في نفي تام للإشاعات حول موضوع الخلافة في الاردن، أكد الامير عبدالله بن الحسين، الابن البكر للعاهل الاردني، ان "الخلافة ليست موضوع جدل داخل أسرتنا". وقال ل "الوسط" في حديث اجرته معه في عمان ان لاتنافس ولا انقسام داخل اسرته. وتطرق الحديث الى مهمته في الجيش الاردني كقائد للعمليات الخاصة والى هواياته الرياضية. هل لنا في البداية ان نسأل عن صحة والدكم الملك حسين؟ نشكر الله كل يوم لأن صحة جلالته ممتازة. ويتلقى علاجاً على ايد امينة في مستشفى مايو حيث يجري كل شيء على افضل مما كان متوقعاً. معنوياته ايضاً مرتفعة جداً، وهذه علامة طيبة. والاهم بالنسبة الينا هو انه قبل نهاية العام سيعود الى الاردن باذن الله وقد استعاد عافيته تماماً. يتردد الكثير عن موضوع الخلافة… - ان جلالة الملك يرغب، بعون الله، ان يحكم لسنوات عدة، لكن المطلعين على الحياة السياسية في الاردن يعلمون ان عمي الامير حسن هو بمثابة اليد اليمنى لجلالته. وهو ولي العهد، ولا مجال للنقاش في هذا الشأن. الخلافة قد تكون موضع جدل بين اناس كثيرين خارج الاسرة المالكة ولكنها قطعاً ليست موضع جدل داخل اسرتنا. ولكن ماذا عن الامراء الشباب او ما يعرف بالجيل الجديد؟ - الاشاعات التي سمعتها عن منافسة داخل الجيل الجديد تهدف فقط الى اشاعة جو مسموم وتوحي بأن هنالك نوعاً من الانقسام داخل اسرتنا… ولكني كشخص من الداخل يمكنني ان اؤكد لك ان لا شيء ابعد عن الحقيقة من هذه الاشاعات. كثير من الناس يحبون الثرثرة من دون ان يحاولوا معرفة الوقائع، وهي اننا كبرنا كلّنا كاخوة ونحن قريبون جداً بعضنا من بعض. وتعلمنا ان مصلحة الوطن قبل كل شيء. وكلنا يؤمن بالله، وبجلالة الملك، وبولي العهد وبالشعب الاردني لاختيار من منا سيحكم في المستقبل البعيد. ولكن بين الاخوة، قد نجد من لهم طموحات شخصية مثلاً سمعنا الكثير عن طموحات الامير حمزة، فهل لاحظتم شيئاً من هذا القبيل؟ - اني مقرب من جميع اخوتي وكل منهم له فرادته وله طريقته الخاصة، وكل منا اخذ شيئاً عن جلالة الملك وما لم يرثه في الشبه ورثه في الصفات والمميزات. حمزة شاب لامع جداً وقريب من القلب جداً وله القدرة على ان يكون ما يريد، ويمكنني ان اقول الشي نفسه بخصوص سائر اخوتي… وللأسف هناك اشاعات في الصحافة تلقي ضغطاً هائلاً على هؤلاء الشباب. حمزة لا يزال شاباً وهو يريد ان يعيش حياة عادية. وليس من العدل ان يعلق الناس هذا القدر من الاهمية على ما قد يصبح او لا يصبح. لذلك اقول: لنترك هؤلاء الشباب يكبرون سعداء بعضهم مع بعض والحمد لله اني لم اعرف هذا الضغط عندما كنت في عمرهم. تقول انك لم تعرف الضغط نفسه عندما كنت صغيراً، لماذا؟ - كنت ولي العهد عندما كنت طفلاً، حتى عمر الثلاثة اعوام. وكانت المنطقة تمر في فترة سياسية متقلبة تهدد حتى حياة صاحب الجلالة، لذلك اتخذ جلالته، ببعد نظره المعروف، القرار السليم بتعيين الامير حسن ولياً للعهد. وكبرت وأنا اعرف ان عمّي الأمير حسن هو ولي العهد وأنني الأبن البكر لصاحب الجلالة وسيكون لي دائماً هذه العلاقة الخاصة جداً مع جلالته. وماذا عن الدستور؟ هل من الممكن ان تكون ملكاً؟ - في الاحتمالات… نعم. من ناحية الدستور، لا شيء يمنع ذلك. ولكن بلدنا لا ينقصه ملك ولا ينقصه ولي عهد، وبالنتيجة من المبكر جداً الكلام في هذا الشأن. اني سعيد بتركيز جهودي على ممارسة عملي على افضل وجه في خدمة الملك وولي العهد والوطن. ولكن هل تحب ان تكون ملكاً؟ - هذا سؤال غير عادل! وأياً كان جوابي سيتم فهمه بصورة خاطئة. هل التحق اخوتك بالجيش ايضاً؟ - نعم، فأخي فيصل ضابط في سلاح الطيران، وابن عمي الأمير غازي في الجيش، وابن عمي الآخر الامير طلال كان في الوحدات الخاصة، وهو يرأس حالياً مجلس الامن القومي. اما ابن عمي الامير زيد بن رعد وهو ديبلوماسي في الاممالمتحدة، فقد كان عسكرياً. وأخي علي يدرس في الاكاديمية العسكرية البريطانية ساندهيرست وسيلتحق به قريباً اخواي حمزة وهاشم. ويجب ألا ننسى ان اختي عائشة ضابطة ايضاً. هل سيلتحق ابنك الحسين بالجيش؟ - انا متفائل وآمل ان يعم السلام المنطقة عندما يبلغ الحسين السن التي تخوله الالتحاق بالجيش. الا اننا سنبقى دائماً في حاجة الى القوات المسلحة لأسباب يصعب حصرها. فنحن مثلاً ناشطون جداً في صفوف قوات السلام التابعة للأمم المتحدة والجيش الاردني مشهود له عالمياً بمستواه الرفيع وانضباطه، وأنا سأكون فخوراً جداً اذا قرر ابني الالتحاق بهذه المؤسسة المحترمة. بكل تأكيد هو الذي سيتخذ هذا القرار، ولكن استناداً الى ميوله، من المحتمل جداً ان يجذبه الجيش الى صفوفه. عهد الملك حسين هو الاطول في العالم لأنه تولى العرش في العام 1952. فهل من السهل ان يكون المرء ابن الملك حسين البكر؟ - انه لشرف عظيم بالنسبة اليّ، فجلالته فريد من نوعه في العالم وليس في الشرق الاوسط فقط. عندما كنت شاباً ذهبت الى الولاياتالمتحدة للدراسة. وكنت اقول لمن يسألونني انني من الاردن. فيتساءلون: اين يقع الاردن؟ وعندما كنت اذكر لهم انه بلد الملك حسين، كانوا يدركون فوراً موقع الاردن وكان ذلك يملأني فخراً واعتزازاً. لقد ذكرت قبل قليل ان الناس يخاطبون ابي بأبي عبدالله وهذا امر احبه دائماً. ليس من السهل ابداً ان نقتفي خطى شخصية عظيمة للغاية، واذا قدر لي ان احقق جزءاً يسيراً مما حققه ابي، فأنا سأموت قرير العين. عندما كنت صغيراً، هل كان والدك الملك حسين يجد وقتاً للاهتمام بك، ام انه كان مشغولاً دائماً؟ - منذ صباي المبكر، ادركت ان والدي هو والد الاسرة الاردنية الكبيرة ايضاً. لكنه على رغم المسؤوليات الجسام الملقاة على كاهله، كان يبذل دائماً جهداً لقضاء وقت معنا والاهتمام بنا، وقد جعلنا نشعر باستمرار بأننا جزء مهم جداً من حياته، انه والد حريص على ابنائه ومتفانٍ في سبيلهم. يعرف عن الملك حسين انه طيار ماهر، ماذا عنكم؟ - انا قائد طائرة مروحية… وقد تدربت على قيادة المروحيات في الجيش، لكنني حالياً بسبب مشاغلي اكتفي بالطيران ثلاث او اربع مرات شهرياً. وكنت ايضاً سائق راليات، أليس كذلك؟ - عندماكنت اصغر سناً، كانت تستهويني الرياضات المحفوفة بالمخاطر، وكنت احب كثيراً سباقات الرالي التي اتاحت لي ان اكوّن صداقات يمكن ان نطلق عليها صداقات العمر. ولكن الرياضة بدأت تبدو صعبة بالنسبة الي شأني في ذلك شأن معظم الرياضيين الذين يشيخون، ولذا انقطعت عن المشاركة في الراليات كمحترف. ولا تنسَ انني تزوجت ورزقت اولاداً، ولم يعد لدي الحماس الذي كان يضطرم في قلبي يوم كنت في العشرين. وربما اجتذبت سباقات الرالي اخوي حمزة 18 عاماً وهشام 17 عاماً بعد سنة او سنتين. وماذا عن الدراجات النارية؟ - انها من الهوايات المشتركة بيني وبين والدي الذي شجعني على قيادتها في سن مبكرة جداً. حالياً لدي دراجة نارية مع عربة جانبية نستخدمها للقيام بنزهات في عطلة نهاية الاسبوع. والاولاد يعشقون هذه النزهات. ماذا تعني بالضبط "العمليات الخاصة" التي ترأسها؟ - العمليات الخاصة، هي المرادف لما يعرف في فرنسا بپ"قيادة العمليات الخاصة" C.O.S.. وفي العالم حوالي خمس او ست دول اختارت هذا النوع من القيادة "المرنة" التي تتولى التنسيق بين مختلف الوحدات الخاصة في البلاد. وهذا يعني ان جميع الوحدات المتخصصة سواء في الجيش او في الشرطة او في المخابرات او في الحرس الملكي تعمل تحت اشرافنا. ان عملي كقائد للعمليات الخاصة يقوم على كسر الحواجز التي تفصل بين هذه المؤسسات والتأكد من انها تعمل معاً بدقة. منذ فترة قريبة رأيناك في الميدان تقود عملية لمكافحة الارهاب. ولم تكن العملية مجرد تدريب بسيط، ألم تشعر بالخوف؟ - ما من انسان الا ويشعر بالخوف، لكننا في الجيش نتعلم كيف نسيطر على الخوف بالتدريب المستمر. اما في ما يتعلق بالعملية التي اشرت اليها، فقد شعرت بأن وجودي في الميدان مهم للغاية. اذ كنا نريد القاء القبض على ذلك الرجل حياً، وليس هنالك ما هو اصعب من اخراج ارهابي مسلح حياً في عملية من هذا النوع لأنها تعرّض حياة الجميع للخطر. ولحسن الحظ، انا اعرف المجموعة التي اتولى قيادتها جيداً وأثق بها ثقة تامة. وقد كانت العملية تحت سيطرتنا ولقيت نجاحاً صاعقاً. ولكي ننتهي من موضوع الخوف لا بد من الاشارة الى انني اتصرف بطريقة هادئة جداً عندما اكون في خطر، ولا اشعر بالخوف الا بعد انتهاء العملية