بعد فشل اجتماع مجلس "روسيا – الناتو"، وعدم الخروج بأي نتائج ملموسة أو إيجابية من هذا اللقاء الذي جرى على خلفية من التوتر بين الجانبين، تصاعدت في روسيا أصوات "الصقور"، إذ قال رئيس أكاديمية الشؤون الجيوسياسية قنسطنطين سيفكوف، إن الأسلحة النووية الروسية تضمن لروسيا عدم الاعتداء من جانب حلف شمال الأطلسي، وإن روسيا بحاجة إلى زيادة عدد قواتها وأسلحتها التقليدية ردا على ازدياد الوجود العسكري لحلف الناتو قرب حدودها. وفي الوقت نفسه اعترف سيفكوف بأن توازن القوى الراهن في الأسلحة التقليدية وعدد العسكريين لا يصب في مصلحة روسيا. وحسب رأي الخبراء، ففي ظل وجود تهديد عسكري من الناتو، فيجب أن يتم زيادة عدد قوات الجيش الروسي بمقدار 1.5 مليون عسكري. ووفقا لتقارير روسية فإن إجمالي القدرات العسكرية والاقتصادية للناتو يفوق القدرات الروسية في الوقت الحالي. وبإمكان الحلف وضع قوات مسلحة أكبر ب10 مرات من الجيش الروسي. ولمواجهة حلف الأطلسي بنجاح، فروسيا بحاجة إلى جيش مكون من 1.5 مليون، وليس مليونا كما هو عليه الآن. حماية المصالح أوضح كوروتشينكو أنه "في زمن المواجهات العسكرية- السياسية يجب ألا تكون لدينا أي أوهام". وذهب إلى ضرورة أن تتشدد روسيا في حماية مصالحها الوطنية. وقال إنه "علينا أن نقول، لن يكون هناك أي توسع للناتو في المجال السوفيتي السابق، والعمل على إثبات أن هذا ليس كلاما فارغا. أما بالنسبة إلى الحوار مع الحلف، فهو ضروري، ولكن يجب أن نفهم أننا لن نتوصل إلى تسوية لأي مشكلة. لذلك يجب أن نراهن على قوتنا الذاتية، وإذا تطلب الأمر أن نكشر عن أنيابنا ونضرب من يكشر عن أنيابه".
تدابير للمواجهة مندوب روسيا الدائم لدى حلف الناتو ألكسندر جروشكو، أعلن من جانبه أن التدابير التي اتخذها الحلف في قمة وارسو تحمل طابع المواجهة، وتشبه أنماط الحرب الباردة، ولكن روسيا ليست تهديدا لحلف شمال الأطلسي، وبالتالي فهذه التدابير زائدة عن الحاجة، وذات نتائج عكسية. وذهب جروشكو إلى أن روسيا تلاحظ أن أن العدوان العلني ضدها من جانب حلف شمال الأطلسي يمكن أن يكون فقط في حالة زعزعة الاستقرار السياسي في روسيا، ولكن وجود الأسلحة النووية الروسية يبطل مثل هذا التهديد أو أي سيناريوهات مشابهة أخرى. هذه التصريحات التي تحمل أكثر من معنى جاءت على خلفية الإجراءات التي اتخذتها قمة الناتو في وارسو، والتي سببت توترا كبيرا في العلاقات بين روسيا والناتو. وعلى ما يبدو، كانت موسكو تنتظر أن يحدث أي اتفاق بينها وبين الحلف خلال اجتماع مجلس "روسيا – الناتو"، ولكن ذلك لم يحدث أيضا. مما دفع موسكو إلى تصريحات ساخنة أشبه بالتهديدات.
رفض حجج الناتو الخبير العسكري إيجور كوروتشينكو، فيعتقد أن روسيا لن تقبل أبدا بحجج الناتو، لأنه حلف عسكري- سياسي عدواني، يواصل ضرب مصالح روسيا. وأوضح أن "الحلف أعلن في قمة وارسو، عن استمراره في انتهاج سياسة ردع روسيا وإخافتها. أي لا يجري الحديث عن أي شراكة. ومع ذلك نناقش معه قضايا أفغانستانوأوكرانيا، على الرغم من أنه يتهمنا بكل شيء. ولكن، من المهم إدراك أننا لن نلغي قرارات قمة وارسو".واعترف الخبير الروسي بأن روسيا لا يمكنها، على المستوى السياسي، عرقلة سعي الناتو لضم أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وأذربيجان وغيرها من الجمهوريات السوفياتية السابقة، لأن هذه هي إستراتيجيته التي لن يتخلى عنها. ولذلك، فعلى روسيا استخدام دبلوماسية القوة، لأن الوسائل الدبلوماسية التقليدية لن تعود بالنتائج المنشودة.