عندما فاجأته السيارة الخارجة من أحد منعطفات الجبال المحيطة ببحيرة غاردا الإيطالية، كدتُ أسمع لهاث الدرّاج المتلوّي يميناً ويساراً في صدارة مجموعته. ففي ذلك اليوم من مطلع أيار مايو، يوم عيد العمّال، لم يخلُ كيلومتر على الطريق المؤدية من فيرونا الى بحيرة غاردا من "رفوف" الدرّاجين الهواة. في تلك الأثناء، كنتُ أجرّب "سي إل كاي" من مقعد الراكب الأمامي، بعد إنتهائي من إختبارها على الطريق الأفعَوية الصاعدة بقسوةٍ أبعدَت عنها أشد الدرّاجين عناداً. قبل إقترابه من "سي إل كاي"، إستجمع درّاجنا أنفاسه ليصيح قرب النافذة من أعماق حنجرته: "بيلّيسيما" جميلة جداً! تباً لهؤلاء الطليان، لا يستطيعون رؤية إمرأة من دون التعليق، ولو بالخمسة في المئة المتبقية من أنفاسهم. - "أعجبَته السيارة"، همسَت الزميلة الصحافية من وراء المقود، بتواضع أنثوي جذّاب. - "أجل، أعتقد أن السيارة أيضاً أعجبته". في الحقيقة، لم أحاول فعلاً معرفة مقصد الدرّاج. فكيف تميّز بين عناصر الجمال إن كنتَ تتنزه في إحدى أجمل بقاع الأرض، لتجربة سيارة تضاهيها سائقتُها جمالاً؟ هذا لا ينفي مطلقاً صحة مشقّات السفر التي أرويها لرئيس التحرير من وقت الى آخر، لكن الصحافي لا يستوحي قصصه من المشقّات وحدها. لعلها العيون خاطبته في البداية. فإطلالة "سي إل كاي" تثير شيئاً من تلك الحيرة التي تدفعك الى التحشّر بها لمعرفة المزيد: مصباحان كبيران مستديران يحدّقان بك بينما يدعوك الآخران الأصغر حجماً لملامستهما. طبعاً، تعرف الإطلالة مسبقاً، فهي مستوحاة من وجه موديل "إي" الذي أصبح مألوفاً على الطرقات. لكن مصابيح "سي إل كاي" أصغر حجماً وأكثر إنحناء الى الوراء. ثم هناك فوارق الشَبَك الأمامي في الواجهة الأقل ضخامة من الصالون. وخلافاً للمظهر، ليس الكوبيه الجديد مبنياً على موديل "إي" الكبير الحجم E segment، بل على قاعدة موديل "سي" المتوسط-الصغير D segment. نعم، هو ذاته الذي منح قاعدته أيضاً لرودستر "إس إل كاي" عرضت "الوسط" تجربته في عدد 2/9/1996. طبعاً، تعود كلمة القاعدة هنا الى المفهوم الواسع لأن لكل من موديلات "سي" صالون أو "تي" بصندوق طويل و"إس إل كاي" و"سي إل كاي" عيارات تعليقه الخاصة حسب وجوه الأداء المطلوب منه، ولكل منها تصميمه الخارجي والداخلي ليستقل عن الآخرَين تماماً، مظهراً وسلوكاً. الإنتماء الى العائلة شيء والتفرّد شيء آخر. ف"سي إل كاي" تفرض "إحترامها" من خلال نسبها الشكلي الى موديل "إي"، ثم تُغريك بدعوتك الى "الشقاوة" بهيكلها الأصغر منه حجماً: فهي أقصر منه ب22 سنتم 56.4 الى 795.4 متر، وأطول من "سي" ب8 سنتم. بعد سمات الشبه العائلي الأولي، كل ما في "سي إل كاي" يختلف خصوصاً في إنسياب البدن نحو المؤخّر، وصولاً الى المقصورة الخاصة بها، والتي تنقسم الى صيغتين تجهيزيتين: "إيليغانس" التي تصوغ الروح الرياضية في قالب متزن تُغنيه قشرة خشب الجوز مع لمسات كرومية تروق كلاسيكيتها للمعتادين على فخامة صالونات مرسيدس-بنز... خصوصاً عند طلب المقاعد الجلدية المتاحة كتجهيز إضافي بألوان عدّة، هي ولوحة القيادة، بما يتيح مقابلة كلاسيكية الخشب والكروم بألوان تربط رزانة المقصورة برياضية الهيكل. المقعدان الأماميان مريحان جداً خصوصاً بحسن ضبطهما للجسم وبتخميدهما الداخلي للإرتجاجات، كما يمنح الخلفيان راكبيهما رحابة ملفتة لسيارة كوبيه. ويمكن طي ظهر أي من المقعدين الخلفيين لتوسيع مساحة الصندوق الخلفي الواسع أيضاً لسيارة كوبيه ويتسع ل420 ليتراً. أما الراغبون في الإبتعاد عن التقاطع بين الرياضية والفخامة، فسيجدون في الصيغة الثانية، "سبورت"، تعبيراً رياضياً صريحاً يستعيض عن العناصر الخشبية والمعدنية الشكل بتلبيسٍ شبيه بألياف الكربون بلاستيك رمادي مائل الى السواد وجيد النوعية، مع طلاء خلفية عدّادات لوحة القيادة بلون بيضاوي يُذكّر بعدّادات "إس إل كاي". وطبعاً، يمكن هنا أيضاً إختيار الجلد بلون يتناغم مع أحد الألوان الأربعة المتاحة للوحة القيادة وبلونَين مختلفين بين أعلاها وأسفلها. وإن بدأ الحديث عن رياضية "سي إل كاي" من إطلالتها ومن تصميم مقصورتها، فهو لا يكتمل إلا بعد دس رأس المفتاح الإلكتروني في غمده. دس ورأس مفتاح؟ نعم، ليس ل"سي إل كاي" مفتاح بمسننات معدنية، بل رأس قصيرة في طرفها جهاز إلكتروني يتبادل ونظام تشغيل المحرّك رموزاً رقمية قبل السماح بالإنطلاق. من هناك ننطلق، لكن بأي "سي إل كاي"؟ إن كنتَ من ذوّاقة ال"إيليغانس"، ما عليك بغير محرّك الأسطوانات الست V، مع 18 صماماً الجديد لدى مرسيدس-بنز، بصيغة ال2.3 ليتر. نعومة ممتازة في مختلف مجالات دورانه، مع علبة أوتوماتيكية بنسب أمامية خمس، ومبرمجة داخلياً لضبط توقيت إنتقال النسب حسب أسلوبك في القيادة وحسب ظروف الطريق صعود أو هبوط، منعطفات.... وعلى غرار أحدث العلب الأوتوماتيكية المتوافرة اليوم خصوصاً لدى الصانعين الألمان مرسيدس-بنز وبي إم ف وبورشه وآودي، تسمح لك هذه العلبة بنقل النسب تتابعياً على نحو يدوي، إي بخفض النسب أو رفعها تدريجاً، وبكبسة قصيرة، طالما بقيت النسبة التالية المطلوبة مواتية للمحرّك في مجال سرعة السيارة. لا يعني عدم توافر "سي إل كاي 320" بغير العلبة الأوتوماتيكية، إستقالتها من الدور الرياضي، بل تعبيرها عن أحصنتها ال218 بلُغةٍ راقية ومهذّبة. فإلى جانب تلك القوة لديك عزم قوي يحافظ على أقصاه البالغ 310 نيوتون-متر بين 3000 و4600 د.د. لذلك ستجد في السيارة عزماً وسرعة يليقان بالتسمية الرياضية، لكن تحت عنوان القوة الهادئة والواثقة من ذاتها، ومن دون الإضطرار الى التعبير عنها تكراراً. طبعاً، يمكنك الحصول على المحرّك والعلبة المذكورَين مع صيغة "سبورت". لكن طبيعة أدائهما تُظهر "إيليغانس" كالصيغة التصميمية المفصلّة لهما بالضبط. و"سبورت"؟ بمقدار ما تحلو صيغة "إيليغانس" مع محرّك الأسطوانات الست والعلبة الأوتوماتيكية، تعبّر فئة محرّك ال3.2 ليتر 4 أسطوانات و16 صماماً مع شاحنها المباشر كومبرسّور عن شخصيتها مع العلبة العادية وصيغة "سبورت" أجمل تعبير. تتوجه هذه الفئة أولاً الى من يعنون بالرياضية... الرياضية الحامية فعلاً، لا سيما في سرعة التلبية المدعومة بشاحن يُبقي الأحصنة ال193 في حالة جهوزية تامة في مختلف الظروف، مع عنفوان العزم الذي يكتفي ب2500 د.د. لبلوغ أقصاه 280 نيوتون-متر فلا يفلته إلا بعد ال 4800 د.د. وتكمّل العلبة العادية روعة المحرّك إذ تضع في يدك اليمنى عَصَب المحرّك تستفزّه وتهدؤه كيفما شئت وحسب أسلوبك في القيادة، لا سيما في المنعطفات. صحيح أنه يمكن إختيار هذا المحرّك مع العلبة الأوتوماتيكية، لكن الأخيرة تحرّف مفهوم الكومبرسور الى إعتدال بالمعنى النسبي للكلمة لا يبرر التنازل أساساً عن نُبل الأسطوانات الست من أجله. وراء تلك العصبية كلها تتربّص أجهزة منع الإنزلاق بكل شاردة وواردة: تتركك تُعامل المحرّك والعلبة والهيكل على مزاجك، لتضبط أي شرود قد يباغتك فجأة. يحق لنا طبعاً أن نُعجَب بكوبيه "سي إل كاي" شكلاً وإستخداماً، إنما من دون الإصرار على عصبية محرّك الكومبرسور أو نُبل الأسطوانات الست. بتعبير آخر، يحق لنا الإعجاب بأدنى فئات "سي إل كاي" ثمناً. وهنا يقع الخيار الثالث بمحرّك الأسطوانات الأربع 16 صماماً البالغة سعته 0.2 ليتر 136 حصاناً/5500 د.د. و190 نيوتون-متر بين 3700 و4500 د.د.. المحرّك مقبول للتنقّل بنشاط شرعي جداً، لكن إنسَ الفقرات السابقة عن المحرّكَين الآخرَين. فهنا تحصل على شكل "سي إل كاي"، وأي من صيغها التصميمية، مع العلبة العادية أو الأوتوماتيكية، لكن من دون أي إدعاءات قوة إستثنائية. ومن حظّر هذا في نهاية الأمر؟ تتضمّن تجهيزات الحماية الساكنة أربع وسادات هوائية أمامية، إثنتان مواجهتان وأخريان في البابين، وحزامَي سلامة ذاتيي الإنقباض في حال حصول حادث مع وسائل أخرى مختلفة لإمتصاص الصدمات الأمامية والخلفية والجانبية، ثم تكر سبحة وسائل الحماية الفاعِلة لتتضمّن أجهزة منع الإنزلاقات الكبحية والدفعية مع ضبط متفاوت بين العجلات للحفاظ على سلامة التوجّه حتى في المنعطفات، ونظاماً آخر لدعم الكبح بمضاعفة ضغطه في الحالات الإضطرارية. طبعاً، تُدرج كهربائية تحريك النافذتين الأماميتين والمرآتين والتعزيز الهيدروليكي للف وعجلات الألومينيوم في قائمة التجهيزات الأساسية لمختلف الفئات. وتبعاً للفئات والأسواق، ستتاح لدى بدء نزول "سي إل كاي" أوروبياً في الأسابيع المقبلة، خيارات المقاعد الجلدية المقود ومقبض غيار النسب ملبّسان بالجلد في مختلف الفئات وكهربائية ضبط المقعدين الأماميين مع ذاكرة إلكترونية و/أو خيار مقعدين رياضيين ونظام التكييف مع ضبط آلي للحرارة أو من دونه، ونظام ضبط آلي للسرعة، ورذّاذات لتنظيف المصابيح الأمامية ومسّاحة تعمل آلياً فور تبلل الزجاج الأمامي، ونظام ضبط إلكتروني لقسوة التعليق، إضافة الى عجلات ألومينيوم أعرض وأكبر من تلك المدرجة في التجهيز الأساسي، وأنظمة ملاحة إلكترونية وهاتف. ويُذكر أن مختلف الفئات مجهّز بنظام يقيس كمية الزيت ونوعيته ومحتواه من بقايا المعادن والغازات المتراكمة مع الإستخدام، لتحديد موعد الصيانة المقبل، بما يطيل خدمة الزيت حتى معدّل يناهز 18500 كلم في محرّكَي الأسطوانات الأربع، و20 ألف كلم في محرّك الأسطوانات الست. وستتراوح أسعار "سي إل كاي" في ألمانيا بين 55 ألف مارك لفئة ال0.2 ليتر، و63 ألفاً ل230 كومبرسور" و77400 لفئة "320"، مع الإشارة الى تباين الأسعار والتجهيزات بين الأسواق بمعزل عن أسعار صرف العملات .