لم يكن حضور الفريق علي عبدالله صالح، رئيس مجلس الرئاسة، الى جامع الجَنَد متوقعاً للقاء السيد علي سالم البيض، لأن حضور الأخير لم يكن متوقعاً، كونه ربط اللقاء ببداية تنفيذ النقاط ال 18 التي قدمها الحزب الاشتراكي. ولذا كان حضور الرئيس صالح مفاجأة لبعض الأوساط. وكان "علماء اليمن" توافدوا الى جامع معاذ بن جبل في الجَنَد في السابع والعشرين من رجب، ذكرى الاسراء والمعراج 9 الشهر الجاري. حيث حضر صالح جانباً من اجتماعات العلماء للبحث في الأزمة، وتحدث اليهم في حضور الشيخ عبدالمجيد الزنداني عضو مجلس الرئاسة قائلاً انه كان يتمنى "ان يكون الأخ علي سالم البيض، معنا هنا"، لمناقشة الأزمة ولمّ الشمل والبحث عن مخارج للبلاد من نفق الأزمة. ويبدو من إصرار اعضاء الجمعية العلمية على الحضور في الزمان والمكان اللذين اقترحوهما للقاء الرئيس ونائبه، انهم يريدون المضي الى آخر الطريق الذي حددوه لجهودهم من أجل أن يتم اللقاء، على رغم علمهم سلفاً، بان البيض لن يحضر بعد أن أكد لدى استقبال وفد العلماء في عدن في الشهر الماضي استجابته المشروطة للقاء "إذا بُدء بتنفيذ النقاط ال 18 وقبل بها الرئيس وقيادة المؤتمر الشعبي العام"، من دون ان يشير الى المكان والزمان. وكان واضحاً حينها أنه من غير الممكن البدء في شيء من هذا، قبل إقرار الصيغة الزمنية للتنفيذ من قبل لجنة الحوار. والذي لفت النظر في هذا الصدد ان وسائل الاعلام الرسمية في صنعاء، بثت أخبار اجتماع آخر للجنة "علماء اليمن" 5 - 6 من الشهر الجاري "بحضور الشيخ عبدالمجيد الزنداني والقاضي محمد الحجي رئيس المحكمة العليا، رئيس جمعية علماء اليمن، تمّ فيه تشكيل اللجان الخاصة بالاعداد والتهيئة ووضع التصورات للقاء الجَنَد...". هذا "الاعداد والتهيئة" دفع المراقبين الى الاعتقاد بأن اتصالات تمت بين هذه الاطراف، تؤكد عقد اللقاء، وأن عدم الاعلان عنها ربما كان متعمداً، لاغراض سياسية أو أمنية. وزاد هذا الاحتمال قوة، إعلان وصول الرئيس صالح، في اليوم السابق لموعد اللقاء الى تعز، الا ان هذا الاحتمال لم يلبث ان سقط لعدم حضور البيض. ولم يصدر عن قيادة الاشتراكي تعليل لعدم الحضور. وتداخلت مبادرات المعالجة في وقت واحد، الى الحدّ الذي جعل ترتيب أوراقها واستشراف نتائجها، أمراً خاضعاً للمصادفة أكثر من أي شيء آخر، ومنها: أولاً: اجتماعات علماء الدين في جامع الجند، لمناقشة الوثائق التي اعدوها على شكل مشاريع لمعالجة الأزمة. بعد ان قرروا المرابطة والاعتصام في جامع الجند، حتى يحضر نائب الرئيس. ثانياً: في اليوم نفسه 10 من الجاري تسلم كل من الرئيس صالح في تعز، والبيض في عدن، رسالة من الملك حسين ، عبر موفده "الشريف زيد بن شاكر، رئيس الديوان الملكي وهي الزيارة الثالثة التي يقوم بها بن شاكر مبعوثاً للملك حسين الى صنعاءوعدن، خلال شهرين تقريباً وللمهمة نفسها. ولم تكشف تفاصيل الرسالتين، الا ان مصدراً ديبلوماسياً رفيع المستوى في صنعاء، قال ل "الوسط": "ان الرسالتين تركزان على مسألة اللقاء بين الرئيس ونائبه". و"ان الجديد فيهما، ربما تمثل في أن كلتيهما تضمنت عناصر رئيسية مقترحة للمصالحة وحل الخلاف". ثالثاً: وفي الوقت الذي انتهت فيه لجنة الحوار الى إقرار ما اسمته "وثيقة عهد" خاصة "ببناء الدولة اليمنية الحديثة" ليوقعها أطراف الائتلاف الحاكم، أعلن مجلس النواب ثلاثة قرارات لمعالجة تدهور الوضع المعيشي، نص الأول على عودة رئيس الحكومة ونوابه والوزراء، الى ممارسة مهامهم الرسمية، وعدم انشغالهم باجتماعات لجنة الحوار. ونص الثاني على ان تلزم الحكومة كل موظفي اجهزتها بالانضباط، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب. ونص الثالث على إلزام الحكومة دعم السلع الغذائية والطبية الضرورية. وربما مثّل القرار الأول بداية او تطوراً في توتر العلاقة بين البرلمان والحكومة، كون الظروف الحالية تجعل من الصعب انصراف مجموعة الوزراء الممثلين لأحزاب الائتلاف، عن لجنة الحوار، في ما يخص رئيس الوزراء بالذات.