لم يخلُ فوز ألفا روميو "156" بلقب "سيارة العام 1998" الأوروبي من عدد من المفارقات المثيرة للإهتمام. لا شك في أن الموديل الذي عرضته "الوسط" في عدد 12 أيار مايو 1997، والمنتمي الى قطاع السيارات المتوسطة-الكبيرة D segment جاء بتصميم "منعش"، وخصوصاً بتحسينات في الجودة التي لم تُعرَف ألفا روميو بقوّتها فيها. فمحبو هذه الماركة يقبلون عليها بقلوبهم ثم بعقولهم. وماذا يمنع إذاً الماركة الإيطالية التي ضمّتها فيات في 1986، من إنتزاع اللقب للمرّة الأولى في تاريخ المسابقة الأوروبية التي إنطلقت في 1964؟ لا شيء يمنع ذلك... أو يمنع التوقف عند عوامل قد تكون ساعدته بعض الشيء في فوزه باللقب. فخيار لجنة التحكيم المؤلّفة من 56 صحافياً متخصصاً في صناعة السيارات من 21 دولة أوروبية لم يكن سهلاً. في الميزان موديلات أخرى جديدة ولا يستهان بها، ومنها مرسيدس-بنز "آي كلاس" قطاع المتوسطة-الصغيرة C، والجيل الرابع من موديل فولكسفاغن "غولف" متوسطة-صغيرة، وسيتروان "كسارا" متوسطة-صغيرة، وآودي "آي 6" قطاع السيارات الكبيرة E. لا شك أولاً في أن "أحداث" إختبارات السويد الشهيرة ضربت فرص مرسيدس-بنز "آي كلاس" في الصميم. فهي كانت ولا تزال في الواقع السيارة الأكثر تحديثاً في الجوهر، بين الموديلات التي أطلِقَت العام الماضي: مقصورة متوسطة-صغيرة في هيكل سيارة صغيرة، مع أفضل مستويات التجهيز. لكن بعد تلك الضجّة؟ حُيِّدَت "آي كلاس". ثم هناك آودي "آي 6" التي لا يقل تصميمها جرأة عن "156" إطلاقاً، وفي رأي مراقبين عدة. وفوق ذلك، يسهل تفنن مصمم ماركة "عاطفية" مثل ألفا روميو، وإبتعاده عن المألوف، أكثر بكثير مما يمكن تصوّره لدى مصمم ماركة أكثر "جدية" مثل آودي أو مرسيدس-بنز مثلاً. ومع ذلك، لا تقل تحديثات "آي 6" جرأة أبداً عمّا جاءت به "156"، شكلياً وضمنياً وتقنياً وحماية، بل تتفوّق عليها في جوانب كثيرة بحكم توجه الألمانية الى قطاع أعلى من الذي تتوجه إليه الإيطالية. طبعاً، ليس التصميم وحده في ميزان المسابقة، بل عوامل عدة منها قيمة التجهيزات مقارنة بالثمن، وتكاليف الإستخدام ومستوى التقدّم التقني والهندسي ووسائل الحماية الراحة والسلوك ومدى التأثير على البيئة. وبإستثناء الحجج المتعلّقة بالتسعير، يصعب تصوّر آودي وراء ألفا روميو أو قربها في أي من الأبواب الأخرى. قد يرى أكثر من مراقب أن ألفا روميو لم تفز على منافساتها في المسابقة بمقدار فوزها على سوء سمعة جودتها. فبعد بدء تحسّن تلك السمعة في السنوات الأخيرة، تأتي "156" اليوم بمستوى يستحق التشجيع، خصوصاً في ظل تراجع مبيعات الماركة في السنوات الأخيرة الى حد دفع مجموعة فيات الى الإختيار بين التحسين أو تأمّل زوال الماركة العريقة تدريجاً! فمن 152354 وحدة في 1992، هبط إنتاج ألفا روميو الى 113800 وحدة في 1996. فوق تشجيع الماركة على تحسين جودتها عوضاً عن الإكتفاء بجمال المظهر، يشكّل فوز "156" إعادة بعض الأضواء الى قطاع سيارات الصالون المتوسطة-الكبيرة، وهو قطاع تنكب عليه المنافسة من كل حدب وصوب... ولم تلحظه الجائزة بعطفها في السنوات العشر الأخيرة أكثر من مرتَين: بيجو "405" في 1988 وفورد "مونديو" شقيق "كونتور" وميركوري "ميستيك" في 1994. وبما أن الأسواق الأوروبية تميل إجمالاً الى قطاعات السيارات المتوسطة الى الصغيرة الحجم، لا يستغرب إنتزاع السيارات المتوسطة-الصغيرة ثمانية من الألقاب ال19 التي منحت منذ 1980، آخرها فيات "برافو/برافا" ورينو "ميغان سينيك" في السنتين الماضيتين، ما قد يبرر عدم منح هذا القطاع جائزة ثالثة على التوالي مع "غولف" أو "كسارا"، في مقابل أربعة ألقاب للسيارات الصغيرة آخرها فيات "بونتو" في 1995، وأربعة أخرى لقطاع الكبيرة آخرها سيتروان "إيكس إم" في 1990 الأقل مبيعاً في أوروبا من المتوسطة والصغيرة. من تلك الزوايا مجتمعة، قد يستحق قطاع سيارات الصالون المتوسطة-الكبيرة عودة اللقب إليه بعد غياب طويل نسبياً، لتشجيعه في زمن تدافع قطاعات وأشكال هياكل كثيرة الى منافسته في مختلف وجوه أدائه. ومن الموديلات الخمسة التي بقيت في تصفية الجائزة للقب 1998، لم تكن هناك إلا "156" لتمثيل هذا القطاع تحديداً. ومن أبرز مقاييس "156" طولها البالغ 43.4 متر معدّلات قطاعها بين 5.4 و6.4 متر وعرضها 745.1 متر، وقاعدة عجلاتها 595.2 متر نحو 7.2 في معظم منافساتها، وإتساع صندوقها الخلفي ل378 ليتراً 378.0 متر مكعّب، ومعدّلات قطاعها تناهز 400 الى 430 ليتراً. خيارات المحرّكات ستة، أربعة منها بنزينية 4 أو 6 أسطوانات، وقوتها من 120 الى 190 حصاناً والآخران توربو ديزل 4 أسطوانات/105 أحصنة أو خمس/136 حصاناً.