على رغم وجود حساسيات سياسية وأمنية مختلفة داخل الاتحاد الاوروبي، بالنسبة الى الموقف من التجارب النووية، بما فيها التجارب التي تجريها فرنسا حالياً، وانطلاقاً من تصور اخر، بأن عدداً من دول الاتحاد الاوروبي، هي في الوقت نفسه، اعضاء في حلف شمال الاطلسي او اتحاد اوروبا الغربية، فان اياً من التوقعات والمواقف لم تراهن على احتمال نشوب ازمة ولو عابرة بين فرنسا وشركائها، لا سيما اربعة منهم من مؤسسي السوق الاوروبية المشتركة. وقد تركت هذه المسألة اثراً سلبياً على علاقات الثقة في ظرف غير مناسب، نظراً الى صعوبات يجتازها حالياً المشروع السياسي الاوروبي، ثم على اثر ازاحة اوروبا تماماً او بالكاد من مشروع التسوية في يوغوسلافيا، اضافة الى الفتور الحالي بين جانبي الاطلسي بعد الفيتو الذي وضعته واشنطن على ترشيح الهولندي رود لوبيرز لمنصب الامين العام للحلف. وهناك تناقض كذلك في الموقف الاوروبي نفسه، كما عبر صراحة وزير الخارجية الفرنسي هرفيه دوشاريت، ومداورة وزير الخارجية الالماني كلاوس كينكل، لانه لا يمكن في وقت واحد التحدث عن دور ايجابي لقوة الردع النووية الفرنسية والبريطانية بالنسبة الى امن اتحاد اوروبا الغربية، كما حدث في مدريد، ثم التصويت في نيويورك على قرار دولي وان لم يشجب صراحة التجاوب النووية الفرنسية، فانه وضع فرنسا على قدم المساواة مع الصين. ونسف قناعاً على اجماع الحد الادنى الاوروبي على المسائل الامنية، وليس مهما هنا اثر التصويت، بل الموقف الضمني الذي يعلن خللاً اوروبياً. ان الاوساط الاوروبية المتفهمة للموقف الفرنسي كانت تراهن على تصويت بالتغيب في الاممالمتحدة، كما فعلت المانيا واسبانيا واليونان، اضافة الى ان الموقف الحالي يمكن ان يشير مستقبلاً الى توزيع جديد للقوى داخل الاتحاد الاوروبي، يلعب من خلاله "الثلاثة الكبار"، اي فرنساوالمانيا وبريطانيا، دور الهيمنة، في مواجهة تصاعد نفوذ الدول "الصغيرة" والمتوسطة. بالطبع انتقدت اوساط اوروبية رد الفعل الحار للرئيس شيراك عندما الغى القمة الفرنسية - الايطالية في نابولي وموعد اللقاء في الاليزيه مع رئيس الوزراء البلجيكي دوهان، لكن متى، ان لم يكن الآن، الموعد الفعلي، خارج البيانات الرسمية، للتضامن الاوروبي.