حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    جدّة الظاهري    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تدخل مخيمي الرشيدية وعين الحلوة . لا اعتراض على دخول الجيش اللبناني و"ابو محجن" مطلوب إعلامياً فقط !
نشر في الحياة يوم 19 - 02 - 1996

منذ اندلاع ازمة "ابو محجن" المطلوب في قضية اغتيال الشيخ نزار الحلبي رئيس جمعية المشاريع الخيرية في لبنان وما اعقبها لجهة تشديد الجيش اللبناني مراقبته لمحيط مخيم عين الحلوة الفلسطيني في جنوب لبنان الذي يعتقد ان ابو محجن يقيم فيه، كثر الحديث عن ضرورة تسليم السلاح الفلسطيني وترحيل من بقي من المقاتلين الفلسطينيين الى مناطق سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني.
ولكن ماذا يجري في مخيمات الفلسطينيين في لبنان بعد ان اعتبر جزء كبير منهم ان اتفاق اوسلو تخلى عن مطالبهم وتجاهلها؟
ما يقلق السلطات اللبنانية ودوائر مختلفة: هل ستحل قضية اللاجئين الفلسطينيين على حساب لبنان وغيره من الدول المضيفة للفلسطينيين من خلال توطينهم؟
زارت "الوسط" مخيم الرشيدية حيث التقت المقدم سلطان ابو العينين أمين سر حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وزارت ايضاً مخيم عين الحلوة حيث التقت العقيد منير المقدح المطلوب للقضاء وزارت منزل "ابو محجن" وتحدثت الى والدته وشقيقته.
الوصول الى مخيم الرشيدية الفلسطيني في صور جنوب لبنان، الذي يبعد حوالى 90 كلم عن العاصمة سهل، غير ان الاشغال على طول الطريق المؤدية الى المخيم قد تعمل على تأخيرك، يضاف اليها حركة الناس في شهر رمضان، سواء المتعلقة بالمتسوقين او بتدفق أرتال السيارات ذهاباً واياباً... لذا قد تترك بيروت باكراً لتعود اليها بعد الافطار... فضلاً عن ان وصولك الى المخيم صباح الأحد قد لا يسرع في انجاز مهمتك، اذ يوحي اليك هدوءه وكأن الناس نيام بسبب الاجازة او السحور او المستقبل المجهول...
تشعر بالصمت منذ تجاوزك حاجز الجيش اللبناني ووصولك الى المدخل حيث حاجز "حركة فتح" المسيطرة على هذه الرقعة التي يقيم فيها حوالى 22 ألف نسمة - حسب احصاءات الامم المتحدة - والمحاطة ببساتين الحمضيات والبحر الجميل كأي منتجع سياحي، وتبدو بيوتها هانئة اليوم، تلك التي بنى بعضها على عجل ما بعد نكبة فلسطين، واضيفت اليها بيوت اكثر ترتيباً إبان الستينات وبعدها وشهدت ايضاً معارك وحصاراً واقتتالاً خلال السنوات الماضية.
الحركة بسيطة في المخيم، لكن بائعي الخضار واللحوم فتحوا ابواب دكاكينهم للصائمين لشراء حاجاتهم. اما عدم الاجهار بالافطار فهو عادة، اضيف اليها التعميم الصادر عن أمين سر قيادة حركة فتح في لبنان المقدم سلطان ابو العينين، الذي مدنا به احد الحراس ويتضمن الطلب من الجميع "احترام هذا الشهر الذي تصادف هذا العام اول انتخابات تشريعية فلسطينية". فتيات صغيرات ونسوة يغسلن خضاراً وحاجاتهن قرب ينابيع قرب البحر، بعضهن يخجلن فيهربن خشية تصويرهن.
يافطات مؤيدة للانتخابات مرفوعة وسط الشوارع وأخرى معارضة يضم المخيم فصائل اخرى وإن بأعداد قليلة بالمقارنة مع انصار الرئيس عرفات لم يهتم الجميع على ما يبدو بحصيلة الانتخابات، امرأتان مسنتان سألتهما عن الانتخابات فردتا بسؤال: "أي انتخابات؟!"... لم نر التلفزيون لا كهرباء لدينا الا لست ساعات". عجوز آخر كان يستدفئ بشمس الشتاء قال: "تأخرت فلسطين عليّ!" وقالت ممرضات كان معهن طبيب: "بالطبع تابعناها وكنا نعلم ان أبو عمار سيكتسحها ويفوز. قد تتحسن اوضاعنا فنحن لم نقبض رواتبنا منذ شهرين".
الصباح بارد في الرشيدية على رغم صفاء الطقس لكنه منعش، وقد يكون كأي صباح في أي مكان لكن الذي يجعله مختلفاً تلك الاناشيد المهللة لأبو عمار التي تبث عبر مكبرات الصوت من دون ان تزعج النيام. وقال احد المرافقين: "انها أغان من غزة...".
أبو العينين: تجاوزنا التنظير
لغة مخيم الرشيدية اليوم لا تشبه لغته أمس،، خصوصاً حديث مسؤوليه الذين اضحوا يأتمرون بأمر السلطة الوطنية الفلسطينية في مناطق الحكم الذاتي. فهي اليوم تشبه لغة أي دولة. التقينا هناك المقدم سلطان أبو العينين الذي سيرحل قريباً الى غزة بعد سنوات عدة قضاها في لبنان. اجرينا معه هذا الحوار:
ما الذي عنته الانتخابات بعيداً عن فلسطينيي الشتات؟ وما هي آ ثارها على المخيمات في لبنان؟
- نحن تجاوزنا في الرشيدية التنظيرات. ونعتبر الانتخابات في بعدها القانوني، تكريساً للسيادة الفلسطينية والهوية والانتماء الوطني للأرض. قد لا يكون الاتفاق الاسرائيلي - الفلسطيني هو الطموح لكنه انجاز كبير، وأي انجاز وطني يتحقق هو مكسب وطني لكل الشعب الفلسطيني… الحل يتضمن ثلاث مراحل، وما زالت أمامنا المرحلة النهائية التي تأجل البحث فيها الى مرحلة لاحقة تبدأ في شهر آذار مارس… والمفاوضات المقبلة ستعالج كما هو معلوم قضية القدس، اللاجئين، المستوطنات، الحدود والمياه ونحن تواقون الى هذا الحل لكن المسائل التي بقيت سنوات طويلة هل يمكن حلها بكبسة زر؟
لكن الاسرائيليين مصرون على ان القدس عاصمة اسرائيل الأبدية؟
- كذلك أكد أكثر من مسؤول، بدءاً من بن غوريون، بأن أرض اسرائيل تمتد من النيل الى الفرات، ونحن نسفنا هذه المقولة التاريخية، وقد اعترف اليهود بوجود كيانين.
ان الفلسطينيين يبنون وطناً من نقطة الصفر، وعلينا التفكير بذهنية وعقلية جديدتين لبناء وطن ودولة، وليس التفكير بتفصيل انتخابات على مقاييس احزابنا أو أشخاص ومجموعة علي بابا!
كيف تفسرون غياب الدعم عن المؤسسات الفلسطينية في لبنان؟
- لو كان ذلك صحيحاً لما خصص مبلغ مليون دولار لانفاقه على معدات المستشفى الهمشري في صيدا وحيفا في بيروت.
ثم ما الذي يقدمه الآخرون للفلسطينيين، سواء في عين الحلوة أو طرابلس أو البقاع او بيروت؟
لماذا التشديد على مخيم عين الحلوة من دون دخوله؟ وهل القضية قضية أبو محجن ومطلوبين ام سياسية تتعلق بالمفاوضات الجارية؟
- ليس هناك قرار سياسي بدخول المخيمات. لا أريد الدخول في موضوع أبو محجن أو غيره. كنا أكثر الناس وضوحاً وتأكيداً بأنه لن تكون أي من تجمعاتنا أو مخيماتنا ملاذاً لأحد مهما كان الجرم الذي ارتكب، ولن نغير هذا الموقف. ما يحصل هو تداخل وخلافات السياسيين في لبنان، وتكون المخيمات في المحصلة حامية المطلوبين!
ليس فوق رأس المخيمات ريشة، أكثر من عامل يساهم في ابقاء المخيمات على حالها، ويعمل الاعلام على تضخيمها احياناً. المخيمات التي ما زلنا نطالب بتهيئتها وايجاد حلول لمعضلتها الاجتماعية، هي ورقة في يد المفاوض اللبناني والسوري معاً، ولن يقدمها مجاناً على طاولة المفاوضات أو قبلها ومن حقه ان يجيد استخدامها ببراعة وفن. أما البعد الآخر لهذه المسألة فهو المصلحة المشتركة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، لا أعتقد بأن المخيمات اليوم هي في موقع الضرر الفعلي للسلم الأهلي في لبنان، وقضية أبو محجن كانت انتهت في ساعتها، نحن لا نريد التحدث بسبب عدم انتهائها… غيرنا يقول لم تتوافر الجدية. نحن كنا واضحين وضوح الشمس، نحن نسلم مئة الف أبو محجن. سلمنا الكثيرين نسلم غيرهم، لكن اذا كانوا لم يتفقوا "مع فوق" على الموضوع فلا يجب تحميلنا المسؤولية… لا نريد ان تصبح قضية أبو محجن مثل قضية راجح!
ماذا عن خروج دفعات من المقاتلين للالتحاق بالشرطة في مناطق الحكم الذاتي؟ ماذا غير ال 400 مقاتل؟ وما هو الرقم الاجمالي المطروح؟
- سيغادر لبنان حوالى 2000 مقاتل تقريباً، ما بين ضابط وجندي.
هل يشمل الرقم فلسطينيي 1948؟
- هذا العدد يشمل فلسطينيي 1948 وينفي المقولات السابقة بأن فلسطينيي 1948 حُلق لهم، كما يؤكد هذا الرقم ان الحل سيشمل الفلسطينيين اينما حلوا ووجدوا.
جالية فلسطينية في لبنان
لكنهم لن يعودوا الى أراضيهم؟ وهل يعني التحاق فلسطينيي 1948 اغلاق ملف الأراضي المحتلة والعودة اليها؟ كما يعني اغلاق ملف فلسطينيي الشتات 4 ملايين وكيف سيكون وضعهم؟
- غزة جزء من الوطن والمهم حالياً الحفاظ على الهوية والانتماء الوطني للاجئين أينما كانوا. هذا المجلس الذي تم انتخابه ستنبثق منه لجنة تفاوض على الحل النهائي اللاجئون وسواها من القضايا وعندما ترسم الحدود كاملة كأي دولة قائمة يصبح الفلسطيني المقيم في لبنان جزءاً من وطنه بواسطة جواز سفره، وهو الذي يقرر العودة أو البقاء حيث هو، وربما يصبح من تبقى في لبنان عبارة عن جالية، لكن ليس 300 الف لاجئ… ان التوطين والتجنيس مؤامرة على الشعبين الفلسطيني واللبناني.
الذين سيلتحقون بالشرطة في غزة كيف سيتوجهون هذه المرة؟ هل هناك اتفاق مع السلطات المحلية، أم سيسافرون من البحر الى البحر، كما يقول محمود درويش؟
- وممَ تشكو السماء؟ لماذا لا نخرج من المطار عبر الخطوط الدولية من المدن، هناك دمشق أو عمان، هناك أكثر من ممر ومعبر لنا.
نغادر الرشيدية بعدما دعانا "أبو رياض" أو المقدم أبو العينين الى زيارته في غزة قريباً حيث سيكون الملتحق في الدفعة الأخيرة قد تغادر في عيد الأضحى، على ايقاع نشيد قديم كلاشينكوف خلي رصاصك بالعالي"، وفي الواقع الكلاشينكوف رمز المقاومة الفلسطينية قديماً، لم نلمحه كثيراً أو مستنفراً في مخيم الرشيدية، لكننا لمحناه أمام أبواب مقرات الفصائل المختلفة في مخيم عين الحلوة، وبين أيدي المسلحين الذين يتجول بعضهم في الشوارع العريضة والأزقة.
المقدح: جبهة رفض
الحركة مختلفة في المخيم الذي يضم حوالي 45 الف نسمة على أطراف مدينة صيدا، ويطوقه الجيش اللبناني بشكل يوحي بأن معركة ستندلع بين لحظة واخرى. التفتيش الدقيق للمارة والسيارات المتوجهة الى الداخل لحق بنا، قبل ان نصل الى أحد مكاتب حركة فتح المعارضة حيث كان ينتظرنا أعضاء في الحركة رافقونا الى مقر العقيد منير المقدح أبو حسن زعيم الفصيل المنشق عن "فتح".
وللوصول الى العقيد المقدح تعبر ازدحاماً بشرياً كثيفاً بين مصلين في المساجد الصغيرة، وبائعين على الطرقات وفي دكاكين، وشبه الاستنفار لمسلحين أمام مقراتهم. لكن الناس هنا على رغم الهم الفلسطيني الموحد، لا يشبهون سكان الرشيدية. قلق ووجوه أكثر تعباً، فهنا أيضاً الفصائل الرافضة لاتفاق أوسلو وما نجم عنه. من زقاق الى آخر جدران عليها شعارات رافضة، ومن بينها "المقدح مر من هنا". لكننا لم نقرأ "أبو محجن مر" أيضاً. المخيم مطوق وأبو محجن الذي برز اسمه فجأة عبر وسائل الاعلام، كان معروفاً لدى "تلامذته" ما بين المسجد ومنزله. "يعرفه الجميع عندما تسألين عن الشيخ أبو محجن". هكذا رد علينا أبو حسن عند وصولنا الى بيته حسبما قيل لنا الذي يضم زوجته وأولاده الستة الصغار اضافة الى والديه اللذين يسكنان طابقاً آخر. وأبو حسن الذي بقي في حركة فتح 26 عاماً الى جانب أبو عمار وكان قائد قوات الپ17 الأمنية، ارتأى المعارضة عام 1993 بعد "اتفاق أوسلو" و"استقال" مع عشرات الضباط والمقاتلين وشكل حركة معارضة.
بدا العقيد المقدح هادئاً لدى استقباله لنا ومستعداً للاجابة على "كل" اسئلتنا، في حين تمنت والدته المتقدمة في العمر "عدم نشر اجاباته التي قد تسيء اليه".
بدأنا بمسألة الانتخابات التي شهد المخيم اثناءها اضراباً عاماً فقال:
"الانتخابات جرت في ظل الاحتلال القائم بكل جوانبه، لذا نعتبر انها حرمت أكثر من 4 ملايين فلسطيني من حق التصويت وأكدت عدم احقيتهم بالعودة الى وطنهم فلسطين، وجاء ذلك بمثابة تتويج لاتفاق أوسلو وما نتج عنه، وكان موقف المخيمات واضحاً وصريحاً باعلان الغضب والاضراب العام".
هل تعتقدون بأنه كان من السهل مشاركة فلسطينيي الشتات في التصويت؟
- الانتقال أساساً من جنين الى غزة يتطلب المرور على معابر اسرائيلية وكذلك الأمر من فلسطين الى الأردن ومصر. كان يفترض ان يكون ترسيم الحدود ما بين الأردن ومنظمة التحرير وليس مع الاحتلال، اذا كانت هناك نية الاعتراف بدولة فلسطينية مستقبلية أو حكم ذاتي مستقل.
كيف تتصورون مصير الفلسطينيين بعد الانتخابات في لبنان؟
- نحن كشعب فلسطيني موجود في لبنان، هناك طروحات عدة، منها التجنيس والتوطين، التي نرفضها كما ترفضها مواقف وطنية لبنانية. نحن نطالب دوماً بفتح الملف الفلسطيني حتى لا يفرض التوطين على لبنان. أما اذا سألت أي مسؤول فلسطيني في لبنان أو خارجه عن المصير فان جوابه يختصر بالمصير المجهول.
نحن قرأنا جيداً كل بنود "اتفاق أوسلو" الذي يشطب عودة الفلسطينيين حسب القرار 194، هناك بند يتضمن عودة خمسة آلاف نازح سنوياً، أي يعود ابناء 1967 بعد 160 سنة، أما فلسطينيي 1948 فقد نضطر لانتظار سنوات مماثلة. ولم يصدر عن أبو عمار أي تطمين للشعب الفلسطيني في الشتات. منذ "اتفاق أوسلو" حرم الشعب الفلسطيني من كل حقوقه، أقفلت مؤسسات بالكامل وتوقفت المساعدات الخ… وتوقف بالتالي كل الدعم السابق لمنظمة التحرير، باستثناء الدعم المالي لأبو العينين كي يكون جاهزاً للانتقال الى غزة مع 1200 عنصر.
كيف تنظرون الى غياب أبو عمار عن المخيمات وغياب المرجعية لحوالى عشرة مخيمات؟
- هو أراحنا من الدم والاقتتال الداخلي وتفرغنا لقتال الاحتلال… لم تستطع الفصائل ان تكون مرجعية سياسية لا في لبنان ولا في الشتات، بسبب غياب برنامجها، لذلك فان الحكومة اللبنانية لا تعترف اليوم بمرجعية فلسطينية.
ما هو السبب الذي دفع الدولة اللبنانية الى التشديد على مخيم عين الحلوة من دون ان تتخذ مبادرة بدخوله؟ هل هو الظرف السياسي أم المفاوضات الساخنة؟ أم قضية أبو محجن أو منير المقدح؟
- موقف المخيمات واضح. نحن مع بسط سيادة الدولة اللبنانية على كافة الأراضي اللبنانية، بما فيها المخيمات على رغم وجود الأسلحة في أيدينا التي نستخدمها كمقاومة في عملياتنا ضد الاحتلال الاسرائيلي بشكل يومي.
لسنا هواة حرب
ما تفسيرك بالنسبة الى الاجراءات؟ أنت متهم؟
- نحن لم ننظر الى الاجراءات كأنها متخذة ضد شخص، وهناك تصريح واضح لوزير الداخلية يقول بأن الموضوع "ليس موضوع أبو محجن وانما المخيمات والسلاح الفلسطيني وانه بات لهم دولة فليتوجهوا اليها". نحن نقول بأنه اذا كان هناك حق العودة لپ350 الف فلسطيني، فيكون ذلك انجازاً كبيراً. نحن نرى الموضوع بأن المطلوب تكبير الملف الفلسطيني وتثمينه للأسباب الآنفة وربما يكون مطلوباً أميركياً لجمع الأوراق وتجهيزها والبدء بالمفاوضات الاسرائيلية - اللبنانية.
من جهة اخرى لو دخل الجيش اللبناني الى المخيمات فهذا يعني اغلاق كل مؤسساتنا، حتى المساجد والمحلات وتوقيف العمال… لأنها غير شرعية حسب النظام اللبناني، وبالتالي المفروض دخول الانماء قبل دخول الجيش، حسب قول النائب اللواء سامي الخطيب، وتحمل العبء الاقتصادي على الساحة الفلسطينية. هكذا نرى الصورة، على رغم اننا كمبدأ لسنا ضد دخول الجيش، ولم يعد أحد منا من هواة حرب وفتح معارك ضده.
وكيف تنظرون الى تقدم المفاوضات السورية - الاسرائيلية؟
- قرار المخيمات في الحقيقة هو قرار اقليمي، بعض المسؤولين يعتقد بأن تقدم المفاوضات السورية يعني ملف المخيمات أيضاً، لما يحمله هذا الملف من ثمن اقتصادي للحكومة اللبنانية يمكنها من تغطية العجز والديون. الكنديون التزموا هذا الموضوع وهناك مفاوضات سرية قائمة ما بين الحكومة اللبنانية والكندية، نحن حتى اليوم لا نعرف ما الذي يدور بينهم، والى ماذا سيتوصلون توطيننا؟ تجنيسنا؟ تهجيرنا؟
ماذا ترجحون؟
- هم لا يطرحون صيغة توطين أو تجنيس وانما يعتمدون عبارة "تحسين اسكان الفلسطينيين" في لبنان اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وطبياً. هكذا تطرح معنا الوفود الكندية وهو ما يؤدي في مجمله الى التوطين.
كم عدد الذين توجهوا من لبنان الى مناطق الحكم الذاتي؟
- حوالي 400، وهم حالياً موجودون في الشرطة… والوضع يتطلب التشكيل العشائري!
ومن عين الحلوة؟
- هناك حوالي 20 إسماً، التقيت بهم ونصحتهم، لكن الفرصة متروكة لهم، ويخرجون بشكل افرادي.
كيف تفسر موقف السلطات اللبنانية من مغادرة الفلسطينيين لبنان والتحاقهم بمناطق الحكم الذاتي؟
- لا أفسره، هناك أكثر من تصريح ينفي معرفة المسؤولين اللبنانيين بهذا الانتقال وعدم الاتصال بهم. لكن بالطبع لا يمكن خروج أي فرد من المطار من دون وثيقة مرور شرط عدم العودة. انهم يخرجون بوثائق مرور من المطار…
أنت مطلوب مبدئياً وهناك ملف مفتوح في شأنك؟
- انا لا مشكلة لدي. أنا جاهز لكل شيء. نحن ساعدنا الجيش اللبناني في الانتشار ولم يعد هناك عرض عضلات. اعطينا الدور سابقاً في شرقي صيدا للجيش اللبناني. كنت عرفاتياً متشدداً وقائداً لقوات 17 الأقرب الى عرفات، كنت مطلعاً على كل شيء، وساعدنا الجيش اللبناني في الانتشار لأننا نراه عربياً يختلف عن بنيته السابقة، ولنا أبناء داخله بعدما نال 30 الفاً الجنسية وانصهروا وطنياً، ونعتبر الجيش جيشنا. ولا نرضى بزج الجيش في معركة وان فرضت علينا. كما لا ننسى التنسيق بيننا وبين الجيش، سلمت عشرات المطلوبين وفي فترة من الفترات انهيت تنظيماً بكامله وسلمت نائب أمينه العام الى الجيش عندما قتل صائغاً في صيدا… لا نسمح بأن يكون المخيم جزيرة أمنية.
مطالبة عبر وسائل الاعلام
قلت بأنكم تقومون بعمليات شبه يومية؟
- نحن لا نبعد كثيراً عن جيش لبنان الجنوبي بقيادة انطوان لحد وكفر فالوس. والاحتلال الاسرائيلي ما زال موجوداً والقرار 425 لن يطبق. وبالتالي نحن الى جانب المقاومة اللبنانية والاسلامية وسلاحنا تحت تصرف الجيشين اللبناني والسوري حتى زوال الاحتلال.
هل هذا يعني ان بوسعك وبوسع أبو محجن الخروج من المخيم على رغم التشديدات الأمنية؟ ثم اذا بادرت بتسليم مطلوبين فلماذا لم تسلم أبو محجن على رغم انك مطلوب أمام القضاء؟
- انا أخرج وأتحرك وأقوم بكل لقاءاتي السياسية في البلد من شماله الى جنوبه وحتى خارجه ان استدعيت الى أي لقاء، اما بالنسبة الى أبو محجن فالدولة لم تطلب منا وانما طالبت به عبر وسائل الاعلام. هل يمكن العثور على متهم في هكذا قضية عبر وسائل الاعلام؟ أما بالنسبة الي فأنا لست مطلوباً بتهمة قتل احد في البلد. قد أكون متهماً تهماً سياسية وصدر في حقي 616 بلاغاً في لبنان وجمىعها فداء لفلسطين ولا علاقة لي بالمشاكل اللبنانية الداخلية. قبل أبو محجن طلبوا مني أبو فراس وسلمته خلال خمس دقائق مع مئتي مقاتل ومرافق مدججين بالسلاح ولهم مراكزهم. لأنهم اتهموا بقتل بريء. وأبو محجن متهم اليوم ومطالب قضائياً. لو حصل تنسيق بيننا والدولة لتم حل القضية من دون مشكلة…
والآن؟
- انه غير موجود… منذ الثالث من كانون الثاني يناير انقطعت أخباره.
كان المقدح يداعب ابنه اثناء الحديث، عندما انهينا الحوار ابديت رغبة بزيارة أحد من أفراد عائلة أبو محجن أو زيارة منزله فأبدى المقدم تجاوبه، انتعل جزمته العسكرية وارتدى سترته الجلدية، هبط السلم حاملاً طفله يؤازرنا مرافقان شابان، ومشينا في زقاق طويل متعرج، كان خلاله يصافح سكان المخيم ويتحدث معهم الى ان وصلنا الى أحد المباني، حيث الطابق الأرضي المخصص بعائلة أبو محجن غير الموجودة ولكن كانت هناك حركة لاقربائه وأخواته، ثم صعدنا الى طابق تسكن فيه والدته وخصصت احدى غرفه للشيخ ولمكتبته التي تعج بالكتب الدينية وحيث كان يفضل الجلوس ولقاء تلامذته، على حد قول أخيه ووالدته 65 عاماً التي رفضت التصوير وقالت ان "أبو محجن هو الأصغر بين أولادي الستة وبناتي الأربع… انه بريء. أبو الفقراء تقي، من المسجد الى البيت… ولاد الحرام كتار… الله سيساعده. منذ أول هذا الشهر اختفى ولم أعد أراه".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.