يصف الاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية التنسيق بينهما بأنه عالي المستوى، حيث وصل اخيراً الى درجة تشكيل لجنة عليا وست لجان فنية لترتيب العلاقات بين الطرفين بموازاة مفاوضات السلام العربية - الاسرائيلية المقبلة. وتقول منظمة التحرير، على لسان اكثر من مسؤول فيها، ان العلاقة الكونفيديرالية بدأت مع الاردن، وان رفع وتيرة التنسيق يصب في هذا الاتجاه. بينما ترفض الحكومة الاردنية الحديث عن الكونفيديرالية في الوقت الحالي، وكان آخر رفض اصدره الدكتور معن ابو نوار وزير الاعلام الذي اكد ان تشكيل اللجان يرمي الى ترتيب العلاقات بين الجانبين وليس الى اقامة الكونفيديرالية. ويشعر المسؤولون الاردنيون بأن تصعيد المطالبة باقامة العلاقة الكونفيديرالية هو جزء ثقيل من استحقاقات عملية السلام وستكون عبئاً عليه في الوقت الحالي. ولاحظ سياسي اردني كبير ان الكونفيديرالية اصبحت مطلباً فلسطينياً ملحاً، على رغم ان المنظمة هي التي ألحت على الاردن طوال سنوات لفك الارتباط بين الضفتين الشرقية والغربية، وأدى هذا الالحاح المدعوم عربياً الى فك الارتباط فعلياً بعد قمة الجزائر 1988. وأضاف ان الولاياتالمتحدة باتت تضغط بدورها على الاردن لقبول هذا الشكل من العلاقة السياسية والقانونية مع الأراضي العربية المحتلة. ولا يخفى على احد - في رأي السياسي الاردني - ان الضغط الاميركي ليس نابعاً من كون الولاياتالمتحدة راعية لعملية السلام فحسب، بل لأن اسرائيل تريد قيام الكونفيديرالية الاردنية - الفلسطينية من اجل حسم عقدة التمثيل الفلسطيني في المستقبل ولتكون ضماناً لها اثناء فترتي الحل الانتقالية والدائمة. وشرح السياسي الاردني في حديثه الى "الوسط" الموقف الحالي من الكونفيديرالية: يدرك الفلسطينيون ان ما هو معروض عليهم اقل بكثير مما يأمله الشعب الفلسطيني سواء بالنسبة الى الأراضي المحتلة عموماً او بالنسبة الى القدس على وجه التحديد. ولذلك سارعت المنظمة الى فتح بعض النوافذ للخروج من المأزق، ما دامت لا تستطيع الخروج من باب عملية السلام برمتها. وكانت احدى هذه النوافذ طرح موضوع العلاقة الكونفيديرالية لانها لا تستطيع لوحدها مواجهة الموقف بعد قبولها بأقل مما يريد الشعب الفلسطيني، ولذلك فهي تريد الاردن شريكاً في الموافقة حتى يتحملان معاً ما يترتب على مفاوضات السلام". اما الولاياتالمتحدة فيقول السياسي الاردني انها "تدعو الى الكونفيديرالية لأن الفلسطينيين سيتساوون مع الاردن في قبول الوثائق المعروضة عليهم، لكن الموقف لا يحتمل رفض الصيغ المعدلة لها، خصوصاً ان الولاياتالمتحدة تبدو مصممة على وثيقة جديدة وتستعد لارسال وزير خارجيتها وارن كريستوفر الى المنطقة مطلع الشهر المقبل. ويبدو واضحاً ايضاً ان الوثائق الاميركية المتتالية التي تطرح كحلول وسط لوجهتي النظر العربية والاسرائيلية لا يمكن ان تتضمن مقترحات للحل وفق وجهة النظر العربية في تفسيرها للقرارين 242 و338 ومبدأ الأرض في مقابل السلام". اما الاردن فيشعر بأنه "يُحشر في زاوية الكونفيديرالية" ليتحمل اعباء جديدة لا ذنب له فيها. فهو وفر مظلة للوفد الفلسطيني في مدريد ثم "نجح" في فصل المسار الفلسطيني - الاسرائيلي عن المسار الاردني - الاسرائيلي. وتعتقد الحكومة الاردنية بأن نجاحها في هذا الفصل لم يحقق استقلالاً للوفد الفلسطيني وللهوية الفلسطينية فحسب بل سيؤدي الى استقلال الفلسطينيين وتفردهم بقبول او رفض ما يترتب على المحادثات من اتفاقات. ومن هنا جاء الحديث عن الكونفيديرالية ومطالبة الاردن بالقبول بها عبئاً جديداً على عمان، ستتحمل مسؤولية نصف القرار الفلسطيني، سواء ازاء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة او امام الفلسطينيين في الاردن على تعدد اتجاهاتهم السياسية. وتوقع السياسي الاردني ان تعمد الحكومة الاردنية الى اساليب شتى لتأجيل الاتفاق الكونفيديرالي حتى الاتفاق على المرحلة الانتقالية، على اقل تقدير، وعندها يكون الفلسطينيون تحملوا وحدهم مسؤولية قرارهم الوطني. لكنه رأى في الوقت نفسه، بصرف النظر عن التسميات، ان اللجنة العليا ولجان العمل الست الاردنية - الفلسطينية هي النواة الأولى للكونفيديرالية، تتطور بتطور المفاوضات. وهكذا تبدو الكونفيديرالية حرباً بين اربعة اطراف: اسرائيل تريدها ضماناً لها، والولاياتالمتحدة مصرة عليها لاحراز تقدم في عملية السلام، والفلسطينيون مصممون عليها لتخفيف عبء السلام عليهم، والاردن ليس راغباً فيها.