لا يمكن التكهن بما سيحدث على الحدود السودانية - الاريترية والسودانية - الاثيوبية حيث تحتشد قوات الحكومة السودانية والقوات المشتركة لفصائل التجمع الوطني الديموقراطي التي نجحت في الاستيلاء على 12 حامية حكومية وأضحت ترابط على بعد 35 ميلاً من الخزان الرئيسي الذي يزود حاجتها من الكهرباء والطاقة الكافية لضخ مياه الشرب. وازداد موقف الحكومة السودانية سوءاً بعدما فشلت في استقطاب تعاطف دول المنطقة بحجة ان اراضيها تتعرض لغزو اريتري واثيوبي، خصوصاً ان مصر ودولة الامارات العربية المتحدة اعلنتا ان ما يجري في السودان شأن داخلي ليس لاريتريا او اثيوبيا دخل به. وكان ذلك التعاطف المنشود وما قد يأتي به من دعم، الامل الاخير الذي تعلقت به الخرطوم، بعدما اتضح لها انها لا تحظى بتأييد القوات السودانية بالكامل، وانها لا تثق اصلاً في ولائها المطلق لها. وهما عاملان رئيسيان اضطراها الى حشد عشرات الآلاف من مقاتلي ميليشيا "قوات الدفاع الشعبي" على الحدود بين السودان وكل من اثيوبيا واريتريا، بدلاً من قوات الجيش، خشية انشقاق الاخيرة وانضمامها الى قوات المعارضة التي يقودها اثنان من ألدّ خصوم "الجبهة الاسلامية القومية" وهما العقيد جون قرنق قائد "الجيش الشعبي لتحرير السودان" وقائد القوات المشتركة لفصائل المعارضة، والعميد الركن عبدالعزيز خالد عثمان الذي كان ابرز خريجي الدفعة 21 التي ينتمي اليها الفريق عمر حسن البشير. وتبدت خيبة الخيار الذي أقدمت عليه الجبهة الاسلامية السودانية في ارتفاع نسبة الخسائر في الارواح والمعدات التي منيت بها عناصر ميليشيا "قوات الدفاع الشعبي" التابعة اسمياً للقوات المسلحة. ومع انه لا تتوافر مصادر مستقلة لتأكيد الارقام التي اعلنتها المعارضة في هذا الشأن 1260 قتيلاً في صفوف الحكومة حتى منتصف الاسبوع الماضي الا ان مراقبين في عواصم القرن الافريقي قالوا انهم يعتقدون بأن عدد القتلى لا يقل عن الف. وتقول السلطات السودانية ان خسائرها في الارواح ضئيلة. وزادت مخاوف كبار قادة الجبهة من انشقاق قوات الجيش وانضمامها الى المعارضة بعدما ناشد رئيس الوزراء المنتخب السيد الصادق المهدي افراد القوات المسلحة الانحياز الى الشعب السوداني في نضاله من اجل استعادة الديموقراطية واحلال السلام وحلّ مشكلات البلاد. ويزيد تلك المخاوف استفحالاً في نفوس زعماء النظام استمرار تدفق منشورات ذات فحوى مماثلة يوزعها مقاتلو "قوات التحالف السودانية" التي يتزعمها العميد عبدالعزيز خالد ابو خالد على حشود القوات الحكومية خلف الخطوط الامامية في مناطق شرق البلاد. وفي المقابل شنت الحكومة حملات دعائية كبيرة لتشوية صوت معارضيها، والزجّ بهم داخل السجون، ومحاولة التنقيب عن مواقف سابقة تتناقض مع موقفهم الائتلافي الحالي، مثل القول ان وزير الدفاع الاسرائيلي وخبراء عسكريين شوهدوا يتجولون في خنادق قوات المعارضة على الحدود مع اريتريا واثيوبيا. وكرّست الجبهة الاسلامية القومية جانباً من ساعات البث الاذاعي الحكومي لمعلّقها المعروف المقدم يونس محمود رئيس تحرير صحيفة "النصر" الناطقة بلسان القوات المسلحة ليكيل الشتائم ويقذع في السباب لرموز المعارضة وقادة الدول المجاورة التي تتهمها الجبهة بدعم مناوئيها. ولجأت السلطات السودانية الى الزجّ بورقة طالما ادخرتها لمثل هذا الوقت: تهديد مصر بسحب القوات الحكومية من جنوب السودان لحماية الشرق والوسط. غير ان الخلافات كانت عصفت اصلاً بقادتها بين مؤيد ومعارض. لا من قريب ولا بعيد ولكن هل تعرض السودان حقاً ولا يزال لغزو من وراء حدوده مع اثيوبيا واريتريا؟ وجّهت "الوسط" السؤال الى السيد حامد محمد حمد مدير دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الاريترية فقال: "اعلنا غير مرة اننا لسنا طرفاً في هذا النزاع وانه لا يعنينا من قريب أو بعيد. وادعاء النظام السوداني اننا غزونا أرض بلاده ليس سوى محاولة منه لتقليل حجم مقاومة الشعب السوداني له". وأضاف: "قلنا مراراً ان هذه المشكلة سودانية - سودانية، وان الشعب السوداني لا يحتاج لمقاومة النظام الى دعم أي دولة مجاورة، لأن المعارضة التي تمثله قوى كبيرة لها جذورها، وقدراتها الشعبية والسياسية معروفة". وأعرب حمد عن اعتقاده بأن ادعاء الغزو محاولة من جانب حكومة الجبهة الاسلامية لاستدراء عطف شعوب المنطقة. وقال: "اريتريا لا يعنيها ما يحصل هناك. نحن معنيون فقط بالدفاع عن انفسنا ومستعدون على الدوام للدفاع عن بلادنا وقدراتنا العسكرية في هذا المجال معروفة للقاصي والداني". ويقول زعماء الجبهة في الخرطوم ان اريتريا حصلت على مساعدات عسكرية ضخمة للاجهاز على النظام السوداني. لكن مدير دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية في اسمرا يقول: "لسنا في حاجة الى سلاح، بل ان قدراتنا العسكرية تفوق حاجتنا، اذ اننا ورثنا عتاد اضخم جيش في افريقيا، لذلك لا نحتاج الى أي دعم عسكري. لكن النظام السوداني يحاول فحسب تصعيد الصراع الموجود أصلاً". أما على الصعيد الاثيوبي فان اديس ابابا ترفض الادلاء بأي تصريح حيال الادعاءات الحكومية السودانية. وتتحدث الصحف الاثيوبية عن الاحداث الحدودية باعتبارها انها شأن سوداني محض. ولوحظ ان حكومة رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي تلتزم سياسة ضبط النفس على رغم الحملات الاعلامية السودانية التي بلغت حد القول بأن جماعات مناوئة لاديس أبابا بدأت عمليات عسكرية من المناطق نفسها التي انطلقت منها قوات الحكومة الاثيوبية الحالية العام 1991 لاطاحة نظام الرئيس السابق الكولونيل مانغستو هايلي مريام. ولم يورد أي من نحو 53 صحيفة يومية واسبوعية تصدر في اديس ابابا - ينتهج بعضها خطاً مغايراً لسياسات الحكومة الاثيوبية - شيئاً عن وقوع مناوشات أو اندلاع معارك بين قوات سودانية واثيوبية. ولم يستقبل اي مستشفى اثيوبي جرحى خلال الأيام الماضية. حقيقة الوضع شرقاً اذن ما هي حقيقة الوضع في السودان خصوصاً في الشرق؟ من يتابع بث تلفزيون أم درمان الحكومي الذي كرس للتعبئة وحض السكان على طلب الشهادة والجهاد يحسب ان شرق السودان يشهد معارك على مدار ساعات اليوم، خصوصاً ا ن ثمة تركيزاً في الخطاب الاعلامي الحكومي على ان الله أكرم النظام بخوض هذه الحرب في شهر رمضان المبارك، مع التلويح بذكرى غزوة بدر الكبرى. غير ان ميادين القتال المحتمل تشهد هدوءاً شديداً، فيما يستمر النظام في شن غارات جوية مستخدماً قاذفات غير دقيقة التصويب من طراز انطونوف. وتستهدف الغارات بوجه خاص المواقع التي يسيطر عليها تنظيم "قوات التحالف السودانية" شمال منطقة النيل الأزرق قرب الحدود الاثيوبية. وقال مصدر في التنظيم ل "الوسط" ان القصف العشوائي ادى الى موجات نزوح اخرى للمواطنين السودانيين صوب اثيوبيا. فيما تقول مصادر اخرى ان القصف دفع بضع مئات من السكان الى النزوح صوب منطقة الدمازين التي كانت، حتى يوم الجمعة الماضي خاضعة لسيطرة السلطات السودانية. وطلبت "الوسط" من ياسر سعيد عرمان المتحدث باسم "الجيش الشعبي لتحرير السودان" ان يشرح الوضع العسكري حالياً، فقال: "هناك ثلاث جبهات نشطة في شرق السودان، في كل من جنوب النيل الأزرق وشماله وعلى محور همشكوريب - روبسم - كسلا، تضاف الى ذلك جبهات جبال النوبة غرب السودان وجنوب السودان بأكمله". وأضاف: "انتهت الآن المرحلة الاولى من الخطة العسكرية للتجمع الوطني الديموقراطي وكانت نتائجها الاستيلاء على 8 حاميات في جنوب النيل الازرق و3 في شماله وحامية في منطقة همشكوريب - روبسم - كسلا. وفي 5 أيام من 11 الى 16 كانون الثاني يناير الجاري دمرت قوة يراوح عدد افرادها بين 5 و6 آلاف من قوات الجبهة الاسلامية القومية. وبلغت خسائرها 1260 قتيلاً، واستولينا على كمية ضخمة من المعدات". وذكر عرمان ان من ابرز ما غنمته القوات المشتركة للتجمع الوطني الديموقراطي: 12 دبابة من طراز تي - 55، و1200 طن ذخيرة مختلفة الانواع، و20 عربة نقل وشحن، و74 مدفع هاون من مختلف العيارات. وأضاف ان قوات التجمع توجد الآن على بعد 60 كيلومتراً من مدينة الدمازين. وأوضح انها ترابط تحديداً في منطقة أبو شنينة. وقال ان من خسائر الجبهة الاسلامية القومية مروحية مسلحة من طراز ام آي - 24، وكان لذلك اثر كبير لأن وحدة طيران الجبهة تتكون من 20 طائرة مسلحة. وباسقاط تلك الطائرة قضينا على فاعلية بقية طائراتها عندما اكتشف الطيارون الحكوميون خدعة الحكومة التي قالت لهم ان المعارضة لا تملك آليات لاسقاط الطائرات". وخلص الى "ان الجبهة الاسلامية القومية لم تعد تدري من اين تأتيها الضربات وفقدت توازنها العسكري". انتحار ودفاعات حصينة وقالت مصادر ديبلوماسية افريقية في اديس أبابا ل "الوسط" ان العقيد قرنق عزز دفاعاته في بلدتي الكرمك وقيسان الحدوديتين، اللتين تعرضتا لقصف جوي من ارتفاع عالٍ. ونسبوا الى سكان على الجانب الاثيوبي من الحدود انهم شاهدوا مراراً طلعات الطيران الحربي السوداني هناك. وأشارت المصادر الى ان اعداد كبيراً من قوات قرنق نقلت جواً من اوغندا الى احد المطارات الاثيوبية قرب الحدود السودانية حيث نشرت الحكومة السودانية نحو 50 ألفاً من مجندي ميليشيا "قوات الدفاع الشعبي" التابعة عملياً للجبهة الاسلامية القومية الى جانب عدد من افراد القوات المسلحة. وطبقاً لما تبثه اجهزة الاعلام الحكومية فان جميع وزراء الجبهة وولاتها وقادتها - ما عدا الترابي والفريق البشير ووزير الاعلام الطيب ابراهيم محمد خير - توجهوا الى الجبهة الشرقية على رأس حشود مقاتلي "قوات الدفاع الشعبي". وذكر ديبلوماسي غربي ان السلطات السودانية مصممة الآن على استرداد الكُرمك مهما كلّفها ذلك من ثمن. ورجّح ان ذلك سيؤدي الى وقوع خسائر فادحة في صفوف مقاتلي الحكومة. وتوقع ان تكون قوات العقيد قرنق نجحت في زرع عدد ضخم جداً من الالغام الأرضية لتحصين دفاعاتها عن البلدة، الى جانب نشرها اسلحة بعيدة المدى هناك. وأضاف: "يتلخص الموقف في ان قوات العقيد قرنق وحلفاءها مصممون على إلحاق هزيمة قاسية بالنظام، فيما تبدو الحكومة مصممة على استرداد الكرمك بأي ثمن لكسر شوكة خصومها". هجمات عسكرية متزامنة وتحدثت انباء غير مؤكدة عن حصول الحكومة السودانية على مساعدات عسكرية من دولة عربية. وقالت معلومات اخرى ان قوات المعارضة السودانية تسلمت اسلحة متطورة. غير ان قادة المعارضة المقيمين في العاصمة الاريترية يعتقدون بأنهم في كل الحالات لن يخسروا شيئاً اذا لم يحققوا التقدم الذي ينشدونه. وتبدو المعركة حاسمة ومصيرية بالنسبة الى الترابي ومعاونيه باعتبارها الأولى التي تخوضها الجبهة ضد "الجيش الشعبي لتحرير السودان" باعتباره ممثلاً لتجمع الشعب السوداني وليس حركة تمرد فحسب. ويلاحظ ان المعارضة عمدت منذ بدء التطورات الأخيرة في نسبة عملياتها العسكرية الى القوات المشتركة لفصائلها. وعزّز ذلك الأمل في نفوس المعارضين والعواصم المتعاطفة معهم بامكان حسم المعركة لمصلحتهم في أقرب فرصة ممكنة. وتبرز على صعيد المساهمة الفعلية في المجهود الحربي ثلاثة فصائل رئيسية، هي: "الجيش الشعبي" وتتبع له قوات "لواء السودان الجديد"، و"قوات التحالف السودانية" و"مؤتمر البجا". وقال خبراء ان نجاح "قوات التحالف السودانية" اخيراً في احتلال بلدات ياقوري ومَنْزَا ويابَشَّر في جنوب النيل الأزرق، التي تعتبر مناطق استراتيجية مهمة، جعل قائدها ابو خالد "نِدَّاً للعقيد قرنق". وأضافوا ان الاحزاب التقليدية السودانية وقرنق نفسه يقرون حالياً بأن العميد ابو خالد اضحى "رجلاً مهماً"، في القضية السودانية. وأكدوا وجود تنسيق وتفاهم بين تنظيم "قوات التحالف السودانية" وقرنق. ويعتقد ان نجاح قوات أبو خالد في "حرب المنشورات" - وهو سلاح لم يستخدمه قرنق - الى جانب انه ينتمي الى الدفعة نفسها التي تخرج فيها الفريق البشير من الكلية الحربية السودانية يشكلان تحدياً كبيراً للنظام الذي عجز منذ استيلائه على الحكم العام 1989 عن "توسيع مواعينه" على حد تعبير قادته. ويزيد معنويات القوات الحكومية تردياً توقعات قادتها حصول هجمة أو ربما هجمات مباغتة للمعارضة في مدينتي جوبا وواو الجنوبيتين. وكانوا اعلنوا اصلاً أنهم يعتقدون بأن اوغندا ستساعد خصومهم على شن هجوم ينطلق من اراضيها. وتفيد معلومات استقتها "الوسط" من مسؤولين حكوميين سودانيين بأن قيادة الاستخبارات العسكرية التابعة للقوات المسلحة وأجهزة الأمن التابعة للجبهة الاسلامية يقدر عددها بنحو 14 جهازاً ولا يوجد تنسيق فاعل بينها رفعت تقارير الى الدكتور الترابي وكبار معاونيه تحذر من انه على رغم عدم وجود تصدع ظاهر في بنية الجبهة الداخلية فانها تواجه تهديداً خطيراً نتيجة تسلل مقاتلين معارضين الى مدن الشرق والعاصمة لتنفيذ عمليات انتحارية داخل البلاد. وأكدت تقارير تلك الاجهزة ان عناصر المعارضة داخل السودان ترسل معلومات تفصيلية الى قوات المعارضة عن تحركات القوات الحكومية وحجمها وأسماء قادتها. وعلى رغم ان الحكومة السودانية عمدت الى محاولة سحب البساط من تحت اقدام المعارضة الشمالية بتصوير التطورات الاخيرة جزءاً من الصراع بينها وبين العقيد قرنق، والادعاء بأنها "هجمة صليبية" يدعمها "غزو اريتري وأثيوبي ودعم اميركي"، فان تجمع المعارضة السودانية بدا متماسكاً وقادراً على تعزيز التعاون والتنسيق بين فصائله العسكرية. حرب علنية وتثير اجواء الحرب الوشيكة في شرق السودان مخاوف على سلامة المدنيين في تلك المنطقة. غير ان المتحدث باسم "الجيش الشعبي لتحرير السودان" يقول ان من اهم استعدادات التجمع الوطني الديموقراطي لحماية المدنيين "ان الحرب علنية وليست سرية يتابعها المدنيون من خلال اذاعة "صوت السودان" الناطقة باسم التجمع والاذاعات وشبكات التلفزيون العالمية مما يعطي المدنيين فرصة الاطلاع على حقيقة الاوضاع". وأوضح ان قوات التجمع السوداني المعارض تستهدف في عملياتها المناطق العسكرية وليس المدنية. وسألته "الوسط" عن العواقب المحتملة لمهاجمة خزان الرصيرص الذي يزود العاصمة ومنطقة الجزيرة حاجتها من الكهرباء، فقال: "ليس هناك عاقل يتكلم عن ان الحرب تخلو من خسائر. لكن المعلوم ان السودان يمكن ان يخسر وحدته وأبناءه باستمرار الجبهة الاسلامية القومية في الحكم وليس بنياته الأساسية فحسب. ان الشعب السوداني مهدد الآن في وحدته وسلامة بنيه وقيمه، ومن المؤسف ان النظام ارغم التجمع الوطني الديموقراطي على خوض هذه الحرب. فاذا حصل تدمير للبنية الأساسية فهو من صنع الجبهة الاسلامية. واذا كان الحل يكمن في خروج الجبهة وتضرر بعض منشآت البنية الأساسية فهو امر مفروض وليس مرغوباً من قبل المقاتلين. وفي كل الاحوال ستبذل قوات التجمع كل جهدها للحفاظ على الخزان وغيره من المنشآت". وأشار ياسر عرمان الى ان ضحايا القتال الاخير بين الجانبين 1260 جندياً حكومياً و92 معارضاً حسبما ذكر "ليسوا من اتباع الجبهة الاسلامية كلهم وإنما من ابناء الشعب السوداني. كما ان القتلى في صفوف قوات المعارضة مواطنون كان يمكنهم ان يساهموا في بناء الوطن مع ابنائه الآخرين". وقلل من شأن ما تردد عن وجود خلافات شديدة بين فصائل التجمع الوطني الديموقراطي وقال انه يعتبر صيغة التجمع دليلاً على ما سماه "عبقرية الشعب السوداني". وأضاف ان ذلك يمكن استقراؤه من النظر الى نماذج المعارضة في افريقيا والعالم العربي "حيث لا توجد معارضة مماثلة استطاعت توحيد صفوفها". وأقرّ بوجود مصاعب لكنه قال "انها آتية من ان هذا النوع من العمل جديد ولا توجد سيناريوهات وتجارب سابقة يُهتدى بها". وأضاف: "ليس هناك اي تحد لعمل التجمع الوطني الديموقراطي ونحن متفقون في ما بيننا وقد اظهر العمل العسكري قدرة التجمع على المزج بين مختلف الفئات، وارسال رسالة واضحة وموحدة الى العالم الخارجي والداخل. ولعل النظام يتمنى وجود خلافات لكنها ليست موجودة بدليل ان المهدي والميرغني وقرنق والفريق فتحي احمد علي وعبدالعزيز خالد والتجاني الطيب قادة التجمع يتحدثون بخطاب متناسق وموحد، وبدليل ان التجمع استطاع ان يجد في كل وقت آلية للوصول الى رؤية موحدة تصل به الى بر الأمان". هكذا يبدو من هذا الجانب من الجبهة الشرقية ان حرب الاستنزاف التي بدأتها قوات المعارضة السودانية ماضية، وان هدفها النهائي اسقاط حكم الجبهة الاسلامية السودانية بزعامة الترابي والبشير