حملت العقوبات التصاعدية التي أقرتها الاممالمتحدة ضد السودان في الفترة الاخيرة في اعقاب الاتهامات الموجهة للحكومة السودانية بإيواء الارهابيين المتهمين في محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في اديس ابابا العام الماضي الحكومة السودانية على اعطاء اولوية قصوى لاستثمار حقول النفط السوداني في جنوب البلاد وغربها، ولكن تحسباً من فرض حظر نفطي دولي على السودان وتغطية فاتورة النفط التي تستهلك نصف عائد الصادرات، وأدت زيادة مطردة في اسعار الوقود في الفترة الى تفاقم الازمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد. وحدث تذمر واسع النطاق بسبب الارتفاع الفاحش لتكاليف المعيشة، خصوصاً ان جزءاً كبيراً من النفط المستورد يستهلك وعمليات الجيش الحكومي الذي يحارب قوات الحركة الشعبية المستمرة في الجنوب منذ اكثر من 12 عاماً. وتسعى الحكومة حالياً الى الحصول على مساعدات من جهات عدة منها الصين وايران والعراق لاستثمار حقولها النفطية. وأكد ل "الوسط" جون ماكلاود والمدير التنفيذي الجديد لمجموعة أراكيس الكندية للطاقة، والتي كان مشروعها لاستثمار النفط السوداني بعد حصولها على ترخيص من الحكومة السودانية نهاية العام 1992. توقف العام الماضي، اثر تعثر صفقة تمويله المقدرة بحوالي 750 مليون دولار مع المجموعة العربية الدولية للاستثمار، اكد انه اجرى اتصالات في الخرطوم قبل فترة مع مسؤولين سودانيين في شأن استمرار تنفيذ المشروع الذي يهدف الى مد خط للأنابيب لنقل الخام من حقول الوحدة وهجيلج الى الابيض فالخرطوم فعطبرة حتى ميناء بورتسودان وانشاء مصفاة للتصدير بطاقة انتاجية تبدأ ب100 ألف برميل يومياً وترتفع الى 300 ألف بحلول 1999. وأشار ماكلاود، الذي تولى ادارة الشركة بعد استقالة مديرها السابق تيري الكسندر في كانون الاول ديسمبر الماضي الى ان أراكيس لم تنسحب من السودان، وانها استأنفت العمل في المشروع وفق تصور جديد، ومع شركاء جدد لتمويل التكلفة التي قدرها ب900 مليون دولار بدلاً من التصور السابق بأن تمول اراكيس وحدها المشروع. ولم يوضح تفاصيل الاتفاق التمويلي، لكنه قال ان التفاصيل ستعلن لاحقاً وان الاتفاق مع الحكومة ينص على تغطية نفقات الشركة وحصتها من عائدات النفط المصدر. وقدمت اراكيس حتى الآن منذ بداية العام حوالى 140 مليون دولار انفقت منها حتى الآن 100 مليون. واعتبر ان الاتفاق الجديد ذو صبغة تجارية، وانه اكثر ملاءمة لأراكيس وشركائها الصناعيين اكثر من الاتفاق السابق مع الحكومة السودانية التي كانت قد اعلنت "ان اراكيس تواجه صعوبات مالية في مواجهة التزاماتها حسب الاتفاق". ورداً على سؤال ل "الوسط" عن هل تلقت المجموعة الكندية تأكيداً بضمانات سياسية لتوفير الحماية الامنية لأنشطتها، خصوصاً ان الحقول النفطية تقع قرب مناطق الحرب الاهلية الدائرة هناك، وضد التهديدات التي وجهتها للمجموعة الحركة الشعبية لتحرير السودان التي يتزعمها العقيد جون قرنق. وقال المسؤول: "نحن نأخذ تهديدات الحركة الشعبية لتحرير السودان لنا مأخذ الجد لكنها لن تحملنا على ايقاف نشاطنا النفطي ولا نعتقد انها تشكل خطراً علينا في الوقت الحالي". وأضاف ان استثمارنا ليس عملاً سياسياً في الاساس لأننا نسعى الى مساعدة بلد نعتقد انه بحاجة الى نفطه، اما في شأن اي عقوبات قد تفرضها الاممالمتحدة على السودان فهي لن تؤثر فينا مباشرة لكنها ليست في صالحنا عموماً". وكان مسؤولون اميركيون اعربوا في وقت سابق عن مخاوفهم من احتمال استخدام نشاط مجموعة "أراكيس" في السودان كستار لتمويل انشطة اصولية، لكن ماكلاود قال ل "الوسط": "هذه اتهامات سخيفة وعارية من الصحة تماماً". اللافت في هذا الشأن صمت الحكومة السودانية عن الحديث عن المشروع منذ العام الماضي. وفيما جاء الاعلان من جانب المجموعة الكندية عن نشاطها في ظل تقلص المساعدات الخارجية للسودان وواكب ذلك مشكلات واجهت أراكيس وأدت الى التشكيك في مقدرتها المالية على تمويل المشروع وتجميد اسهمها في بورصة فانكوفر، مما أدى الى هبوط قيمة السهم من 26 الى 11 دولاراً. لكن ماكلاود قال: "لا أود الخوض في هذا الامر وتجميد الاسهم بصورة طوعية من جانب اراكيس وتمويلنا الحالي للمشروع يتم من موارد حقيقية" على حد تعبيره. وذكر ان المجموعة حققت اخيراً استكشافين رئيسيين في منطقة امتيازها التي تزيد مساحتها على 12 مليون هيكتار، وتشمل 56 بئراً منها 34 بئراً تتوافر فيها امكانات الانتاج وتتوقع تبعاً لذلك ان يتضاعف حجم المخزون الاحتياطي من تقديرات العام الماضي التي بلغت 314 مليون برميل.