منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وروسيا تحاول كسر السيطرة الغربية على سوق السلاح في الخليج. فالشركات الروسية الصانعة تشارك في جميع المعارض، والوفود غطت جميع دول المنطقة للترويج للتكنولوجيا العسكرية الروسية. ومع ذلك فإن حصة الروس من أسواق الخليج لا زالت محدودة بالقياس مع حجم السوق والامكانات المتوافرة لدى الصناعات العسكرية الروسية، سواء على مستوى التكنولوجيا المتقدمة، أم على مستوى التسهيلات المالية والأسعار. وتشمل لائحة السلع والمنتجات العسكرية المعروضة للبيع في أسواق الخليج تشكيلة يمكن أن تبدأ بالمسدسات والأسلحة الأوتوماتيكية الفردية، لكي تصل الى الأنظمة الصاروخية الأكثر تعقيداً، والطائرات الحربية المتطورة من طرازات "ميغ 33"، و"سوخوي 35"، الى جانب الطائرات المروحية القتالية والدبابات والعربات المدرعة وأجهزة الدفاع الجوي. واستناداً الى تقديرات خبراء في سوق السلاح الخليجية، فإن موسكو تركز على دولتين هما الامارات العربية المتحدةوالكويت، من خلال تقديم عروض سخية لبيعهما أنواعاً مختلفة من الأسلحة، بتسهيلات مالية واسعة، اضافة الى عدم الزامهما بأية شروط. وأوضحت مصادر عاملة في سوق السلاح الخليجية، ان موسكو نجحت حتى الآن في بيع أبو ظبي عدداً من العربات المدرعة من نوع "ب. ام. - 3"، التي تستخدم لنقل المشاة. الا أنها فشلت في المقابل في تسويق طائرات حربية، بعدما كان مسؤولون عسكريون أبدوا اعجاباً بميزات الطائرات الروسية، خصوصاً "ميغ - 33" والمقاتلة الاعتراضية "سوخوي 35" ووصلت المباحثات بين الطرفين الى مرحلة استعراض الشروط الفنية والمالية. كما فشلت موسكو في اقناع أبو ظبي بسلاح كانت تعتقد انه قد يجذب اهتمام المسؤولين الاماراتيين، وهو صاروخ "أس - 300" الذي تم اختباره في ابو ظبي في اطار معرض "ايديكس"، وأظهر فعالية واسعة في اصابة الطائرات والصواريخ، ويقول الروس انه يتفوق بكثير على نظيره الأميركي "باتريوت"، على رغم الفارق الواسع في الأسعار لمصلحة "اس - 300". اما الدولة الخليجية الثانية التي تسعى صناعة السلاح الروسية الى الافادة منها لدخول سوق السلاح في المنطقة، فهي الكويت التي كانت الأولى في بناء علاقات تسليحية مع موسكو منذ الثمانينات، عندما اشترت أنظمة صاروخية متنوعة من طرازات "سام" على اختلافها، اضافة الى صفقات شاحنات عسكرية وصواريخ أرض - أرض من نوع "فروغ" ومدافع مضادة للطائرات وعربات مدرعة من نوع "ب. ام. ب. - 2". وبلغت المحادثات العسكرية بين الدولتين مرحلة متقدمة مع اعلان الحكومة الكويتية نيتها شراء أسلحة روسية، ثم قيام وزير الدفاع الكويتي الشيخ علي الصباح بزيارة لموسكو. ويقول مراقبون في الكويت ان روسيا تسعى الى الحصول على "حصة محترمة" تتوافق مع امكاناتها التصنيفية من العقود التي تنوي الكويت ابرامها في خلال السنوات المقبلة، ويمكن أن تصل قيمتها الى 12 مليار دولار. وتشتمل اللائحة التي عرضت موسكو بيعها الى الكويت على الطراز الجديد من العربة المدرعة "ب. أم. ب. - 3" التي كانت الامارات اشترت دفعة منها، اضافة الى الصاروخ المتطور "اس - 300"، وأنظمة الدفاع الجوي والطائرات المروحية من طراز "كاموف - 50"، الى جانب الطائرات المقاتلة من نوع "ميغ" و"سوخوي". إلا أن الاهتمامات الكويتية، لا تزال تتركز على أنواع محددة، أبرزها قطع الغيار وأعمال الصيانة التي تحتاجها دبابات "أم - 48" التي كانت الكويت اشترتها من يوغسلافيا السابقة، وهي نسخة قريبة جداً عن الدبابة "ت - 74" الروسية. كما يركز الكويتيون على شراء أنظمة صاروخية للدفاع الجوي، ومدافع ذاتية الحركة، الى جانب شراء دفعة جديدة من العربات المدرعة من نوع "ب. أم. ب. - 3". وتقول تقديرات متطابقة، ان تفاؤل موسكو بالعقود التي يمكن أن تحصل عليها في الكويت قد لا يكون متوافقاً مع الحجم الفعلي لهذه العقود نظراً الى استمرار ارتباط الكويت بالمصادر التسليحية التقليدية التي تعتمد عليها، وفي طليعتها الولاياتالمتحدة التي فازت حتى الآن بغالبية الصفقات في مجال الطيران الحربي، ودبابات القتال الرئيسية، وأنظمة الصواريخ والانذار المبكر، ثم بريطانيا وفرنسا. وحسب التقديرات نفسها، فإن تفاؤل روسيا بزيادة حصتها من عقود السلاح الخليجية، لا يزال يصطدم بثلاثة اعتبارات رئيسية على الأقل: الأول هو أن معظم التجهيزات العسكرية في دول الخليج، بما فيها الكويت، هي تجهيزات وأسلحة غربية في الأساس، ومن الصعوبة بمكان تبديل هذه الوضعية لاعتبارات تقنية وعسكرية عدة ويرتبط الاعتبار الثاني بالعلاقات الاقتصادية والسياسية الشاملة التي تربط دول الخليج بالدول الغربية، وهي علاقات قوية تندرج صفقات السلاح معظم الأحيان في سياقها. أما الاعتبار الثالث فهو أن بيع السلاح يفترض توفير الخدمات المساندة له، مثل الصيانة والتدريب وتوفير قطع الغيار اللازمة وبصورة كافية، وهي أمور من غير الأكيد ان صناعة السلاح الروسية قادرة على تلبيتها في الوقت الحاضر، أو في المدى المنظور على الأقل. وثمة اجماع على أن تركيز الدول الخليجية على تنويع مصادر التسليح لديها لا يعني روسيا بالدرجة الأولى، وانما الدول الغربية الصانعة للسلاح نفسها. كما بدأ معظم دول الخليج في تطبيق برامج التوازن الاقتصادي التي تقوم على الزام الشركات التي تفوز بعقود عسكرية في الدرجة الأولى، اعادة استثمار جزء من قيمة العقود التي تحصل عليها في مشاريع تتمتع بتقنيات متقدمة في المجالات الصناعية، وهو أمر من غير المقدر أن الشركات الروسية قادرة على توفيره، أقله في السنوات القليلة المقبلة.