة الاسرائيلية هو موريس آدم الذي قدمه الى ضابطين احدهما يعمل للاستخبارات الاسرائيلية والثاني لجهاز "راو" الهندي". وتابع المسؤول الباكستاني الرواية التي نشر بعض تفاصيلها السنة الماضية، فقال ان اكرم زار في 1983 اسرائيل حيث تلقى تدريباً على اساليب حديثة في التجسس ودربه طاقم في سلاح الجو على قيادة طائرة من نوع "اف - 15". ومن اسرائيل اوفده "موساد" ليزور سورية عبر بلد ثالث، ثم انتقل منها الى بريطانيا وعاد اليها ثانية، وتلقى خلال وجوده في دمشق رسالة عن تعرض شقيقه لحادث سير في باكستان، فلجأ الى سفير بلاده ليطلب مساعدته وزودته السفارة أوراقاً تمكنه من زيارة بلده. لكن شكوك السفير في تحركات عوان زادت فاتصل بأجهزة الامن الباكستانية التي بادرت باعتقاله فور وصوله الى مطار اسلام آباد. وفي الساعات الأولى من صباح 15 ايار مايو 1985، بعد ساعات على اعتقاله تظاهر اكرم بأنه مريض وفر من بين ايدي الشرطة. لكنه اتصل بطيار كان زميلاً له فأبلغ الاخير جهاز الامن فاعتقل مجدداً وسجن سنة بسبب فراره من وحدته في سلاح الجو. خلال وجود اكرم في سجن اديالام حضر شاب باكستاني مقيم في لندن لزيارة احد اقربائه الذي يمضي عقوبة، وعندما شاهده اكرم حمله رسالة الى عميل لپ"موساد" في العاصمة البريطانية يبلغه فيها مكان وجوده. ولم تمضِ ايام حتى كانت ديبلوماسية يهودية تعمل في سفارة دولة اوروبية في اسلام آباد تزوره في سجنه وتطلب منه الاتصال بشخص معين بعد انتهاء فترة سجنه. خطة لضرب مفاعل باكستاني وحين اطلق اكرم عام 1986 اتصل بالعميل الاسرائيلي في اسلام آباد فنصحه بالسفر الى دولة مجاورة. وكان اكرم يركز نشاطه على جمع معلومات عن سلاح الجو الباكستاني في قاعدة شكالا وعن الدفاعات الجوية وكل التفاصيل التي لها صلة بمجمع كهوته النووي. وكانت مهمته الرئيسية التي حددها له جهازا "موساد" و"راو" هي مرافقة سلاحي الجو الهندي والاسرائيلي في اثناء تنفيذ عملية قصف المفاعل النووي الباكستاني، وتحديد الموقع بالاسلوب الذي نفذ فيه سلاح الجو الاسرائيلي عملية ضرب المفاعل النووي العراقي تموز. كانت عيون جهاز الاستخبارات الداخلية الباكستانية اي.اس.اي تتابع تحركات اكرم بدقة، ونجح في ان يقرب اليه احد ضباطه. واستضافه الضابط ولقبه سعيد خان، في غرفة في احد فنادق اسلام آباد، وتوالت لقاءاتهما وكثيراً ما كان سفير الهند ينضم اليهما. وبعد جمع معلومات كافية، طلب من اكرم عبور الحدود الى الهند عبر منطقة كسور ليل الرابع عشر من ايلول سبتمبر 1987. وهناك قدم نفسه الى حراس الحدود الهنود الذين تولوا نقله في طائرة عسكرية الى نيودلهي. وكانت وحدة اسرائيلية - هندية خاصة تعد سرباً من طائرات "ف - 15" و"ف - 16" لقصف مجمع "كهوته" حين كشف جهاز الاستخبارات الباكستاني عبر مصادره انه اتخذ احتياطات امنية غير عادية تحسباً لهجوم جوي هندي... لكنه لم يكشف طبيعة المعلومات التي تجمعت لديه، الامر الذي حدا بالهند واسرائيل الى تأخير تنفيذ العملية. وعاد اكرم الى اسلام آباد وأبلغ صديقه سعيد خان انه تلقى تعليمات بأن يقلص تحركاته. وفي 13 ايار مايو 1988، تلقى رسالة من مسؤول جهاز "راو" في باكستان يطلب منه فيها الاتصال بالسفارة الهندية لتنظم تهريبه الى خارج البلاد بعدما شعرت بقرب اكتشاف امره. واعترف حامل الرسالة وهو من سكان اقليم بلوشستان بأن اكرم وعده بمبلغ كبير من المال اذا نجح في نقل رسالة جوابية الى السفارة وتسهيل هربه من البلاد، الامر الذي دفع رجال الامن الباكستانيين الى اعتقال اكرم في فندق صغير كان يقيم فيه في اسلام آباد. قصص كثيرة مماثلة عن عمليات التجسس ضد باكستان وبرنامجها النووي تقوم بها اسرائيل والهند ودول غربية تؤكد قلق هذه الدول من تنامي القوة النووية لهذه الدولة واحتمال وصولها الى مرحلة انتاج رؤوس نووية، ان لم تكن أنتجتها منذ زمن، كما يعتقد خبراء اجانب ومحللون. وإذا كان خبراء في الطاقة الذرية يعترفون بأن تعاون الهند واسرائيل ضد باكستان له ما يبرره لأن الدولة العبرية تخاف ان تشجع باكستان دولاً عربية على خطوات مماثلة، الامر الذي يهدد السيطرة المطلقة للدولة العبرية في مجال امتلاك السلاح النووي في المنطقة، فان المسؤولين الباكستانيين يعتبرون ان اسرائيل تحاول الايحاء للولايات المتحدة بأنها مهمة ولا تزال الحاجة اليها كبيرة لمقاومة خطر انتشار الاصولية والارهاب. برنامج الهند ويقول رئيس معهد الدراسات الاقليمية في اسلام آباد الجنرال المتقاعد بشير احمد انه لا يمكن الحديث عن البرنامج النووي الباكستاني من دون النظر الى برنامج الهند النووي والمراحل التي قطعها. ويوضح الجنرال احمد لپ"الوسط" ان استخدام الطاقة النووية في باكستان هو الأساس لتطوير الاوضاع الاقتصادية في هذا البلد وزيادة النمو الزراعي في وقت تعاني باكستان من عدم امتلاكها طاقة بديلة كالغاز الطبيعي والنفط والفحم الحجري، بكميات كافية. ويضيف ان "باكستان في حاجة الى حماية حدودها وسيادتها من دولة مجاورة تتمتع بقوة عسكرية هائلة وعدد هائل من الجيوش وموقت كل ذلك ما لا يقل عن 60 رأساً نووياً". ويؤكد ان بلاده "راغبة في تسخير الطاقة النووية لخدمة الاغراض السلمية، لكن رفض الهند التوقيع على معاهدات دولية توضح هذا الامر، يبقي الباب مفتوحاً لكل الاحتمالات بالنسبة الى باكستان". ويرفض الجنرال ميرزا اسلام بيغ مقارنة برنامج باكستان النووي ببرنامج الهند، ويقول ان بلاده دخلت هذا المضمار متأخرة وبرنامجها صغير مقارنة مع البرنامج الهندي. الجنرال بيغ تولى رئاسة اركان الجيش الباكستاني بين عامي 1988 و1991 ويوصف في الدوائر الباكستانية بأنه من بين القلائل الاكثر اطلاعاً على البرنامج النووي لاسلام آباد. وهو يروي لپ"الوسط" قصة المفاعل النووي الباكستاني فيقول: "هيئة الطاقة الذرية الباكستانية تأسست عام 1955 وبقيت حتى 1972 من دون ان تحظى باهتمام يذكر، في حين كانت الهند من بين الدول القليلة التي ساهمت في ارساء دعائم برنامج نووي بعيد المدى عام 1948". ويضيف: "حصلنا على أول مفاعل نووي للبحوث من الولايات المتحدة ضمن شعار برنامج "الذرة في خدمة السلام" عام 1965، ولم تستكمل انشطة المفاعل الذي يحظى برقابة لجان دولية تتفقده في شكل دوري وتتحقق من عدم تسرب اشعاعات نووية منه الا مطلع السبعينات. وفي 1988 حصلت باكستان على مفاعل ثان من الصين قدرته 27 كيلوواط. اما الهند فأول مفاعل لديها كان جاهزاً في 6195 وسمي "اسبارا" في مدينة ترومبي القريبة من بومباي. وفي الهند الآن تسعة مفاعلات آخرها بدأ العمل لبنائه في ترومبي عام 1988، ولا يخضع اي منها لرقابة دولية". وبمساعدة من كندا، نجحت باكستان في بناء مفاعل ثالث قوته 125 كيلوواط قرب مدينة كراتشي. ويعترف الجنرال بيغ بأن البرنامج النووي الباكستاني تلقى دفعاً قوياً الى امام عام 1972 حين ادخل ضمن مسؤوليات رئيس الوزراء، فاتسعت بحوثه وبدأ تطوير قدرات مصادره عبر "معهد باكستان للعلوم النووية والتكنولوجيا" القريب من اسلام آباد. تحولان بارزان ولعل التحولان البارزان في رؤية باكستان وتصوراتها لمشروعها النووي كانا عندما نفذت الهند أول تجربة تفجير نووية عام 1974، وحين لمس المسؤولون الباكستانيون حجم الخطر النووي الذي يتهدد بلادهم نتيجة امتلاك الهند رؤوساً نووية، الامر الذي شجع عدداً من الدول الغربية على الغاء تعاونها مع باكستان خصوصاً بعد اصدار الولايات المتحدة ودول اوروبية قرارات بعدم تشجيع الدول النامية على استيراد التكنولوجيا التي تساعد في استخراج مادة اليورانيوم المشبع. ثم قررت اميركا وقف مساعدتها السنوية لباكستان بسبب مخاوفها من تطور قدرتها النووية وتحولها الى انتاج رؤوس نووية. وكان واضحا لكثير من زعماء العالم العربي والاسلامي ان الغرب حريص على منع أي دولة اسلامية من الحصول على قنبلة نووية، خصوصا في عز الصراع العربي - الاسرائيلي. وكان قصف اسرائيل مفاعل "تموز" العراقي صيف 1981 خير دليل على ذلك. هذه الضغوط التي تعرضت لها باكستان دفعتها الى الاعتماد على قدراتها الذاتية لتطوير برامجها النووية. وأعلنت الصين وفرنسا عامي 1989 و1990 عزمهما على تزويدها مفاعلات طاقتها 300 ميغاواط و900 ميغاواط واحترمت بكين تعهدها، لكن باريس رفضت توقيع عقد لبيع اسلام آباد محطة نووية بعدما عزا مسؤول حكومي باكستاني ترددها الى ضغوط اميركية. واثبت الخبراء والفنيون الباكستانيون مهارة فائقة في تأمين استمرار برنامج بلادهم النووي وتطوره على رغم الصعوبات التي واجهوها لعدم حصولهم على قطع غيار بسبب الحظر الذي فرض عليهم في هذا المضمار. ولا ينكر الجنرال بيغ نجاح العاملين في "معهد باكستان للعلوم النووية والتكنولوجيا" في تطوير قدرات بلادهم لاستخراج مادة اليورانيوم المشبع وبناء مجمعات ومفاعلات نووية بلغت طاقة احدها 10 ميغاواط ليحل محل مفاعل قديم. وبنوا مفاعلاً آخر في حقل بنستش طاقته 5 ميغاواط. رأس واحد ام عشرة؟ وينقل الجنرال عن مسؤول باكستاني رفيع المستوى ان اسلام آباد قادرة على تركيب رأس مفاعل نووي واحد، في حين يؤكد "معهد ستوكهولم لبحوث السلام" انها تملك عشرة رؤوس على الاقل في مقابل 60 رأساً للهند وحوالي 95 لاسرائيل. وقدّر معهد "سبري" السويدي ان باكستان تمتلك 500 رطل من اليورانيوم المشبع كافية لتصنيع 10 رؤوس نووية. ويشير خبراء في المعهد الى معلومات استخبارية ان باكستان حصلت على معدات فرنسية لفصل اليورانيوم وتخصيبه على رغم الحظر الفرنسي. ويقول الدكتور عبدالقادر خان ابو القنبلة النووية الباكستانية مؤسس مختبرات "كهوته": "إذا أريد للتوقعات الأميركية عن قدرة باكستان النووية أن تكون صحيحة يجب أن تكون مختبرات كهوته توسعت أكثر مما هي بكثير". ويؤكد الأميركيون أن خبراء مجمع "كهوته" نجحوا في تزويد مختبر كشمه الواقع على ضفاف نهر اندوس طاقة تصل الى 300 ميغاواط. ولا ينكر الدكتور خان الذي تلقى تعليمه الجامعي في المانيا ان تكون بلاده قادرة على انتاج الوقود النووي اللازم لتأمين حاجتها قبل عام 1997، موعد دخول المفاعل الصيني الصنع مرحلة الانتاج. ويشير الى ان المفاعل في حاجة الى يورانيوم مشبع يحتوي 50 في المئة من مادة "يو - 235" التي تستعمل في صنع القنابل النووية، الأمر الذي يعني الاستغناء عن 90 في المئة من اليورانيوم الطبيعي الذي يحتوي 0.7 في المئة من مادة "يو - 235". ويرفض خان بشدة الاتهامات بأن معهد "كهوته" يستخدم لانتاج أسلحة نووية، لكنه يقر بإمكان تحويله الى هذا الميدان. ويردد عبارة باكستانية مأثورة حين يسأل عن امتلاك بلاده رؤوساً نووية، يقول: "السكين تستعمل لقطع الفاكهة وتستعمل في الوقت نفسه لقتل انسان لذلك كل المختبرات النووية في العالم قادرة على انتاج المواد الحربية ويمكن أن تكون في خدمة السلام ورفاهية البشر". ويعترف بأن مختبرات "كهوته" صممت صاروخاً باكستانياً مضاداً للطائرات بعدما استعانت بالكترونيات صينية، وطورت صاروخاً آخر مضاداً للدبابات. ويؤكد ذلك مسؤولون عسكريون باكستانيون ويقولون ان خبراء صينيين زاروا مختبر جولرا قرب مدينة روالبندي وشاركوا في صنع الصاروخين. لكن خان يسخر من اتهامات أميركية بأن مختبر جولرا نجح في تأمين يورانيوم مشبع، ووصف جولرا بأنها مجرد مركز ميكانيكي للآليات يستخدمه الجيش، وليس كما صورته الأقمار الاصطناعية الأميركية. ولعل القلق الأميركي من احتمال نشوب حرب نووية بين الهند وباكستان له ما يبرره، لكن الأوساط الباكستانية تعتقد أن هذه الحملة لا تستهدف إلا التركيز على بلادهم لتبرير استمرار قطع المساعدة الاقتصادية عنها. كما أن الحملة تدخل في اطار الهدف الغربي لمنع باكستان أو أي دولة اسلامية اخرى من امتلاك السلاح النووي. ويعزو مراقبون محايدون السكوت الأميركي على نشاطها النووي على مدى العقدين الماضيين الى حاجة واشنطن الى دورها في مواجهة الاتحاد السوفياتي السابق ووقف المد الشيوعي، خصوصاً بعد الاحتلال السوفياتي لافغانستان. وجاء في تقرير أميركي نشر أخيراً ان الهند وباكستان كادا يدخلان حرباً نووية في أيار مايو 1990 بعدما شعرت باكستان ان الهند حشدت قوات ضخمة لاجتياح أراضيها، الأمر الذي حدا بالجيش الباكستاني الى اعلان الطوارئ وجهّز مقاتلات "ف - 16" لنقل رؤوس نووية وضرب اهداف هندية. وعلى رغم أن باكستان نفت هذه المعلومات، أكد الجنرال بيغ ل "الوسط" ان مدير وكالة الاستخبارات الأميركية آنذاك روبرت غيتس زار باكستان واجتمع اليه حين كان رئيساً لأركان الجيش والتقى أيضاً الرئيس غلام اسحق خان، لكنه أضاف ان المخاوف من وقوع مواجهة نووية لم تكن كما صورتها التقارير الأميركية. وعلى رغم ذلك احتجت الهند وأعلنت أن التقارير الصحافية الأميركية عن امتلاك باكستان سبعة رؤوس نووية حجم كل منها يوازي حجم القنبلة التي دمرت مدينة هيروشيما في اليابان، كفيلة بزيادة التوتر بين البلدين. 3 صواريخ "حتف" وينقل خبير بارز في معهد اليورانيوم في لندن عن عالم هندي في مركز بحوث الفضاء هو الدكتور شاندرا شيكار ان باكستان تعمل على تطوير 3 صواريخ بعيدة المدى على النمط الفرنسي يمكنها ان تصيب وسط العاصمة الهنديةنيودلهي إذا أطلقت من داخل الأراضي الباكستانية. ويوضح شيكار أن الصاروخ الباكستاني الذي يطلق عليه اسم "حتف - 3" هو قيد الانتاج وسيكون جاهزاً في غضون خمس سنوات، خصوصاً بعد تطوير قدرات قاعدته على الاطلاق. ويقول العالم الهندي ان الصاروخين الآخرين أطلق عليهما "حتف - 1" و"حتف - 2"، والأول لا يتجاوز مداه 80 كيلومتراً، في حين يصل مدى الثاني الى 280 كيلومتراً ومدى "حتف - 3" الى 800 كيلومتر، ويحمل رأساً نووياً وزنه 300 - 400 كيلوغرام. ويستبعد شيكار ان يكون الصينيون لعبوا أي دور في تطوير هذه الصواريخ، ويقول ان الفرنسيين هم الذين قدموا خبراتهم في هذه المضمار، موضحاً ان "حتف - 1" يشبه الصاروخ الفرنسي "دوفين" وتمت تجربته عام 1989، ويبلغ طوله ستة أمتار وقطره حوالي 55 سم. أما "حتف - 3" فيقدر طوله ب 12 متراً وقاعدة اطلاقه قطرها 82 سم، والنموذج المستحدث منه طوله 10 أمتار وقطر قاعدة اطلاقه حوالي 100 سم. ولا يزال يتردد صدى تصريحات قديمة لعبدالقادر خان الذي قال مرة لصحافي هندي: "الاستخبارات الأميركية قالت لنا ان باكستان لن تكون قادرة على انتاج القنبلة النووية، وشككوا في خبراتنا في الماضي ولكن ما يقولونه الآن عن امتلاكنا القنبلة صحيح". ونسب الصحافي الهندي الى العالم الباكستاني ان "حكومة اسلام اباد" لا تنوي استخدام السلاح النووي "إلا إذا أجبرت على ذلك ولم يترك لنا خيار آخر". وتسببت هذه التصريحات التي أطلقت في الفترة الأخيرة من عهد الرئيس السابق رونالد ريغان بحرج للادارة الأميركية، الأمر الذي دفع خان الى الاعلان بعد أيام ان الصحافي الهندي حرّف كلامه. وتؤكد أوساط الادارة الأميركية ان لدى وكالاتها وأجهزتها تقارير كثيرة مفصّلة عن نشاط باكستان النووي، لكن طبيعة الأحداث في العقدين الماضيين لم تساعد على إثارة مثل هذه المواضيع بحدة حرصاً على استمرار تعاون الولايات المتحدة وباكستان في قضايا مهمة جداً تطاول الأمن القومي الأميركي. ويقول خبراء في لندن ان لدى أجهزة الاستخبارات الأميركية وغيرها لوائح بأسماء شركات ألمانية وسويسرية وفرنسية زودت باكستان معدات ساعدتها على تطوير برنامجها النووي. ومن بين تلك التقارير واحد يتحدث عن خريطة للطابق الذي يحتوي الأجهزة التي تتولى تخصيب اليورانيوم في مختبر كهوته 12 ميلاً عن اسلام آباد. وتوضح الخريطة ان مبنى كهوته يضم 5 طبقات تحت الأرض لحمايته من غارات جوية هندية مفاجئة. ويشير تقرير آخر الى مبنى من الأسمنت المسلح في جولر خصصت إحدى طبقاته لانتاج اليورانيوم المخصب. وينقل خبراء عن مسؤولين في المانيا الغربية سابقاً ان الحكومة الباكستانية خالفت القوانين الألمانية حين اشترت مختبراً لتنقية غاز "التريتيوم" الذي ينتج عن وضع مادة "الليثيوم - 6" في المفاعل، الأمر الذي يزيد مادة النيتروجين بعد وضعها في رؤوس نووية، ويتسبب بالتالي في انفجارات ضخمة. باكستان تنتج المطلوب وتجمع دوائر الاستخبارات الأميركية على أن باكستان تنتج الكميات المطلوبة من مادة اليورانيوم المشبع منذ عام 1987، ما يمكنها من اطلاق ستة صواريخ نووية. لكن الجدل مستمر لدى تلك الدوائر ومحوره هل نجح رجال الدكتور خان في تحويل اليورانيوم المشبع بغاز هكسا فلورايد الى معدن يعاد صبّه تمهيداً لاستعماله كرأس نووي، يركب تحت أجنحة طائرات "اف - 16" الأميركية الصنع؟ تقارير ألمانية أكدت هذا الاحتمال. وينتاب القادة الهنود قلق كبير من وصول باكستان الى حال اليأس. ويقول القائد العسكري الهندي دي باليت ان أي دعوة باكستانية عامة الى تحرير كشمير قد توصف بأنها جهاد مقدس يستدعي الاستعانة بالقنبلة النووية لمحو الهند. ويضيف ان امتلاك باكستان رؤوساً نووية صغيرة قد يشجعها على اجتياح الحدود الهندية بعد تدميرها مدناً هندية عدة، وأي هجوم باكستاني نووي وقائي قد يعتبره الباكستانيون مبرراً، ولو استند الى معلومات استخبارية غير صحيحة عن تحرك هندي. وزادت الولايات المتحدة وبريطانيا نشاطهما في مركز التنصت على الاتصالات الهندية والباكستانية من قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي خلال الفترة الماضية، خصوصاً كلما تصاعد التوتر في منطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان. ويقول محلل صور التقطها قمر اصطناعي أميركي ان مجمع كهوته النووي الباكستاني أخلي بعد اشارات عن احتمال تعرضه لغارة جوية هندية. وسخر روبرت اوكلي السفير الأميركي السابق من هذا التحليل، وقال ان أجهزة الاستخبارات الهندية والباكستانية تلعب أدواراً كثيرة للتمويه على حقيقة ما يدور في أذهانها. وينقل محلل أميركي عن الدكتور خان الذي اجتمع معه في عاصمة أوروبية قبل سنوات: "مهما حدث لن نوقف تطور برنامجنا النووي. هذا غير مسموح به في بلدي، ونريد أن نستمر في برنامجنا كي نفهم الهنود أنه لن يكون في مقدورهم هزيمتنا مرة أخرى بعد الحروب الثلاث التي خضناها ضدهم على مدى 48 سنة من عمر دولة باكستان". وكان الرئيس الباكستاني السابق غلام اسحق خان كشف بعد أقل من اسبوعين على تنازله عن كرسي الرئاسة انه رفض كل الضغوط التي تعرض لها من قبل الادارة الأميركية لوقف البرنامج النووي. ومما قاله: "ان التهديدات بتصفيتي جسدياً لم تغير موقفي لأن تطوير البرنامج النووي الباكستاني أمر حيوي لأمن باكستان ومصيرها". وأضاف: "عدم التوصل الى حل لأزمة كشمير يستدعي الاستمرار في برنامجنا لما لذلك من أثر في الحد من الفارق الكبير في ميزان القوى لمصلحة الهند التي تعادل قواتها البحرية سبعة أضعاف قواتنا وسلاحها الجوي ثلاثة أضعاف سلاحنا. وكادت باكستان ان تدخل مرتين في حرب نووية مع الهند في السنوات التسع الماضية". وكشف أيضاً ان انديرا غاندي رئيسة وزراء الهند الراحلة حددت موعداً لبدء العدوان، لكنها اغتيلت قبل عشرة أيام من الموعد وتراجعت الهند بسبب امتلاك باكستان القدرة النووية. واعترف الرئيس خان بأن وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر الذي كان أحد أعضاء ادارة الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر عرض على الجنرال ضياء الحق 250 مليون دولار في مقابل وقف باكستان برنامجها النووي، فرد ضياء الحق: "ان الاستمرار في برنامجنا الذري هو الخيار المطروح ما دام نزاعنا مع الهند على كشمير مستمرا". ولا يبدو في الأفق ان هناك حلاً لأزمة كشمير، الأمر الذي يعني ان تبادل الاتهامات بين البلدين بدعم هذا النشاط أو ذاك في باكستان والهند لن يتوقف قريباً. ولا يستبعد اللجوء الى الحل العسكري وما ينطوي عليه من أخطار تهدد بتفجير الأوضاع واشعال حرب نووية تكون شبه القارة الهندية مسرحاً لها. القوات المسلحة الباكستانية - يصل العدد الاجمالي لأفراد اسلحة الجو والبر والبحر الى 580 الف جندي نظامي و513 الف جندي احتياط. القوات البرية: 515 الف جندي تدعمهم اكثر من 1980 دبابة و1405 مدافع ميدان. قوات البحرية مقرها كراتشي: - 20 الف جندي 6 غواصات من صنع فرنسي غواصتان من طراز "اغوستا" و4 من طراز "دافني" وجميعها مزودة صواريخ من طراز "هاربون". - 3 مدمرات من صنع اميركي مدمرة من طراز "ديفرنشير" واثنتان من طراز "جيرينغ". - 10 فرقاطات. - 8 سفن صواريخ. - 4 سفن طوربيدو. - 13 سفينة دورية. - كاسحتا الغام. سلاح الجو: - 45 الف جندي. - 352 طائرة. - 7 بطاريات اطلاق صواريخ من طراز "سام".