في السابع من ايار مايو المقبل يفتتح مهرجان "كان" السينمائي الذي يقام في الجنوب الفرنسي، دورته الجديدة التي تحمل الرقم خمسين. وهي ستكون هذه المرة دورة استثنائية كما يفترض. لذلك ستقام الى جانب الفعاليات والنشاطات المعهودة، احتفالات بعضها سيعيد الاعتبار لكبار لم يفز أي منهم بأي جائزة كبرى في الدورات السابقة، وبعضها سيذكر ان هواة السينما مدينون ل "كان" وأهل مهرجانها ببعض أجمل واعظم الاكتشافات في تاريخ الفن السابع خلال الخمسين عاماً الأخيرة. هنا اطلالة على المهرجان من خلال خمسينيته. بكل بساطة لولا هتلر لاحتفلنا بخمسينية مهرجان كان في العام 1989، وذلك بكل بساطة لأن الدورة الأولى للمهرجان كان من المفروض ان تفتتح في اليوم الأول من ايلول سبتمبر 1939. يومها كان كل شيء معداً، وكان النجوم الاميركيون وصلوا، بالفعل، الى أجمل مدن الجنوب الفرنسي حيث يقام المهرجان، وكان الصحافيون بدأوا يتوافدون. ولكن، هتلر كان في المرصاد، فهو غزا بولونيا في تلك الأيام بالذات، فكانت الدورة الأولى لمهرجان "كان" واحدة من أولى ضحاياه، لأنها اضطرت لانتظار انتهاء الحرب العالمية الثانية لكي تستعيد انطلاقتها، وبالفعل ما ان حطت الحرب أوزارها، حتى تألقت مدينة "كان" بذلك المهرجان الذي لا يزال قائماً حتى اليوم، حيث يعتبر الأول والأهم بين المهرجانات السينمائية في العالم، وسوف تأتي احتفالات الخمسينية الصاخبة في هذا العام، لتأكيد هذا الامر. ولكن لماذا الخمسينية في العام الثاني والخمسين؟ بكل بساطة لأن هناك دورة لم تعقد، هي دورة العام 1968 التي جاءت في خضم أحداث انتفاضة الطلاب والمثقفين في فرنسا، يومها احتل السينمائيون الغاضبون ومن بينهم غودار وترونو وروهمر قاعات المهرجان ليقولوا انه "لا يجوز ان تعقد دورة مهرجان الفن البورجوازي هنا، فيما الطلاب ينتقضون محاولين تغيير صورة العالم...". طبعاً كل هذا يبدو اليوم بعيداً، اذ ان من يتأمل احتفالية المهرجان وطابعه المغرق في اجتماعيته وهيمنة السينما والنجوم الاميركيين عليه، ومناخه المخملي الصاخب، سيصعب عليه بالطبع ان يستعيد في ذهنه تلك الصورة الشهيرة لسينمائيي الطليعة وهم ينقلون الى قلب المهرجان ثورة باريس وأيارها اليساري الشهير. ولكن سيصعب عليه كذلك ان يتصور اليوم، ان المهرجان نفسه انما ولد لدافع سياسي، وكرد فعل معاد لهتلر ونازييه من جهة ولموسوليني وفاشييه من جهة اخرى. فكيف حدث هذا؟ بكل بساطة، في ذلك الحين كان من المفترض ان يكون هناك مهرجان أوروبي سينمائي واحد أصيل هو مهرجان البندقية الموسترا، وبالفعل رعاه الاوروبيون جميعاً وتدافعوا لحضوره بصرف النظر عن طبيعة النظام الفاشي الحاكم في ايطاليا. كان ذلك في العام 1932، حين تحول مهرجان صغير كان يقام في المدينة نفسها الى مهرجان دولي يقدم جوائز لافتة. ولكن في العام 1938، وكان كل شيء لا يزال يبدو على ما يرام، منح مهرجان البندقية جائزتيه الكبريين مناصفة لفيلم نازي هو "آلهة الملعب" من اخراج صديقة هتلر ليني ريفشتهال، وفيلم ايطالي فاشي هو "لوتشيانو سيصبح قائد طائرة" الذي حقق تحت اشراف ابن موسوليني. هنا لم يعد في امكان الفرنسيين ان يتحملوا اكثر من ذلك فبدأوا يفكرون باقامة مهرجان ديموقراطي، واستقر الرأي في نهاية الأمر على ان يقام في مدينة "كان". احتفال الامم المنتصرة اذن في مدينة كان، بعد تأخر دام سبع سنوات عن الموعد الأول، عقدت الدورة الأولى لمهرجان "كان" السينمائي الذي كانت تظاهرته الأولى اشبه بلقاء فني حقيقي جمع بين الامم التي خرجت مظفرة أو "مبهدلة" من اتون الحرب، حيث قيض لجمهور النخبة الذي كان جمهور الدورة الأولى ان يشاهد، جنباً الى جنب، أفلاماً روسية دعائية تدعو الى السلام بين الشعوب، وأفلاماً مصرية وهندية ورومانية ومكسيكية الى جانب العديد من الافلام الفرنسية والايطالية. وكانت تلك، باختصار شديد، الولادة الحقيقية ل "كوزموبوليتية" السينما. لكنها كانت في الوقت نفسه ولادة أساسية لكل انواع الالاعيب التي رافقت العمل السينمائي ككل، كما كانت نوعاً من التكريس لأنظمة النجوم. أي بكلمات اخرى: كانت تلك هي الازمان التي شهدت تحول فن السينما من فن ابداعي الى صناعة صور ونجوم وملصقات. هذا كله صار عمره اليوم، بالحسابات الرسمية، نصف قرن. فاذا ما تذكرنا ان فن السينما نفسه بات عمره، العام الفائت، قرناً كاملاً من الزمن، سندرك ان مهرجان كان له نصف عمر فن السينما. فاذا كانت الذكرى المئوية لفن السينما وفرت الفرصة لدراسة المحصلة النهائية لقرن من فن الصورة المتحركة، فان خمسينية "كان" تعطينا، اليوم، فرصة للتساؤل عن محصلة هذا النوع من اللقاء. ونسارع الى القول منذ الآن بأن المحصلة ستبدو، في نهاية الامر، ايجابية، وذلك لأسباب عدة أهمها، هو ان مهرجان كان - كما ستفعل مهرجانات مشابهة اخرى بعد ذلك - أقام نوعاً من "المصالحة التاريخية" بين السينما كفن، والسينما كصناعة وتجارة. فالحال ان استعراضاً لمسار المهرجان ونوعية عروضه، واسماء الافلام التي فازت على الدوام بجوائزه الرئيسية، سيتبين لنا ان "كان" كان كريماً بشكل خاص مع كبار المبدعين. صحيح ان مخرجين من طينة انغمار برغمان والفريد هتشكوك، ظلموا دائماً حيث ان أياً من افلام واحد منهم لم يفز بتلك "السعفة الذهبية" الشهيرة، ولكن مخرجين لا يقلون ابداعاً وصعوبة، من فيدريكو فلليني الى امير كوستوريكا، ومن لارس فون تراير الى اورسون ويلز ومارتن سكورسيسي وفرانسيس فورد كوبولا وجين كامبيون وشن كيفي، نالوا أعلى الجوائز وكان مهرجان "كان" بالنسبة الى بعضهم منطلقه الرئيسي والأول. ومن هنا القول الدائم بأن المهرجان قد لعب دور "الكاشف الضوئي" الذي سُلط على أعمال ما كان للعالم ان يعرفها لولاه. وذلك بكل بساطة لأن "كان" يكاد ان يكون المهرجان السينمائي الدولي الوحيد الذي يجمع بين "التقليدية" و"النخبوية" في سياق واحد، وهنا تكمن غرابته وأهميته. فلئن كان البساط الأحمر المغلف للمدرج المفضي الى القاعة الرئيسية شكل على الدوام حلم كل نجم وكل مخرج، ومحط انظار الألوف من حضور المهرجان والملايين من متابعي اخباره اليومية من على شاشات التلفزة، فما هذا الا لأنه البساط الذي يعبره كبار النجوم في لحظات مجدهم المتألقة، لكنه كان كذلك البساط الذي عبره مخرجون تجريبيون ونجوم من عوالم غريبة، كانت تلك فرحتهم الذهبية، وربما الوحيدة، للقفز الى واجهة الاحداث السينمائية في العالم. فالبساط الذي يشهد وقع خطى اليزابيث تايلور وكلينت ايستوود، داستن هوفمان وبريجيت باردو وميشيل مورغان، اورسون ويلز وفرانسيس فورد كوبولا وموريس بيالا وجان لوك غودار، كان هو البساط الذي عبره جيم جارموش وعباس كياروستامي ويوسف شاهين ويسرا وفاتن حمامة ومحمد الأخضر حامينا، وصولاً الى رشيد مشهراوي ومفيدة التلاتلي وبيتر غراناواي وتيو انجلوبولس أيام لم يكن احد سمع بأسمائهم بعد. في ذلك المعبر الذي لا يتجاوز طوله الخمسين متراً، عرف مهرجان "كان" كيف يخلط السينما الاستعراضية الكبرى على النمط الاميركي، بالسينما التجريبية الاكثر صعوبة، ونجوم هوليوود وباريس بسينمائيي العالم الثالث والمنشقين الروس ومبدعي اقاصي آسيا. وعلى شاشات قاعات المهرجانات اختلطت لغات الامم وتجاربها وصور حياتها اليومية فتوحد بؤس مدن التنك في الهند أفلام مرنال سن وساتياجيت راي وفي سريلانكا والفليبين أفلام الراحل لبتو بروكا بقصور بيفرلي هيلز وحدائق بريطانيا وأزقة روما. وهناك اختلطت هواجس برغمان بأحلام يوسف شاهين بمجوهرات شيرلي ماكلين وابتسامة جان مورو الساحرة. كل هذا في بوتقة واحدة جعلت من فن السينما الفن الاكثر عالمية وحضوراً في اذهان الناس، وأمام ابصارهم. بصراحة لولا مهرجان "كان" لما كان هذا ممكناً. ومع هذا، علينا ان نتذكر انه نادراً ما كان ختام دورة من دورات مهرجان "كان" مرضياً للنخبة من حضوره، أي جمهرة أهل المهنة والصحافيين والنقاد وغلاة محبي الفن السابع، فهؤلاء اذا كانوا اعتادوا على الدوام الاستمتاع بأيام المهرجان وعروضه، واحتفاليات دواخل القاعات - حيث الافلام والاكتشافات المدهشة - واحتفاليات الخارج، حيث النجوم يتمشون على الكورنيش وطالبات الشهرة لا يترددن دون التعري أمام الكاميرات الفضولية، وأمام النجوم و"مكتشفي المواهب" وكافة انواع النصابين الآخرين، وحيث شتى انواع الموسيقيين والمغنين ومحبي لفت الانظار يتدافعون لعرض ما لديهم وسط باعة الاطعمة والصحف والمثلجات، فانهم - اي جمهور النخبة - قلما ابدوا رضاهم في المساء الاخير للمهرجان حين يعلن عن اسماء الافلام الفائزة. والغريب، ان تلك الافلام، ورغم كل الاعتراضات عليها في أول الامر، غالباً ما تصبح علامات اساسية في تاريخ فن السينما. والحال ان استعراضاً لبعض اسماء الافلام التي وجدت لدى محكّمي "كان" تكريمها الاسمى، بمنحها "السعفة الذهبية" سيضعنا امام صورة لأهم ما انتجه العالم من افلام، خلال نصف القرن الاخير، من "الرجل الثالث" لكارول ريد، الى "عطيل" لأورسون ويلز، ومن "مارتي" لولبرت مان، الى "دولتشي فيتا" لفلليني، وصولاً الى "فيريديانا" لبونويل و"الفهد" لفيسكونتي، و"مظلات شريورغ" لجاك يمي و"بلو آب" لانطونيو ني، و"الرسول" لجوزف لوزاي و"وقائع سنوات الجمر" للاخضر حامينا، و"سائق التاكسي" لمارتن سكورسيسي و"يوم القيامة الآن" لكوبولا، حتى "يول" ليلماز غوناي و"باريس، تكساس" لفيم قندرز و"اندر غراوند" لأمير كوستوريكا... الخ. هذه اللائحة تنقصها كما اشرنا اسماء بعض كبار مبدعي الفن السابع، من برغمان الى هتشكوك الى بيلي وايلدر الى ساتياجيت راي... ولكنها، مع هذا كافية في حد ذاتها لتقول لنا تنوع "كان" وحسه الاكتشافي الرائع. اذ اضافة الى تنوعها الجغرافي المدهش حيث تنتمي الافلام الى امم من الشرق واخرى من الغرب، هناك تنوع المواضيع والحساسيات والتوازن الدقيق بين شتى التيارات، ثم هناك خصوصاً ذلك الواقع الذي يقول لنا انه لئن كان مهرجان "كان" مهرجان نجوم في المقام الأول، فان اختيارات جائزته الكبرى لا تعكس هذا الواقع بأي حال من الاحوال، فنحن لو قلبنا الطرف في أفلام المهرجان سنكتشف ان معظمها كان أفلاماً من دون نجوم، وحتى حين يكون نجم ما بطلاً لفيلم كما هو حال روبيرت دي نيرو في "سائق التاكسي" مثلا، أو ناستاسيا كينسكي في "باريس، تكساس" أو غاري كوبر في "قانون السيد" لويليام وايلر، فان مهرجان "كان" كان يعرف كيف يحول النجومية الى الفيلم ومخرجه. وحسبنا للتيقن من هذا ان نستعرض اسماء الافلام الفائزة بالسعفة الذهبية خلال السنوات العشر الأخيرة لنتيقن من هذا. النجوم ولجنة التحكيم النجوم حاضرون في "كان" طبعاً، ولكن في الحفلات الصاخبة، وفي خيالات الجمهور وفي المقاهي والمطاعم، ثم خصوصاً امام عدسات المصورين وهم يرتقون البساط الأحمر في امسيات العروض الرسمية. أما على الشاشة فالصورة تختلف. على الشاشة يختفي كل ما هو تقليدي ليفسح المجال للسينما، لفن السينما. والمدهش ان هذا غالباً ما يدور تحت اشراف وامام ابصار لجان تحكيم يغلب عليها الطابع التقليدي، حيث ان مهرجان "كان" حرص دائماً على ان تسند رئاسة لجنة التحكيم لنجوم كبار - وغالباً تقليديين - من طراز كلينت إيستوود وجان مورو... ومع هذا، الطريف ان امثال هؤلاء النجوم كانوا غالباً ما يلعبون لعبة الاكتشاف والفن دون تردد. ومن هنا اعتبر المهرجان "مصهراً" قادراً حتى على صهر أكثر العقول تقليدية ودفعهم الى بوتقة الفن الرفيع. وهكذا مثلا، حتى في مجال الحديث عن "مجهولين" كبار لم يكتف "كان" بمنحهم جائزته الكبرى، بل وصل الى حد منحهم اياها مرتين، تطالعنا ثلاثة اسماء، اولها فرانسيس فورد كوبولا الذي فاز مرتين: مرة عن "محادثة سرية" 74 والثانية عن "يوم القيامة الآن" 1979، ثم بيلي اوغست مرتين: "بيلي الغازي" - 1988 - و"افضل الوايا" عن سيناريو لأنغمار برغمان - 1992 وأخيراً وخصوصاً امير كوستوريكا مرتين، أولاهما عن "بابا في رحلة عمل" - 1985 -، وثانيتهما "اندرغراوند" - 1995. وخارج اطار افلام السعفة الذهبية، هناك ممثلون وممثلات فازوا مرتين كل منهم بجائزة افضل ممثل أو ممثلة: فانيسا ريدغريف "مورغان" - 66 - و"ايزادورا" - 69، هيلن ميرين "كال" - 1984 و"جنون الملك جورج" - 1995 - وبربارا هيرشي "لا بايو" - 87 - و"عالم على حدة" - 88 -. ثم دين ستوكويل "عبقرية الشر" - 59 -، وورطة النهار الطويلة الى الليل" - 62 -، ومارتشيلو ماستروياني "دراما الغيرة" - 70، و"العيون السود" - 87 - وجاك ليمون "العارض الصيني" - 79 - و"مفقود" - 82 -. والنساء إنتظرن طويلاً ولمحبي الارقام والاحصائيات نورد ما يأتي: أكبر بلد فاز بأكبر عدد من السعفات الذهبية على مدار سنوات المهرجان كان الولاياتالمتحدة الاميركية 14 سعفة تليه ايطاليا 9 ثم بريطانيا 8 ففرنسا 7 واليابان 3 والسويد 2 والمانيا 2 ويوغوسلافيا 2، ثم جائزة واحدة لكل من الاتحاد السوفياتي واسبانيا والبرازيل والجزائر وبولندا وتركيا والدانمرك والصين والمغرب وسنروي في مقال آخر حكاية فوز المغرب بالسعفة الذهبية للعام 1953، ضمن اطار الحديث عن حلم "كان" العربي. وبالنسبة الى المخرجين، هناك مخرجان حققا الرقم القياسي بالنسبة الى عدد المرات التي اختيرت فيها افلام لهم لتدخل المسابقة الرسمية: أولهما الايطالي الكبير فيدريكو فلليني، الذي اختير 11 مرة، لم يفز منها الا مرة واحدة، والاسباني كارلوس ساورا الذي اختير بدوره 11 مرة لكنه لم يفز ولا مرة واحدة! ولئن كانت المخرجات النساء اضطررن للانتظار حتى العام 1972 قبل ان يقرر مسؤولو مهرجان "كان" اختيار فيلم حققته امرأة لدخول المسابقة الرسمية، حيث جرى في ذلك العام اختيار "ميمي ميتلو" للايطالية لينا فرتمولر، فانهن اضطررن للانتظار حتى العام 1993 قبل ان يقيض لامرأة - مخرجة ان تفوز بالسعفة الذهبية - ومناصفة ايضاً مع فيلم "وداعاً يا خليلتي" للصيني شن كيفي - وكان ذلك حين فازت جين كامبيون بنصف سعفة عن فيلمها "البيانو". واذا كان من السهل لمن يقوم باحصاءات تتعلق بتاريخ دورات مهرجان "كان" ان يكتشف ان كل مخرجي العالم الكبار شاركوا فيه بشكل أو بآخر، فانه سيكون من المدهش ان نكتشف ان واحداً من أكبر المخرجين الاحياء في العالم اليوم، ستانلي كوبريك، رفض على الدوام المشاركة في المهرجان. وفي المقابل لئن كان وودي آلن شارك ست مرات، فانه كان يصر دائماً على ان تكون مشاركته خارج المسابقة، وذلك دون ان يكلف نفسه عناء السفر الى مدينة الجنوب الفرنسي الجميلة. مهما يكن فان ستانلي كوبريك ووودي آلن مرشحان هذا العام للفوز بما يطلق عليه اسم "سعفة السعفات" أي جائزة الجوائز لمناسبة خمسينية المهرجان. ولئن كان الكثيرون يستبعدون امكانية اعطاء هذه السعفة الاستثنائية لكوبريك، تحديداً "عقاباً" له على عدم حضور أي دورة من دورات المهرجان، فان الاسماء الكبيرة الاخرى المرشحة للفوز العظيم هي انغمار برغمان، كلينت ايستوود، جان لوك غودار، ايليا كازان، كين لوتش، آلان رينيه، ايتوري سكولا وبيلي وايلدر. اما الجهة التي سوف تمنح هذه الجائزة فلجنة تتألف من كافة المخرجين الذين سبق لهم ان فازوا بالسعفة الذهبية وقبلوا دعوة ادارة المهرجان لحضور دورته الجديدة. من هنا سيبدو منح هذه السعفة الاستثنائية وكأنه تلاوة فعل الندامة، من قبل الكبار الذين فازوا، لصالح الأكبر منهم الذين لم يفوزوا. ومن المرجح ان هذه الخطوة ستشكل نقطة الذروة في الاحتفالات التي يكرسها "كان" هذا العام لذكراه الخمسين، حتى وان كان معروفاً، ان ادارة المهرجان قررت ان تكون الاحتفالات أقرب الى البساطة، وذلك كيلا تطغى على الدورة العادية وعروضها واحتفالاتها. لماذا؟ بكل بساطة، لأن مهرجان "كان" خارج اطار اكتشافاته المدهشة وصواب جوائزه الممنوحة، هو مكان للصفقات الكبرى وعمليات التبادل، ففي مهرجان تبلغ موازنته هذا العام 36 مليون فرنك فرنسي، ويغطيه اكثر من أربعة آلاف صحافي يأتون من مئة بلد، هناك ايضاً صفقات وتجار سينما وعلاقات لا تبدو شديدة الاهتمام بنوع من الحنين الذي قد يثيره احتفال المهرجان بخمسينيته