هل أوقف الاتحاد الدولي المُلاكمة الجزائرية إيمان خليف وجردها من ألقابها ؟    عبدالعزيز بن سلمان يشارك في اجتماعات مجموعة العمل الخاصة بالتحولات في مجال الطاقة    الفتح يختتم تحضيراته لمواجهة التعاون    في مباراة الفريق أمام الرياض .. القادسية يحتفي بوزير الإعلام "الدوسري"    الجيش الأميركي يعلن قصف 15 هدفا للحوثيين في اليمن    محافظ الطائف يعزي أسرة الحميدي في فقيدهم    جمعية الأدب تعتمد 80 سفيراً في 30 مدينة    الهيئة السعودية للسياحة تطلق تقويم فعاليات «شتاء السعودية»    الخليج يعبر الخلود بهدف في دوري روشن السعودي للمحترفين    ميندي يوجه رسالة لجماهير الأهلي    مدرب القادسية يُفسر الخسارة أمام الرياض    الشباب يتعرض للخسارة أمام ضمك    مسؤولون وأعيان يواسون أسرتي القاضي وآغا في فقيدتهم    الأمير محمد بن سلمان.. وفن تحديد الأهداف    تعليم مكة : 1485 مدرسة تحتفي بأكثر من 30 ألف معلم ومعلمة في يوم المعلم    لوحة «ص ق ر 2024» لمركبة «المرور» تلفت أنظار زوار «الداخلية» في معرض الصقور والصيد    رصد طائر «سمنة الصخور الزرقاء» في الحدود الشمالية    القبض على (4) يمنيين في جازان لتهريبهم (120) كجم "قات"    الجيش الإسرائيلي يستعد لتوسيع عملياته البرية في جنوب لبنان    انطلاق حملة الحي يحييك للاحياء السكنية بالمنطقة الشرقية    تعرف على غيابات الأهلي عن الكلاسيكو أمام الهلال    وزير الخارجية ونظيره المصري يبحثان تطورات الأحداث في لبنان    ب 3 مناطق.. مركز «911» يتلقى 98 ألف مكالمة خلال 24 ساعة    تجمع الرياض الصحي الأول يكرم 14 استشارياً    إمام المسجد النبوي: آية ((إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) تحمل في طياتها معاني عميقة    القوات الجوية الملكية السعودية تشارك في تمرين «درع السِند 2024» في باكستان    ارتفاع حصيلة قتلى إعصار "هيلين" بأمريكا إلى 215 شخصًا    وفاة 866 شخصًا بمرض جدري القردة في أفريقيا    "الصحة العالمية"تستعدّ للقيام بالجولة الثانية لتلقيح أطفال غزة ضدّ شلل الأطفال    إبراهيم البليهي: لم أندم.. والأفكار تتغيّر    لماذا تحترق الأسواق؟    أثر الشخصية واللغة والأمكنة في رواية «الصريم» لأحمد السماري    أحلام على قارعة الطريق!    «زلزال الضاحية».. ومصير حزب الله    غريبٌ.. كأنّي أنا..!    ذكورية النقد وأنثوية الحكاية.. جدل قديم يتجدّد    إنجاز في ملف «البطالة»    الشاهي للنساء!    درجات أم دركات معرفية؟    معالي وزير العدل    كتب الأندية الأدبية تفتقر إلى الرواج لضعف التسويق    محافظ الطائف يلتقي مدير جمعية الثقافة والفنون    اختتام مشاركة الهلال الأحمر في المعرض التفاعلي الأول للتصلب    مدير تعليم الطائف يطلق مبادرة غراس لتعزيز السلوك الصحي    90 مبادرة لأمانة الطائف تعزز الوعي البيئي وتدعم الاستدامة الخضراء    أمانة الطائف توقع عقد إنشاء مشروع (قبة الفراشات) بمساحة ٣٣ ألف م٢    الأمير سعود بن نهار يعزي أسرة الحميدي    الجدعان يترأس وفد المملكة في الاجتماع ال122 للجنة التعاون المالي والاقتصادي    2238 مصابا بالناعور في 2023    تعيين عدد من الأئمة في الحرمين الشريفين    أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في المملكة يتمم الدورية رقم 5 آلاف في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    بدء الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين لبحث التحرك العربي للتضامن مع لبنان    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي    خادم الحرمين يهنئ رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ويعزي رئيس نيبال في ضحايا الفيضانات    تثمين المواقع    مملكة العز والإباء في عامها الرابع والتسعين    وزير الداخلية يعزي ذوي شهيد الواجب أكرم الجهني    مفتي عام المملكة يستقبل مفوّض الإفتاء بمنطقة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الحياة" تحاور عبدالرؤوف الروابدة رئيس وزراء الأردن . حديث الاصلاحيين والمحافظين في الأردن عفا عليه الزمن"الحقوق المنقوصة" قضية غير موجودة... والملك يدعم طرفي المعادلة في السلطة
نشر في الحياة يوم 15 - 05 - 2000

الجدل الذي يثيره من حوله، رئيس وزراء الأردن عبدالرؤوف الروابدة، جدل فريد من نوعه، لم يحظ به أي رئيس وزراء في تاريخ الأردن. والأسباب وراء ذلك عديدة، فالرجل يتمتع بثقة هائلة بالنفس، تجعله جاهزاً في أية لحظة للرد على انتقادات الخصوم، وهو غالباً ما يطرح ردوده بصيغة التحدي، ما يؤدي الى الحدة في النقاش والحوار.
وهو يتمتع بقدرة ملحوظة على التعبير الحر عن النفس، وهي قدرة على التعبير تأتي مترافقة احياناً مع تعابير لاذعة، أصبحت مضرب المثل في الحياة السياسية الأردنية.
وبما ان الرجل يتمتع بهذه المواصفات، فإن العلاقة معه تأخذ أحياناً شكل القبول أو الرفض، وتلحظ أثناء الحوار ان رؤيته للأمور السياسية تنحاز الى اللونين الأبيض والأسود، بينما تتطلب السياسة في كثير من الاحيان لوناً رمادياً يتقبل وجود آراء متعار ضة فوق سطح واحد. وربما لهذا السبب أقدم أكثر من وزير في وزارته على تقديم استقالته، فأسلوبه في العمل هو اسلوب الفريق المنسجم، لا أسلوب التحالف السياسي مع بقاء التناقضات.
وقد جاءت وزارة الروابدة الى الحكم في منعطف أردني حساس، إذ جاءت بعد وفاة الملك حسين، لتكون وزارة الملك عبدالله الأولى، وهي من هنا تحمل طابع الوزارة الانتقالية، الانتقال من عهد الى عهد، ومن جيل الى جيل، ومن أسلوب محدد في الأداء الى اسلوب قد يكون جديداً بالمرة. وهذه التغيرات المنتظرة في بنية السياسة الأردنية، لم تظهر بعد الى العلن، وكبار رجال النظام، السدنة والمخضرمين، يحيطون بملك شاب في أيام حكمه الأولى، ويتطلعون، ربما الى أدوار كبيرة في عهده، ويتبرع كل طرف في ان يقدم رؤيته للمستقبل ولأسلوب الحكم، وتخرج هذه الرؤى الى الشارع، ويصبح الجدل حولها حاراً وصاخباً، بينما لم يحسم صاحب الأمر رأيه بعد. وتنعكس هذه الصراعات على حكومة الروابدة، وتوجه له الاتهامات من كل الاتجاهات، كجزء من عملية البحث عن الشكل والأسلوب والدور. ويتلقى الرجل السهام وهو صامد، وكله ثقة انه يتمتع بثقة الملك، وحتى حين يتحداه فريق من البرلمانيين يرد التحدي بمثله قائلاً: لنحتكم تحت قبة البرلمان.
والتقت "الحياة" رئيس وزراء الأردن في عمان تحت قبة الصحافة، وكان معه هذا الحوار:
كيف تصف موقف الأردن من السلطة الفلسطينية، ومن تشابك قضايا الوضع النهائي مع الأردن؟
- السلطة الوطنية الفلسطينية هي تعبير عن منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ونحن نقف الى جانبها من دون حدود، ونحن ليست لنا مطالب على الساحة الفلسطينية، وموقفنا هو ان نؤيدهم في الوصول الى حقوقهم.
وفي ما يتعلق بمصالح الأردن في قضايا الحل النهائي، مثل اللاجئين والمياه والقدس، فسأتمنى عليك حين تدرس قضية اللاجئين، ان تنظر اليها في الأردن بنظرة مختلفة عن أي دولة اخرى. فاللاجئ الفلسطيني في الدول الأخرى ليس مواطناً، وليست له حقوق سياسية، هو مقيم على أرض عربية، وفي معظم الأحيان ليس مرغوباً في ان يستمر في هذه الاقامة. بينما اللاجئ في الأردن، وباستثناء عدد محدود لا يتمتعون بالجنسية الأردنية، هو مواطن أردني، هو صاحب حق في ممارسة حق العودة، وهو صاحب الخيار فردياً، وليس من حق الدولة الأردنية ان تقول له عد أو لا تعد. نحن نعمل، بالتعاون مع أشقائنا الفلسطينيين، على ان يتمتع اللاجئ بحق العودة، ثمم ممارسة حق العودة أمر خاضع لخيار المواطن نفسه.
موضوع آخر، نحن يهمنا موضوع الحدود والأمن، ليس من أجل ترسيم الحدود، لأن الحدود بين الأردن والضفة الغربية مرسمة، ومحلولة، تسير في خط في منتصف البحر الميت ثم الى منتصف نهر الأردن الى حين التقائه بنهر اليرموك. القضية هي: نريد ان نعرف من سيكون معنا على الحدود لأننا نريد ان يكون على حدودنا اشقاؤنا الفلسطينيون، ونتعامل بالتالي معهم أمنياً وعبوراً للمواطنين على أساس انها قضية فلسطينية - أردنية. لكن متى سيتم ذلك؟ خلال الفترة الانتقالية لا بد من تعامل ثلاثي، وهذا يحتاج الى تنظيم.
بالنسبة الى موضوع القدس، القدس أرض عربية محتلة ينطبق عليها ما ينطبق على الأرض الفلسطينية الأخرى، وليس لنا أية مطالب بها، انما نحن دولة مسلمة لنا دور مع العالم الاسلامي في حماية الأماكن المقدسة، ونريد بالتالي ان نصون هذا الدور.
كل هذه القضايا، وقضايا أخرى كالمياه وسواها، لا تعني أننا شركاء في مفاوضات الحل النهائي، فمفاوضات الحل النهائي هي مفاوضات فلسطينية - اسرائيلية، لكننا سنكون قريبين منها للحفاظ على مصالحنا في هذه المفاوضات.
هذا الموقف من السلطة الفلسطينية ايجابي جداً، ولكنه يبدو كأنه يمثل قطيعة مع العلاقة المستقبلية...
- هذا ليس صحيحاً، لكن الحديث المسبق عن العلاقة الفلسطينية - الأردنية هو خدمة لاسرائيل في هذه المرحلة. نحن نقول ان العلاقة الوحدوية بين الأردن وفلسطين مداها التاريخ، انفصمت ثلاثين سنة من العشرين الى الخمسين أي فترة الانتداب البريطاني، ثم يجري الحديث عن صيغة هذه العلاقة الآن، وأقول ان العلاقة التي نريدها هي علاقة بين دولتين مستقلتين تتمتعان بالسيادة، وان تكون هذه العلاقة نتيجة استفتاء يرضي الشعبين فلا يشعر أحد منهما بأنه مغبون بهذه الوحدة. هذه هي الصيغة، ونقول بالتالي ان هذه الصيغة لا تتم إلا بعد ان تقوم الدولة الفلسطينية وتمارس سيادتها على أرضها وعلى شعبها. اننا نعتبر هذه العلاقة قدراً ومصيراً وليست خياراً.
حركة حماس
موضوع حماس، ومنعها من العمل في الأردن، هل له علاقة بموقفكم هذا من السلطة الفلسطينية ومستقبل العلاقة معها؟
- أبداً... أبداً... أبداً... انه موضوع أردني داخلي يتعلق بترتيب بيتنا القانوني وبأمورنا الأمنية.
ولكن لماذا كانت هناك مرحلة سماح طويلة لحماس بحرية العمل ثم مرحلة ايقاف؟
- المرحلة السابقة كانت مرحلة السماح بالحوار السياسي، وبالتواجد، وفوق ساحتنا الأردنية تتواجد كل التنظيمات الفلسطينية، لكن تمت بعد ذلك ممارسات من حماس تجاوزت هذا الاتفاق الشفهي لتصبح حماس ذات دور على الساحة الأردنية، وهو أمر لا نقبله، لأننا لا نقبل للمواطن الأردني ان يكون عضواً في أي تنظيم غير أردني، بأي صيغة من الصيغ، وحاولنا في مختلف الوسائل والسبل ان نلجم هذا، وعندما لم نستطع اتخذنا اجراءاتنا القانونية وفقاً لأحكام القانون، وهي ان من يكون عضواً في تنظيم غير أردني يقدم للقضاء، وقد كان.
لكن ألا يوجد تناقض في هذه الصيغة؟ نصف الشعب هنا فلسطيني يريد ان يعمل لفلسطين داخل منظمات فلسطينية ليست أردنية، فكيف يحل هذا الاشكال؟
- أولاً: لا يوجد في الأردن فلسطينيون. الموجودون في الأردن هم مواطنون أردنيون من أصل فلسطيني، والأشواق لتحرير فلسطين هي أشواق يشارك فيها كل العرب والأردنيون أولاً، بسبب تماسهم الانساني والديموغرافي والتاريخي والجوار وكل الصفات الأخرى، والآن... فإن تحويل الساحة الأردنية الى ساحة تنظيمات متناقضة متصارعة مختلفة، أو قابلة، أو معتدلة، يوجد تأثيراً ضاراً وسلبياً على الساحة الفلسطينية أكثر مما يوجد دعماً لها. نحن نعتقد ان دورنا في الأردن هو التوجه لدعم القيادة الفلسطينية في توجهاتها، وعدم خلق صراعات خارج ساحتها يؤثر على قراراتها.
ولكن كيف انتقلت حماس من صفتها الأولى الى صفتها الثانية؟
- بدأت بالقيام بممارسات تنظيمية وأمنية ليست مقبولة على الساحة الأردنية.
هي نفت ذلك نفياً مطلقاً.
- لا أعتقد ان أي متهم في الدنيا يعترف بتهمته إلا اذا قرر الانتحار.
ما هو أثر الموقف من حماس على الموقف من الاخوان المسلمين، وهو حزب مؤيد للنظام؟
- نحن ليست لدينا معركة مع حماس. نحن نحترم حركة حماس كتنظيم فلسطيني، ونحترم دوره على الساحة الفلسطينية، وهم أصحاب حق في ان يقرروا الصيغة التي يعملون بها، وان يقرروا نوع العلاقة التي يريدونها مع السلطة الفلسطينية. نحن نتحدث عن مواطنين أردنيين أعضاء في حماس وقياديين فيها، وهو أمر مخالف لأحكام القانون، لا شك ان لهم علاقات جدية وواقعية مع الاخوان المسلمين، وان الاخوان المسلمين لم يرتاحوا لقرار السلطة تجاه حماس، لكن الفارق كبير بين راحتهم وبين مصالح الدولة الأردنية، ولذلك حاولنا بمختلف الوسائل ان نصل الى فهم مشترك معهم، ولكننا اختلفنا في هذا الفهم، والاختلاف لا يفسد للود قضية.
يقال ان هناك تيارين الآن داخل الاخوان المسلمين، فهل لهذه التيارات علاقة بموضوع حماس؟
- نحن ليس من مصلحتنا ان ينقسم الاخوان المسلمون الى تيارات متعددة. نحن من مصلحتنا الوطنية ان يبقى الاخوان المسلمون تياراً موحداً، ونقدر دوره على الساحة الأردنية، من مصلحتنا ان يبقى تياراً متجانساً متفاهماً. قد تبرز في داخله آراء مختلفة، ولكن لا نحب له اختلاف التيارات، ان كان موجوداً.
تيارات مجلس النواب
يوجد داخل مجلس النواب، كما فهمنا، تيار يرفض قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية اتخذ عام 1988 وتيار آخر يرفض الكونفيديرالية ويدعو الى الفيديرالية، كيف تتعامل الحكومة مع هذه المواقف؟
- كما قلت لك، نحن نعتبر ان العلاقة الأردنية - الفلسطينية قدر ومصير، اما الحوار حول شكل هذه العلاقة فهو سابق لأوانه، لأن الوحدة لا تعلن الا بين دولتين مستقلتين، وعندما تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة لا بد ان نفتش عن صيغة وحدوية. والعالم لم يخترع حتى الآن سوى ثلاث صيغ: صيغة الوحدة الكاملة وهي التي كانت موجودة بين الأردن وفلسطين من سنة خمسين ولحين "فك الارتباط"، وصيغة الكونفيديرالية وهي أضعف أنواع الوحدة، وكثيراً ما انتهى في التاريخ هذا النوع من الوحدة بالانفصال، والصيغة الثالثة هي الفيديرالية، ويختلف محتوى الفيديرالية من دولة الى اخرى، ولذلك قلت انه بعد قيام الدولة الفلسطينية سيجرى حوار بين الدولتين لوضع صيغة يستفتى عليها الشعبان، حتى يقتنعا بها، أما في هذه المرحلة فالناس في مرحلة التفكير في صيغة العلاقة القادمة وما هي نوعيتها، وأنا اعتقد انه من المصلحة العامة ان يجري هذا التفكير على أوسع نطاق، لأن ذلك يحدد آراء الناس.
بالنسبة على علاقتكم مع اسرائيل بعد المعاهدة، هل تنفذ اسرائيل التزاماتها؟ سمعنا من يشكو من عدم التنفيذ، وسمعنا من يتحدث عن توسع في بناء المناطق الصناعية المشتركة؟
- العلاقة غير الواضحة لا تصلح بين الدول، نحن في استرجاع أرضنا أنجزنا ذلك بصيغة كاملة، وفي استرجاع مياهنا انجزنا ذلك بصيغة كاملة، باستثناء وحيد وهو الاتفاق على انتاج 50 مليون متر مكعب من الماء من خلال عملية تقطير، بعد ان يتم ايجاد ممول لذلك. ولم نستطع توفير التمويل، فتم الاتفاق على ان تقدم اسرائيل 25 مليون متر مكعب من بحيرة طبريا موقتاً الى ان يقوم مشروع التقطير، وهذه هي القضية الوحيدة المعلقة في موضوع المياه. أما في موضوع المناطق الصناعية المشتركة فالعمل جارٍ على قدم وساق، الآن عندنا مدينة الحسن الصناعية، مدينة الكرك، مدينة الشيخ حسين، ومدينتان في عمان، ومدينة في العقبة. أما الذي لم يتحقق بشكل جدي فهو التجارة مع اسرائيل والتجارة مع فلسطين، وتوجد حتى الآن معوقات كبيرة وكثيرة تحول بيننا وبين هذه التجارة.
التطبيع
أما في ما يتعلق بالتطبيع، فإن التطبيع مقولة طويلة، فما هو معنى كلمة تطبيع، هل نسمي العلاقات بين الدول تطبيعاً؟ العلاقة بين الدولتين الأردن واسرائيل علاقة قائمة ومستمرة، اما العلاقة بين الشعوب فتقررها الشعوب بنفسها، ونحن لا نتدخل بحق المواطن الأردني في أن يتعامل مع اسرائيل أو أن لا يتعامل.
ما هو مجال عمل المناطق الصناعية؟
- انتاج المناطق الصناعية يستطيع أن يدخل السوق الأميركية من دون جمارك ومن دون "كوتا"، وأصبح نجاحها بالتالي، من خلال قدوم المستثمرين وبخاصة من جنوب شرقي آسيا، لغايات دخول السوق الأميركية وهي سوق واسعة.
هل نستطيع أخذ فكرة عن حجم الرساميل المستثمرة في المناطق الصناعية، ما هو حجم الرساميل الأردنية، العربية، كم اسرائيل؟
- ليس لدي الآن أرقام دقيقة، معلوماتي ان هناك شركة أو شركتين اسرائيليتين فقط، ومن شروط انشاء هذه المناطق أن تكون المواد الاسرائيلية المكونة للسلعة 8 في المئة، والباقي مكون أردني أو مستورد، أي لا يوجد استثمار اسرائيلي كبير، والاستثمارات الضخمة هي من دول مثل هونغ كونغ وتايوان واندونيسيا.
ولكن هذه المناطق الصناعية هي من نتاج المعاهدة الاسرائيلية - الأردنية؟
- انها لسيت من نتاج المعاهدة. انها موقف أميركي لدعم الأردن بعد توقيع المعاهدة.
وماذا عن مطار العقبة؟
- الحوار الآن يدور حول اختيار المكان، وآخر عرض هو أن يكون هناك مبنيان متلاحقان، مبنى في أرض اسرائيلية ومبنى في أرض أردنية، ويبدأ العمل في المبنى الموجود في الأرض الأردنية. لدى اسرائيل مشكلة مع مجموعة الخضر البيئة، ولدينا نحن اهتمام ببيئتنا، واعتقد أن الوصول الى اتفاق حول هذا الموضوع سيتم قريباً.
هل هناك مفاوضات لحل توقف التجارة الأردنية مع السلطة الفلسطينية؟
- تم هذا الاسبوع توقيع اتفاقية جديدة بيننا وبين الاسرائيليين، من أجل ان يتم نقل البضائع الأردنية مباشرة الى مناطق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما كان الوضع السابق يفرض نقلاً وتحميلاً وتنزيلاً عند الحدود يؤدي الى رفع كلفة الشحن واتلاف البضاعة، ونأمل ان يبدأ العمل بذلك، ان لم توضع عوائق جديدة.
هناك من يقول ان من أهداف اسرائيل الأساسية في التسوية، انشاء سوق ثلاثية اسرائيلية - فلسطينية - أردنية، لتكون المجال الحيوي لاسرائيل تجارياً، وتستعملها كوسيلة للدخول الى منطقة الشرق الأوسط.
- ربما يكون هذا هو التفكير الاسرائيلي، ولا يوجد ما يمنعهم من التفكير بأي طريقة يريدون، لكن أسلوبهم بعدم فتح السوق الفلسطينية والسوق الاسرائيلية أمام الأردن يدل على أنهم لا يفكرون بهذا الأسلوب. نحن أمنيتنا أن نشارك في هذه السوق الضخمة، لأن صادرات اسرائيل الى السوق الفلسطينية تقدر بثلاث مليارات دولار، في حين أن التجارة مع الأردن لا تتجاوز 15-25 مليون دولار.
هل يعني ذلك أنكم تؤيدون انشاء سوق من هذا النوع؟
- نحن نؤيد الانفتاح الاقتصادي إذا تم السلام شاملاً وعلى جميع المسارات، وحين يتم ذلك فإن الانفتاح الاقتصادي سيكون من طبائع الأمور وليس حلاً مفروضاً.
العلاقات مع سورية والعراق
ما هي أسس علاقتكم مع سورية، وهل تسير الى الأمام أم أنها توقفت؟
- نحن نعتقد أن علاقة الأردن مع سورية من أهم العلاقات مع الجوار العربي، ولذلك نعتقد بأهمية الحفاظ عليها نقية صافية، وهي الآن في أحسن حالاتها، ولا يوجد فيها عقبة أو عقدة واحدة، وان كان يحلو للبعض من حين لآخر أن يقرأ غير المكتوب ليثبت أن هذه العلاقات تمر بظروف حرجة.
يقال ان هذه العلاقة الجيدة التي نشأت في السنة الأخيرة أثارت غضب مصر؟
- لا اعتقد أن مصر يغضبها صفاء عربي بين أي دولتين عربيتين. أنا اعتقد أن من يتحدث عن ذلك يشير الى عملية التمحور. نحن في الأردن لا نؤمن بعملية التمحور أو المحاور، وانما ننفتح على كل الأشقاء العرب في نفس الوقت وبنفس المنطق.
يقال أيضاً ان الأردن وافق على أن يلعب دور المساعد في الاتصالات الدولية لتسهيل عملية الحل على المسار السوري، وان هذا كان بطلب من سورية.
- دعنا نعكس الحوار على الشكل التالي: نحن نعتقد أن علينا مسؤولية الوقوف الى جانب اشقائنا العرب للوصول الى السلام. لأن السلام يهمنا كدولة، فتوقف عملية التنمية، وضياع الكثير من الحقوق، نجم عن استمرار الحروب، ولا نعتقد أن السلام يمكن أن يتم فقط بين اسرائيل والأردن أو بين اسرائيل ومصر، وإذا لم يقم السلام على جميع المسارات فلن يقوم سلام حقيقي. من هنا اعتقدنا أن لدينا دوراً بأن نقف الى جانب أشقائنا السوريين والفلسطينيين واللبنانيين، لنعزز عملية السلام، وهذا هو الدور الذي مارسه جلالة الملك، ونستمر في ممارسته.
لكن يقال ان هذا الدور كانت تلعبه مصر سابقاً.
- مصر هي الشقيقة الكبرى، والدور في عملية السلام ليس مقصوداً به دولة واحدة، لمصر دور وللسعودية دور ولدول الخليج دور ولدول المغرب العربي دور. نحن لا ننازع الشقيقة الكبرى دورها.
بالنسبة للعراق... أما آن الأوان لخطوة أردنية تجاه العراق؟
- دفع الأردن ثمناً غالياً جراء موقفه من العراق، ولم يكن ذلك الموقف مؤيداً للاحتلال، لأننا لا نؤمن بالاحتلال ولا باستعمال القوة، وقد دفعنا ثمناً غالياً من اجل ذلك: عودة ابنائنا من الخليج، وانقطاع فرص العمل، وتحويلات الاردنيين، واغلاق اسواق صادراتنا كما عانينا اكثر ن ذلك من حصار مماثل لحصار العراق على ميناء العقبة كانت بضائعنا تنزل من السفن وتراقب، وما زلنا ندفع حتى اليوم ما يقارب 200 ألف دولار شهرياً الى مؤسسة لويد لتراقب مستورداتنا. ومن هنا نطالب برفع الحصار عن العراق، والحفاظ على وحدة شعبه ووحدة اراضيه، وان يكون هو صاحب الحق في اختيار حكمه وليس لأحد آخر حق التدخل في ذلك، ولكن الدور لا بد ان يكون عربياً وان لا يكون اردنياً، دور عربي متكامل لرفع الحصار عن العراق لأن العراق لا بد ان يعود الى امته العربية ليمارس دوره في داخلها، وليمارس دوره الاقليمي والدولي.
... العلاقات مع تركيا
انت تؤكد على علاقة اردنية استراتيجية مع سورية والعراق، هناك علاقات الاردن مع تركيا، ما هو تأثير هذه العلاقة على سورية والعراق؟
- نحن نعتقد ان تركيا دولة جارة ودولة صديقة، ولا بد من الحفاظ على علاقات ممتازة للأمة العربية بها، واي صراع مع تركيا سيكون ثمنه باهظاً على طرفي المعادلة. ونحن نعتقد ان علاقاتنا الجيدة مع تركيا تسهّل قيام علاقات تركية جيدة مع اشقائنا الآخرين. وعلاقاتنا مع تركيا ليست تحالفاً، ونحن لا نفكر بأي تحالف خارج امتنا العربية.
أليس هناك تخوف من التوجه الاميركي نحو اعطاء دور لتركيا في النظام الامني الاقليمي، يكون ضاغطاً على الدول العربية؟
- الآية معكوسة. نحن نعتقد ان ابقاء تركيا خارج نظرتنا الى المنطقة يجعل منها حليفاً لغيرنا، والافضل لنا ان نتعاون مع دول جوارنا حتى تكون جزءاً من منظومة تفكيرنا في المنطقة.
ومسألة النظام الامني الاقليمي، أليس هناك من يسعى اليه؟
- لا اعتقد ذلك. الامن الآن اصبح يسير في ركاب الاقتصاد وقبل ان تظهر منظومة اقتصادية في المنطقة لن يتم الحديث عن منظومة امنية. ولذلك لا تزال القضايا الامنية في المنطقة حتى الآن ثنائية.
في الاردن حديث عن موضوع المحافظين والاصلاحيين وحديث عن المواطنة والمواطنية.
- هذه مقولات عفا عليها الدهر منذ فترة الخمسينات والستينات، لم يعد هناك محافظون واصلاحيون، من هو الاصلاحي؟ هل هو الذي يرفع الاسعار؟ واذا كان الحديث عن الانفتاح الاقتصادي فإن حكومتي هي اول حكومة صنعت الانفتاح بأوسع ابوابه، وحرّكت الخصخصة التي كانت مجمدة، فمن هو الاصلاحي؟ لا يوجد اصلاحيون ومحافظون في الاردن. هناك أناس يسعون للحفاظ على كراسيهم، ويحاولون العودة الى مراكز الحكم بأساليب مختلفة، واناس آخرون يعملون بصمت مهما جلدوا او تعرضوا للصدمات، انا ارفض هذا التصنيف رفضاً مطلقاً، لأننا نحن في الاردن لسنا تنظيماً عقائدياً حتى نتحدث عن محافظ واصلاحي نحن دولة ديموقراطية منفتحة.
ولكن هناك تيارات نيابية معارضة لك، وهناك دعم لك من جلالة الملك، فكيف تفسر ذلك؟
- جلالة الملك يدعم طرفي المعادلة سواء السلطة التنفيذية او السلطة التشريعية لأنه رأس الدولة. ثم ان الخلاف مع مجلس النواب ظاهرة طبيعية نحترمها ونقدّرها ونتعامل معها والاعلام هو الذي نفخ في هذا الخلاف لأهداف في نفس يعقوب. ان ما يجري هو عملية ديموقراطية صحيحة وصحية، ومن حق الحكومة ان تبرز موقفها ومن حق النواب ان يبرزوا آراءهم والحكم تحت قبة البرلمان.
وقضية الجدل الدائر حول الحقوق المنقوصة؟
- الحقوق المنقوصة قضية غير موجودة الا في عقول اصحابها. اذا كنت تتكلم عن مواطن اردني فلا يجوز ان تقسمه الا على الرقم واحد. في كل دول العالم تقسم الدولة الى جهات ومناطق وطوائف وفئات، ولكن ليس من حق أحد ان يصبح ناطقاً بلسان جزء من اجزاء الوطن، وبخاصة اذا ما كان قد تسلّم المسؤولية في يوم ما وكان مسؤولاً عن كل الشعب. فإن خرج من الحكم اصبحت الحقوق منقوصة. وما هي الحقوق المنقوصة؟
هل هي عملية تقاسم جهوي؟ وهل تبنى الاوطان بعملية تقسيم الوظائف؟ نحن نعتقد ان اثارة هذه الامور، في المرحلة التي نتحدث فيها عن حق العودة هي اسقاط لحق العودة. نحن نؤمن بأننا شعب واحد، وعندما قامت الوحدة بين الضفتين قامت بين شعبين متماثلين واصبحنا شعباً واحداً يحمل الجنسية الاردنية، مهما كان منبت الشخص او دينه او عرقه او محافظته او الجهة التي يعيش فيها، اتمنى ان يتم الحديث عن اشخاص ظلموا بسبب منبتهم او محافظتهم او دينهم، وان لا يتنطع البعض ليصبح ناطقاً باسم مجموعة لاهداف في نفس يعقوب.
التوطين
ألا يوجد ضغط اميركي على الاردن لقبول قضية التوطين؟
- لنتحدث بكل وضوح. ما معنى كلمة توطين؟ ان تحول الغريب الى مواطن، وقد تم ذلك بقرار الوحدة عام 1950. من هم سكان جبل عمان؟ ومن هم سكان حي عبدون؟ ومن هم سكان حي الشميساني؟ ومن سكان اربد؟ ومن سكان السلط الكل مواطنون اردنيون. واذا كان الحديث عن التوطين هو الحديث عن المخيمات فالمخيمات لا تمثل الا جزءاً بسيطاً من سكان هذا الوطن. الامر الثاني اذا كان البعض يريد ان يتاجر على ظهر ساكني المخيمات فنحن لسنا كذلك. ساكن المخيم مواطن اردني لا يجوز ان يحسّ بالغبن اذا ما وجد انه محروم من اي خدمة تقدمها الدولة، لذلك فإن تقديم الخدمات الى المخيم هو حماية لكرامة انساننا الاردني، وبالتالي ليست هذه عملية توطين، عملية التوطين هي ان تأتي الى شخص لا يحمل جنسيتك فتعطيه تلك الجنسية، فيصبح له حق التملّك وحق العمل، وهذا امر موجود وقائم. لذلك انا اريد ان افهم: ماذا يعني حق التوطين في الاردن؟ هل اللاجئ الفلسطيني الذي يسكن حي عبدون الراقي مواطن ام غير مواطن؟
التوطين يعني في المرحلة الحالية ان تعلن الدول العربية انها قبلت مبدأ التوطين، وتريد استيعاب اللاجئين، ولا يعود هناك حق بالمطالبة بحق العودة الى فلسطين؟
- هذا الكلام ينطبق على كل الدول العربية الا الاردن، لأن الآخرين اذا قبلوا ذلك سيمنحون الجنسية للفلسطينيين والحقوق السياسية، وهؤلاء موجودون ومستوعبون ومواطنون اردنيون واصحاب حقوق سياسية. نحن ضد التنازل عن حق العودة. يجب ان يمنح المواطن من اصل فلسطيني حقه في العودة الى بيته وارضه، وممارسة هذا الحق وفقاً لاحكام الدستور الاردني هو قرار فردي قرار للمواطن نفسه وليس قراراً للدولة الاردنية، في حين ان هذا القرار في اي دولة اخرى هو قرار للدولة وليس قراراً للفرد الفلسطيني. وهذا الفهم لكلمة لاجئ في الاردن وتفريقها عن غيرها ليس واضحاً للعديدين عند الحديث عن التوطين والاستيعاب. وليس وارداً في ذهننا ان يتنازل المواطن الفلسطيني عن حقه في عودته الى بيته وارضه.
ما هو الموقف الاردني من لبنان. هل لديكم مخاوف من تطورات الوضع هناك؟
- انا لا اعرف حتى الآن شكل الحل النهائي في لبنان. المطلوب في لبنان هو الانسحاب الاسرائيلي حتى الحدود الدولية، لكن قد يترتب على ذلك اختراع بعض الخلافات حول مزرعة او مزرعتين ليبقى مسمار جحا قائماً.
هل هناك دور اردني خاص تجاه لبنان؟
- نحن جزء من امتنا العربية، وعندما يصدر لنا قرار عربي بأن نكون جزءاً من هذا الامر فلن نتردد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.