تشديد رئيس الوزراء الاسرائيلي شمعون بيريز قبل مغادرته الدوحة على أهمية التغيير المتمثل باعطاء الأولوية للاقتصاد لم يحجب المغازي السياسية للزيارتين اللتين قام بهما لسلطنة عمانوقطر. وبيريز نفسه يدرك جيداً أنه يتعذر حماية الاختراقات الاقتصادية من دون اختراقات سياسية موازية. ولعل أول ما حققه بيريز من خلال الزيارتين هو توجيه رسالة جديدة الى الناخبين الاسرائيليين مفادها ان ثمار المخاطرة التي يتضمنها السلام بدأت في الظهور على رغم الصعوبات المستمرة على معظم المسارات. وإذا كانت قمة شرم الشيخ التي عقدت على دوي العمليات الانتحارية وفرت لبيريز مظلة تحميه من تآكل شعبيته وأتاحت لاسرائيل الجلوس مع أطراف عربية لم تجلس معها من قبل فإن الزيارتين قدمتا له حجة اضافية. وهكذا باستطاعة بيريز القول ان السلام لم يجعل اسرائيل مجرد طرف مقبول في اجتماع ذي طابع اقليمي ودولي بل جعلها أيضاً شريكاً تجارياً مقبولاً في عواصم بعيدة أصلاً عن خطوط التماس العربية - الاسرائيلية. زار بيريز سلطنة عمانوقطر تلبية لدعوتين رسميتين وذهب على رأس وفد كبير. وإذا كان لم يرجع من جولته بالاعلان عن قيام علاقات ديبلوماسية كاملة فإنه عاد باتفاق على تعزيز التمثيل التجاري مع سلطنة عمان تنفيذاً لاتفاق سابق واتفاق على فتح مكتبين للتمثيل التجاري في اسرائيل وقطر. وأظهرت مجريات الزيارتين ان العلاقات الديبلوماسية الكاملة تنتظر مصير جهود السلام على المسار السوري - الاسرائيلي وتالياً اللبناني - الاسرائيلي، لكن الجمود على ذلك المسار لم يمنع حصول الزيارتين وقيام علاقات تكاد تقترب من العلاقات الكاملة. وفي هذه النقطة بالذات بدا موقف مسقطوالدوحة مختلفاً عن مواقف بقية عواصم دول مجلس التعاون الخليجي. وكان طبيعياً أن يجدد بيريز، بعد محادثات مع السلطان قابوس وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني، اهتمامه بانجاز السلام مع سورية. فقد حرص الزعيمان العمانيوالقطري على التشديد على السلام الدائم والشامل وعلى انهاء معاناة الفلسطينيين خصوصاً من الحصار الذي تفرضه اسرائيل. وتطرقت المحادثات في صلالة الى مجالات التعاون التجارية والاقتصادية والفنية في ميادين الطاقة وتحلية المياه والزراعة والصحة. وبدا واضحاً أن البلدين وضعا الأساس لصفحة جديدة من العلاقات بينهما لم تعد تفتقر الا الى الاعلان عن العلاقات الديبلوماسية. وأعلن بيريز في ختام زيارته لقطر عن اتفاق مبدئي "لتجنب الازدواج الضريبي والقيام بأبحاث مشتركة في المناطق الصحراوية واستخدام المياه المالحة". ومن جهته أكد وزير الخارجية القطري ان بلاده "تؤمن بالسلام على رغم الصعوبات" وأنها لا ترى مشكلة في قدوم سياح اسرائيليين اليها. لا بد من الانتظار لمعرفة انعكاسات زيارتي بيريز، خصوصاً أنه حرص منذ قمة شرم الشيخ على تسمية ايران بوصفها الدولة التي "ترعى الارهاب" وتحاول تقويض السلام.