ارتفعت في روسيا أصوات تعارض الانضمام الى الحلف الأطلسي في ما سمي "الشراكة من أجل السلام". وقال رئيس أكاديمية الأركان العامة للجيش الروسي الجنرال يغور روديودوف ان هذه الشراكة لا تقدم لروسيا أية فائدة، ورأى انه "ما لم تتخل قيادة الحلف الأطلسي عن الصاق لقب "العدو الممكن" بروسيا لا يجوز الحديث عن أية شراكة حقيقية". أما فياتشسلاف نيكونوف رئيس اللجنة الفرعية لدوما الدولة المجلس الأدنى للبرلمان الروسي لشؤون الأمن الدولي والرقابة على الأسلحة فيقوّم "الشراكة" من موقف "عدم ضرر" المعاهدة، ويقول: "ان روسيا بانضمامها الى برنامج الأطلسي لا تفقد شيئاً ولا تكسب شيئاً. فالمستوى الفعلي للشراكة بين روسيا والحلف، وهو اشتراك العسكريين الروس على قدم المساواة مع عسكريي بلدان الحلف الأطلسي في عمليات حفظ السلام تحت رعاية منظمة الأممالمتحدة، هو أكثر بكثير مما نصت عليه المعاهدة. وعندما تشترك روسيا في مشروع الأطلسي الخارجي لا تصبح عضواً فيه. وفي الوقت نفسه فإن الامتناع عن الانضمام الى "الشراكة" قد يضع روسيا في موقف حرج لأن من المعروف ان "من ليس معنا هو ضدنا". وعلى صعيد آخر، انتقدت الأوساط الاجتماعية ووسائل الاعلام الروسية غير الرسمية انتقاداً شديداً الانضمام الى "الشراكة". ورأى الكثيرون في هذا الانضمام - على قدم المساواة مع بلدان أوروبا الشرقية والوسطى - خطوة غربية جديدة تؤكد الهبوط الكبير لوضع روسيا القانوني الدولي كوريث للاتحاد السوفياتي. ووضع المعلقون الانضمام الى "الشراكة" في مرتبة واحدة مع عدم دعوة الروس الى احتفالات ذكرى نزول قوات الحلفاء في منطقة النورماندي الفرنسية عام 1944، ومع توديع القوات الروسية من المانيا من دون احترام. ويجد الروس صعوبة في فهم "الشراكة" لسبب آخر أيضاً هو ان روسيا الاتحاد السوفياتي هي التي انشأت "حلف وارسو" الخصم الأساسي للحلف الأطلسي الذي ضم جيوش كل البلدان الاشتراكية السابقة. ومهما قيل الآن ان الغرب والناتو هما الآن خير صديقين لروسيا فإن أجيالاً عدة من الروس، الذين مروا بمدرسة الجيش السوفياتي، كانوا ولا يزالون يعتبرون الناتو عدواً. ولا يزال من الضروري تذليل الشيء الكثير جداً في نفسية المواطن الروسي حتى يستطيع ان ينسى المواجهة "الباردة" السابقة بين الكتلتين. أضف الى ذلك كله ان "الشراكة" تؤكد مرة أخرى فكرة الرئيس بيل كلينتون البسيطة، التي مفادها ان "الحرب العالمية الثالثة" - وان كانت "باردة" - انتهت بانتصار الغرب وبالتالي بهزيمة الاتحاد السوفياتي روسيا. والأرجح ان المغلوبين عندما ينضمون الى الغالبين قد يشعرون بمشاعر تشبه تماماً مشاعر الألمان عندما وقَّعوا معاهدة فرساي، أي الهوان والعار القومي.