مركز الملك سلمان للإغاثة ينظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع فبراير المقبل    بلسمي تُطلق حقبة جديدة من الرعاية الصحية الذكية في الرياض    وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    أوروبا تُلدغ من جحر أفاعيها !    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الطفلة اعتزاز حفظها الله    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من نادي النوويين الكبار الى القنابل البدائية
نشر في الحياة يوم 23 - 01 - 1995

في آب اغسطس 1945 اسقط سلاح الجو الاميركي قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما، ما أدى الى مقتل مئة وأربعين الف شخص. وبعد بضعة ايام اسقطت الطائرات الاميركية قنبلة اخرى على مدينة ناغازاكي ما ادى الى مقتل حوالي مئتي الف.
في ذلك الوقت كان المسؤول عن الاستخبارات الاميركية في جنيف المحايدة ألن دالاس شقيق وزير الخارجية في ما بعد جون فوستر دالاس تلقى معلومات ان امبراطور اليابان يريد الاستسلام. لكن الولايات المتحدة استخدمت القنبلتين قبل ان "يفوت الوقت على تجربتهما ومعرفة الآثار التي ستنجم عن ذلك".
وفي وقت سابق من ذلك العام كان سلاح الجو الملكي البريطاني اجرى تجارب على اساس نظرية تقول ان اصغر تلك القنابل حجما بطول 40 سنتيمترا يمكن ان تدمر مدينة كاملة. وفي هذا ما يفسر مقتل حوالي 235 الفاً في مدينة دريسدن الالمانية في اكبر عملية قصف جوي في التاريخ.
وكان اختيار ميناء ناغازاكي، جنوب اليابان، هدفاً لالقاء القنبلة الذرية، غريباً بالنسبة الى التحالف الغربي، لأن المدينة كانت الوحيدة في اليابان التي تسمح للسفن الاجنبية والتجار الاجانب بدخولها منذ القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر، مما جعلها على مدى 300 سنة مركز المسيحية في اليابان. كذلك كان اختيار مدينة دريسدن هدفاً للغارات الجوية امراً غريباً. فهي كانت، اضافة الى محطتها الضخمة للقطارات، مدينة جميلة موغلة في التاريخ وأشبه بمدينة فلورنسا في ايطاليا. اما في هيروشيما فكان عشرون في المئة من الضحايا من العمال المستعبدين الذين جاؤوا من كوريا التي كانت حليفة للغرب. ومع ان دريسدن اختفت من الضمير العالمي بسرعة فان ما حدث في هيروشيما وناغازاكي ادى الى سلسلة من ردود الفعل العالمية.
لعبة شريرة
اثر ذلك سارعت بريطانيا وفرنسا الى اللحاق بالتكنولوجيا الاميركية التي كانت تستند اصلاً على المعرفة العلمية للاوروبيين المنفيين الذين توجهوا الى الولايات المتحدة. ومع بدء الحرب الباردة بذل الاتحاد السوفياتي جهوداً محمومة ليلحق بالركب النووي. وهكذا بدأت لعبة شريرة خطيرة جداً بين تلك الدول. وادت "القنبلة السوفياتية" الى "قنبلة صينية" دفعت بدورها الى ظهور "قنبلة هندية". وحتى الدول التي لا تواجه خطراً نووياً قررت البدء بانتاج اسلحتها النووية. ولعل اسرائيل هي خير مثال على ذلك. وهكذا بدأت لعبة اكبر. اذ اعلن الزعيم الباكستاني ذو الفقار علي بوتو: "هناك قنبلة رأسمالية، وقنبلة شيوعية، وقنبلة يهودية ولهذا سنسعى الى امتلاك قنبلة اسلامية" ستساعد ايضاً على ردع الهند.
وهكذا اصبح في العالم اليوم تسع دول نووية معروفة. هي حسب الاهمية: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، اسرائيل، اوكرانيا، كازخستان، مولدوفا. كما ان جنوب افريقيا انتجت ستة رؤوس حربية نووية ثم قررت تدميرها بدلاً من ان تتركها في ايدي الحكومة الوطنية الافريقية الجديدة. وبدأت تايوان بتطوير سلاح نووي لمواجهة الصين. لكن الولايات المتحدة اجبرتها على التخلي عن تلك الفكرة. كذلك داعبت فكرة السلاح النووية كلاً من ليبيا والجزائر من خلال محاولة شراء رؤوس نووية من دول اخرى، لكنهما هجرتا الفكرة خوفاً من التعرض لهجوم نووي اميركي.
وفي 1974 اجرت الهند تجربة على "سلاح نووي" في صحراء راجستان. ويسود اعتقاد الآن بأن لديها 15 رأساً نووياً. وتقول كاترين شولتز الخبيرة النووية في مركز معلومات الدفاع في واشنطن ان الرؤوس النووية الهندية "مفككة" لكنها تستطيع تجميعها خلال فترة اسبوعين او ثلاثة اذا اضطرت الى ذلك. اما اسرائيل فاستطاعت تجميع رؤوسها النووية في حرب عام 1973 خلال ثلاثة ايام مما اجبر الاتحاد السوفياتي على شحن صواريخ "سكود" الى مصر عبر مضيق البوسفور.
ويعتقد الخبراء الاميركيون بأن باكستان تمتلك التكنولوجيا اللازمة لصناعة الرؤوس الحربية النووية. وكان رئيس هيئة الاركان الباكستانية السابق ابلغ التلفزيون الاميركي عام 1993: "في عام 1987 عندما كنت نائباً لرئيس الاركان اطلعت على تفصيلات برنامجنا. وكانت لدينا آنذاك القدرة على تجميع سلاح نووي. ويجب ان تتذكروا اننا في صراع مع الهند منذ قيام دولتنا وان هناك مواجهة دائمة بيننا. ولا بد لجهة من ان تحمي العالم الاسلامي من اسرائيل. ومع هذا فنحن على استعداد للتوقيع على معاهدة عدم الانتشار النووي وفتح منشآتنا للتفتيش الدولي اذا فعلت الهند الشيء نفسه". ولكن من غير المحتمل ان تفعل الهند ذلك حتى توقع الصين واسرائيل.
ويعتقد بأن كوريا الشمالية وصلت الآن الى منتصف الطريق، كما ان ايران تحاول شراء تكنولوجيا نووية من كوريا الشمالية. وفي هذا الصدد يقول تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي.أي.إي: "ان ايران ستمتلك سلاحاً نووياً بحلول عام ألفين، كما ان لديها الآن عشرين صاروخاً على الاقل من صواريخ ارض - ارض الصينية من طراز سي إس إس - 8 التي يصل مداها الى مئة وخمسين كيلومتراً اذا كانت تحمل رأساً حربياً من زنة 190 كيلوغراماً.
اما العراق فتقول كاترين شولتز انه كان يستطيع "عام 1990 بناء رؤوس حربية نووية خلال عامين فقط. ولو لم يلجأ الى غزو الكويت وما ترتب على ذلك الغزو لكانت لديه الآن بالتأكيد قوة نووية يستطيع بها مواجهة الخطر النووي الاقليمي من اسرائيل".
ومن الناحية النظرية البحتة يمكن اي دولة لديها قوة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية ان تبني ما يصفه الخبراء بپ"قنبلة بدائية"، اي قنبلة صغيرة بقوة تلك التي استخدمتها اميركا ضد ناغازاكي.
العراق
والمعروف ان العراق وافق كارهاً على تنفيذ قرارات مجلس الامن التي تقضي بالتخلص من اسلحة الدمار الشامل والاسلحة الفتاكة الموجودة لديه، كما وافق على خضوع برامجه العسكرية والتسليحية لمراقبة وتفتيش دائمين، من اجل رفع العقوبات الدولية المفروضة عليه منذ حرب الخليج.
لكن رفع العقوبات لا يحتمل ان يدفع العراق الى استئناف برنامجه النووي. اذ تقول كاترين شولتز: "لا يزال لدى العراق عدد كبير من العلماء لكنه يفتقر الى المعدات التكنولوجية والوقود النووي، كما انه يخضع لمراقبة شديدة ستجعل من المستحيل عليه استئناف برنامجه النووي".
في هذه الاثناء تعطل الولايات المتحدة آلاف الرؤوس النووية الحربية كل عام، لكنها تنفق البلايين في الوقت نفسه على اسلحة اكثر فاعلية مع انها اقل عدداً. كذلك بدأت روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق بتفكيك جزء كبير من مخزونها النووي. اما بريطانيا وفرنسا فوصل مخزونهما كما يقول تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "الى الذروة". والمخزون البريطاني، مهما زاد، لن يتجاوز 300 رأس حربي عندما تحصل بريطانيا على ترايدانت. ومن المرجح ان تتخلى فرنسا عن صواريخها الاستراتيجية ارض - ارض كلياً وتعتمد على الصواريخ التي يمكن اطلاقها من الجو والغواصات. اذ ان الدولتين تميلان الى التركيز على امتلاك عدد اقل من الاسلحة الاكثر فعالية، مما يعني ان عدداً كبيراً من الخبراء الفنيين في الدولتين سيكون "متاحاً للبيع" الى الحكومات التي لديها طموحات نووية في الشرق الاوسط وغيره من الاماكن.
الصين
اما اسرائيل فهناك اعتقاد بأنها تنتج حوالي 16 رأساً نووياً حربياً كل عام فيما تتخلى عن الرؤوس التي تقادم عليها الزمن. لكن اكبر عملية انتشار نووية تجري في الصين التي رفضت التوقيع على معاهدة عدم الانتشار مثلما رفضت الهند واسرائيل وباكستان.
وربما كانت الصين ثالث اكبر دولة نووية في العالم. اذ انها تملك حوالي 500 رأس حربي نووي ثلاثة ارباعها استراتيجية. كما انها اثارت اهتماماً عالمياً بتطويرها حالياً قاذفة "هونغ - 7" التي تزيد سرعتها على سرعة الصوت، وتطويرها ايضاً صواريخ بعيدة المدى تنطلق على ثلاث مراحل.
ولدى الصين الآن ستة انواع مختلفة من صواريخ "دونغ فنغ" اي رياح الشرق، اربعة منها متوافرة لدى قواتها مع 110 من الرؤوس الحربية النووية. اما "دونغ فنغ 31" و"دونغ فنغ 41" فستكون جاهزة للاستخدام في اواخر التسعينات او اوائل القرن المقبل. ويتراوح مدى تلك الصواريخ من 1800 كيلومتر الى 13 الف كيلومتر، وهي قادرة على حمل رؤوس نووية وحربية تتراوح زنتها ما بين 600 كيلوغرام و2.3 ميغا طن - اي ان قوتها تعادل 240 ضعفاً قوة قنبلة هيروشيما. يضاف الى ذلك ان لدى الصين 180 طائرة استراتيجية يتراوح مداها ما بين 400 كلم و3100 كلم، و150 قنبلة جاذبية ارضية نووية بزنة 5.1 الى 5.4 ميغا طن اي بقوة تعادل 340 ضعفاً من قوة قنبلة هيروشيما.
وتملك الصين ايضاً 24 غواصة قادرة على استخدام الاسلحة النووية لكن مداها لا يتجاوز 1700 كلم ولا يزيد وزن الرأس الحربي الذي تستخدمه على 600 كيلوغرام، اي 45 ضعفاً من قوة قنبلة هيروشيما. لكن بكين تطور الآن غواصة حديثة سيصل مداها الى ثمانية آلاف كلم، وستكون جاهزة بحلول نهاية القرن. وتعود جذور معظم الاسلحة الصينية الى روسيا. اذ ان الصين حصلت حتى في عام 1992 على 24 طائرة هجومية من طراز "سوخوي - 27". وعرضت على ايران شراء الطائرات العراقية التي لجأت الى طهران خلال حرب الخليج ولا سيما منها طائرات "ميغ 29" و"سوخوي 24". والصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي اجرت تجارب نووية منذ عام 1992. اذ انها اجرت تجربتين في الاشهر الپ12 الماضية فقط.
كوريا الشمالية
ويعتقد بأن كوريا الشمالية تمكنت الآن من انتاج رؤوس حربية. والمعروف ان النظام الكوري الشمالي نظام عسكري متزمت. فمع ان عدد سكان البلاد لا يزيد على 22 مليون نسمة فان عدد القوات المسلحة يبلغ حوالي 2.1 مليون رجل، اي مثل الهند تقريباً مع ان عدد سكان الهند يبلغ حوالي 900 مليون نسمة. ويقدر عدد افراد الاحتياط بنصف مليون رجل اضافة الى "فيلق المحيط الهادئ" الذي يمكن استدعاؤه خلال فترة قصيرة.
وليس من المستغرب ان تسعى كوريا الشمالية الى امتلاك اسلحة نووية. ومع انها وقعت على معاهدة عدم الانتشار فانها ترفض السماح بتفتيش كامل لمرافقها. واستطاع الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر اخيراً التوصل، نيابة عن الادارة الاميركية، الى اتفاق يقضي بانهاء المقاطعة التجارية الاميركية، واقامة علاقات ديبلوماسية وبناء محطتين نوويتين لانتاج الطاقة الكهربائية بكلفة حوالي اربعة آلاف مليون دولار في مقابل توقف كوريا الشمالية عن متابعة بناء مفاعلين نوويين يمكنهما انتاج اسلحة نووية وفتح حوار مع كوريا الجنوبية للتعاون في ميادين مختلفة.
وأثار برنامج كوريا الشمالية النووية قلقاً شديداً لدى الولايات المتحدة لأن الاسلحة النووية الكورية الشمالية ستوجه في الدرجة الاولى نحو اهداف في اليابان وكوريا الجنوبية. ومبعث هذا القلق هو ان اميركا تدرك ان آسيا تنتج حوالي نصف الانتاج الاقتصادي العالمي الآن كما انها تعرف ان مستقبلها التجاري يكمن كما قال وزير خارجية كوريا الجنوبية في العام الماضي "في منطقة المحيط الهادئ".
وفي 1993 حاولت اسرائيل اقناع كوريا الشمالية بعدم تصدير اي تكنولوجيا نووية او صاروخية الى الشرق الاوسط في مقابل تقديم مساعدات اليها. وفي الشهر الماضي قال اسحق رابين اثناء زيارته لكوريا الجنوبية ان اسرائيل تشعر بالقلق لأن بيونغيانغ زودت ايران وسورية صواريخ "سكود". وأضاف ان ايران تساعد كوريا الشمالية في مقابل ذلك على تمويل تطوير صاروخ "نو دونغ - 2" لكي تشتري منه اعداداً كبيرة بعد صنعه. وتذمر قائلاً: "ان مدى هذا الصاروخ يصل الى 1300 كلم مما يعني ان اي مكان في اسرائيل سيكون ضمن نطاق الصواريخ الايرانية". ولهذا وعد بالتشاور مع حكومة كوريا الجنوبية قبل اجراء اي اتصالات مع كوريا الشمالية.
باكستان - الهند
اما بالنسبة الى باكستان والهند فلم تفلح الضغوط الاميركية في اقناعهما بالتوقيع على معاهدة عدم الانتشار. ولهذا ترفض واشنطن الآن تقديم المساعدات العسكرية الى اسلام آباد. كما ان الكونغرس الاميركي يمنع تقديم اي مساعدات اليها او الى الهند بمقتضى تعديل بريسلر نسبة الى السناتور السابق الذي قدم التعديل حين كان عضواً في لجنة الشؤون الخارجية، الا اذا تخلت الدولتان عن برنامجيهما النوويين.
وأبلغ جيمس وولزي المدير السابق لوكالة الاستخبارات الاميركية الكونغرس في الفترة الاخيرة ان "سباق التسلح بين الهند وباكستان ربما كان يمثل اكبر مصدر خطر ممكن لاستخدام اسلحة الدمار الشامل بما فيها الاسلحة النووية".
وتقول مصادر مقربة من وزير الدفاع الاميركي وليام بيري الذي عاد للتو من جولة في جنوب شرق آسيا ان من غير المحتمل ان توقع الهند او باكستان على معاهدة عدم الانتشار النووي الا اذا فعلت الصين واسرائيل الشيء نفسه.
وهدد بيري بادراج باكستان على قائمة الدول المؤيدة للارهاب لمساعدتها الجماعات الانفصالية في كشمير والبنجاب. وكذلك، ان العلاقات بين واشنطن والهند سيئة بسبب السياسة النووية الهندية. اذ ان الرئيس بيل كلينتون ترك سفارته في نيودلهي مندون سفير لمدة عام كامل.
اضافة الى الدول النووية التسع المعروفة هناك 44 دولة اخرى لديها "المواد الخام والمعرفة الاساسية اللازمة" للشروع في برامج الانتاج النووية تبعاً لما يقوله مركز معلومات الدفاع. ونقل جون بايك من اتحاد العلماء الاميركيين عن وزير الدفاع الهندي الحالي قوله: "ان الدرس الذي تعلمناه من حرب عاصفة الصحراء في الخليج هو انه يجب عليك ألا تخوض حرباً ضد الولايات المتحدة من دون اسلحة نووية… وهكذا من الواضح اننا نعطي الدول الاخرى كل حافز للحصول على الاسلحة النووية حين نهدد تلك الدول باستخدام الاسلحة النووية ضدها". ولذا فمن الحقائق الجلية ان السياسة النووية الاميركية تؤثر الى درجة كبيرة في تقرير سياسة دول العالم الاخرى من هذه المسألة.
ومع نهاية الحرب الباردة، وحتى نهاية العام الماضي كان لدى الولايات المتحدة حوالي 15 ألف رأس حربي بعدما كان عددها في ذروة الحرب الباردة حوالي 33 الف رأس حربية. ومن المتوقع ان ينخفض المخزون الاميركي بحلول عام 2003 الى 8500 رأس. اما المخزون الروسي فيقدر الآن بحوالي 11 الف رأس حربية. ومن المتوقع ان ينخفض الى حوالي 6250 بحلول عام 2003.
لكن هناك برنامجا اميركياً بكلفة 4800 مليون دولار لاطالة عمر الصواريخ وقدرتها حتى عام 2020. كما ان الغواصات الاستراتيجية التي توجه صواريخها نحو روسيا لا تزال تقوم بدوريات منتظمة على مدار الساعة. وتطور الولايات المتحدة الآن قاذفات جديدة من طراز "بي - 2" لكي تحمل الاسلحة النووية. ولا يزال معظم الصواريخ الاميركية التي تحملها الغواصات النووية مصوباً نحو الاهداف نفسها التي كانت مصوباً نحوها خلال الحرب الباردة ونحو بلدان لم تعد معادية لأميركا.
ويقول مركز معلومات الدفاع: "ان البنتاغون سينفق خلال السنوات العشر القادمة 350 ألف مليون دولار من اجل الاعداد لحرب نووية… واليوم يوجد في العالم اكثر من 48 الف رأس حربي نووي بقدرة تفجيرية تعادل قوة 900 ألف قنبلة مماثلة لتلك التي القتها اميركا على هيروشيما. وحتى لو نفذت كل الخفوضات المتفق عليها في الترسانات النووية بحلول عام 2003 فانه سيكون في العالم حوالي عشرين الف رأس حربي نووي بقوة تفجيرية تزيد على قوة مئتي الف قنبلة مثل قنبلة هيروشيما".
ولكن بغض النظر عن الآراء المختلفة، ماذا عن الرأي العام العالمي؟ ان المشكلة هي انه ليس هناك الآن رأي عام له وزنه في الميدان النووي على رغم المخاطر الجسيمة على الحياة. ففي معظم الدول تشير استطلاعات الرأي العام الى ان معظم الناس يتفقون على ان الاسلحة النووية امر سيء لكنهم يقولون ايضاً انها ضرورية.
صحيح ان الاسلحة النووية احدثت ثورة جذرية في فنون الحرب والقتال لكنها ليست اكثر من تلك الثورة التي احدثها اختراع القوس والنشاب قبل اكثر من ألف ومئة عام، أي سنة 851 ميلادية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.