انه أغنى دوري في تاريخ الكرة المصرية. فالمبالغ التي أنفقتها الأندية للتعاقد مع المدربين واللاعبين حطمت الأرقام القياسية، وأربت في الأهلي على ثلاثة ملايين جنيه، واقتربت في الزمالك من مليونين، وبلغت في المصري البورسعيدي حوالي مليون جنيه، وتكلف المنصورة الصاعد من دوري الدرجة الثانية نحو 400 ألف جنيه لشراء خمسة لاعبين يتقدمهم بدر رجب نجم الأهلي القاهري الذي رفض ناديه قيده بعد عودته من نادي الوحدة السعودي فاشتراه المنصورة بمئة ألف جنيه. وارتفعت تكاليف الدوري المصري بعدما فتح اتحاد كرة القدم باب الاحتراف الذي يلتزم بموجبه كل ناد قيد 25 لاعباً فقط ما دفع الأندية الكبيرة الى الاستغناء عن عدد كبير من لاعبيها، لشراء النجوم، وعلى سبيل المثال استغنى الأهلي عن مجموعة لاعبين كانت لهم في الموسم الماضي صولاتهم وجولاتهم ومن أبرزهم الحارس خالد الضبع واحمد حسين وحمزة عبدالمولى وطارق خليل وهؤلاء انضموا جميعاً الى المصري البورسعيدي لقاء 350 ألف جنيه واستغنى الأهلي أيضاً عن الحارس خالد مصطفى الذي انتقل الى المقاولين وعن الظهير محمد سعد الذي انتقل الى الأولمبي بينما اضطر لاعبون آخرون ان يخلعوا القميص الأحمر ليلعبوا لأندية أخرى اضافة الى أن البعض اضطر الى اعتزال كرة القدم مثل حمادة صدقي. وما حدث في الأهلي، حدث في معظم الأندية، ولكن بصورة أقل، والسبب ان الأهلي أراد ان يجدد في الفريق، ليسد الثغرات في صفوفه على أمل تحقيق الفوز ببطولة الدوري التي غابت عنه ثلاثة مواسم متتالية. عينات وأرقام وتشير الدلائل والتوقعات الى أن أغنى دوري مصري في التاريخ، سيكون قمة في الاثارة والسخونة لأن المسابقة ستنظم في خطها الذي حدده اتحاد الكرة، ولأن أساليب التدريب اختلفت وتنوعت بين الاسكتلندي والانكليزي والألماني والروماني والارجنتيني، وهذه ظاهرة جديدة في الكرة المصرية. وهذه بعض العينات عما أنفقه أكبر ناديين في مصر في الموسم الجديد، فالأهلي تعاقد مع المدرب الانكليزي ألان هاريس لقاء راتب شهري يبلغ 15 ألف دولار كما دفع له 75 ألف دولار عند التوقيع اضافة الى سيارة وشقة... واشترى تاباني سوتو حارس الارسنال بطل ليسوتو بخمسين ألف دولار واشترى محمد أبو الدهب من المريخ البورسعيدي بخمسة وسبعين ألف جنيه مصري وجمال السيد لاعب السكة الحديد السابق بخمسة وثمانين ألف جنيه، وعمرو الحديد من المحلة بخمسة وسبعين ألف جنيه وتعاقد مع فيلكس الغاني لقاء خمسين ألف دولار وجدد تعاقده مع أحمد شوبير بمئة وخمسة آلاف جنيه ومع كل من محمد رمضان وأيمن شوقي وأسامة عرابي بسبعين ألف جنيه وكان شراؤه رضا عبدالعال لاعب الزمالك ب 625 ألف جنيه صفقة الموسم بلا منازع لأنه أغلى سعر يدفع للاعب مصري على صعيد الانتقالات المحلية. أما الزمالك حامل اللقب فقد دفع كثيراً هو الآخر، ولكن لإرضاء لاعبيه الذين أعلنوا التمرد وطالبوا بمساواتهم مع أشرف قاسم الذي احترف في الهلال السعودي لقاء 200 ألف دولار لموسم واحد. وبموجب العقود التي تم تجديدها يتقاضي النيجيري ايمانويل 130 ألف دولار اضافة الى راتب شهري قيمته 2500 دولار لموسمين. ويتقاضى كل من حسين السيد وهشام يكن 120 ألف جنيه مصري لثلاث سنوات وكل من حسين عبداللطيف وعصام مرعي 100 ألف جنيه لثلاث سنوات. واضطرت ادارة النادي تفادياً لما قد يطرأ من أزمات أن تستجيب طلبات اللاعبين الذين ستنتهي عقودهم في الموسم المقبل فدفعت لكل من أحمد رمزي واسماعيل يوسف 100 ألف جنيه وهدية. وتعاقد النادي مع النيجيري ايكي لمدة ثلاث سنوات لقاء 75 ألف دولار اضافة الى راتب شهري قيمته ألف دولار ومع أشرف يوسف لاعب المنيا لقاء 500 ألف جنيه لثلاث سنوات ورفع مجلس ادارة النادي راتب المدرب الاسكتلندي ديفيد مكاي من 6 الى 8 آلاف دولار شهرياً اضافة الى سيارة وشقة. ولا شك ان الصراع التقليدي بين الاهلي والزمالك هو الذي دفع كل طرف الى تدعيم صفوفه، تقوية خطوطه لأن الضغط الجماهيري على ادارتي الناديين شديد ولا احد من مشجعي الاهلي او الزمالك يقبل بغير البطولة. ولعل التنافس الشديد بين الناديين هو الذي دفع رجال الاعمال في كل منهما الى خوض معركة اللاعب رضا عبدالعال، لاعب الزمالك السابق، فقد ظل ثمن اللاعب يرتفع الى ان بلغ 652 الف جنيه بعد ان كان في البداية 100 الف جنيه عرضها الاهلي على الزمالك. وبطبيعة الحال، سينعكس هذا النوع الجديد من التنافس على اداء لاعبي الفريقين في الملعب، اذ سيحاول كل لاعب ان يثبت انه يستحق المبالغ التي دفعت له علماً ان اخفاق اي من الفريقين سيعرض الفاشل لهجوم شرس، فلو ان الزمالك لم يحتفظ باللقب للعام الثالث ستثور الجماهير ضد الادارة وستتهمها بانها هي التي فرطت في رضا عبدالعال ودفعته دفعاً الى احضان الاهلي وهي التي تساهلت في سفر اشرف قاسم الى السعودية للاحتراف في نادي الهلال، كما انها لم تتمسك بجمال عبدالحميد هداف الفريق، وقد يصل الامر الى اكثر من ذلك فتطالب الجماهير باستبعاد الجهاز الفني لأنه لم يتمسك بكلمته في عدم الموافقة على احتراف اشرف قاسم، ولأنه ترك مجلس الادارة يحدد مصير رضا عبدالعال. والنادي الاهلي في وضع لا يحسد عليه، لأن اخفاقه في احراز الدوري سيجر الى كارثة، ذلك ان جماهير الاهلي لم تنسَ حتى الآن استبعاد اللاعبين الاربعة الكبار قبل موسمين، وهم النجم البارز طاهر ابو زيد، وكابتن مصر ربيع ياسين، ولاعب الوسط المعروف علاء ميهوب والمدافع محمود صالح، ومنذ فترة وجيزة استبعد النادي مجموعة كبيرة من اللاعبين يعتقد الكثيرون أنهم افضل كثيراً من آخرين اشتراهم النادي، لذلك لن تغفر الجماهير لادارة النادي ولجهازه الفني فشلهما مرة اخرى. ويبدو ان شوقي عبدالشافي مدرب الاهلي - مساعد الانكليزي هاريس - يعرف هذه الحقيقة جيداً، ولهذا ناشد جماهير الاهلي العريضة ان تحسن الوقوف خلف اللاعبين بحيث لا تتعجل ولا تضغط على اعصابهم واعصاب الجهاز الفني فعنب الدوري لا يؤكل حصرماً. والواقع، ان اغنى دوري مصري لن يكون سهلاً على الاهلي او الزمالك، لأن كليهما يلعب من اجل البطولة، ولا شيء غيرها يرضي طموحه وليس من المستبعد ان يظهر اكثر من "حصان اسود" جديد بعد التغييرات الواسعة التي شهدتها الاندية بلا استثناء. واستكمالاً للصورة سنشير الى اهم هذه التغييرات: تعاقد الاسماعيلي مع مدرب ارجنتيني يدعى ماركوس لقاء 8 آلاف دولار شهرياً، إضافة الى السيارة والشقة ومكافآت الفوز، ووعد ماركوس بأن يحرز الدوري معبراً عن ارتياحه الى مستوى اللاعبين الذين جدد النادي عقودهم وقد بلغ ما انفقه الاسماعيلي حوالي نصف مليون جنيه. اما الاتحاد فتعاقد مع مدرب الماني اسمه بوركير لقاء 4 آلاف دولار، وضم الى صفوفه مجموعة لاعبين ممتازين ستجعله قادراً على المنافسة بعد ان ظل سنوات طويلة مهدداً بالهبوط. وقد تعاقد الاولمبي مع الروماني دويربا لقاء 2500 دولار شهرياً، وشقة وسيارة ودعم صفوفه بنخبة من اللاعبين في مقدمهم احمد الشاذلي مهاجمه السابق، الذي ذاع صيته في سلطنة عمان خلال العامين الماضيين عندما لعب لنادي الاتحاد بصلاله، كما اشرك النادي اللاعب محمد سعد ظهير الاهلي القاهري السابق وهشام ابو الحسن حارس المنيا السابق وسعيد الصاوي والعمدة لاعبي الكروم. وتعاقد المصري مع الفرنسي فيليب ريدون لقاء 8 آلاف دولار شهرياً، وشقة وسيارة ومكافأة تعادل راتب ثلاثة اشهر اذا فاز بالدوري وشهرين اذا فاز بالكأس، وضم مجموعة من النجوم بشكل تفاهم. اما باقي الفرق، فيقودها مدربون وطنيون اذ احتفظ المحلة بمدربه محمود الشناوي، والمقاولون بمدربه بدوي عبدالفتاح، والترسانة بمدربه الشاذلي وتعاقد المنصورة مع وجدي غزي والقناة مع مشير عثمان وشبين مع خميس دويدار، ويشرف احمد شعراوي على فريق بلدية المحلة. تباشير النجاح ويقول يوسف الدهشوري حرب رئيس اتحاد كرة القدم ل "الوسط": "الموسم الذي بدأ منذ اسبوعين سيكون أنجح موسم كروي في مصر". وقال حرب: "أحمد الله انني لن ادخل الانتخابات التي تجري الشهر المقبل كيلا تفسر القرارات التي اتخذها الاتحاد بأنها دعاية انتخابية، لقد قرر الاتحاد ان تنتظم المسابقة، وان تعامل كل الاندية على قدم المساواة وان يخضع اللاعبون جميعاً للحساب عن الخطأ، وان يكون الاهتمام بالقاعدة جيداً وان يتم الضرب بيد من حديد على كل مخطئ". واضاف حرب: "هذا كله نقوم به، واذا كانت الاندية قد تكلفت الاموال الكثيرة، فمن المؤكد ان المستوى الذي سيطرأ عليه تحسن ملموس سيدفع الجماهير الى الاقبال على مشاهدة المباريات في الملعب، وستعود خزائن الاندية الى الانتعاش من جديد". واضاف قائلاً: "نعم إنه اغنى دوري في تاريخ الكرة المصرية، وهذه ميزة وليست عيباً".