جاء التصعيد العسكري الكرواتي الأول من نوعه من حيث الحجم منذ اوائل عام 1993، جاء بعد أيام قليلة من موافقة البرلمان الأوروبي، على ان يشمل برنامج للتنمية موجه الى أوروبا الشرقية والوسطى، جمهورية كرواتيا، بعد نقاش عاصف جرى في بروكسيل، في حين ان هذا البرنامج الذي يغطي حقبة 1995 - 1999، لم يشمل حتى الآن، الا جمهوريتين من الاتحاد اليوغوسلافي السابق، هما سلوفينيا ومقدونيا. العمل العسكري الكرواتي، أتى كذلك بعد اسبوعين، من الضوء الأخضر الذي منحه المجلس الوزاري للمفوضية الأوروبية، من أجل التوصل الى اتفاق للتجارة والتعاون مع زغرب، ومع ان الاتحاد الأوروبي هدد باعادة النظر في هذا الاتفاق، اثر الهجوم الكرواتي، فاللافت للنظر أن أوروبا التي تعمل بدرجات متفاوتة منذ عام 1992 على المساهمة في وضع كرواتي مستقر على المستوى الاقتصادي، فشلت في اقناع الرئيس تودجمان في عدم اللجوء الى الوسائل العسكرية، لأن هذا الأخير يواجه بعد فترة وجيزة معركة انتخابية، تلعب فيها استعادة "الوطن المفقود" في كرايينا دوراً حاسماً. بالطبع، الرئيس الكرواتي كزميله الصربي ميلوزيفيتش يدرك تماماً التناقضات الغربية والدولية في ما يتعلق بمجمل الملف اليوغوسلافي ويلعب عليها. يشن الهجوم الخاطف والمحدود، ويستعيد مدينة اوكيكاني الاستراتيجية على الطريق الدولي بين زغرب وبلغراد، غير أنه في الوقت نفسه يصف هذه العملية بعملية شرطة ولا يضع موضع تساؤل "الاتفاق الاقتصادي" الذي تم التوقيع عليه أواخر العام الماضي، بين كرواتيا والانفصاليين الصرب في مقاطعة كرايينا، كذلك في الوقت نفسه أتت ردة فعل الرئيس الصربي على جانب كبير من الاعتدال والمرونة. كل ذلك يعيد الى السطح الدور السلبي الذي لعبه المجتمع الدولي بشكل عام والاتحاد الأوروبي بشكل خاص، في ادارة الأزمة اليوغوسلافية منذ اندلاعها، وعلى رغم محاولات بروكسيل التأثير على الوضع اليوغوسلافي، من خلال "السياسة الخارجية والأمن المشترك"، يضيع في ضبابية غياب المبادرات وسياسات الاتكال، حيناً على مجموعة الاتصال وأحياناً على الحلف الأطلسي، أي دور فعال حتى الآن للاتحاد الأوروبي. ثم ان مشكلة كرواتيا لا يمكن أن تنسي المشكلة الأكبر، الناشبة في البوسنة والهرسك، والتي يمكن أن ترتد بشكل أعنف على الوضعين الداخلي والاقليمي، بعد فشل جميع المحاولات، لتمديد وقف اطلاق النار.