مصائب السوريين عند روسيا «صفقات». والحرب على «الإرهاب» في سورية أمنت للمجمّع الصناعي العسكري الروسي عقوداً ضخمة قيمتها الإجمالية هذه السنة 14 بليون دولار، بعدما جذبت «كفاءة» التقنيات الحربية الروسية اهتمام كثيرين في منطقة الشرق الأوسط وخارجها. لا يخفي القائمون على المجمّع ارتياحهم إلى مستوى الاهتمام الواسع هذه السنة بالأسلحة والتقنيات الحربية الروسية، خصوصاً تلك التي «جُرِّبت» في سورية. وعرضت موسكو نماذج كثيرة منها في معرض «إيدكس 2017»، أضخم معارض السلاح في الشرق الأوسط الذي فتح أبوابه الأحد الماضي في ابوظبي أمام الزائرين. وكما قال سيرغي غوريسلافسكي نائب رئيس مؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية، فإن «العملية في سورية زادت الطلب على التقنيات الروسية، والسلاح الروسي أثبت جدارة قل مثيلها خلال عمليات مكافحة الإرهاب في سورية، ولاحظ المتابعون دقته وقدراته، خصوصاً الأنظمة الصاروخية من طرازات «كلوب» و «كاليبرا» و «أوران» وغيرها، إضافة إلى الطيران المتعدد الغرض، من الهجومي إلى طائرات التجسس والاستطلاع الخفيفة». تشارك في المعرض 18 شركة روسية عملاقة تُقدِّم أحدث الطرازات للتقنيات الجوية والبرية والبحرية. وبين 800 طراز عُرضت، ثمة 240 نموذجاً لتقنيات حديثة، يظهر بعضها للمرة الأولى في معارض دولية. وجزء كبير من المعروضات التي فاخرت روسيا بقدراتها العالية، أسلحة وتقنيات أثارت جدلاً واسعاً ولعبت أدواراً مهمة في ملفات، بينها النظام الصاروخي «بوك» المتهم بإسقاط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا عام 2014، ونظام «تور إم واحد» الذي تعرّضت روسيا لانتقادات بعدما باعته لإيران، و «سوخوي 34» التي شاركت بكثافة في العمليات في سورية، ومروحية «كا 52» أو «صياد الليل» التي كانت لها مساهمة أساسية في عمليات المراقبة وفي قصف عدد من المدن السورية، على رغم أنها سجلت إخفاقات لأن روسيا فقدت عدداً منها في ظروف مختلفة خلال العام الأخير. لكن الروس لا يتحدثون الآن عن إخفاقات، بل عن النجاحات التي أتاحتها العمليات العسكرية، على صعيد الإقبال الزائد على شراء التقنيات الروسية في منطقة الشرق الأوسط التي تدخل ضمن «ترويكا» أهم مستوردي الأسلحة الروسية. والاهتمام الرئيس انصب على تقنيات الدفاع الجوي والطيران والأسلحة الهجومية، وفق ما قال أليكسي فرولكين نائب رئيس الهيئة الفيديرالية للتعاون العسكري - التقني. وبلغت سلّة الحجوزات هذه السنة 14 بليون دولار، منها نصيب كبير لبلدان الشرق الأوسط. وأبرز الاتفاقات أُبرِم مع الإمارات وهي كانت أول بلد تزوّده موسكو نظام «بانتسير» الصاروخي المتطور. ووقّعت أبو ظبي التي تتعاون مع موسكو في إنتاج مشترك لبعض التقنيات العسكرية، اتفاق نيات لشراء «سوخوي 35»، وهذه صفقة تُعوّل عليها موسكو كثيراً. لكن التعاون الأوسع مع الإمارات بدأ بإنتاج مشترك لمقاتلة من الجيل الخامس، تعتمد على تقنيات «ميغ 29» وينتظر أن ترى أول طائرة منها النور عام 2025. ومصر التي وقّعت العام الماضي صفقة ببليوني دولار للتزوُّد ب46 مقاتلة «ميغ» باشرت محادثات لصفقة كبرى لشراء مروحيات «كا 52». وأعلنت «روس أبورون أكسبورت» أنها وقّعت عقداً ضخماً لبيع دبابات «تي 90» إلى «بلد في الشرق الأوسط»، توقّع خبراء عسكريون أن يكون مصر. وتحدّثت عن «صفقة أخرى لبلد آخر في المنطقة في مرحلة التحضير لتوقيعها قريباً». اللافت أن المؤسسة الروسية نبّهت سريعاً إلى أن «البلد المقصود ليس إيران»، في إشارة ربما إلى المنطقة العربية التي تعوّل موسكو على توقيع عقود إضافية معها. كما أشارت المؤسسة إلى توقيع صفقة قيمتها 700 مليون دولار لبيع صواريخ مضادة للمدرعات إلى بلد في المنطقة لم تحدّده. وقال مسؤول عسكري أن العراق أرسل «لائحة طلبات كبيرة تُدرس حالياً»، بينما أعلن مفاوضات مع تركيا لبيعها صواريخ «إس 400» وهذه ستكون إذا أُبرِمت قريباً وفق توقّعات، أول صفقة ضخمة تُبرمها روسيا مع أنقرة. واللافت أن موسكو أعلنت في الوقت ذاته أن مصر «مهتمّة جداً بالتزوُّد بهذه الصواريخ». وأعلنت دولة الإمارات عن إبرام عقود لمشتريات دفاعية بقيمة 1.11 بليون دولار في ثالث أيام «أيدكس». وأفادت وكالة «رويترز» أن القوات المسلحة الإماراتية منحت عقوداً بقيمة 15.4 بليون درهم في الأيام الثلاثة الأولى من المعرض. وتوقع منظمون منح عقود بقيمة 18 بليون درهم في المعرض الذي ينتهي غداً الخميس.