حققت المطربة ميادة الحناوي حضوراً متميزاً على الساحة الفنية العربية جعلها تتبوأ مكاناً مهماً في عالم الطرب، وتعترف المطربة السورية في لقاء أجرته معها "الوسط" في دمشق بأن غياب بعض الملحنين الكبار قد أثر عليها وخاصة الموسيقار بليغ حمدي، ولكنها تبقى متفائلة بالجيل الجديد، وعلى الرغم من أنها ترى ان موجة الأغاني الحالية قوية جداً فإنها أكدت تمسكها بالأصالة. وفي برنامجها الكثير من المشاريع الفنية وغير الفنية فهناك ألحان لبليغ حمدي وملحم بركات ونجيب السراج، ولكن الأهم على الصعيد الشخصي فهي مقبلة قريباً على مشروع خطوبة وزواج من شخصية فنية مشهورة...! وهنا نص الحوار: لا حظنا غيابك عن الأضواء في الفترة الأخيرة؟ - لم أغب عن الساحة الفنية لفترة طويلة، وإنما فترات قصيرة للاختيار والتدقيق في ما سأغنيه. أطلق بعضهم عليك صفة مطربة الجيل، هل الجيل الذي تغني له ميادة الحناوي هو الجيل نفسه الذي يغني له مطربو ما يسمى بپ"الأغاني الشبابية"؟ - من أين أتى هذا المفهوم الشبابي؟ أنا أرفض هذه التسمية، ألم يكن الشباب يسمعون عبدالحليم حافظ والمطربين الكبار، هذه أغاني صرعات. لكن هناك توجهاً كبيراً نحوها؟ - لا أنكر أن الموجة الحالية قوية جداً، ولكن سيرجع الطرب الأصيل. هل ستأخذك معها هذه الموجة؟ - لا، أنا أرفض هذا اللون ولا يمكن أن أغنيه، ولكن هناك مع الأسف من يتقبله. لكنك اقتربت منه كما في "أمر الهوى" و"غيرّت حياتي"؟ - غنيت الأغنية القصيرة، ولكنني حافظت على الأسلوب والأصالة، ولا يمكن أن أنجرف، لقد تريثت سنتين حتى أخترت أربعة ألحان من أصل 13 لحناً لصلاح الشرنوبي، أخذت اللحن الذي أحبه، وإذا لم أحب الاغنية وأحسها فلا يمكن ان أوصلها الى الناس. هل هذا ينطبق على وردة؟ - بالنسبة الى وردة هذا اللون الذي تغنيه ليس لونها، هي تحاول ان تتماشى مع روح العصر ولكن ليس بهذا الشكل، الأغاني التي جاءت بعد "بتونس بيك" يمكن ان تغنيها مطربة أقل مستوى من وردة. أثر رحيل كبار الملحنين هل أثر رحيل الملحنين الكبار على مسيرتك الفنية؟ - رحيل الكبار أثر على جميع الفنانين الذين غنوا ألحانهم وقد أثر ذلك عليّ نفسياً وعملياً، فرحيلهم ترك الساحة فارغة تنتظر من يملأها، ولكن الحياة مستمرة، ولا يمكن ان ننكر ان هناك ملحنين شباباً استطاعوا ان يملأوا جزءاً من الفراغ. وهل الجيل الجديد مؤهل لخلافة الجيل السابق؟ - كل من يغني ويجيد ويقترب من قلوب الناس بفنه وأدائه الجيد مؤهل لان يكمل الطريق الذي بدأه الكبار، ولكن الخلافة أمر آخر، وذلك متروك لذوق المستمع اولاً، وأرى ان كل من يقلد أو يحاول ان يصنع من نفسه تمثالاً عظيماً لما سبقه قد يتعب قبل ان يخطو خطوته الأولى، لذلك على من يريد ان يصل بشكل صحيح ان يستفيد من خبرة السابقين ويقتدي بهم. هل لحن لك كل هؤلاء الكبار؟ - معظمهم. حتى عبدالوهاب؟ - المرحوم محمد عبدالوهاب كان أول من أخذ بيدي ولكن بعد ذلك تركت القاهرة سنة 1979 ولم تسمح لي الظروف أن أغني له. وماذا عن باقي الملحنين؟ - كان أول ألحاني لمحمد الموجي ومن خلاله سمعني المرحوم بليغ حمدي، وسأل من أين هذا الصوت، فقالوا له ميادة من سورية، ثم زارني وأعطاني لحنين "فاتت سنة" و"الحب اللي كان" وألحاناً أخرى وبقي هنا في سورية لمدة سنتين. وغنيت من ألحان الموسيقار رياض السنباطي والسيد مكاوي وعمار الشريعي وآخرين. المحطة الاساس أين كانت المحطة الأهم؟ - بالتأكيد مع المرحوم بليغ حمدي، لقد لحن لي 18 أغنية وهناك ألحان سأنفذها قريباً لا يعرفها الجمهور، تصور أننا اتفقنا بأن نلتقي في فرنسا لحفظ اللحن وتسجيله هناك، ولكن القدر كان أسرع، وهناك لحن آخر اسمه "ماتتنسيش" للشاعر عبدالوهاب محمد، وهذا اللحن متوقف على أساس أننا غيرنا قليلاً في الكلمات اعترض عليها الشاعر لذلك سنصلحها، هذه المشاريع كلها جاهزة ولكنني تريثت قليلاً بعد وفاته. وعلاقتك بكتّاب الأغنية؟ - لا يوجد أسماء محددة، أفضل الكلمات الجيدة بغض النظر عن الاسم. هل غنيت للشاعر نزار قباني؟ - لم يسبق لي ان التقيت به شخصياً، وأحب أن يكون تعاون بيني وبينه، فنزار قباني شاعر حساس لديه شعور رقيق ومرهف ويكتب بإحساس رائع وأنا من قراء أشعاره. وتجربتك مع الشاعر محمد مهدي الجواهري؟ - أنا أعتبره من أعظم شعراء العرب حالياً وشعره ليس سهلاً ليلحنه كل ملحن فهو يختار ألفاظاً جذلة قد تكون صعبة التلحين لذلك أنتظر فرصة جديدة للتعامل مع ملحن يستطيع ان يسوغ كلماته ويطوعها للأغنية ولي الشرف أنه أعطاني الحق في اختيار أي قصيدة من ديوانه الكبير. وماذا عن قصائد الغزل التي كتبها عنك الشاعر وجيه البارودي ذو الثمانين عاماً؟ - سعدت كثيراً بما قاله الشاعر الكبير سناً وقدراً البارودي وكل ما قاله عني أحفظه وسيظل يذكرني بهذا الشاعر الذي يجعل الكلمة جناحاً وهمساً يدخل القلب ويسعده، أتمنى له العمر الطويل والعطاء المستمر. يأخذ عليك البعض غناءك باللهجة المصرية مع أنك من حلب أم الموشحات؟ - أغني الكلمة الجيدة التي تقدم لي ولا فرق عندي في اللهجة والدليل أني غنيت "نسيت آلامي" باللهجة الليبية وهي مشهورة جداً وغنيت بالعربية الفصحى. والموشحات الحلبية؟ - لم أغنّ الموشحات لأن لها أهلها واختصاصها، وأتركها للاستاذ الكبير صباح فخري والجيل الصاعد. إذاً أنت خارج نطاق الأغنية السورية؟ - لم يسبق أن عرض عليّ لحناً سورياً أو كلاماً مقنعاً باللهجة السورية ورفضته، والدليل على ذلك عندي الآن اغنية للملحن نجيب السراج كلمات الدكتور سمير منصور سأنفذها قريباً. وماذا عن أسباب تعثر الأغنية السورية؟ - لدينا أغان سورية مقبولة وجميلة ولكن مطربينا السوريين لم يأخذوا قسطاً وافراً من الانتشار لا عن طريق الغناء في الأماكن المناسبة، ولا عن طريق الاعلام، وتسويق الاغاني الخاصة بهم في الكاسيت، وهذا ما يجعل الأغنية السورية مقصرة نوعاً ما، ولو تضافرت الجهود لمساعدتها مع وجود حقوق الاغنية طبعاً لأصبحت في مصاف الاغنيات المصرية واللبنانية والخليجية. ولماذا لم تكتمل فكرة تعاونك مع الرحابنة؟ - الفكرة طرحت وما زالت مطروحة، ولكن هناك ظروفاً حالت دون ذلك، مع ذلك أنا بانتظار ان تسنح الفرصة للقاء قريب وتعاون مثمر. هل عرض عليك غناء اللون الخليجي؟ - النغم الخليجي نغم مميز وحديث نوعاً ما، وهذا ما جعله في الآونة الأخيرة مطلوباً، وعندما أجد لحناً يناسبني سواء كان باللهجة الخليجية او اللبنانية او السورية او المصرية، سأغنيه دون تردد. حفلاتك الجماهيرية قليلة؟ - قد يكون السبب عدم توفر المكان المناسب مع ذلك قدمت العديد من الحفلات الجماهيرية وخاصة في قلعة حلب. ما هو دور المظهر الخارجي في نجاح الفنان وتقبل الجمهور له؟ - الفنان ليس صوتاً فقط، هناك الكثير من الأصوات تغني على المسرح لا يتقلبها الجمهور والكثير من الاصوات لم تفرض نفسها على المسرح، ويجب ان يتمتع المطرب بذكاء كبير، أذكر أني في كثير من الاحيان غيرّت برامج حفلاتي لأغني اللون الذي يتقبله الجمهور الموجود أمامي. إذاً يمكن ان تمثل ميادة الحناوي؟ - لم يخطر لي في يوم من الأيام أن أمثل. أبداً! - إذا كان هناك مسلسل تلفزيوني للأطفال أقبل التمثيل، وإذا عاد نمط أفلام أيام زمان التي غنى فيها المطربون الكبار أيضاً يمكن أن أمثل فيها. يقال عن حلب أنها أم الطرب هل أثرت البيئة الحلبية في نجاحك؟ - عندما كان عمري ست سنوات كنت أعني "ليه يا بنفسج" و"آه يا حلو يامسليني" وبعد ذلك حفظت كل أغاني أم كلثوم، وهناك ظاهرة في حلب تساهم في تطّور الفن وهي الاستقبالات حيث تجتمع "الستات" النسوة يوم أو يومين في الأسبوع على الرقص والغناء. وأذكر أني كنت أسرق الراديو كل يوم خميس لأستمع الى حفلات أم كلثوم في الليل بينما الأهل نائمون، ولا أنسى هنا ان الفضل الأول كان لأمي التي كانت توجهني لغناء الأغاني التي فيها طرب وليس الأغاني العادية. لأمك الفضل الأول ولمن الفضل الثاني؟ - لجمهوري الذي أحببته ويحبني ولصبحي عرفات الذي ساعدني في التعرف على الملحنين الكبار، أما انطلاقي جماهيرياً فالفضل الأول يعود للمرحوم بليغ حمدي. وماذا عن المشاريع المستقبلية؟ - كما قلت لك عندي ألحان للموسيقار الراحل بليغ حمدي والملحن السوري نجيب السراج ولحن جديد لملحم بركات، وكلها سأنفذها قريباً إن شاء الله. يظهر ان الزواج غير موجود في هذه المشاريع؟ - بالعكس أنا الآن قريبة جداً من مشروع الخطوبة والزواج والأسرة وهو في طور الدراسة النهائية في الوقت الحالي، وعندما تتبلور الأمور بشكل نهائي سوف أعلن ذلك ليشاركني كل من يحبني سعادتي وفرحتي. وهل سعيد الحظ من الوسط الفني؟ - نعم. مشهور؟ - نعم. اسمه؟ - كل شيء في وقته حلو. هل يمكن ان تضحي بالفن على حساب الحياة الأسرية؟ - يمكن أن أختار حياة البيت وأبقى لزوجي وأولادي إذا كان الانسان الذي يطلب مني ذلك يستأهل. والأولاد؟ - أموت في الأولاد، أتمنى ان يصبح عندي أولاد وأعيش حياة أي إنسانة. وماذا عن حبّك للرياضة وتشجيعها؟ - فعلاً أحب ممارسة الرياضة وخصوصاً رياضة المشي، وأسرّ كثيراً بمشاهدة مباريات كرة القدم وأتحمس أثناء مشاهدتي لها سواء على المستوى العالمي أو المحلي، وأقمت أكثر من حفلة للفرق الحلبية المتفوقة خاصة "الاتحاد" الذي تشجعه عائلتي كلها وأذكر أني أقمت حفلة لمساعدة هذا الفريق حيث حمل الجمهور سيارتي ويومها متّ من الرعب خوفاً ان تقع السيارة على أحدهم. وماذا عن أوقات فراغك؟ - أقضيها في إدارة منزلي الذي أحبه جداً وأحب أن أدخل مطبخي لأصنع الأكلات الحلبية المشهورة فأنا هاوية للطبخ ويقول كل من تذوق طبخي بأني طباخة ماهرة ولدي ذوق رائع في الطهي.