لا تزال عودة الفريق حسين كامل صهر الرئيس العراقي صدام حسين الى بغداد من العاصمة الأردنيةعمان، التي اختارها منفى له بعد مغادرته العراق في آب اغسطس الماضي تثير تكهنات حول مغزى العملية كلها، وهل هي مدبّرة أم ان ظروفاً أتاحت لوزير الصناعة والتعدين السابق العودة من دون مخاطر؟ وهل عودته انتحار ام انه لن يلبث ان يعاود ارتقاء سلم السلطة بحكم علاقته بالرئيس وابنيه؟ الرواية الرسمية العراقية تقول ان حسين كامل بعث رسالة الى الرئيس العراقي "يستعطفه ويستجديه ان يعفو عنه ويسمح له بالعودة". وكالعادة فإن صدام حسين تمسك بأنه لم يتخذ قراراً في هذا الشأن بمفرده، ولذلك جمع القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم ومجلس قيادة الثورة وعرض على اعضائهما استعطاف صهره فوافقوا على قبوله حسبما بث تلفزيون بغداد. لكن ماذا قال حسين كامل نفسه عن قراره قبل تنفيذه؟ اتصلت به "الوسط" في مقر اقامته في عمان قبل خمسة أيام من مغادرته فقال انه ارسل "سلسلة اشارات" الى صدام حسين عكست تبرمه بالوضع الذي وجد نفسه فيه ورغبته "المخلصة" في العودة الى الوطن. وتمسك بأن الأسباب التي حدت به الى الخروج من العراق "زالت او هي في طريقها الى الزوال". وأضاف انه لن يكون قادراً على منع نفسه من العودة الى بغداد "بعد الذي حصل من تحولات ايجابية في العراق، سواء كان هذا التحول على الصعيد السياسي من خلال الحديث عن حرية الأحزاب والديموقراطية او من خلال الوضع الاقتصادي الذي بدا تحسنه واضحاً اثر تحسن سعر الدينار العراقي بشكل ملموس أمام العملات الصعبة". وذكر حسين كامل لپ"الوسط" انه لم يضع شروطاً لعودته، خصوصاً ان الاتصالات بينه وبين الرئيس العراقي "لم تنقطع"، فقد كان الأخير - على حد قوله لپ"الوسط" - "يرسل الرسائل ونحن كنا نرد". وذهب صهر الرئيس العراقي أبعد من ذلك في تصريحاته وقال انه لم يعد يرى ان هناك مبرراً لاحداث تغير في الحكم في العراق من قبله، لأن ما كان يسعى اليه بدأ يأخذ طريقه الى التحقيق. وتحدث عن تعرضه لمضايقات من جهات غير الحكومة الأردنية، لكنه شدد على كرم الملك حسين ونزاهته. ومع ان حسين كامل بدا يائساً من التعامل مع المعارضة العراقية ومن الذين انقلبوا عليه منهم، أكد ان الذين اختار هو التحالف معهم لم ينقبلوا عليه. وقال احد الذين كانوا على اتصال وثيق به من قيادات المعارضة العراقية في الخارج لپ"الوسط" ان حسين كامل لم يخف تضايقه من افتتاح حركة الوفاق الوطني، التي يتزعمها اياد علاوي مكتباً لها في العاصمة الأردنية، كما كان منزعجاً من الحملات التي تعرض لها من قبل بعض وسائل الاعلام الأردنية. وقال اللواء وفيق السامرائي رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية العراقية السابق والذي كان على اتصال وثيق بحسين كامل حتى قبل ثلاثة أشهر، ان عملية الفرار لم تكن مدبرة، لأن الضرر الذي ألحقته بالنظام واضح للغاية، وأبرز انطباع تركته يوحي بوجود خلافات داخل العائلة التي تحكم العراق، اضافة الى كشفه أسراراً ومعلومات. وفي عمان قال مسؤول حكومي ان الأردن لم يسلم حسين كامل للسلطات العراقية كما انه لم يتدخل في قراره العودة الى بغداد، وحافظ طوال الأشهر الستة الماضية على "أصول الضيافة العربية". وأوضح المسؤول لپ"الوسط" ان الحكومة الأردنية ارادت اضفاء "الطابع المدني" على عودة حسين كامل وشقيقه صدام وزوجتيهما، ولذلك رافقهم السفير العراقي الى الحدود الأردنية - العراقية. وذكر ان تصريح رئيس الوزراء عبدالكريم الكباريتي في شأن عودة حسين كامل أريد منه ايضاح ان الأردن لم يسلم اللاجئ العراقي الى بغداد، كما انه لم يطلب منه مغادرة البلاد. ولاحظ ان حسين كامل لجأ الى الأردن هرباً من عدي النجل الأكبر لصدام حسين، وانه هاجم في احاديثه الصحافية تصرفات القيادة العراقية لكنه لم يهاجم الرئيس العراقي شخصياً. لكنه قال ان المعلومات التي قدمها حسين كامل الى الملك حسين عن الأوضاع في العراق كانت أحد الأسباب الرئيسية لتطور الموقف الأردني حيال العراق. وأضاف المسؤول ان من المعلومات الكثيرة التي أبلغها حسين كامل للملك ان "القيادة" أمرت باعدام "الأكثر شغباً" بين نزلاء أحد السجون بعد ان اشتكى مسؤولو السجن من ان السجناء ينامون وقوفاً. وذكر ان ما قاله أيضاً ان عدداً كبيراً من المدارس حُوِّل سجوناً بسبب عدم قدرة السجون على الاستيعاب.