ليست الفنانة فرنسواز غروند بمجهولة في العالم العربي. فجمهور المسرح يعرفها، وكذلك متابعو النشاطات الغزيرة لهذه المسافرة الدائمة التي جابت أنحاء العالم، وارتادت بقعاً نائية نسيتها حضارة المركز الاوروبي، من كوريا الى فنزويلا، ومن أندونيسيا الى أقاصي القارة الافريقية... وكانت غروند تعود من جولاتها بغلال وفيرة تقتسمها مع جمهور فرنسي آخذ في الاتساع، اذ تقدّم اليه فنون تلك الشعوب البعيدة وتقاليدها وثقافاتها. وهذه المغامرة الفريدة التي تشاركت فيها مع رفيق دربها، المسرحي السوري الاصل شريف خزندار، لها اطار ثابت ومكرّس هو "بيت ثقافات العالم" الباريسي. أما عهد غروند بالعالم العربي، فقديم هو الآخر... منذ اقترانها بخزندار واستقرارهما لفترة في دمشق حيث لعب الثاني دوراً في اخصاب الحركة المسرحية الحديثة، وصولاً الى المغرب حيث عاش وعمل الزوجان المسافران على طريقة المشخصين أيام موليير، ومروراً بتونس حيث احتضن "مركز الحمامات الدولي" اللقاءات الفريدة، والتجارب التأسيسية. وكل مرحلة جديدة كانت توسع معرفتها وتغني علاقتها بهذه الارض التي أصبحت تنتمي اليها بشكل من الاشكال. وهذه المرأة التي "لا تعرف أين تنتهي لذّة الاكتشاف وأين يبدأ العمل"، كان يمكن اقتفاء أثرها في اسفار تشكل حياتها الفعلية، من خلال معرض خصصه "بيت ثقافات العالم" أخيراً، لملصقات رسمتها غروند طوال مسيرتها الحافلة، في مناسبة التظاهرات المختلفة التي كانت تنظمها مع شريف خزندار. من أغنيات النساء التركمانيات أو الروسيات، الى مهرجان الموسيقى التقليدية، مروراً بسنة الهند وسنة المغرب المجهضة، والفنون الشعبية والشفوية في تونس وكوريا والعراق، والسامبا البرازيلية والاعياد الفيليبينية... من دون أن ننسى ملصقات مسرحيات عربية بارزة ك "الحلاج" مدني/ خزندار، و"كتاب الامتاع والمؤانسة التوحيدي/ الصديقي... ولا شك أن الثنائي غروند - خزندار يعدنا بمواسم وفيرة مقبلة، بعد أن تسلّم شريف خزندار ادارة مسرح جديد في باريس لا غيتيه، سيكون محطّة جديدة في مسيرة صاخبة يدين لها الجمهور الفرنسي باكتشاف بعض كنوز الحضارة التي لم تعد تتسع لها الازمنة الحديثة!