"المواصفات السعودية" تنظم غدًا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    "تلال" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب الرياض" بتوقيع اتفاقيات إستراتيجية لتعزيز جودة الحياة في مشاريعها    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    المكسيكي «زوردو» يوحّد ألقاب الملاكمة للوزن الثقيل المتوسط لWBO وWBA    اليوم..بدء الفصل الدراسي الثاني    نفاد تذاكر مواجهة إندونيسيا والسعودية    منتخب هولندا يهزم المجر برباعية ويلحق بالمتأهلين لدور الثمانية في دوري أمم أوروبا    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    اليوم بدء الفصل الدراسي الثاني.. على الطريق 3 إجازات    20,124 مخالفاً في 7 أيام وإحالة 13,354 إلى بعثاتهم الدبلوماسية    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    اختلاف التقييم في الأنظمة التعليمية    مهرجان الزهور أيقونة الجمال والبيئة في قلب القصيم    المتشدقون المتفيهقون    الإستشراق والنص الشرعي    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    أهم باب للسعادة والتوفيق    أغرب القوانين اليابانية    الفرصة المؤكدة و مغامرة الريادة في كفتي ميزان    «مزحة برزحة».. هل تورط ترمب ب«إيلون ماسك» ؟    سعرها 48 مليون دولار.. امرأة تزين صدرها ب500 ماسة    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان الشراكة الإستراتيجية    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    اكتشاف تاريخ البراكين على القمر    «واتساب»يتيح حفظ مسودات الرسائل    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    عروض ترفيهية    المملكة تستعرض إنجازاتها لاستدامة وكفاءة الطاقة    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    شارك في الطاولة المستديرة بباكو..الجاسر: 16 مليار دولار تمويلات البنك الإسلامي للمناخ والأمن الغذائي    تجاوز الدحيل القطري.. الخليج ينفرد بصدارة الثانية في «آسيوية اليد»    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    منتخبنا فوق الجميع    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    المرتزق ليس له محل من الإعراب    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    ألوان الأرصفة ودلالاتها    ابنتي التي غيّبها الموت..    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    وطنٌ ينهمر فينا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    الزفير يكشف سرطان الرئة    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"والي بيروت" يفتح دفاتره . سامي الخطيب : عرفنا بانقلاب القوميين السوريين قبل وقوعه - لا صحة لتعذيب وحشي لكن بعضهم تعرض للضرب - قسم ثاني
نشر في الحياة يوم 19 - 12 - 1994


شهاب وريمون اده
لماذا تردت العلاقة بين شهاب وريمون اده؟ ولماذا ترسخت العلاقة بين شهاب والكتائبيين.
- سنة 1958، عندما فاز فؤاد شهاب بالرئاسة كانت هناك فكرة متداولة ان عبدالناصر اتفق مع الأميركيين على المجيء بفؤاد شهاب رئيساً للجمهورية وان شهاب لم يستعمل الجيش ضد الثوار وبالتالي كان ميالاً اليهم أي الى رشيد كرامي وصائب سلام، وعندما استلم شهاب والف حكومته الأولى قام حزب الكتائب بما سمي في حينه الثورة المضادة التي أدت الى استقالة الحكومة والى تأليف الحكومة الرباعية التي شارك فيها اده والجميل. كان شهاب يريد الشارع المسيحي. شمعون كان قوياً فيه لكنه كان ضده. ريمون اده حزبه ليس شارعياً، لم يكن يريد ان يكتفي بالشارع الاسلامي لأن بالشارعين يكون الحكم متوازناً. في الشارع المسيحي كان هناك شمعون والجميل، المكتب الثاني لم يكن له شارع بعد. نحن داخلان على الشارعين دفعة واحدة فكان لا بد من شارع مسيحي نتعاون معه والكتائب كانوا موجودين، وتعاونا معهم. هم تابعوا معنا وانكفأ اده. السبب الظاهري لذلك فيليب خير. اما السبب الأساسي فهو لماذا يقدم شهاب الجميل وحزبه عليّ. أراد اده ان يكون هو الأول. لكن ليس معه "شارع". ومع ذلك عينه شهاب وزيراً للداخلية ووضع كل شيء في تصرفه. ولكن فيليب خير، أخذ "يمس" بفؤاد شهاب، استدعاه انطوان سعد ونبهه لكن خير تواقح معه فضربه "كفاً" لأنه تجاوز تهذيبه في وزارة الدفاع فقامت القيامة. فيليب خير أكل "كف". قابل ريمون اده فؤاد شهاب وعوقب انطون سعد لعشرة أيام توقيف. ونفذ العقوبة. الا ان ذلك لم يكف اده الذي أعلن منذ ذلك الوقت حربه على فؤاد شهاب والشعبة الثانية والجيش. واستعدى كل الناس وظل حتى الساعة معادياً لكل شيء اسمه جيش وكل ما له علاقة بفؤاد شهاب مع العلم انني أعرف ان شهاب كان "حاطط" عينه على ريمون اده كخليفة له بعدما نجح في وزارة الداخلية. وأعجب به شهاب كخليفة له من بعد 20 تموز يوم استقال شهاب جدياً علماً ان كل اخصامه اعتبروا الاستقالة تمثيلية في ذلك الوقت. ولم يكن ذلك صحيحاً كان يعتبر ان دوره انتهى. استقال لسببين: اولهما "انني خلصت البلد وأنهيت الحرب وعملت القوانين، فليأت غيري ليكمل". وثانيهما "ان كل واحد يريد ان يحملني أوزاره وخلافاته وأحقاده على الآخرين".
لذلك عندما تمنوا عليه ان يعود قال لهم هل تريدونني ان احكم؟ أنا ليس عندي وريث، هل تريدون بلداً جديداً، استمر كانت المحاولة الوحيدة لبناء دولة، بعد 20 تموز.
الشعبة الثانية مظلومة!
قيل الكثير عن تجاوز الشعبة الثانية القوانين والحدود: "ضغط في الانتخابات تنصت على المكالمات"؟
- هناك ظلم للشعبة الثانية في ما يتعلق بالتنصت على الهاتف والتدخل في الحياة الخاصة. الشعبة الثانية لم تتنصت على المخابرات وخاصة الخاصة، وانت تعرف انه ليس هناك دولة في العالم بدون مراقبة هاتفية، ابتداء من سويسرا والسويد الى افغانستان. المهم ان لا تستعمل هذه المراقبة لايذاء الناس والتعرض لأعراضها وأخلاقها. أنا اتحدى ان يقول لي أحد في الجمهورية اللبنانية ان الشعبة الثانية استعملت في أيامنا هذا الحق أو السلطة ضد شخص من الأشخاص. أما تدخلنا في الانتخابات فكان بأوامر السلطة السياسية ولم نكن فاتحين دكاكين على حسابنا. كانت هناك سلطة سياسية وعهد له سياسة معينة، كلفنا بجزء منها وكلفت أجهزة اخرى بأجزاء اخرى من هذه السياسة. لم نحضر احداً في الانتخابات بالقوة. من يؤثر على فلان نحضر فلان الذي هو صديقنا للتأثير عليه. لكننا لم نسجن احداً ولم نجبر احداً على الانتخاب خلافاً لارادته. حصلت بعض التوقيفات على أيام نعيم فرح، شجبناها وتراجعنا. حصلت صباح يوم الانتخابات وتدخلنا فيها والساعة 10 صباحاً كانت الانتخابات جارية والقصة لم تتكرر.
كنت مسؤولاً في بيروت والناس تشهد اذا كان أحد أوقف في بيروت أو منع من الوصول الى صندوق الاقتراع. لم نتدخل في قضايا الناس. أما اذا اشتكى أحد فكنا نتدخل مع السلطات المعنية. اذا اشتكى لنا أحد الأصدقاء ان جاره معتدى عليه، تحول الى النيابة العامة أو آمر الفصيلة المختصة حتى لا يظلم أحد في عهدنا، نعم تدخلنا لكن التدخل كان بأمر سياسي. الحق على الديموقراطي الذي يطلب منا التدخل. لا يحاسبون الشعبة الثانية ولا الضباط الذين نفذوا أوامر السلطة السياسية. أنا اليوم، وزير، أنا لا أقبل ان يحاسبوا قائد شرطة بيروت على ما ينفذ بسبب مطالبي.
كان الانطباع السائد ان المكتب الثاني هو الحاكم وان القرارات السياسية شكلية؟
- سأسألك، هل المكتب الثاني هو الحاكم وتؤلف حكومة عام 1968 يأتي فيها سليمان فرنجية وزيراً للداخلية وهو كان يكنّ ما يكن للشعبة الثانية، وهنري فرعون وزيراً للدولة… هل تكون الشعبة الثانية هي الحاكمة ويسقط فؤاد بطرس في انتخابات 1968؟ ويسقط شارلي سعد… الحاكم هو الذي استطاع ان يسقط هؤلاء. ولو اعترفنا بعد 20 سنة بذلك.
لماذا دخل شهاب الى الشارع الاسلامي ولم يدخل الشارع المسيحي؟
- لأن شهاب كان معروفاً من الاساس من خلال ادارته لمؤسسة الجيش ومن خلال صداقاته لتقي الدين الصلح وعلي بزي ومن خلال سلوكيته العامة، كان يعرف بأنه غير طائفي وغير متعصب ولم يستخدم الجيش اثناء الحوادث لضرب الناس بقسوة وخاصة المعترضين على كميل شمعون. كل هذه المعطيات جعلت صورته في ضمير المسلم بهية ومتألقة. لذلك عندما استلم رئاسة الجمهورية تألقت هذه الصورة وانفتحت على الشارع ومورست وظهرت الى العلن وأكدها شهاب من خلال جلبه صائب سلام للحكومة ثم كرامي ولم يحضر الذين كانوا ضد الشارع الاسلامي كسامي الصلح أو غيره. فهذا الانفتاح جعل الشارع الاسلامي مؤيداً لشهاب. أضف الى ذلك اعتماده للشعبة الثانية جهازاً له وانفتاح هذا الجهاز على الشارع الاسلامي. عندما استلمت الفرع الداخلي، دخلت الى بيوت في المنطقة الغربية وصاروا يطلبون خدمات. يمكن هذه الأسباب جعلته غير شعبي عند المسيحيين وسهلت لأخصامه ان يستخدموا هذا الموضوع لتشليحه شعبيته. علماً ان شعبيته لم تكن قليلة عند المسيحيين الا في أوساط البرجوازية المخملية وأوساط الجماعات التي تتردد على السفارات وعلى الرأسماليين الذين يخافون من امتداد عبدالناصر، والمصارف، والصناعيين، كلهم كانوا يخافون على النظام الرأسمالي وعلى المبادرة الفردية والاقتصاد الحر انه "ربما شهاب مشي مثل عبدالناصر صديقه"، فكرهاً بعبدالناصر وبالشيوعية التي يكرهها شهاب كرهوه. لكني عندما تبين لهم ان شهاب ليس كما يظنون، وانه تحالف مع عبدالناصر محبة بلبنان لأنه كان يعتقد انه بمعية عبدالناصر يخدم لبنان مع الأسف تفهموه وأحبوه لكن كان الأوان قد فات.
هل كان التجديد وارداً؟ لماذا لم يحصل؟ ومن كان ضد التجديد؟ وما هو دور كامل الأسعد؟
- أولاً، وقبل كل شيء أقولها وأنا مسؤول، لم يكن فؤاد شهاب راغباً في التجديد ضميرياً ووجدانياً أبداً. الذين رغبوا في التجديد كانوا نحن. وأذكر انه قال لانطوان سعد بوجودي: "لا أريد ان اجدد" لماذا؟ لم أدخل الى عمق فؤاد شهاب، ولكن بامكاني ان استشف انه كان يشعر بمرارة من الموارنة الذين ابتعدوا عنه في آخر عهده. لم يكونوا بالوفاء الذي كان ينتظره. رغم انه عمل لهم الكثير سواء على صعيد التمثيل او السلطة أو الخدمات. كان منصفاً لهم ولغيرهم. ولم يؤذهم أي انه لم يؤذ التركيبة المارونية ككل في البلد. لم يخفف من الصلاحيات لم يغير أحداً، كل ما فعله انه أشرك الفئات الأخرى بنسب متفاوتة. ثقة المسلمين بفؤاد شهاب جعلتهم يقبلون معه بكل شيء. كنا طالعين من ثورة 1958. ولم يطلبوا منه أي شيء. كل المناصب الرئيسية التي نختلف عليها اليوم، قيادة الجيش ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وحاكم المصرف المركزي، وأمين عام الخارجية للارثوذكس كانت للمسيحيين. لم يغير منها شيئاً كل ما عمله انه أحضر احمد الحاج الى القصر الجمهوري رئيساً للفرقة العسكرية وعين شفيق محرم رئيساً للفرقة التقنية مع الياس سركيس، وأحضر سامي الخطيب الى الشعبة الثانية. هذا ما عمله، واعتمد الصدق والصراحة والوفاء مع عبدالناصر في السياسة العربية، فنال ثقة المسلمين ولم يعودوا يطالبونه بشيء. ولكن على صعيد الانماء المتوازن عمل للكل، وبنى مؤسسات الدولة وأحضر بعثة "ايرفد" فقامت بمسح كامل للدولة وبدأ بناء دولة المؤسسات لترضي كل الناس. وهذا لم يعجب الموارنة فابتعدوا عنه حتى آخر العهد. وهذا بعض أسباب عزوفه عن التجديد ثم عن الترشيح في عام 1970. مات في 1973 لم يكن راغباً في العودة الى الرئاسة. كان الوضع الاقتصادي ممتازاً والمؤسسات تنمو ولكن الرياح المزعجة بدأت تهب عام 1967 وشعر ان المنطقة قادمة على شيء كبير ومن ناحية اخرى ان اللعبة السياسية في لبنان معقدة تتأثر بالأهواء الشخصية وستتعبه. فانكفأ. والسبب الأساسي والأول هو بعد الموارنة عنه.
لو نجحتم في عهد شارل حلو، هل كان قبل العودة عام 1970؟
- أشك، لأننا احسسنا ان قراره ابعد من المرارة المارونية. فالرجل لم تكن عنده شهوات. الذي يريد الحكم تكون لديه رغبات وشهوات، مال، سلطة شاملة، قصور، سياحة، صيد… الخ. لم تكن لديه رغبات وليس لديه أولاد. يقرأ، يحكم… فقط.
عام 1970 عندما رفض الترشيح، اعتبر الأمر ادانة للوضع وللطبقة السياسية؟
- طبعاً ان بيان عام 1970 كشف كل عيوب الحكم وتكشفت السلطة على حقيقتها وكان بدأ العمل الفدائي وبعد هزيمة 1967 ظهر لفؤاد شهاب ان الوضع دقيق والأوضاع السائدة في البلد لا تبشر بالخير.
اختيار شارل حلو
ما هو الدور العام الخارجي في اختيار شارل حلو ولماذا بدا وكأن الرئيس شهاب اختار حلو أو زكاه أو قبله بالرغم من انه كان هناك من هم أقرب اليه منه بكثير في الخط الشهابي؟
- صحيح، كان بعضهم أقرب من شارل حلو ولكنني اعتقد ان اختياره لحلو تم لأنه اعتبره حسب ما أظن، تلميذاً لميشال شيحا، وبالتالي قريباً من بشارة الخوري والدستوريين. الأمر الذي يجعله ضمانة للاستقلال وللبنان وهو لا يملك "جذوراً" يخشى منها، وليست لديه خلفيات.
اختار الرئيس حلو لخلفيته الدستورية ولثقافته العائدة لميشال شيحا لأن الرئيس شهاب كان يحترم آراء بشارة الخوري وشيحا في ما يختص بالقضية الفلسطينية وكان يختلف معهم في بعض الأمور المتعلقة بالعروبة في لبنان.
اعتبر ان شارل حلو بالاضافة الى قربه من الدستوريين ليس عنده حزب ولا أنصار ولا عائلة يمكن ان تسيء الى الحكم وتستغله. وكانت صلته بالمؤسسات العسكرية والأمنية وغيرها جد محدودة ان لم تكن معدومة. وفي سدة الرئاسة سيجد حلو أمامه الأجهزة ذاتها وحتى الفكر السياسي ذاته وبالتالي تكون هناك استمرارية للنهج الشهابي ولحكم فؤاد شهاب وعلى هذا الأساس تم الاختيار وعلى هذا الأساس لعب المعارضون لعبتهم في ذهن شارل حلو وضميره فيما بعد. وهكذا منذ ان استلم حلو، قالوا له انت الواجهة ولست حاكماً.
ما هو دور مصر وأميركا في اختيار حلو رئيساً للبنان؟
- اعتقد ان اميركا وعبدالناصر تركا الخيار لفؤاد شهاب. واعتبرا ان ما يختاره يرضيهما وأتصور ان شهاب لم يعين حلو قبل ان يستشير الطرفين. شهاب كان من الدقة بحيث يستشير الرئيس عبدالناصر بالموضوع. وطبعاً استشير واعطى مواصفات شارل حلو وضمانة فؤاد شهاب.
والأميركيون كانوا على اطلاع على هذا الموضوع ولم يكتفوا بضمانة شهاب التي رافقتها اسهامات مجموعة من الأقطاب المسيحيين مثل هنري فرعون وفيليب تقلا المقربين من الأميركيين والذين أعطوا مواصفات وصورة بهية عن الرئيس حلو.
قضية الميراج
ما هي قصة محاولة خطف طائرة الميراج
- هي قصة بسيطة ومعقدة تنقصها الرؤية. قصة الميراج بدأت بعد حرب 1967. كنا انا واللواء احمد الحاج مكلفين من مجلس الوزراء طلب مساندة الرئيس عبدالناصر عندما كان جارياً تصنيف الدول العربية بين دول مواجهة ودول مساندة. ذهبنا واجتمعنا بالفريق محمد فوزي وبالاستاذ محمود رياض وزير الخارجية وسامي شرف وزير الدولة لشؤون الأمن القومي ورئاسة الجمهورية.
ثلاثة اجتماعات متتالية، شرحنا أوضاعنا وتمنينا على الرئيس عبدالناصر ان يساندنا في الجامعة العربية لاعتبار لبنان دولة مساندة. في احد الاجتماعات قال الفريق فوزي "ان هذه الطائرة التي اسمها ميراج، لا نراها سوى عدوة. تصطدم طائراتنا بالميراج، فتسقط طائراتنا ولسنا قادرين ان نعرف شيئاً عن هذه الطائرات. الا تعيرونا طائرة ليتآلف طيارونا معها حتى نكسر عندهم حاجز الخوف من هذه الطائرة المرعبة". كانت أهم طائرة في حرب 1967.
عرضنا هذا الموضوع، وكان حله صعباً لأنه بموجب الاتفاقية الموقعة مع فرنسا مصنعة الميراج لا يحق للبنان اعارتها أو ابدالها أو بيعها الا بمعرفتها.
نحن حملنا رسالة للعماد اميل البستاني بهذا المعنى عن لسان الرئيس عبدالناصر في اثناء زيارة ثانية.
في زيارة ثالثة بتكليف من مجلس الوزراء لبحث موضوع التسلل الفدائي من عرنة، سهل لي الرئيس عبدالناصر مقابلة أبو عمار. وطرح معي موضوع الطائرة. تطلع طائرة لفوق البحر وتقول انقطع الاتصال معها. وتظل مكملة سيرها الى هنا نردها بالسر. لم نقبل، آخر عرض قدمه المصريون ثم بعدما فتحوا اتصالاً مع اللواء حافظ الأسد وزير الدفاع السوري وبعدما أقاموا معه علاقة ود وتنسيق عسكري. طرحوا علينا العرض التالي، نبعث أسرابنا مع الأسراب السورية تحط في قواعد قريبة من السلاسل الشرقية ونعمل غرفة تنسيق مشتركة هي سلاح الجو السوري واللبناني تطلع الميراج بوقت معين، فوق السلسلة الشرقية وتطلع الميغ من هناك، وتكون مناورات ويعود الكل الى قواعده.
عرضنا العرض ولم يحظ بالموافقة من السلطة السياسية من رئيس الجمهورية ولم تطرح على مجلس الوزراء. العماد اميل بستاني كان جاهزاً.
الروس في الفخ
كيف تورط الروس أو السوفيات في قضية الميراج اذاً؟
- أتصور، وهذا رأيي، ان المصريين قالوا للروس، اننا نطلب الميراج وان اللبنانيين لا يوافقون، لأن اتفاقيتهم مع فرنسا تمنعهم. يبدو ان الروس قرروا ان يدبروا الميراج. هنا بدأت قصة الميراج. قرار روسي: امنوا ميراج من لبنان. التكاليف لا تهم. يجري اتصال من احدى العملاء الروس مع ضابط طيار لبناني متقاعد اسمه حسن بدوي يطلب منه فيه ان يؤمن لقاء مع طيار لبناني حالي، يطير بالميراج. حسن بدوي مع طيار آخر من بيت حمادة دخلا بالعملية واختارا محمود مطر وعرضا عليه العرض. ومطر كان طيار ميراج من طراز ممتاز. محمود رغم حداثة رتبته كان ضابطاً واعياً جداً وعرف ان هذه قصة كبيرة. حمل العرض وجاء الينا قائلاً: أنا اليوم عرض عليّ كذا وكذا.
بعدما أصبحت العملية بين يدينا، أصبحنا أمام أمر واقع. اذا استدعينا السفير سينفي. وبالتالي تفشل العملية ونتهم بالافتراء على الروس وقد يعرضون الأمر على طيار ثانٍ.
أبسط عمل استخباراتي ان نقول لمحمود مطر وافق واخبرنا. كلف بهذه العملية عباس حمدان، رئيس الفرع الخارجي وكلفت كرئيس فرع الأمن الداخلي ان أقدم لعباس حمدان كل مؤازرة ولم أكن أعرف السبب.
دعانا غابي لحود وقال لنا ان هناك محاولة لخطف طائرة ميراج سألنا عن الجهة الخاطفة أجاب: الروس. قلت له وكنت برتبة رائد، الروس يسلحون العرب وهم معهم في المعركة ضد اسرائيل، عمل من هذا النوع يخلق قصة طويلة عريضة. أجابني
Sami La Diginite De Larmee est en Cause et La Decision Est Prise.
أي كرامة الجيش بالدق والقرار اتخذ.
الليلة سنداهم ونوقف العملية وأنت مكلف بالمداهمة الرئيسية.
انا كضابط، لم يكن عليّ سوى تنفيذ الأوامر، يمكن النضج السياسي لم يكن كافياً حتى نلبط بالأرض… اليوم لا أقول له نعم. يمكن هو تكلم مع شميط رئيس أركان الجيش ومع رئيس الجمهورية وأخذوا هذا القرار. انفض الاجتماع ورتبنا عملية مخابرات من انجح ما يكون. طبعاً كانت عملية سياسية من أفشل ما يكون ودفعنا ثمنها. عملية مخابرات مرتبة؟ شقق، لاسلكي، على آخر طرز والاشارة كانت انه عندما يوضع الشيك بپ350 ألف دولار لمحمود مطر مع مخطط الطيران على الطاولة يعطينا اشارة فنتدخل.
مخطط الطيران كان محسوباً على "البكلة" البنزين، الكلم، البنزين يوصل الى مطار باكو في جنوب الاتحاد السوفياتي. معمولة خطط الطيران بشكل ان يسير على مفارق معينة، الرادارات التركية والسورية والعراقية لا تلقطه. واذا كمشته لا تطارده لأنها تدخل في المجالات الجوية الأخرى مع حساب الارتفاع والسرعة. عندما يدخل اجواء الاتحاد السوفياتي ترافقه طائرات ميغ 21. وينزلوه في المطار. كل شيء مدروس. ماذا يعمل حتى يقطع الاتصال. وهنا يفقدوا الاتصال معه ويبدأ البحث عنه. وفي هذه الأثناء يكون هو في باكو. وتؤمن عائلته الى سويسرا.
سمعنا بالراديو ان الشيك أصبح على الطاولة، كنت في ثكنة الحلو مع الشرطة العسكرية والمخابرات تحركت مع الأجهزة الى الشقة التي كان الروس استأجروها قرب الضمان الاجتماعي حاولنا فتح الباب. عرفوا ان الشرطة العسكرية تداهم رفضوا فتح الباب. أصيب عباس حمدان بطلق ناري عبر الباب اضطررنا الى فتح النار على الباب وخلال بضع ثواني كان هناك حوالى أربعة جرحى على الأرض. روسيان اصيبا واحد من الشرطة العسكرية اصيب كل ذلك ومحمود مطر في الداخل. قال لي ان الروسي ابتلع الشيك. اخبرنا مفوض الحكومة والأجهزة ولحقناه وغسلنا له معدته وسحبنا الشيك، وبقي مقروءاً واضطررنا الى اخبار السفير الروسي وعلمنا بياناً نشرح فيه ما حصل. وردت السفارة ببيان قاس اتهمتنا فيه بالعمالة للأميركان.
عملية مخابرات ناجحة جداً. "عملية سياسية" فاشلة جداً. قامت علينا القيامة. كنا خارجين من عملية 23 نيسان وقعنا في عملية الميراج. ودفع ذلك بعدما تناولت الصحف البيانات، وبدأت الصحف الغربية تفتح النار على الاتحاد السوفياتي، وعلى تصرفه غير اللائق مع الدول الصديقة والقرصنة الجاسوسية، حملات فظيعة دفعت ابراهيم صبري سفير الجمهورية العربية المتحدة الى ايقاظي في الليلة الثالثة وقال لي لك رسالة من سامي شرف. استلمت الرسالة. وجاء فيها: "ان عبدالناصر يسلم عليك وعلى الرئىس شهاب ويقول لك كرامة الأمة والأمة العربية ونضالنا يجب ان لا يترك تحت رحمة الأقلام المأجورة والاتحاد السوفياتي يجرّح به بشكل غير مقبول، وهو الذي يساعدنا في معركتنا القومية الكبرى ويجب ان تتوقف هذه الحملة بأي شكل" ايقظت الرئيس شهاب وغابي لحود الذي تولى اعلام الرئيس حلو في ذلك الوقت. ووافق الرئيس حلو على ان نتحرك على كل الصحف بدون استثناء. في اليوم التالي لم ينشر شيء وتوقفت العملية وسفّرنا الروس الى الخارج واحلنا القضية الى النيابة العامة التمييزية، اغلق الملف قضائياً حتى لا تحصل ملاحقات وأتصور ان حسن بدوي سجن خمسة أشهر وكذلك حمادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.