يبدو ان بعض الاصوات الغنائية العربية صحت من غيبوبة الاغنية السريعة والشبابية وتنبهت الى ضرورات احياء العصر الذهبي للطرب العربي. اذ ان المطرب لطفي بوشناق صاحب الصوت التونسي القوي والمؤثر يقوم بجهد تحتاج تفاصيله لامكانات ضخمة يتمثل بجمع التراث الغنائي للمغرب العربي خصوصاً التونسي. وقد تنبه بوشناق الى قضية مهمة لم يسبقه اليها احد تتمثل في اعادة تسجيل الكثير من الاغنيات القديمة على اسطوانات جديدة وتقنيات عالية لأن معظمها اصبح شبه تالف لوجودها على اسطوانات شمعية ولم تنتقل قبل فوات الاوان من الاذاعات العربية في الخمسينات والستينات. بوشناق سجّل نوبات من "المالوف" الموشح المغاربي وعدداً من الادوار التي انقرضت. ويسجل لبوشناق تقديمه هدايا غنائية للمسنين مثل هاذي غناية ليهم ولسكان ساراييفو وللجزائريين، والكثير من الاغاني المتضمنة دعوات لإحياء القيم والتقاليد وعلى طريقة الشيخ سيد درويش. فهل يكون بوشناق رائداً من رواد عودة الحياة الى الاغنية العربية على ابواب القرن المقبل وهو الذي بدأ الغناء اوائل الثمانينات ومنذ الاغنية الاولى اختار طريقاً مغايراً للسائد واستطاع اخراج المستمع من دائرة الحب والغرام والهجران الى آخره نحو الكلمة الراقية والهدف الاجتماعي للحالة الطربية. فمن يحذو حذوه من الفنانين العرب الآن؟