لم يكن رد فعل وزير الخزانة البريطاني كينيث كلارك على ترشيح جون ردوود وزير شؤون مقاطعة ويلز ومنافس جون ميجور رئيس الحكومة لزعامة حزب المحافظين الحاكم في الانتخابات الحزبية في الرابع من الشهر الجاري حين قال إن برنامج ردوود الانتخابي كفيل بإبعاد حزب المحافظين عن حكم بريطانيا لألف عام إلا صورة تعكس حقيقة انحسار شعبية المحافظين بعد الانشقاقات التي وقعت في صفوفه وتقلص الغالبية البرلمانية نتيجة انتخابات فرعية، بعد وفاة أو استقالة برلمانيين محافظين، حصد نتائجها حزب العمال بزعامة توني بلير والحزب الديموقراطي الليبرالي بزعامة بادي اشداون. ولا يبدو أن لجوء ميجور الى سياسة الهجوم بدل الدفاع لوضع حد للانقسامات التي يواجهها حزبه وللاشاعات عن قرب سقوطه في شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل موعد انتخاب زعيم جديد لحزب المحافظين، أعطى النتائج المتوقعة، فما أن أعلن ميجور استقالته من زعامة الحزب وتقريب موعد الانتخابات الى الرابع من تموز يوليو الجاري حتى بدأ النواب المشككون بالوحدة الأوروبية في حزب المحافظين بالتقاط أنفاسهم بعد أن فاجأهم ميجور باستقالته. ولم يمضي أقل من اسبوع حتى حسم ردوود المعروف بولائه لسياسات مارغريت ثاتشر وأفكارها أمره وقرر خوض المعركة ضد ميجور، مستنداً الى دعم وزير الخزانة السابق نورمان لامونت ونواب آخرين يعارضون مشاريع الاندماج الأوروبية وفي مقدمتها العملة الموحدة. لكن ردوود فاجأ أنصار مايكل بورتيللو وزير العمل المعروف بأنه رمز الثاتشرية داخل حكومة ميجور والسياسي القادر على جمع كل المعارضين للسياسات الأوروبية لحكومة ميجور. ويشعر أنصار بورتيللو بأنهم طعنوا من الخلف من جراء استباق ردوود للأحداث. وإذا كان ميجور هو المستفيد من هذا التنافس ولو في حدوده الدنيا، فإن لجوء مؤيدي بورتيللو الى الامتناع عن التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات الحزبية وظهور مايكل هزلتاين كمرشح في الجولة الثانية قد يدفع مؤيدي بورتيللو الى خوض الانتخابات بشكل يدفع ردوود ومؤيديه الى التراجع أو حتى الانسحاب. وتطرح الدوائر السياسية سيناريوها، كالقول ان هزلتاين الذي لعب دوراً رئيسياً في اسقاط ثاتشر العام 1990 عندما رشح نفسه ضدها، سيعلن ترشيحه لزعامة الحزب في جولة انتخابات ثانية، إذا فشل ميجور في تحقيق انتصار كاسح في الجولة الأولى ضد ردوود. ولا يزال ميجور الذي انتهج أسلوباً مغايراً لأسلوب ثاتشر في معركتها على زعامة الحزب عام 1990 يحظى بإعجاب النواب، ويقولون إن الطريقة التي تصرف بها وحرصه على الاتصال بالنواب لتوضيح موقفه قد يحسمان المعركة لمصلحته منذ الجولة الأولى، فيخرج بانتصار ولكن بكدمات، ما يجعله محتاجاً للتنازل عن بعض مواقعه لمصلحة وزراء يمينيين محافظين.