اليابان من أكبر الشركاء التجاريين لمنطقة الخليج، وهي تتنافس مع الولاياتالمتحدة الأميركية على المرتبتين الأولى والثانية، وقبل دول أوروبة معروفة بعلاقاتها التقليدية مع المنطقة، مثل بريطانيا والمانيا وفرنسا. وبلغ حجم التبادل التجاري الياباني - الخليجي حوالي 35.3 بليار دولار أميركي في نهاية العام الماضي، إلا أنه قد يزيد الى 38.5 بليار دولار في نهاية العام الجاري، اذا ما أخذت في الاعتبار الزيادة التي حققها الين تجاه الدولار والعملات الأوروبية الأخرى، الأمر الذي من شأنه أن يرفع قيمة المبادلات التجارية بنسبة لا تقل عن 10 في المئة كحد أدنى. ومع ذلك، فإن اليابان ليست من بين المستثمرين الأوائل في الخليج، أو على الأقل لا تتوازن استثماراتها في المنطقة مع حجم شراكاتها التجارية، اذ في مقابل 26 بليار دولار قيمة الواردات النفطية و9.5 بليار دولار قيمة الصادرات الى المنطقة، لا تتجاوز قيمة التوظيفات اليابانية في منطقة الخليج حتى الآن، ومن ضمنها التوظيفات في ايران التي يعتبرها اليابانيون سوقاً واعدة، ما مجموعه 4.232 بليار دولار. وتتوزع الاستثمارات اليابانية، التي يتركز معظمها حتى الآن في قطاع الصناعات النفطية والبتروكيماوية، على المنطقة المحايدة المقسومة بين السعودية والكويت، حيث تقوم شركة "الزيت العربية - اليابانية" التي تتولى تشغيل الحقول النفطية في هذه المنطقة، وارتفعت التوظيفات اليابانية في هذه المنطقة الى 1.565 بليار دولار، أي ما يمثل 54.9 في المئة من اجمالي الاستثمارات في دول الخليج العربي. وساعد تحرير الكويت الشركة على زيادة توظيفاتها الجديدة التي بلغت 26 مليون دولار في العام 1991، وهو العام الذي شهد حرب الخليج، وخروج العراقيين وعودة الحكومة الكويتية الى ممارسة سيادتها على أراضيها، ثم بلغت في العام 1992 ما مجموعه 98 مليون دولار. اما الدولة الخليجية الثانية على لائحة الاستثمارات اليابانية فهي دولة الامارات العربية المتحدة التي يصل مجموع التوظيفات فيها الى 535 مليون دولار 18.7 في المئة من اجمالي الاستثمارات اليابانية في المنطقة واللافت في الخط البياني لتطور حركة التوظيفات في الامارات، استقرارها على وتيرة متقاربة، اذ بلغت قيمتها 46 مليون دولار في العام 1991، و48 مليون دولار في العام 1992. ويتركز التوظيف الياباني في الامارات، الى جانب القطاع النفطي، في قطاع الالكترونيات والأدوات الكهربائية المنزلية من خلال المراكز الاقليمية التي اقامتها شركات يابانية كبرى في دبي. ويتميز الاستثمار الياباني في دبي، وهي أكبر مركز للتجارة الاقليمية في الخليج، بالسعي الى الافادة من التسهيلات التي يوفرها موقعها، خصوصاً بالنسبة الى اعادة التصدير الى أسواق أخرى، مثل ايران والهند وباكستان ودول عربية آسيوية وافريقية، وصولاً الى الشرق الأقصى، حيث تحولت الامارات الى واحد من أكبر المصدرين الى دول مثل تايوان، ومنها الى الصين، والى روسيا الاتحادية. وتحتل السعودية المرتبة الثانية بالنسبة الى حجم الاستثمارات اليابانية في المنطقة، اذ ارتفعت هذه الاستثمارات في نهاية العام الماضي الى 470 مليون دولار، من بينها 100 مليون دولار استثمارات دخلت المملكة العام الماضي. ويتركز التوظيف الياباني في السعودية في قطاع البتروكيماويات الى جانب الصناعات التكنولوجية المتقدمة، خصوصاً صناعة الالكترونيات حيث تنشط شركات يابانية في اقامة مشاريع مشتركة مع شركات محلية للافادة من الحوافز والتسهيلات المتوافرة للقطاع الصناعي، الى جانب أهمية السوق المحلية وتشجيع الحكومة السعودية للمشاريع التي تشتمل أساساً على ادخال التكنولوجيا المتقدمة الى قطاعها الصناعي. وبلغ عدد المشاريع التي أقيمت العام الماضي بمساهمات يابانية ما مجموعه 102 مشروع جديد، تركز قسم واسع منها على صناعة الأدوات الكهربائية والصناعات الالكترونية. واللافت في حركة التوظيفات في السعودية انها مرشحة للتزايد والتوسع بوتيرة قياسية لاعتبارات موضوعية متنوعة، أبرزها ضخامة السوق السعودية من جهة، والتسهيلات التي توفرها الحكومة لتنشيط القطاع الصناعي والتركيز على الصناعات التي تتميز باستخدام التكنولوجيا المقدمة. الى ذلك ثمة سبب رئيسي آخر هو ضخامة الشركات السعودية التي تركز على الحصول على التكنولوجيا المتطورة من الأسواق العالمية، وهذه الأخيرة تحرص على زيادة حصتها من السوق الخليجية. وفي البحرين التي تحتل المرتبة الرابعة، سجل الاستثمار الياباني زيادة قياسية العام الماضي، عندما ارتفع من 5 ملايين دولار في العام 1991 الى 67 مليوناً في العام 1992. أما قطر فمرشحة هي الأخرى لاستقبال مزيد من الاستثمارات في السنوات المقبلة، خصوصاً في قطاع الغاز الذي تعاقد اليابانيون على شراء كميات كبيرة منه، ولآجال تصل الى 20 عاماً، لتوفير احتياجات السوق المحلية، خصوصاً محطات انتاج الكهرباء والمصانع الرئيسية. ومن المقرر، وفقاً لتوقعات مختلفة، يابانية وقطرية، ان تزيد الاستثمارات اليابانية في هذه الدولة عن 1.5 بليار دولار قبل حلول العام 1996، وهو الموعد المحدد للمباشرة بعمليات تصدير الغاز الى السوق اليابانية من مخزون حقل الشمال. هل تصبح اليابان أحد أكبر الدول المستثمرة في الخليج؟ تتجه أكثرية الدول الخليجية، خصوصاً السعودية والاماراتوالكويت، أكثر فأكثر الى تبني سياسات اقتصادية أكثر تكاملاً، وحسب التوجهات المعلنة، فإن منطقة الخليج باتت أكثر التزاماً بتوسيع مفهوم الشراكة التجارية لتصبح شراكة اقتصادية لا تقتصر على مجرد التبادل التجاري بل تتعداها الى تعاون اقتصادي أوسع يشتمل الى جانب التبادل التجاري على التعاون الصناعي والتقني. وفي هذا الاطار عمدت السعودية الى تبني برنامج التوازن الاقتصادي الذي يقدم على اعادة استثمار جزء محدد من صفقات الأسلحة في مشاريع صناعية مشتركة. ومن المتوقع ان يتوسع مفهوم التوازن الاقتصادي ليشتمل على الصفقات الحكومية الأخرى، بحيث يعاد توظيف قسم منها في مشاريع مع الشركات المحلية. كما عمدت دولتان خليجيتان أخريان، هما الاماراتوالكويت الى تبني برامج مماثلة هي برامج "أوفست". وتتجه سلطنة عُمان ودولة قطر الى تبني خطط مشابهة تتوافق مع احتياجاتها الاقتصادية.