انطلقت في العاشر من شهر آذار مارس بطولة العالم لسيارات فورمولا واحد بسباق الجائزة الكبرى الاسترالي الذي أقيم على حلبة ألبرت بارك في ملبورن، وكان الفوز من نصيب البريطاني دايمون هيل سائق فريق وليامس - رينو على حساب زميله في الفريق الكندي جاك فيلنوف الذي خاض اول سباق له في فورمولا واحد بعد انتقاله من بطولة اندي كار الاميركية التي احرزت لقبها العام الماضي. وفرض دايمون هيل سيطرته المطلقة على سباقي البرازيلوالارجنتين وعزز موقعه في صدارة ترتيب سباقات الجائزة الكبرى لهذا الموسم برصيد 30 نقطة امام الكندي فيلنوف 12 نقطة والفرنسي أليزي 10 نقاط. وأثبتت نتائج السباقات التي اقيمت حتى الآن صحة توقعات النقاد قبل انطلاق البطولة اذ صبَّ معظمها في مصلحة فريق وليامس - رينو سواء لجهة السائقين أو لجهة الصانعين. وليامس فوق الجميع تبدو سيارة وليامس - رينو السيارة الفضلى حالياً ويبقى على سائقيها قيادتها الى لقبي الصانعين والسائقين، وهو أمر لم يتحقق في الموسمين الماضيين فذهب لقب السائقين الى الألماني ميكايل شوماخر العامين الماضيين، وذهب لقب الصانعين الى فريق بينيتون - رينو العام الماضي وكان من نصيب وليامس - رينو في العام 94. لم يدخل وليامس تعديلات جمة على هيكل سيارته هذا الموسم، على الرغم من تبدل اسمها ليصبح "اف دبليو 18" لأن الطراز الذي اعتمد في نهاية الموسم الماضي "اف دبليو 17 أ" اعتبره التقنيون شبه مثالي كونه لا يحتاج الا الى تعديلات طفيفة. ومحرك رينو "ف 10" غني عن التعريف فقد حقق الفوز في 16 سباقاً من اصل 17 العام الماضي مع بينيتون ووليامس الفوز الوحيد الذي افلت منه ذهب الى فيراري في كندا. وتجدر الاشارة الى ان هفوات هيل في الموسم الماضي كلفت فريقه لقب الصانعين وحرمته من تحقيق حلم راوده طويلاً وهو اللقب العالمي للسائقين ليسجل اسمه في كتاب الرياضة الذهبي الى جانب اسم والده غراهام هيل الذي احرز اللقب مرتين في الستينات. ويعتبر النقاد ان الفرصة سانحة امام هيل لاحراز اللقب العالمي هذا الموسم ومرر ذلك الى ان شوماخر وفيراري غير جاهزين لمنافسة هيل ووليامس، اما بينيتون فانها سيارة قوية لكنها ليست من مستوى وليامس، والفارق بينهما خلال العام الماضي كان شوماخر. واذا كان ثمة خطر يحدق بهيل فهو خطر "محلي" لأن زميله في الفريق فيلنوف تفوق عليه في تجارب السباق الأول وخلال السباق قبل ان يخونه الحظ ويتسرب الزيت من محرك سيارته ما اضطره الى تخفيف سرعته وإفساح المجال امام هيل ليتخطاه قبل ثلاث لفات من النهاية. فيراري نتائج السباقات الثلاثة التي اقيمت حتى الآن لا تبدو مشجعة للفريق الايطالي العريق، مع ان مشجعي الفريق ظنوا خلال القسم الأول من السباق الاسترالي ان السيارة قادرة على المنافسة لأن شوماخر ظلّ على مقربة من هيل وفيلنوف، ثم تبين ان السبب في ذلك يعود إلى ان خزان وقود سيارة فيراري لم يكن مملوءاً بكامله وبالتالي كان وزن السيارة خفيفاً ما استدعى توقفها مرتين مقابل توقف واحد لوليامس، وقد اضطر شوماخر الى الانسحاب لاحقاً بسبب عطل في مكابح سيارته. وظهر ضعف فيراري في النتيجة النهائية للسباق الاسترالي اذ حل الايرلندي الشمالي ايدي ايرفاين في المركز الثالث بفارق اكثر من دقيقة عن الفائز. وفي سباق البرازيل حيث حل شوماخر ثالثاً تجاوزه هيل الأول بأكثر من لفة. ويبدو ان ما وعد به شوماخر والمدير الرياضي لفيراري جان تود وهو الفوز بسباقين او ثلاثة صعب المنال الا اذا ادخلت تحسينات جوهرية على السيارة. بينيتون من الواضح بعد ثلاثة سباقات ان بينيتون عاجزة عن تحقيق المعجزة مرة اخرى من دون شوماخر، مع ان النمسوي غيرهارد بيرغر انهى السباق الاسترالي في المركز الرابع، وحل الفرنسي جان اليزي ثانياً في سباق البرازيل وثالثاً في سباق الارجنتين وخرج من سباق استراليا عندما حاول تجاوز ايرفاين عند احد المنعطفات. يذكر ان سيارة العام الماضي كانت سريعة لكنها صعبة القيادة وربما عرف شوماخر كيف "يروِّضها". وعلى أمل ان يكتشف اليزي وبيرغر "الدواء" الناجع لسيارتيهما يبقى هيل من دون منافس جدي على اللقب العالمي. ماكلارن تمر المواسم منذ العام 1991 تاريخ آخر لقب لماكلارن والغصة في قلب المدير الفني للفريق الانكليزي رون دينيس الذي يكره الخسارة كما يكره اداء الأدوار الثانوية. لكنه اجبر على ذلك منذ قرار هوندا سحب يدها من فورمولا واحد في نهاية العام 1992. ولم تتمكن محركات فورد وبيجو ومرسيدس من تزويد الفريق بمحرك قادر على لعب الأدوار الأولى. ولعل النقطة الايجابية الوحيدة للفريق تمثلت في حلول الفنلندي ميكا هاكينن في المركز الخامس في سباق استراليا بعد تعرضه لحادث في تشرين الثاني نوفمبر الماضي على حلبة اديلايد ونجاته من الموت بأعجوبة وفي احتلاله المركز الرابع في سباق البرازيل. اما الاسكوتلندي ديفيد كولتهارد المنتقل من وليامس فلم يتأقلم مع السيارة الجديدة بعد، واضطر الى الانسحاب من سباقي استرالياوالبرازيل لكنه حل سابعاً في سباق الارجنتين. والجدير بالذكر ان الفريق لم يحقق اي فوز منذ نهاية العام 1993 عندما احرز له البطل البرازيلي الراحل ايرتون سينا سباق الجائزة الكبرى في استراليا، علماً انه حقق للفريق آخر لقب عالمي لقب السائقين في العام 1991. الفرق الطامحة تدخل شركتا جوردان - بيجو وساوبر - فورد في خانة الفرق الطامحة الى اقلاق راحة الفرق الكبيرة، فالأولى تملك سائقين من الطراز الأول روبنز باريتشيللو المرشح لخلافة ايرتون سينا في قلوب البرازيليين، والبريطاني مارتن براندل صاحب الخبرة الطويلة في ميادين فورمولا واحد. لم تكن انطلاقة الفريق "طيبة" في استراليا، مع انه لفت الانظار بسبب حادث اصطدام براندل في اللفة الأولى ثم انسحابه بعد الانطلاقة الجديدة قبل ان يلحق به البرازيلي الشاب، ويبدو ان سوء الطالع لازم براندل في سباقي البرازيلوالارجنتين اما باريتشيللو فقد خطف الاضواء في سباق البرازيل امام تشجيعه قبل ان يضطر الى الانسحاب وفي سباق الارجنتين حل في المركز الرابع. ويضم فريق ساوبر سائقين جيدين ابرزهما الالماني هاينتس هيرالد فرنتسن الواعد وزميله الانكليزي جوني هربرت. اما فرق ليجييه - موغن هوندا وتبريل ياماها فوتوورك وفورتي وميناردي فكل ما تأمل به هو تساقط الكبار في السباقات لتتمكن من حصد نقطة هنا وثانية هناك. جديد فورمولا واحد والجديد الذي حملته فورمولا واحد هذا الموسم هو خفض عدد الفرق الى 11 فريقاً ولا يعني ذلك ان 22 سيارة ستخوض السباق لأن نظام التجارب المؤهل للسباقات عُدِّل بطريقة لم تنل موافقة جماعية من الفرق خصوصاً الصغيرة ميناردي وفورتي. ولم تعد نتائج التجارب يوم الجمعة رسمية بل حرة وستكون هناك جولة تجارب رسمية واحدة يوم السبت لتحديد المشاركين في السباق في اليوم التالي. ولن يشارك في السباق السائقون الذين يسجلون وقتاً يتجاوز نسبة 107 في المئة من وقت السائق الذي يسجِّل افضل وقت مثلاً اذا كان وقت السائق الأول 100 ثانية، فلا يحق للسائق الذي يسجل أكثر من 107 ثوان ان يشارك في السباق الرئيسي. وأدخلت على السيارات تعديلات طفيفة هدفها ضمان سلامة السائقين خصوصاً بعد حادث هاكينن في نهاية العام الماضي، فأضيفت وسادة اسفنج خلف رأس السائق ومساند اسفنجية قرب يديه، علماً ان المقصورة التي يجلس فيها السائق ازدادت ارتفاعاً لحمايته في حال حدوث اصطدام. وفي انتظار ان ترتب فيراري "أوضاع البيت" وان يكتشف اليزي وبيرغر "العلاج" الملائم "لعلة" بينيتون، ستشهد البطولة مواجهة بين سائقي وليامس وسيبقى هيل المرشح الأوفر حظاً لاحراز اللقب العالمي حتى اشعار آخر.