قرأنا باهتمام واستمتاع مذكرات السيد التيجاني الطيب عضو اللجنة المركزية والرجل الثاني في الحزب الشيوعي السوداني عن تاريخ حياته وتاريخ السودان الحديث المعاصر منذ الاستقلال وحتى اليوم ولا شك ان السيد التيجاني الطيب له نضاله وكفاحه الذي لا ينكر في مجال السياسة السودانية، ولكن لا يمكنه أن يلوي عنق الحقيقة وهو يتحدث عن عجز المعارضة اليوم وعن دور الحزب الشيوعي في انقلاب نميري في 25 أيار مايو 1969م وعن ضربه الجزيرة أبا. وهو يقول بأن "الوحدة الكاملة التي تلغي الشكوك ليست موجودة اليوم". فالسيد التيجاني الذي يعترف بأن حزبه كان "طابوراً خامساً" أيام الديموقراطية يريد أن يقول بامكانية ايجاد حلف صادق بين أعداء الأمس. وحتى لو نجحت الانتفاضة المحمية بالسلاح فإن العداء سرعان ما يعود لتمزيق السودان المنهوك القوى ولن يتحمل الوضع أي انقسام أو اضرابات نقابية أو حروب في الجنوب. وسوف لن يحصل السيد الصادق المهدي على فرصة كافية لتجديد البنية التحتية للاقتصاد السوداني من أجل الرفاهية للشعب، كما طلب منكم عام 1988م ولكن سيواجه عاصفة من النقد الهدام والمؤامرات. ولكن الحلف الذي يستقيم ويقبله العقل هو فقط الحلف الذي يقوم بين حزب الأمس والاتحادي الديموقراطي وما عدا ذلك فهو مجرد هراء. يقول السيد التيجاني بأنه لا يوجد خلاف واضح داخل الحزب الشيوعي بين الحرس القديم والجيل الجديد، ولكن المعروف ان الخلاف واضح جداً، حتى أن الخاتم عدلان - أحد قيادات الحزب - كون حزباً جديداً ويتبعه الآن المئات ان لم نقل الآلاف من الشباب في أميركا وكندا وأوروبا ولهم نشاط ملموس في ما نقرأه عن نشراتهم الدورية. ويذكر السيد التيجاني الطيب الصداقة بين نميري ومحمد ابراهيم نقد ويقول بأن نميري وافق على حضور نقد للاحتفال الذي نظمته مدرسة حنتوب الثانوية في مناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها وحضر نقد الاحتفال وعاد الى الاختفاء..." ويضيف أن النميري كان يسأل بين فترة وأخرى عن أحوال محمد ابراهيم نقد ويرفق سؤاله بشتيمة..." هذا الكلام غير مقبول منطقياً لأنه كان باستطاعته كرئيس للجمهورية ان يعتقل نقد وهو في الحفلة، ولكن كما قال السيد التيجاني يصعب على السوداني التنكر لتعهد من هذا النوع وهل هناك انسانية وشهامة أكثر من هذه، وكيف يسبه ويشتمه وهو يسأل عن أحواله بين فترة وأخرى؟ ويكمن التناقض الواضح في مذكراته هو عن انقلاب 1971م الذي قاده هاشم العطا فهو يقول بأن الحزب لم يتخذ قرار الانقلاب، وهل يستقيم عقل ان يتخذ هاشم العطا - وهو شيوعي حسب كلامه - قراراً بهذه الأهمية دون الرجوع الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي. نحن على يقين بأنه في المستقبل القريب سيتولى السيد الصادق المهدي - زعيم حزب الأمة - مقاليد الأمور وان الذين يودون التحالف معه اليوم سوف يهاجمونه في المستقبل وسوف يكيدون له بالاضرابات عن طريق النقابات حتى تتعثر مسيرة الدولة وللتمهيد لانقلاب عسكري جديد كي تدور الساقية من جديد. ونحن نود من مجلة "الوسط" أن تعطي الفرصة للشهود الذين عاصروا المرحلة مع السيد التيجاني الطيب - وهم أحياء الآن - كي يذكروا الحقائق ومن هؤلاء الرئيس السابق جعفر محمد نميري والسيد أحمد ابراهيم وريج والسيد زين العابدين الهندي والسيد الصادق المهدي حتى تتضح الحقائق وتوضع النقاط فوق الحروف. السر عبدالمنعم اونتاريو - كندا