فوجئت الاوساط الجزائرية بعملية فرار حوالي الف سجين من سجن تازولت في ولاية باتنه ذات الطبيعة الجبلية. وشكلت العملية حدثاً سياسياً من الدرجة الاولى تزامن مع وصول الحوار بين الرئيس الامين زروال و"الجبهة الاسلامية للانقاذ" الى مرحلة متقدمة، لا سيما بعد انتقال الشيخين عباسي مدني وعلي بلحاج من المعتقل الى الاقامة الجبرية، بناء على رغبة الرئيس الجزائري، كتوطئة لبناء عوامل الثقة ولربما اطلاق سراحهما وفق شروط مقبولة للطرفين. وفي هذا السياق يصح التساؤل عما اذا كانت عملية الفرار تستهدف حوار زروال مع الاسلاميين بهدف استباق نتائجه التي تخشاها جهات عدة في الحكم الجزائري. ويؤشر بقاء مجموعة كبيرة من السجناء داخل السجن الى تعدد وجهات النظر داخل اروقة السلطة الجزائرية. فالرئيس زروال يراهن على الحوار كأسلوب لاحتواء الانقاذيين في حين يرى وزير الداخلية سليم سعدي ان اسلوب المواجهة الامنية هو الاجدى للتعاطي مع من يرغب الرئيس في محاورتهم. ومن المتوقع ان تؤدي عملية الفرار الجماعي الى تعميق التناقض بين "التيارات" داخل الحكم، لا سيما ان مكان حدوث عملية الفرار هو بلدة زروال. ولا شك بأن عملية الفرار أربكت الحكم ودفعت الاجهزة الامنية الى مطاردة الفارين واعتماد اساليب قاسية لملاحقتهم، ومن البديهي ان ينتج عن ذلك تجميد عملية الحوار وتغليب المواجهة الامنية ما سيؤدي الى مزيد من توتير الاجواء في البلاد. وفي حسابات الانقاذيين ان تنامي حوارهم مع السلطة سيمكنهم من عرض شروطهم للموافقة على هدنة موقتة، وأبرزها محاسبة خصومهم من "القطط السمان" بهدف النيل منهم. كما يرغب زروال بتطهير اجهزة الدولة، الاقتصادية والعسكرية والمدنية، من الفساد. واذا كانت العملية عرقلت الحوار، فانها في المقابل تطيل عمر شريحة تستفيد من الفوضى القائمة. وفي هذا السياق تندرج التصريحات الخجولة لبعض المسؤولين عن تورط جهات رسمية في عملية الفرار التي تحولت الى فخ وقع فيه الانقاذيون.