فيلم "باق في حيفا" عن مسيرة إميل حبيبي وحياته وتجربته الأدبيّة والسياسيّة، فيلم اشكالي أساساً. بحكم طبيعة وموقع وخيارات الأديب الفلسطيني الراحل الذي بقي في بلاده بعد نكبة 1948، ولأن مخرجته داليا كاربيل مواطنة اسرائيليّة تلقي نظرة نقديّة اتهاميّة إلى دولتها ومجتمعها ثانياً، ولأن هذا الفيلم "الاسرائيلي" انتاجاً واخراجاً هو الوحيد حتّى الآن عن صاحب "المتشائل"، وقد طرحت بجرأة ونزاهة قضيّة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ومعاركه لاستعادة كرامته وحقوقه المسلوبة. ومن مفارقات الفيلم أيضاً النجاح الذي عرفه في المهرجانات والمسابقات الاسرائيليّة، مساهماً في اثارة النقاش على مستوى الرأي العام الاسرائيلي حول القضيّة الفلسطينيّة انطلاقاً من شخص اميل حبيبي ومواقفه السجاليّة وكتاباته التي لجأ إليها في سنواته الأخيرة هرباً من السياسة وتقلّباتها وخيباتها. فيما يصعب عرضه في العالم العربي بحكم طبيعته وتمويله وجنسيّة مخرجته. اختير "باق في حيفا" في التصفية النهائية لجائزة الأكاديميّة الاسرائيليّة للسينما، وحاز جائزة "الفيلم الوثائقي" في مهرجان القدس. كما عرض في "مهرجان أميان" الفرنسي، ولفت الأنظار في "مهرجان برلين السينمائي". وعرض في "متحف برلين للسينما" حيث أعقبته ندوة أشترك فيها مارون عصفور ورولف لوفونباين، وعرضته "لجنة الصداقة الالمانيّة - الفلسطينيّة. وشارك في "مهرجان الأفلام الدراميّة" الرابع عشر. ويعرض حاليّاً في نيويورك ضمن أهمّ مهرجان استضافته الولاياتالمتحدة حتّى الآن للسينما الاسرائيليّة! صوّرت داليا كاربيل فيلمها في الشهر الأخير من حياة إميل حبيبي، وهو يتناول جميع مراحل حياته، ويتوقّّف عند مختلف المحطّات الأدبيّة والسياسيّة التي عرفها الكاتب الراحل. وشاءت الأقدار أن ينطفئ حبيبي بعد أيّام قليلة من انتهاء المرحلة الأولى من الفيلم، وتمّ تصوير الجنازة ووصول الشاعر محمود درويش للمشاركة فيها... أما العرض الأوّل ل "باق في حيفا" فأقيم في الذكرى الأولى لرحيل حبيبي في سينماتيك تل أبيب، أمام صالة مكتظّة بالمثقّفين ورجال الفكر والسياسة والأدب من أنصار القضيّة الفلسطينيّة، وبحضور حيدر عبد الشافي والوزير فريح أبو مدين وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني الكاتب زياد أبو زياد ووزيرة الثقافة الاسرائيليّة السابقة شولاميت آلوني المعروفة بمواقفها التقدّميّة والتي لعبت دوراً في دعم وتمويل الفيلم.