أبقى العاهل الأردني الملك حسين أمس على الغموض الذي يكتنف التوقعات بشأن قرارات حاسمة يمكن أن يتخذها في ما يتعلق بمسألة خلافته على عرش المملكة. وقال رداً على أسئلة للصحافيين حول الموضوع لدى وصوله إلى مطار عمّان بعد رحلة علاجه التي استغرقت ستة أشهر، إن القرار في هذا الخصوص هو ملكه شخصياً، وان مثل هذه الخطوة لن تتخذ إلا "بعد دراسة وتأنٍ... وبشعور بالمسؤولية تجاه الحاضر والمستقبل". ودعا العاهل الأردني الصحافيين إلى الابتعاد عن "التكهنات والخيال" ازاء مسألة ولاية العهد. مشدداً على ضرورة "عدم التسرع في الخروج بنتائج". وأعادت تصريحات الملك حسين هذه فتح ملف التكهنات حول مسألة الخلافة التي كانت في السابق تعتبر محسومة لمصلحة شقيقه الأصغر الأمير الحسن. ولاحظ مراقبون في المطار أنه خلافاً لما جرى لدى استقبال الملك حسين لدى عودته من رحلة علاجه الأولى عام 1992، لم يقد الأمير الحسن سيارة الملك، وإنما قادها أحد مرافقيه فيما لم يرافقه أحد من أفراد العائلة باستثناء الملكة نور. وشكر الملك في تصريحاته في المطار أفراد العائلة المالكة، مشيراً إلى الأمير الحسن على أنه "أخي ونائبي"، من دون إضافة موقعه كولي للعهد. وشكر الملك عقيلته الملكة نور التي قال إنها "تحملت بشكل خاص الكثير من المفاجآت غير السارة". كما شكر شقيقه الأمير محمد وشقيقته الأميرة بسمة والأمراء والأميرات الذين وقفوا معه في محنته. وقال إن نجله الأمير حمزة ليس معهم لأنه ذهب إلى الكلية العسكرية في لندن بعدما أمضى فترة طويلة إلى جانبه. وأجمعت مراجع سياسية أردنية ومراقبون في عمّان على أن الخطاب التلفزيوني الذي ألقاه العاهل الأردني الملك حسين، مساء السبت الماضي، كان رجح احتمال اجرائه تغييرات كبيرة على صعيد قيادات الدولة قد تشمل تغييراً حكومياً في حدها الأدنى وحسماً لمسألة الخلافة على عرش المملكة في حدها الأقصى. وقالت المراجع السياسية إن الملك حسين أكد في خطابه ضرورة اجراء "مراجعة شاملة" للمسيرة الوطنية بعد عودته إلى بلاده. كما اعتبر مراقبون ان إشارة الملك حسين إلى أنه تابع أخبار الأردن وأحواله من خلال "أخي العزيز ونائبي صاحب السمو الملكي الأمير الحسن" من دون استخدامه تعبير "ولي عهدي" و"قرة عيني" الذي يتلازم عادة في مثل هذا السياق في خطابات الملك، تعد مؤشراً إلى احتمال مراجعته القرار الذي اتخذه عام 1965 باسناد ولاية العهد لشقيقه الأصغر. وخرج آلاف الأردنيين في استقبال الملك حسين بعد أن أمضى قرابة نصف العام في رحلة استشفاء من سرطان الغدد اللمفاوية. ولم تمنع الأمطار الغزيرة أو الاعتبارات الطبية والأمنية العاهل الأردني من الخروج بجسمه من فتحة سقف السيارة لتحية مستقبليه الذين اصطفوا على جانبي الطريق من المطار إلى وسط العاصمة. وكانت طائرة الملك التي قادها بنفسه حطت في مطار عمّان الساعة الثالثة. وفور وصوله إلى أرض المطار أدى الملك ركعتي شكر وقبل الأرض. ثم صافح مستقبليه الذين كان من بينهم إلى جانب العائلة المالكة، الرئيس اليمني علي عبدالله صالح والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وتوجه الملك بعدها إلى سرادق ضخم في المطار ضم مستقبليه من كبار المسؤولين الأردنيين وأعضاء مجلسي الأعيان والنواب وأعضاء السلك الديبلوماسي والضيوف الرسميين. وقال العاهل الأردني في تصريحاته للصحافيين إنه سيتصل بالزعماء الذين اطمأنوا إلى صحته واحداً واحداً. وخص بالشكر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير عبدالله ووزير الدفاع السعودي الأمير سلطان والرؤساء الليبي معمر القذافي والمصري حسني مبارك والملك المغربي الحسن الثاني الذي وصفه ب "ابن عمي وحبيبي". وكانت طائرات سلاح الجو الملكي الأردني رافقت الطائرة فور دخولها الأجواء الأردنية بعد ان رافقتها طائرات سلاح الجو في البلدان التي مرت في أجوائها والتي عرف منها بريطانيا وفرنسا وايطاليا واليونان.