فيصل بن بندر يرعى حفل الزواج الجماعي الثامن بجمعية إنسان.. الأحد المقبل    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف الشريف    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    هل يجوز البيع بسعرين ؟!    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    لمحات من حروب الإسلام    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    رأس وفد المملكة في "ورشة العمل رفيعة المستوى".. وزير التجارة: تبنّى العالم المتزايد للرقمنة أحدث تحولاً في موثوقية التجارة    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    المؤتمر الإعلامي الثاني للتصلب المتعدد: تعزيز التوعية وتكامل الجهود    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    محمد بن ناصر يفتتح شاطئ ملكية جازان    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمة الاسلامية السابعة طغيان القضايا العربية
نشر في الحياة يوم 19 - 12 - 1994

في اجتماع خبراء منظمة المؤتمر الاسلامي في جدة في تشرين الأول اكتوبر الماضي لاعداد جدول اعمال وزراء خارجية الدول الاسلامية، شغلت القضايا العربية حيزاً مهماً من الاجتماع، ثم انتقل الانشغال بالهموم العربية الى اجتماع وزراء الخارجية في الدار البيضاء. وفي اكثر من مناسبة كادت الهموم العربية تعطل اعمال المجلس الوزاري، بل استهلكت معظم أوقاته، على رغم التطورات الخطيرة التي شهدتها البوسنة والهرسك، المفترض ان تكون الشغل الأول للقمة الاسلامية السابعة في الدار البيضاء.
حتى عشية افتتاح القمة بدا انها حدث اسلامي مثقل بهموم عربية. أو انها قمة عربية في اطار اسلامي، امتص معوقات معروفة تحول دون عقد قمة عربية في اطار الجامعة العربية. فأكثر من وزير خارجية عربي لاحظ هذا الأمر، وفي طليعتهم الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الذي قال لپ"الوسط": "حرصت المملكة على ان تبقى اجندة القمم الاسلامية مخصصة للشؤون الاسلامية الملحة لا ان يرحل الاعضاء العرب قضاياهم الى منظمة المؤتمر الاسلامي".
كما علمت "الوسط" من مصدر في الوفد الكويتي ان أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح اشترط، قبل الموافقة على حضور القمة، ان لا يحاول احد اجراء مصالحات بين الكويت ودول تميزت بمواقفها غير المساندة لمعاناة الكويت خلال العدوان العراقي عليه". ومع هذا كشف مصدر مغربي مقرب الى الملك الحسن الثاني لپ"الوسط" ان الملك يحرص باستمرار على ان تنتهي القمم التي تستضيفها بلادنا بقرارات تاريخية. البوسنة والهرسك، على اهميتها، لا توازي طموح جلالته الهادف الى تصفية الأجواء العربية لتنطلق مسيرة العمل الاسلامي نحو قضايا دولية كبرى. ولذا نحن نرصد نتائج هذه القمة لنوظفها في هذا الاتجاه". في هذا السياق هل يمكن القول ان قمة الدار البيضاء الاسلامية مثقلة بالهموم العربية، ام هي مشروع قمة عربية مصغرة في اطار اسلامي؟
مرونة كويتية وعراقية
على رغم الشروط التي وضعتها الحكومة الكويتية الا ان الورقة الكويتية المرفوعة الى وزراء خارجية الدول الاسلامية تميزت بمرونة ملحوظة فخلت من عبارات التنديد والتشفي بالعراق. كما رد المشروع العراقي بالمثل على الطرح الكويتي. وفوجئ كثيرون بأن الورقة العراقية لم تشر على الاطلاق الى "رفع العقوبات" بقدر ما ابدت "استعداداً لحل القضايا العالقة مع دولة الكويت في اطار مواثيق منظمة المؤتمر الاسلامي".
وواكب الورقة العراقية اعلان الوفد العراقي عن "نية بغداد الاعتراف بقرارات مجلس الامن". غير ان المرونة العراقية الكويتية المتبادلة قوبلت بإصرار خليجي جماعي على "ضرورة تنفيذ كل قرارات مجلس الامن لا سيما تلك المتعلقة برفع المعاناة عن الشعب العراقي وتأمين المواد الطبية والاغذية اللازمة"، كما قال الأمير سعود الفيصل لپ"الوسط" مضيفاً "نحن قدرنا الخطوة العراقية التي اعترفت بالكويت لأنها اعلان سياسي عقبه تنفيذ فعلي لالتزام الاعتراف، وهي خطوة في الطريق الصحيح للاعتراف بكل قرارات مجلس الامن. نحن عبّرنا عن ارتياحنا لما أعلن العراقيون في هذا المؤتمر، لكن العبرة بالنتيجة. نحن نريد ضمانات قاطعة".
والحديث عن ضمانات، أقلها الاعتراف بجميع قرارات مجلس الامن المرتبطة بمرحلة الغزو العراقي للكويت، استأثر باجتماعات وزراء الخارجية الذين استهلكوا اكثر من الوقت المخصص لاجتماعاتهم. ورأى مصدر ديبلوماسي اميركي في المغرب التقته "الوسط" الاصرار على طلب ضمانات مرده الى مخاوف وحسابات خليجية تخشى، اذا ما تمت المصالحة الكويتية - العراقية من دون هذه الضمانات، ان تتحول تجربة العراق في الكويت الى سابقة اقليمية قد تهدد أمن وسلامة دول الجوار الاقليمي للعراق اذا خرج منتصراً في القمة الاسلامية السابعة".
ورقة انتخابية
غير ان وزير الخارجية اليمني الدكتور عبدالكريم الارياني يرى رأياً مختلفاً وقال لپ"الوسط": "رفع العقوبات عن العراق تحول الى قضية اميركية داخلية، وبكلام أدق ورقة انتخابية. الولايات المتحدة تود الاستئثار بقرار رفع العقوبات عن العراق لتأمين المزيد من مصالحها معه. فهناك صراع بين الجمهوريين والديموقراطيين على الورقة العراقية عشية الاستعداد للانتخابات الرئاسية الاميركية". ويؤكد هذا التحليل "وزير خارجية فلسطين" فاروق القدومي، بقوله لپ"الوسط": "نحن أمام نسخة اميركية جديدة من اللعب السياسي بورقة الرهائن الاميركيين في طهران التي تنافس عليها الحزبان الرئيسيان في الولايات المتحدة. رفع العقوبات عن العراق، وامكان فوز واشنطن بحصة ضخمة من عملية اعادة اعمار العراق، ورقة انتخابية مهمة". اما وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح فعلق على كل هذا الطرح بقوله "نحن حريصون على الاجماع الخليجي وعلى التزام جميع قرارات الشرعية الدولية" في حين يرى محمد الصحاف وزير الخارجية العراقي "ان عدم التجاوب مع المرونة العراقية وانتهاء القمة الاسلامية من دون قرار يطالب برفع العقوبات عن العراق لطخة في جبين الأمة الاسلامية". وفي هذا السياق قال حامد الغابد، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي لپ"الوسط": "لاحظنا وجهات النظر المتباينة بشكل جذري حول هذه القضية. لذا حرصنا على ان تخرج القمة بتوصيات تحاذر تعميق انقسام الأمة الاسلامية".
الولاية على القدس
في ما يتعلق بقضية القدس قال مصدر في الوفد السعودي لپ"الوسط": "ان الوفد الأردني جاء الى الدار البيضاء يحمل اقتراحاً بتوجيه المؤتمر الاسلامي الشكر الى الأردن لرعايته القدس، كتوطئة للاعتراف بدوره في رعاية المقدسات الاسلامية فيها". وعلمت "الوسط" ان سلطنة عمان ايدت الاقتراح الاردني. غير ان مصر ودولة خليجية مؤثرة لم تجدا مبرراً موضوعياً لتخصيص الأردن بهذا الشكر. وفي هذا السياق قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لپ"الوسط": "لا نرى اي موجب للفصل بين الولايتين السياسية والدينية على القدس. هذا الفصل ممكن في أوروبا التي طبقت بنجاح مبدأ فصل الدين عن السياسة. كل هذا الجدل لا يخدم قضية القدس بشيء". في حين رأى فيصل الحسيني، احد أبرز قادة الداخل الفلسطيني، وقد شارك في لقاءات الكواليس في القمة "ان القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين". وقال لپ"الوسط": "تشير قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالقدس الى انها أرض عربية محتلة في ضوء القرار 242. فهي عاصمة دولة فلسطين كما نصت قرارات القمم الاسلامية السابقة. وهي عاصمة فلسطين في اطار الشرعية التاريخية". اما القدومي فتحدث عن "وضعية القدس" كعاصمة لدولة فلسطين، كما نصت قرارات قمة فاس التاريخية، والفصل بين الولايتين بدعة لا تخدم سوى اسرائيل". وكان لافتاً ان شمعون بيريز، وزير الخارجية الاسرائيلي، وجه الى القمة رسالة سياسية خاصة بالقدس خلال لقائه مع البابا يوحنا بولس الثاني قبل القمة بأسبوع، حيث قال "القدس الموحدة عاصمة ابدية لدولة اسرائيل". ومع هذا تجاهلت توصيات القمة الجدل السياسي على القدس حين نصت على ضرورة احراز تقدم على المسارين السوري واللبناني استناداً الى القرارات 242 و338 و425 وفي ضوء مبدأ مقايضة الأرض بالسلام وإزالة الاحتلال الاسرائيلي عن كافة الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان وجنوب لبنان والمقدسات الاسلامية".
البوسنة قضية أوروبية
خلال لقائه مع مجموعة قليلة من الصحافيين حرص وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل على القول "ان الدول الاسلامية والعربية اعترفت بجمهورية البوسنة والهرسك عضواً كامل العضوية في الامم المتحدة بعد ان اعترفت بها كل الدول الأوروبية. وكل الخطط والاجراءات التي تنوي منظمة المؤتمر الاسلامي القيام بها تتوخى وضعها قيد التنفيذ من خلال التنسيق مع المجموعة الأوروبية. فالبوسنة قضية أوروبية قبل ان تكون اسلامية". وفي هذا السياق قال الوزير السعودي لپ"الوسط": "الدول الاسلامية ابدت استعداداً لارسال قوات الى البوسنة في اطار الامم المتحدة. ولكي تقوم القوات الدولية بمهماتها، من حماية الجيوب الآمنة حيث يقيم المسلمون الى ايصال المواد الغذائية والطبية، نحن سنطالب باعادة النظر في الصلاحيات الممنوحة لقوات الامم المتحدة لاداء المطلوب منهم. الصلاحيات الممنوحة لها حالياً لا تمكنها من ذلك. لذا فأي جدوى في ايفاد قوات اخرى"؟ وكشف ان المملكة العربية السعودية ايدت صدور اعلان خاص بالبوسنة عن القمة. وبدا واضحاً ان التزام قرارات الشرعية الدولية سيطر على تعاطي القمة مع القضية البوسنية "على رغم كثافة المشاعر الاسلامية المتعاطفة مع البوسنيين" كما قال الأمير سعود الفيصل، الذي لخص مأساة البوسنيين بقوله عن اعتداءات الصرب وعمليات التطهير العرقي المتواصلة: "لا ذنب للبوسنيين في انهم وجدوا حيث هم".
وعلى رغم غياب قضية البوسنة عن توصيات مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي الذي عقد اخيراً في بودابست، وعلى رغم تضاؤل رقعة الأرض التي حشر فوقها مواطنو دولة البشناق المسلمون الموازية لحوالي عشرة في المئة من مساحة البوسنة الاجمالية، بعد الهجوم على جيب "بيهاتش" الآمن اثر تضاؤل الجيوب الآمنة من 6 الى 2، حرصت القمة على التعاطي مع قضية البوسنة بحسبانها قضية اوروبية ذات امتدادات اسلامية. وأوضح مصدر أمني مغربي رفيع المستوى لپ"الوسط" ان خشية المسلمين من نتائج تعاطيهم مع الأزمة الافغانية وابرزها ظاهرة الافغان العرب التي تعاني منها دول عربية عدة، حمل المسلمين عموماً، والعرب خصوصاً على التنسيق مع المجموعة الأوروبية والامم المتحدة باعتبار ان ظاهرة الافغان العرب، قد تتكرر في ظاهرة "البوسنيون العرب".
مرجعية تفسير
"هذا هو الوقت المناسب في رأينا لمعالجة موضوع العنف والارهاب"، علق وزير الخارجية السعودي على انشغال القمة بملف الارهاب ومحاولة احتواء هذه الظاهرة، ولوحظ ان المقررات النهائية للقمة وأبرزها اقتراح الملك الحسن الثاني، رئيس القمة، تشكيل "مرجعية تضبط تفسير احكام الاسلام" كذلك دعوة الرئيس المصري حسني مبارك "الدول الاسلامية الى عدم التدخل في شؤون غيرها" كل هذه الاقتراحات التزمت بما وافق عليه اجتماع الخبراء في جدة عندما اقروا وثيقة مهمة سميت "مدونة سلوك البلدان الاسلامية". كانت القمة الاسلامية السادسة في السنغال عام 1991 اوصت بها، وهي عبارة عن قواعد وأصول وأحكام تلزم الدول الاسلامية بضرورة الامتناع عن التدخل في شؤون الغير باسم الدين الاسلامي، في ضوء شروحات عقيدية وفقهية في تفسير احكام الاسلام.
"تنقية صورة الاسلام في الخارج مما علق به من شوائب بسبب ممارسات بعيدة عن الاسلام" كما جاء في توصيات القمة، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمدونة السلوك الاسلامي التي اتفقت عليها البلدان الاسلامية باعتبارها معاهدة اخلاقية جرى قبولها في اطار منظمة المؤتمر الاسلامي. وبكلام أدق ربطت المدونة بين السلوك الاسلامي داخل بلدان المنظومة الاسلامية، اسلامية وعربية، وبين صورة الاسلام خارج هذه المنظومة. وجاءت "المرجعية" التي دعا الحسن الثاني الى تشكيلها بمثابة الموجه الدائم الذي سيتولى الاشراف على تفعيل وتنفيذ بنود "مدونة السلوك الاسلامي". كما حرصت توصيات القمة على عدم استفزاز اي دولة من الدول الاسلامية المتهمة بمساندة العنف، كالسودان وايران، اللذين طالبا "بتحديد دقيق لمفهوم الارهاب"، كما قال لپ"الوسط" الدكتور حسين ابو صالح وزير الخارجية السوداني. ولفت النظر ان وزير الخارجية الايراني الدكتور علي اكبر ولايتي ابدى ارتياحاً للتوصيات النهائية لدى اشارتها بخصوص الارهاب الى "الارهاب الذي تمارسه بعض المجموعات وبعض الدول" في اشارة خفية وذكية، كما أشار ولايتي لپ"الوسط" "الى الارهاب الذي تمارسه دولة اسرائيل حين تختطف قادة حزب الله في لبنان. وعندما تشن حملات الاعتقال والتعقب بحق المناضلين المسلمين في فلسطين المحتلة". اما "وزير خارجية فلسطين" فاروق القدومي فكشف لپ"الوسط" موقفه الخاص من منظمتي "حماس" والجهاد الاسلامي قائلاً "انهما فصيلان ينتميان الى الحركة الوطنية الفلسطينية في الداخل. ودولة اسرائيل غير الجادة في توخي السلام تحاول ايقاع فتنة كبرى داخل الحركة الوطنية الفلسطينية لشغل السلطة داخل مناطق الحكم الذاتي عن المطالبة بتنفيذ اتفاق اعلان المبادئ تنفيذاً كاملاً".
وبخصوص الصومال وليبيا حرصت القمة التزام مبادئ الشرعية الدولية. فبالنسبة الى انسحاب قوات الأمم المتحدة من الصومال خلال اذار مارس المقبل لوحظ تأكيد القمة الاسلامية السابعة ضرورة مساعدة الأطراف الصومالية على توخي الوفاق في ما بينها بمساعدة بلدان منظمة الوحدة الافريقية وفي طليعتها مصر، على ان تستعين المنظمة الافريقية عند الضرورة بالأمم المتحدة. اما الحل النهائي للخلاف بين ليبيا والغرب بسبب قضية لوكربي فلا تراه منظمة المؤتمر الاسلامي خارج حدود التزام قرارات مجلس الأمن، على ان تقوم الجامعة العربية أو اطراف اخرى بعملية التوفيق الصعبة بين مقررات الشرعية الدولية ومتطلبات السيادة الليبية لجهة التزاماتها نحو مواطنيها المتهمين بقضية لوكربي.
ومن البوسنة الى الصومال مروراً بمسارات التسوية في الشرق الأوسط وقضيتي القدس ولوكربي، اكدت توصيات القمة التزامها قرارات الشرعية الدولية مع الافادة قدر المستطاع من انشطة المنظمات الاقليمية المختصة: الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الاسلامية. وفي هذا الاطار ناقشت القمة قضيتي افغانستان وكشمير. فبصدد الاولى لوحظ حرص على تمكين الفصائل الافغانية المتحاربة على التوصل الى تفاهم نهائي لا يسقط انجازات تحرير البلاد التي حققتها هذه القوى بالانسحاب السوفياتي. وربطت مصادر باكستانية بين قيام حكومة اسلامية متطرفة في كابول وضرورة وقف عمليات انتهاك حقوق الانسان في كشمير.
وعالجت القمة موضوع الاقليات المسلمة في بلغاريا والبلدان غير الاسلامية، فأكدت توصياتها ضرورة تمكين هذه الاقليات من ممارسة حقوقها الدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية. وفي هذا السياق قال حامد الغابد لپ"الوسط" "ان عدم تمكين الاقليات المسلمة في اوروبا من ممارسة مقومات تعددها يهدد بانتقال حرب البوسنة الى مناطق اخرى. وتوسيع رقعة اشتعالها داخل البلدان الاوروبية". الا ان القمة اشترطت "الوئام والتصالح مع الجوار الجغرافي لاستمرار امكان ممارسة التعدد" لذلك اوصت جمهورية قبرص الشمالية بمتابعة فرص التعايش مع الحكومة القبرصية حرصاً على السلام والامن والتعايش الاقليمي في اطار مقررات الامم المتحدة.
تكتلات اقتصادية
الهاجس الاقتصادي بدا واضحاً في القمة في اطار قيام تكتلات اقتصادية كبرى داخل بلدان المنظومة الاسلامية وعلى اطرافها. وحول هذه النقطة كشف الامير سعود الفيصل "ان اقامة سوق اسلامية فكرة اقترحها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد وبما ان العالم الاسلامي يمتد من سور الصين الى المحيط الاطلسي، فرضت علينا الجغرافية الفضفاضة ان نعمل وفق مجموعات اقليمية توخياً للجدوى وطلباً للنتائج العملية لا الاكتفاء بالمشاريع النظرية". وعلمت "الوسط" ان مشاريع اقتصادية عدة ذات بعد اقليمي احالتها القمة الى اللجنة الاقتصادية المختصة لوضع دراسات الجدوى الخاصة بها. وفي ما يتعلق بالتعاون الاقتصادي على مستوى الدول الاسلامية في المنطقة العربية اشترطت القمة توافر شرطين: استكمال عملية التسوية بازالة كل الاحتلالات الاسرائيلية لاراضي سورية ولبنان وتنفيذ كل بنود اتفاق السلاح الفلسطيني - الاسرائيلي ثم تصفية الخلافات العربية. واذا كانت المصالحة العربية - الكويتية وازالة الآثار السياسية للاحتلال العراقي للكويت على مستوى الدول الخليجية شغلت الاهتمامات الرئيسية لوزراء الخارجية، فإن لقاءات الكواليس ركزت على مصالحات اخرى لا تقل اهمية ابرزها المصالحة السودانية المصرية، والجزائرية المغربية، وكان لافتاً لقاء وزيري خارجية مصر والسودان "هل نحن في حاجة الى وساطة؟" تساءل وزير خارجية السودان امام "الوسط". في حين نفى عمرو موسى وزير الخارجية المصري ما تردد عن وساطة يمنية بين الخرطوم والقاهرة. وكشف مصدر مصري "ان العلاقة الداخلية بين قطبي الحكم في السودان الجيش والجبهة القومية الاسلامية، هي السبب الاول لما هو حاصل بين مصر والسودان. وتشكو جهات مصرية من ان "حسين ابو صالح ليس وزير الخارجية الفعلي في السودان. وما يقوله ابو صالح قد يلزم حكام السودان". كل هذه الاجتهادات تربط تحسن العلاقات بين البلدين بطبيعة السلطة في الخرطوم ومدى قدرتها على الاستمرار. اما العلاقات الجزائرية - المغربية فلا يرى محمد صالح الدبري وزير خارجية الجزائر، انها مرشحة لأي جديد "لا اتوقع اسقاط العمل بالتأشيرة بين البلدين"، كما قال لپ"الوسط"، "انما نحرص على احتواء الخلاف ضمن حدوده الحالية". ولوحظ ان نشاطات الدبري في الدار البيضاء تجاوزت مشاغل القمة لتركز على نقطتين: طريقة استصدار قرارات عن القمة تتصدى للارهاب وامكان تحسين العلاقة مع المغرب. اما موريتانيا فانشغل رئيسها معاوية ولد سيدي احمد الطايع بما انشغل به رئيس وزراء الجزائر مقداد سيفي ووزير خارجيتها، انها قمة اسلامية بقمتين، عربية ومغاربية. او هي ثلاث قمم في مناسبة واحدة. وتبقى "العبرة في النتائج"، كما قال وزير الخارجية السعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.