في احتفال رائع حضره أربعون الف متفرج أعلن رئيس اللجنة الاولمبية الدولية خوان انطونيو سامارانش مساء الأحد في 27 آذار مارس عن اختتام الألعاب الأولمبية الشتوية السابعة عشرة في ليلهامر - النروج. وفي كلمته نوّه سامارانش بنجاح هذه الدورة قائلاً: "لي الشرف الكبير بأن أعلن لشعب النروج بأنه كان الفائز الحقيقي في هذه الألعاب الساحرة. لقد قدّم افضل دورة اولمبية على الاطلاق، وأثبتت ليلهامر ان باستطاعة قرية صغيرة ان تنظم دورة ألعاب بيضاء - خضراء ممتازة وباحترام تام للبيئة". ولم تغب ساراييفو عن بال سامارانش فتمنى ان تتحول الهدنة فيها الى "سلام دائم" قبل ان يختم كلمته بقوله: "انني اضرب لشباب العالم موعداً للقاء بعد أربع سنوات العام 1998 في مدينة ناغانو اليابانية". وشهد اليومان الاخيران من الدورة صراعاً ضارياً سواء على صعيد الافراد او على صعيد المنتخبات او على صعيد الدول ولا سيما في سباق التزلج الكلاسيكي الطويل لمسافة 50 كلم وفي مسابقة عربات التزحلق الرباعية وفي سباق التعرج وفي المباراة النهائية للهوكي على الجليد. فعلى صعيد الافراد في سباق التعرج أثبت الايطالي ألبرتو تومبا رغم اخفاقه في احراز الذهبية واكتفائه بالفضية انه من معدن نادر اذ استطاع ان يقفز من المرتبة الثانية عشرة في المرحلة الأولى الى المرتبة الثانية بعدما خاض سباقاً تاريخياً جعله يخطف الاضواء من النمسوي توماس ستانغا سينغر الذي توّج بطلاً اولمبياً بفارق 15 جزءاً في المئة من الثانية وسيظل هذا السباق ماغلاً في أذهان عشاق التزلج لأن ما حققه الايطالي تومبا كان انجازاً خارقاً يضاف الى رصيد انجازاته الاولمبية علماً انه فاز بذهبية التعرج الطويل في دورتي 1988 و1992 وأحرز ذهبية التعرج 1988 ونال فضية التعرج في دورتي 1992 و1994. فرصة النروج الضائعة وفي سباق التزلج الكلاسيكي الطويل لمسافة 50 كلم احرز الكازاخستاني فلاديمير سميرنوف الميدالية الذهبية بعد منافسة مع الفنلندي ميلالي ومجموعة من الابطال النروجيين حبست أنفاس المشاهدين وأشعلت الاثارة في صقيع ليلهامر التي تحولت غابة من الاعلام النروجية على اعتبار ان فوز احد النروجيين في هذا السباق يضمن للدولة المضيفة احتلال المركز الأول في الترتيب العام للدورة. ومع ان سميرنوف لم يكن المرشح الاوفر حظاً لاحراز ذهبية هذا السباق لأنه لم يفز بأي لقب اولمبي من قبل، ومع ان النروجيين داهلي وأولفانغ توج كل منهما بطلاً اولمبياً ثلاث مرات، ومع ان الجماهير النروجية المحتشدة كانت متعطشة الى الفوز بهذا السباق لأنه فرصة الفايكنغ الاخيرة لتصدر الترتيب العام أمام قياصرة روسيا بفارق الميداليات الفضية، فقد استطاع الكازاخستاني ان يتحدى النروجيين في عقر دارهم وان ينتزع ذهبية السباق بكل جدارة امام الفنلندي ميلالي والنروجي سيفرتسن... وفي مسابقة عربات التزحلق الرباعية حقق الفريق الألماني الثاني مفاجأة من العيار الثقيل اذ انتزع الميدالية الذهبية من الفريق السويسري الذي تصدّر الترتيب في المراحل الثلاث الأولى... وقد مني الفريق الألماني الأول بخيبة مزدوجة: مرة لأنه حل في المرتبة الثالثة ومرة لأن الفريق الألماني البديل كسفه بعد النتيجة القاهرة التي حققها. مباراة لا تنسى اما المباراة النهائية في الهوكي على الجليد بين السويدوكندا فقد كانت قمة في الاثارة والمتعة، وقد افلت اللقب الاولمبي من الكنديين للمرة الثانية بعدما كان في متناول ايديهم علماً ان كندا لم تفز ببطولة الهوكي على الجليد منذ العام 1952 في أوسلو. وقد جاء فوز السويد على كندا مفاجئاً بعدما شقت بصعوبة طريقها الى المباراة النهائية، فقد تعادلت مع سلوفاكيا 4/4 وخسرت امام كندا 2/3، الا انها تغلبت على ألمانيا في الدور ربع النهائي 3/صفر وفازت بشق النفس على روسيا في المباراة نصف النهائية 3/2. في الدقيقة السابعة من المباراة النهائية افتتح جونسون التسجيل للسويد التي ظلت متقدمة حتى الدقيقة الخمسين عندما سجّل كاريا لكندا هدف التعادل وما لبث ماير ان سجل لكندا هدفاً ثانياً في الدقيقة الثانية والخمسين، وقبل ان تنتهي المباراة بدقيقة واحدة أنقذ سفينسون السويد من هزيمة اكيدة مسجلاً هدف التعادل 2/2. وفي الوقت الاضافي استمر التعادل سيد الموقف الى ان حسمت السويد المباراة لمصلحتها 3/2 بعد الاحتكام الى ضربات الجزاء الترجيحية وتوجت بطلة اولمبية للمرة الأولى في لعبة الهوكي على الجليد. ولم يكن اليومان الاخيران من دورة ليلهامر وحدهما حافلين بالتنافس والاثارة فقد شهدت الدورة الاولمبية الشتوية السابعة عشرة منذ لحظة الافتتاح حتى لحظة الاختتام تنافساً حاداً على الذهب بين الدول المشاركة ولا سيما بين النروج الدولة المضيفة وألمانيا صاحبة المرتبة الأولى في الترتيب العام في دورة ألبيرفيل وروسيا التي حلت ثانية في تلك الدورة. وتألق في هذه الدورة أبطال من جنسيات مختلفة امثال النروجي يوهان أولاف كوس الذي احرز ثلاث ذهبيات في التزحلق السريع وسجّل ثلاثة ارقام عالمية، ومواطنه بيورن داهلي الذي فاز بثلاث ذهبيات ايضاً في التزلج الطويل والألمانية فريني شنيدر التي احرزت ثلاث ميداليات: ذهبية التعرج الطويل وفضية ثنائية التزلج الألبي وبرونزية التعرج العملاق. اما بالنسبة الى الترتيب العام فقد تصدرت روسيا بعد احرازها 11 ذهبية بفارق ذهبية واحدة عن النروج التي حلّت ثانية، وبفارق ذهبيتين عن ألمانيا التي جاءت في المرتبة الثالثة، وهذه النتيجة تؤكد ان انهيار الاتحاد السوفياتي السابق لم ينعكس سلباً على الرياضة في روسيا - أقله الرياضة الشتوية - وفي مقارنة مع النتيجة التي حققتها اسرة الدول المستقلة في ألبيرفيل نرى انها بعد انفصالها عن دول الاسرة رفعت رصيدها الذهبي من 9 ميداليات الى احدى عشرة ميدالية وحافظت على مجموع الميداليات العام وهو 23 ميدالية في كلا الدورتين. اما النروج فقد قفزت من المرتبة الثالثة الى الثانية بفارق ذهبية واحدة عن رصيدها في الدورة الماضية، لكنها رفعت مجموع الميداليات من 20 ميدالية الى 26 ميدالية، اما ألمانيا فقد سجلت بعض التراجع اذ هبطت من المرتبة الأولى الى الثالثة وتضاءل رصيدها من الذهب ميدالية واحدة ومن الفضة ثلاث ميداليات وزاد رصيدها من البرونز ميداليتان وانخفض مجموع ميدالياتها العام من 26 الى 24. وقد حققت ايطاليا في هذه الدورة نتائج طيبة فرفعت رصيدها من أربع ذهبيات الى سبع، كما رفعت كوريا الجنوبية رصيدها من ذهبيتين الى أربع، لكن النمساوفرنسا منيتا بنكسة موجعة فهبط رصيد الأولى الذهبي من 6 ميداليات الى ميداليتين. وأخفقت فرنسا في احراز أي ذهبية هي التي كان رصيدها في "البيرفيل" ثلاث ذهبيات. وقبل ان نختم تعليقنا على الألعاب الأولمبية الشتوية في ليلهامر لا بد من الاشارة الى ان البطلتين الاميركيتين في الرقص الفني على الجليد نانسي كيريغان وتونياها ردينغ قد شغلتا وسائل الاعلام وسرقتا الاضواء في ليلهامر وشدتا الملايين في أميركا وفي العالم الى شاشات التلفزيون لمتابعة التنافس بينهما بعد حادثة الاعتداء التي تعرضت لها كيريغان في ديترويت وهي تتمرن استعداداً للبطولة الاميركية اذ تقدم منها رجل وراح يضربها بقضيب معدني على ركبتها وقد تم توقيف شاين ستانت مرافق منافستها غاردينغ وديريك سميث فاعترفا بتنفيذ الاعتداء واعتقل على الأثر جف غيلولي زوج هاردينغ السابق فاعترف بتدبير الاعتداء مؤكداً ان هاردينغ كانت على علم مسبق به غير ان هذه الاخيرة نفت ذلك نفياً قاطعاً. وشكلت اللجنة الاولمبية الاميركية هيئة خاصة وطلبت الاستماع الى شهادة هاردينغ قبل ان تتخذ قراراً بشأن مشاركتها في الاولمبياد فما كان منها الا ان استبقت الأمور ورفعت دعوى ضد اللجنة الاولمبية مطالبة بتعويض مقداره 25 مليون دولار، وإثر اجتماع محاميها بمحامي اللجنة الاولمبية تم الاتفاق على ان تسقط هاردينغ الدعوى في مقابل مشاركتها في الاولمبياد. وفي البرنامج الالزامي حلت كيريغان أولى وهاردينغ عاشرة لكن فرحة كيريغان لم تكتمل اذ اخفقت في الحفاظ على لقبها الأولمبي بعد الفقرة الحرة وحلت في الترتيب النهائي ثانية بعد الاوكرانية اوكسانا بايول وحققت الفرنسية سوريا بونالي نتيجة مخيبة اذ حلت رابعة بعدما كانت مرشحة لاعتلاء منصة التتويج واحراز احدى الميداليات الثلاث، أما تونيا هاردينغ فقد ختمت مسلسل الاثارة بأن توقفت فجأة بعدما بدأت فقرتها وهي تبكي، وتوجهت الى الحكم الرئيسي وأشارت الى حذاء التزحلق الذي تبين أن رباطه انقطع. وبعد مداولات سريعة سمح لهاردينغ بمحاولة ثانية الا انها لم تفلح في تحقيق نتيجة جيدة فحلت ثامنة في الترتيب العام وانتهت أولمبياً. الا انها لم تنته قضائياً حتى إشعار آخر.