اكدت مراجع سياسية اردنية امس ان حشد القيادات العربية والدولية التي امت الاردن خلال مراسم تشييع جثمان العاهل الاردني الراحل الملك حسين بدد التكهنات والمخاوف ازاء مستقبل الأردن وتماسك قيادته ودوره الاقليمي والدولي في المرحلة المقبلة. واعتبرت ان هذه التظاهرة الدولية رسخت القناعات بشرعية القيادة الهاشمية التي انتقلت الى الملك عبدالله بن الحسين، بوصفها الضمانة الاكيدة لأمن الاردن واستقراره في المرحلة المقبلة راجع ص 4 و5 وأكد الرئيس بيل كلينتون قبل عودته الى بلاده من عمان التزام بلاده دعم الأردن سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، في حين شدد ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز على "مصير واحد" بين الأردن والسعودية "لن يتأثر بكل من يحاول ان يصطاد في الماء العكر". واشار الى "مصالح مشتركة" بين البلدين "لا تقبل ابداً تأويل المتأولين الحاقدين". وأشادت المراجع السياسية الاردنية بموقف الدول العربية وعلى رأسها السعودية، وكذلك موقف الولاياتالمتحدة والدول الصديقة خلال الاسبوعين الماضيين. وقالت مصادر سياسية ان موقف السعودية كما عبّر عنه ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز "يعكس عمق العلاقات الثنائية والرصيد الكبير للأردن في العالم العربي". وكان الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بعث مساء اول من امس ببرقية الى العاهل الاردني الجديد الملك عبدالله بن الحسين، بعد مشاركته في تقديم العزاء للعائلة الهاشمية بوفاة الملك حسين، نوه فيها بخصال "الرجل الكبير الحسين بن طلال العطرة التي لن تموت وقد خلف وراءه امثال جلالتكم واخوتكم وابناء اسرتكم الكريمة والشعب الاردني الوفي". وأشار الى ان الاردن "مقبل على حقبة جديدة لا خوف فيها عليه وانتم من اختاركم الحسين لتقودونه في حاضر زاهر ومستقبل مشرق بإذن الله… فقد وجدت لدى جلالتكم في لقائنا بكم من الوعي والحكمة والتبصر ووضوح الرؤية وسعة الصدر التي لا تضيق بالرأي ونقيضه، واحساسكم بالمسؤولية القيادية سواء امام الله عز وجل او تجاه الوطن، ما يجعلني اكثر تفاؤلاً بقدرتكم على قيادة هذا البلد العزيز الى غد اكثر تفاؤلاً واشراقاً بحول الله وقوته". وتابع ولي العهد السعودي: "بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وحكومة المملكة كانت ولا تزال وستظل بمشيئة الله تقف الى جانب الاردن الشقيق قيادة وحكومة وشعباً، بكل امكاناتها وقدراتها، ونؤكد لجلالتكم ايضاً ان المملكة ستظل وفية وستقف معكم بثبات وقوة سنداً وعضداً في سراء الأيام وضرائها، فتذكّر دائماً وابداً يا صاحب الجلالة ان لك اخوة في مملكة الملك عبدالعزيز، غفر الله له، يفون ان عاهدوا ويفعلون ما يقولون. نقول ذلك لأننا ننظر الى اردننا الشقيق نظرة ذات خصوصية يكتنزها ويحركها العقل، واكرر قولي هذا ايماناً منا بما يربط بلدينا من اسس راسخة من وحدة الدين والدم والقربى والجوار، لن تزيدها الأيام الا رسوخاً وشموخاً، وما يجمعنا من تاريخ مشترك وضمير صادق ومصير واحد لن يتأثر بإذن الله بكل من يحاول ان يصطاد في الماء العكر، ما دام قلب عبدالله بن الحسين وعقله هما لغة الحوار والارتقاء بالمفاهيم الى ما فيه مصالح بلدينا المشتركة التي لا تحتمل ولا تقبل ابداً تأويل المتأولين الحاقدين. فنحن نقولها ونكررها اننا معك قلباً وقالباً لما فيه مصلحة امتينا العربية والاسلامية". كما تلقى ولي العهد الأردني الأمير حمزة بن الحسين برقية من الأمير عبدالله بن عبدالعزيز هنأه فيها على الثقة الملكية بتعيينه ولياً للعهد. الى ذلك عقد وزير المال والاقتصاد الوطني السعودي الدكتور ابراهيم العساف في عمان امس اجتماعاً مع رئيس الوزراء الأردني الدكتور فايز الطراونة لبحث سبل التعاون الاقتصادي والمالي بين البلدين، في ضوء اعلان السعودية استعدادها لتقديم العون للأردن. وأعربت مصادر اردنية عن ارتياحها الى الدعم الاميركي للأردن والذي اكده الرئيس كلينتون على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية. وكان كلينتون ابلغ لقاء ضم عددا محدوداً من الصحافيين شاركت فيه "الحياة" ان الولاياتالمتحدة "لن تتردد في تقديم كل الدعم الذي يحتاجه الأردن لمساعدته في مواصلة دوره الاقليمي على صعيد عملية السلام والمسائل الاقليمية الاخرى". وقال كلينتون ان الملك حسين "تمكن في مماته كما في حياته من ان يجمع الخصوم من انحاء المنطقة والعالم"، مشيراً الى انه شاهد خلال مراسم تشييع الملك حسين "اعضاء الوفد الاسرائيلي الذي يتألف من جميع مرشحي رئاسة الحكومة في الانتخابات المقبلة". ولاحظ ان اعضاء الوفد الاسرائيلي "كانوا يتحدثون الى بعضهم بعضاً" خلال التشييع "فيما هم لا يفعلون ذلك في بلدهم. كان منظراً رائعاً". وأضاف ان الملك حسين "كان دائماً مدفوعاً ليس فقط بمنصبه كملك للمملكة الأردنية بل بالمسؤوليات التي حملها على عاتقه وبقوة شخصيته ورؤيته وروحه". ولفت الى ان الملك حسين "تدخل لانقاذ اتفاق واي ريفر حين اوشك ان ينهار، رغم حاله الصحية، وجعل الخلافات تبدو صغيرة بفضل وجوده الكبير". وأعرب الرئيس الاميركي عن ثقته بپ"الملك الجديد الشاب الذي اجتمعت به، فهو يفهم عمله تماماً مستنداً الى الارث الذي خلفه له والده". وقال ان الولاياتالمتحدة "تعرف ما عليها عمله وستعمله من اجل الاستمرار في دعم الأردن ومستقبله". كما اكد كل من الرؤساء الاميركيين السابقين جيمي كارتر وجيرالد فورد وجورج بوش ثقتهم بالقيادة الجديدة في الأردن، وتضامن الولاياتالمتحدة مع الأردن. ونسبت وكالة "اسوشيتدبرس" إلى وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت تحذيرها العراق مجدداً من تهديد الأردن، وأكدت أنها تلقت تأكيدات من العاهل الأردني الجديد بأنه "سيواصل رفع راية والده من أجل تحقيق السلام" في الشرق الأوسط. وعلم في بيروت "الحياة" ان الرئيس اللبناني العماد اميل لحود اجرى اتصالاً بالملك عبدالله بن الحسين وعزاه بوفاة الملك حسين، وتمنى له التوفيق في مهماته و"للشعب العربي الأردني الشقيق التقدم والازدهار".