خصّص كتاب "أمميّة المتخيّل الثقافي" الدوري الصادر عن "دار ثقافات العالم" في باريس، عدده الرابع لموضوع "الموسيقى والعالم". ويضم العدد 14 دراسة اهتمامها المركزي - كما يقول شريف خزندار وجان دوفينيو في مقدمة العدد - هو رصد تنوع الطبوع الموسيقية عبر العالم، تقليدية كانت ام حديثة، انطلاقاً من الخصوصيات المحلية. وهذه الخصوصيات هي محور اهتمام فرانسواز غروند التي تشرف على سلسلة موسيقية تخصصها هذه المؤسسة الثقافية العريقة، منذ عشر سنوات، للتعريف بالانواع الموسيقية التقليدية عبر العالم. تحدد غروند في أولى دراسات العدد تلك الخصوصية بمقاييس أربعة هي الانتماء الثقافي، الموقع الجغرافي، الحقبة التاريخية، والفئة الاجتماعية او الإتنية او الدينية. في دراسة عن "مصاعب التعريف بالموسيقى غير الاوروبية في الغرب" يقول حبيب حسن توما، وهو باحث عربي يشتغل في المعهد الدولي الخاص بالطبوع الموسيقية التقليدية في برلين، إن "الموسيقى أصبحت تحتل مكانة لا غنى عنها لدينا، ولا تكاد تفارقنا في أية لحظة من حياتنا اليومية... لكن الملاحظ أن أغلب ما يسمعه الناس اليوم من موسيقى، يطغى عليه طابع واحد هو موسيقى "البوب" الاوروبية الحضرية. وربّما كان السبب أن أستوديوهات الموسيقى الكبرى، ولدوافع يغلب عليها الجانب التجاري، تحاول أن تفرض ما تسميه "موسيقى عالمية" بدلاً من أن تنشر "موسيقى العالم" بكل روافدها وطبوعها...". أما نصيب الموسيقى العربية في هذا العدد من "أمميّة المتخيّل الثقافي"، فيتمثّل في بحث لبيار بوا الذي أشرف على اعداد انطولوجيا موسيقى "الآلة" الاندلسية في المغرب، الصادرة عن "دار ثقافات العالم" في باريس بالاشتراك مع وزارة الثقافة المغربية. وكان هذا المشروع الضخم قرابة 70 أسطوانة شُرع فيه سنة 1989، بناءً على فكرة اقترحها وزير الثقافة المغربي - آنذاك - محمد بنعيسى على مدير "دار ثقافات العالم" شريف خزندار. ثم بلور صيغتها التفصيلية الباحث حبيب حسن توما. وأشرف بيار بوا، من جهته على تسجيلاتها التي صدر منها حتى الآن خمسة اجزاء تضمّ واحد وثلاثين ألبوماً. ويُنتظر أن تصدر الأجزاء السبعة المتبقية تباعاً، خلال الأشهر المقبلة.