منذ بداية بثها التلفزيوني في أواخر السبعينات من مدينة اطلانطا ولاية جورجيا، استطاعت شبكة "سي.ان.ان" الاميركية ان تحقق شهرة عالمية لم تستطع اي شبكة تلفزيونية اخرى مجاراتها، وان تحدث ثورة في عالم بث الاخبار ونقلها الحي على مدى 24 ساعة عبر الاقمار الاصطناعية الى كل الدنيا. وهذا ما جعلها مركزاً للمعلومات لكل الناس على مختلف المستويات. كيف بدأ مشروع هذه الشبكة التلفزيونية؟ وما سر نجاحها؟ ومن وراء فكرتها؟ "الوسط" زارت المركز الرئيسي للشبكة في اطلانطا، وقابلت فيه بعض كبار المسؤولين وعادت من هناك بالتحقيق الآتي: لو دخلت مكتب الجنرال كولن باول، رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة، اثناء عاصفة الصحراء لكان اول ما لفت انتباهك هو جهاز التلفزيون المفتوح على قناة "سي.ان.ان" شبكة الاخبار السلكية. وقد لاحظت شخصياً ان جميع الجنرالات الذين سبقوا باول في هذا المنصب كانت لديهم اجهزة تلفزيون في مكاتبهم، ولكنها كانت دائماً مغلقة الا اذا كان الرئيس الاميركي يعقد مؤتمراً صحفياً، او اذا كان هناك بيان من وزارة الدفاع في نشرة للأخبار. أحد مساعدي باول قال لي في تلك الاثناء "ان الجنرال نورمان شوارتزكوف يشاهد المحطة ايضاً. فمراسل سي.ان.ان بيتر آرنوت، كما تعرف موجود في بغداد، اما شوارتزكوف فليس هناك". ان السرعة التي تنقل بها هذه المحطة التلفزيونية الاخبار والاحداث، وهي سرعة تفوق سرعة الجنرالات او السفراء او حتى مراسلي الوكالات، تجعل المحطة ضرورة كقهوة الصباح. وأصبحت عبارة "شاهدت كذا وكذا على سي.ان.ان" مثار افتخار لهذه الشبكة مثلما كان يقال في ما مضى "قرأت الخبر في صحيفة التايمز" في لندن. والواقع ان هذه الجملة بدأت تصبح برهاناً على حدوث الشيء بكل تأكيد، لأن شبكة "سي.ان.ان" تبذل جهداً كبيراً في نقل الاخبار والاحداث والمناسبات المختلفة حية ومباشرة على الهواء وأثناء حدوثها، سواء اكان الحدث في الكويت كما اتضح اثناء الحرب او في موسكو حين وقع الانقلاب ضد غورباتشوف او في مقديشو حيث تنهمر القنابل على قوات الجنرال محمد فارح عيديد. لكن "سي.ان.ان" لها نقاط ضعف. فهي ليست عالمية مثل هيئة الاذاعة البريطانية بي.بي.سي، ومع هذا فلا توجد اي شبكة تلفزيونية مرتبطة بعقود مع اجهزة التلفزيون في 142 بلداً في العالم ويمكن الحصول عليها عن طريق "صحون" القرصنة في حوالي خمسين بلداً آخر، اضافة الى بعض الطائرات، سوى سي.ان.ان. ومنذ العام 1982 وهي تقدم خدمة اخبارية جريئة على مدى 24 ساعة دون توقف. وفي 1984 اضافت الى تلك الخدمة ما تسميه "تقارير خاصة" وهي افلام وثائقية قصيرة. كما بدأت في 1989 بتقديم التحقيقات بعنوان "مهمات خاصة". ومع انها محطة اخبارية بالدرجة الأولى فقد بدأت اخيراً في تقديم برامج المقابلات والندوات المطولة. صاحب الفكرة فكرة انشاء سي.ان.ان تعود الى روبرت ادوارد تيرنر الذي يبلغ الآن الخامسة والخمسين من عمره، اذ اعتبر في العام 1978 انه اذا لم يبدأ شبكة اخبار تلفزيونية "سلكية" عن طريق الاقمار الاصطناعية بسرعة فان شخصاً آخر سيبدأ في تنفيذ الفكرة. وكانت شركة "صندوق التذاكر المنزلي" التي تملكها مجلة "التايم" اثبتت وجود امكانات واسعة لمثل هذه الخدمة التلفزيونية السلكية، مع ان برنامجها كان في غالبيته من الافلام القديمة. وحين بدأت سي.ان.ان. لم تكن شبكات التلفزيون الرئيسية الثلاث في الولايات المتحدة تقدم من الاخبار اكثر من 22 دقيقة كل مساء، تتخللها باستمرار اعلانات تجارية تدوم ثماني دقائق، كانت ستزيد لولا القيود الحكومية على مدة تلك الاعلانات. وكان الرأي السائد آنذاك هو ان الرأي العام الاميركي يفضل البرامج الترفيهية مهما كانت تافهة على الاخبار. ومع ان تيرنر كان متزوجاً من الممثلة المعروفة جين فوندا وهي يسارية مثقفة فانه لم يكن على تلك الدرجة العالية من الاكاديمية والثقافة. ولكن يبدو انه كان لديه اعتقاد بسيط وهو ان ثلاثين في المئة فقط يقرأون كتباً تعالج الخيال، بينما تبلغ نسبة الذين يقرأون الكتب البعيدة عن الخيال سبعين في المئة، ولدى هؤلاء تعطش كبير للتعرف على "الحقائق". كان تيرنر معروفاً بما حققه من نجاح في سباقات اليخوت الطويلة الى درجة ان البعض اطلق عليه اسم "الكابتن القبطان الفظيع". وكان معروفاً عنه ايضاً خطاباته التي يلقيها بصوت عال، مما جعل الكثيرين يلقبونه بپ"فم الجنوب" تشبيهاً بالرئيس السابق جيمي كارتر لأن لهجتهما كانت واحدة. اذ ان تيرنر ورث تلك اللهجة عن والده الذي عاش في الميسيسيبي. فخلال دراسته الجامعية طردته جامعة براون، وقد عُرف عن الابن سلوكه غير المألوف. وفي الآونة الاخيرة، وفي احدى المناسبات انهار ووقع ارضاً بينما كان يستلم كأس اميركا لسباق اليخوت على شاشة التلفزيون، وهو اهم جائزة في هذا الميدان في العالم قاطبة. وورث الكثير من الصفات عن والده الذي انتحر حين كان في الخامسة والعشرين من عمره. دخيل على الاعلام دخل تيرنر عالم التلفزيون بشراء محطة واحدة في اطلانطا ولاية جورجيا ولم يكن لديه آنذاك اي خلفية اطلاقاً عن الصحافة والاعلام، بل قال "ان كل ما شاهدته من تلفزيون طوال حياتي كان حوالي مئة ساعة فقط". وبقيت اطلانطا المقر الرئيسي لمشروعه الضخم حتى اليوم. وهناك من يقول ان وجود مقر سي.ان.ان. الرئيسي في اطلانطا كان من اهم الاسباب التي ساعدت في ان تكون الدورة الاولمبية المقبلة صيف 1996 هناك على رغم عيوب المدينة. فهي ذات مناخ حار جداً لا يساعد على الاداء الرياضي الجيد، ومن المعروف ان التكييف الهوائي فيها يتعطل بصورة مستمرة، كما ان الخدمة في فنادقها في منتهى البطء، ولا يكاد احد يحصل فيها على فنجان من القهوة الحقيقية. بدأ تيرنر في بناء جهاز محطته ممن طردتهم شبكات التلفزيون الرئيسية، ومن الذين كانوا يبحثون عن عمل بعد انهيار الشركات التي كانوا يعملون فيها، ومن المؤسسات التي كانت تنتج اشرطة الفيديو وتبيعها للمحطات الرئيسية. وحين قرر البث على نطاق الدولة كلها اتضح له انه سيحتاج الى قمر صناعي خاص ومحطة ارضية خاصة اذا كان يريد تحدي الشبكات الثلاث الكبرى التي كانت تحتكر تقريباً جميع خطوط البث الأرضية. كانت العملية موجهة في البداية نحو السوق الاميركية وحدها. ولما كان تيرنر مغرماً بالرياضة فقد اشترى فريقي كرة السلة وكرة البيسبول في اطلانطا لكي يحتكر بث مباريات الفريقين كل عام مجاناً. لكنها كانت خطوة ذكية جداً ايضاً ان كلاً من الفريقين كان يحقق له ارباحاً جيدة من مبيعات التذاكر في الملاعب، فبدأ يستخدم تلك الارباح في الانفاق على المحطة التي اصبحت في ما بعد "سي.ان.ان". ومنذ البداية استغرب الكثيرون وجود "سي.ان.ان" في اطلانطا بدلاً من واشنطن او نيويورك مثلا، ولا يزال الكثيرون ايضاً يستغربون ذلك الآن. ويعود السبب من ناحية الى ان تيرنر بدأ العملية برمتها في أطلانطا، ومن ناحية اخرى الى ان في وسعه ادارة هذه العملية فيها دون نقابات، كما ان الرواتب في اطلانطا أقل كثيرا منها في المدن الاخرى، والايجارات والضرائب المحلية أقل في هذه المدينة التي كانت عاصمة الجنوب اثناء الحرب الأهلية الاميركية مما هي في المدن الاميركية الاخرى. وبينما كانت الاستعدادات تجري لتدشين "سي.ان.ان" عام 1980 توجه تيرنر الى أيرلندا لينضم الى فريقه في سباق اليخوت الكبيرة. ولم تمض فترة طويلة على بدء السباق حتى هبت عاصفة بحرية هوجاء وصل ارتفاع الامواج فيها الى ثمانية امتار فانقلبت ثلاثة يخوت في عرض المحيط، مما ادى الى وفاة خمسة عشر شخصاً في أسوأ حادثة في تاريخ سباقات اليخوت. والذي حدث بعد ذلك اشبه بسيناريو لفيلم من هوليوود، اذ استمع موظفوه في مقرهم في اطلانطا من محطات التلفزيون الأخرى ان طائرات الانقاد أخفقت في العثور على يخت تيرنر، على رغم البحث المكثف ولذا كان الافتراض ان اليخت غرق في المحيط. واتضح ان جميع اليخوت الاخرى كانت قررت انزال أشرعتها لكي تتغلب على العاصفة بينما أقنع تيرنر طاقم يخته بالابقاء على الاشرعة والمحافظة على السرعة، وقال لهم ان هذا سيضمن ليخته اثناء اقتحام العاصمة الهوجاء اما الفوز او الغرق! لذا لم تتمكن طائرات الهليكوبتر من العثور على قاربه لأنه قطع مسافة طويلة الى الامام متقدما على اليخوت الأخرى وفاز بالسباق. ولم يغرق يخت تيرنر ولم يغرق معه مولد سي. ان.ان. وحين بدأت المحطة في العام 1982 ارسالها بصورة مستمرة، اي طوال أربع وعشرين ساعة في اليوم، كانت موازنتها حوالي 25 مليون دولار، فتنافست شبكات تنفق أربعة اضعاف هذا المبلغ على مكاتبها الوطنية والعالمية لمجرد انتاج ساعة واحدة فقط من الاخبار في اليوم. ولم يكن عدد الموظفين العاملين في أطلانطا يتجاوز ثلاث مئة شخص. وبلغ من درجة استخفاف الشبكات الاخرى بالمحطة الجديدة ان وصفها بيل بيلي مدير شبكة "سي.بي.اس." التلفزيونية بأنها "محطة أخبار شوربة الدجاج"! ومن أجل مواصلة المحطة القيام بمهامها اضطر تيرنر الى دفع رواتب ضئيلة كما ان المراسلين انفسهم كانوا يقومون بالمونتاج اللازم لأشرطتهم، وهو امر ما كانت لتسمح به اي نقابة لو كان العاملون في "سي.ان.ان." اعضاء فيها. لهذا استمرت المحطة في استخدام الشباب الذين يفتقرون الى الخبرة، او المخضرمين من المحترفين الذين تقاعدوا او فقدوا اعمالهم، ولكنهم كانوا على استعداد لقبول رواتب منخفضة. وحتى الآن يعمل العديد من المذيعات اللواتي يقدمن نشرات الاخبار ويقبلن برواتب أقل من الرجال. الا ان هذا يعني انه لا يمكن لأي محطة اخرى اغراء العاملين مع تيرنر بمجرد عرض رواتب أفضل عليهم اذا ما اشتهروا. ولا يزال تيرنر يرفض حتى اليوم انضمام معظم العاملين معه الى النقابات العمالية. ولربما كانت مواهب تيرنر في مجال مصالح الاعمال هي التي ساهمت في انجاح شبكته أكثر من فهمه للصحافة. فكما هو الحال في النظام الرأسمالي الاميركي لجأ تيرنر الى اقتراض مبالغ مالية طائلة. ولا تزال مجموعة الشركات المختلفة التي يملكها مدينة بحوالي ألفي مليون دولار. وحين بدأ العملية التلفزيونية لم يكن ضمن سوى رعاية 17 شركة معلنة. وهكذا كان معدل خسارة المحطة شهريا حوالي مليونين وربع المليون دولار. وليس من المستغرب ان تكون العلاقة بين "سي.ان.ان." وشبكات التلفزيون القومية الثلاث الكبرى مملوءة بالمشاحنات. فعندما نجحت الشبكات الثلاث في اقناع البيت الابيض في عهد الرئيس ريغان باستثناء "سي.ان.ان." من ترتيبات التغطية الموحدة، اي ان تغطي محطة واحدة احداث البيت الابيض لجميع المحطات الاخرى، بدعوى ان "سي.ان.ان" لا تقدم تغطية دقيقة او شاملة للنشاط الرئاسي، خصص تيرنر مليون دولار لرفع دعاوى على الشبكات الثلاث بموجب قانون الثقة، كما رفع دعاوى قضائية على الرئيس ريغان ورئيس موظفيه آنذاك جيمس بيكر وسكرتيره الصحفي جيم بريدي ومساعد بريدي. وبينما كان احد محامي تيرنر في مطار أطلانطا ينتظر اقلاع طائرته الى واشنطن للمرافعة في المحاكمة تلقى مكالمة هاتفية تطلب منه تأجيل رحلته لأن "اثنين من المتهمين تعرضا لاطلاق النار". وكانت تلك محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس ريغان فأدخل اثر ذلك الى المستشفى بينما اصيب بريدي بشلل دائم وتأجلت المحاكمة أسابيع عدة. وفي هذه الاثناء اضيف اسم وزير الخارجية الكسندر هيغ الى قائمة المتهمين حين رفض السماح لمراسل "سي. ان.ان." الصعود الى طائرته. واضطرت الادارة الى الاذعان قبل ان ينظر القاضي في الدعوى. ومع ذلك ظلت المشكلات قائمة لأن الشبكات الثلاث الكبرى واصلت رفض اشرطة "سي.ان.اس" للتغطية الموحدة، الا عندما كان الرئيس في الخارج على اساس ان موظفيها ليسوا اعضاء في النقابات العمالية. توسع الشبكة اثر ذلك شرعت "سي.ان.ان" في البث على قناة ثانية هي "سي.ان.ان 2" على غرار "بي..بي.سي" وسرعان ما أصبحت الاخبار التي تبثها عناوين رئيسية في الاذاعات ومحطات التلفزيون. اذ ان "سي.ان.ان" كانت تواصل تحديث نشرات القناة الثانية التي تمتد كل واحدة منها نصف ساعة وتبث ثماني وأربعين مرة في اليوم اضافة الى المادة الوثائقية. وهكذا فان ما يراه المشاهدون في الشرق الاوسط على شاشة "سي.ان.ان. انترناشينال" العالمية هو في الواقع مزيج من ارسال سي.ان.ان وأخبار القناة الثانية. وتشير احدى الدراسات الأخيرة الى ان الذين يشاهدون المحطة يعتبرونها المصدر الرئيسي لأخبارهم التلفزيونية. وهناك الكثيرون من المشاهدين الذين يستطعيون التقاط المحطة عن طريق صحون الأقمار الاصطناعية دون ان يدفعوا أي رسوم للمحطة نفسها، اي بالقرصنة ودون ترخيص. ومن الطريف ان تيرنر حين زار كوبا في 1982 بدعوة من فيديل كاسترو اكتشف ان سبب الدعوة هو ادمان الرئيس الكوبي على مشاهدة سي.ان.ان. وفي تلك الزيارة قال كاسترو: "حين تحدث مشاكل في العالم فانني أشاهد سي.ان.ان.". وفي العام 1984 اتخذت المحطة قراراً بتعيين مراسل يهودي هو جيريمي ليفن مديراً لمكتبها في بيروت، مما أثار ضجة كبيرة انتهت باختطاف ليفن. واثر ذلك أمضى نائب المدير العام للمحطة ادوارد تيرنر الذي لا تربطه أي صلة قربى بروبرت شهرين في لبنان ودمشق لمحاولة اقتفاء اثر ليفن دون جدوى. وبعد ان أخفق وقرر التخلي عن المحاولة تلقّى شريط فيديو من مسؤول كويتي يظهر فيه ليفن طالباً اطلاق سراح سجناء الدعوة السبعة عشر في الكويت. لكن سي.ان.ان. لم تبث ذلك الشريط بناء على طلب من ادارة ريغان. وبعد حوالي احد عشر شهراً من اختطاف ليفن "سمح" له خاطفوه بالفرار وقال بعد ذلك انه لا يعرف شيئا عنهم. وفي العام التالي حاول تيرنر بما لديه من ثروة شخصية وما اقترضه من أموال شراء شبكة سي.بي.اس لكنه لم ينجح. وإثر ذلك تلقى عرضا لشراء شركة هوليوود العملاقة إم.جي.ام يونايتد آرتستس فاشتراها، وبعد فترة باع يونايتد آرتستس وهي قسم من الشركة، لكنه احتفظ بمكتبة فيديو هائلة ساعدت مبيعاتها على تمويل سي.ان.ان. أساس الشهرة ظل البث الحي هو الأساس في شهرة المحطة ونجاحها. ففي العام 1985 صورت المحطة عملية اختطاف طائرة تي. دبليو. أيه في بيروت. وفي 1986 كانت سي. إن. إن المحطة الوحيدة التي عرضت كارثة سفينة الفضاء تشالينجر التي انفجرت بعد انطلاقها بثوان قليلة. وفي السنة نفسها عرضت المحطة الغارة الجوية الأميركية على ليبيا، من داخل ليبيا نفسها. وفي العام 1989 أبقت المحطة آلات التصوير طوال الوقت مسلطة على ميدان تياننمان في بكين، الى درجة أن الحكومة الصينية حاولت طرد طاقم المحطة وهددت بمنع ارسالها عبر القمر الاصطناعي. وحين علم الرئيس بوش بذلك اتصل بالسفير الأميركي في بكين وطلب اليه ابلاغ الحكومة الصينية أن الرئيس سيشعر "بانزعاج شديد جداً" إذا ما فعلت ذلك. وهكذا وبعد أن أوقف الصينيون بث الصور التلفزيونية لدقائق اضطروا الى السماح لفريق "سي.إن.إن" باستئناف الارسال. إلا أن المناسبة التي جعلت سي.إن.إن تكتسب ببثها المباشر الحي على الهواء سمعة لا مثيل لها، هي عاصفة الصحراء حين بدأ نجم المحطة بيتر آرنت، وهو أوسترالي مخضرم غطى حرب فيتنام، في بث تقاريره من الفندق الذي ينزل فيه في العاصمة العراقية بغداد بينما كانت القنابل الأميركية تنهمر على المدينة. ومنذ ذلك الوقت قررت الشركة تسمية الهوائي الذي تصنعه والذي استخدمه آرنت في ذلك الارسال "مظلة آرنت". خلال الثمانينات بدأت المحطة تعرض خدماتها في أوروبا ثم في أماكن أخرى من العالم من خلال ترتيبات مع الشبكات المحلية من خاصة وحكومية. وإثر ذلك ارتفعت إيراداتها بشكل خيالي. وبدأت تزداد اتساعاً وحجماً وربحاً. وظهرت إثر ذلك خلافات حادة بين العاملين، وحدثت استقالات بين كبار المسؤولين في سي.إن.إن وسي. إن. إن العالمية والشركة الأم: تيرنر للبث الاذاعي. وأخذت المجلات الاقتصادية والمالية تسلط الأضواء على العملية برمتها وتتساءل ما إذا كانت سي.ان.ان مشروعاً يتولى المسؤولية عنه شخص حكيم أو شخص متهور، وما إذا كانت المحطة ستنهار بين عشية وضحاها أم ستصبح أكبر امبراطورية اعلامية في أميركا. وأدى كل هذا النقاش الى وضع قواعد وقوانين جديدة من بينها وجوب حصول أي قضية لها علاقة بالموازنة على تأييد ثمانين في المئة من أصوات حملة أسهم الشركة. وهكذا لم يعد تيرنر الحاكم بأمره ولم تعد يده مطلقة. تأخذ دور الديبلوماسيين ومع ان ما يزيد قليلاً على نصف البيوت في أميركا يستقبل ارسال سي. إن. ان فإن نصيبها من مشاهدي الأخبار جعلها الآن واحدة من الشبكات القومية الأربع الكبرى. ففي 1991 كان نصيب سي. بي. اس من مشاهدي الأخبار هو 30.2 في المئة وأيه. بي. سي 26.5 في المئة وسي. ان. ان 24.7 في المئة وإن. بي. سي 18.6 في المئة. ويكفي للدلالة على نجاح المحطة أن مارلين فيتزووتر الذي كان الناطق بلسان الرئيس السابق جورج بوش قال إن سي.إن.إن "حلت في بعض الأوجه مكان الديبلوماسية". وهناك حالات اتخذ فيها زعماء مثل مارغريت ثاتشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة قراراتهم استناداً الى ما شاهدوه على شاشة المحطة دون انتظار البرقيات الديبلوماسية. وحتى وكالة المخابرات المركزية الأميركية سي.آي.ايه تفتح فيها أجهزة التلفزيون على قناة سي.إن.إن. لكن المحطة وصلت على ما يبدو الى ذروتها في أميركا ولم تعد تحقق ذلك النمو السابق. أما سي.إن.إن العالمية فهي في نمو مضطرد وسريع، وقريباً سيتاح للسفارات والفنادق الأميركية وللمشاهد الأميركي الحصول على التغطية العالمية للأخبار. مع نائب الرئيس يقول ستيفن هاوارث نائب رئيس سي.إن.إن للعلاقات العامة ل "الوسط": "إن قرارنا البث الحي المباشر كان أهم عوامل نجاحنا. إذ أن الأحداث تصنع بدقائقها أمام أعين المشاهدين". ويرى العاملون مع المحطة ان هذا الاسلوب يساعدهم على التزام قدر أكبر من الموضوعية والحياد في التغطية لأن البث المباشر للوقائع لا يسمح بكثير من التحليل أو المقاطعة. وخلال حرب جزر الفولكلاند وحرب الكويت مثلا لجأت المحطة الى أسلوب قسمة الشاشة لعرض وجهتي النظر من الصراع. وفي هذا الصدد يقول هاوارث: "إن أفضل رصيد لدينا هو المصداقية. فنحن لا نمثل الحكومة الأميركية كما أننا لا نمثل أي حكومة أخرى". ويشير هانك ويتمور مؤرخ المحطة الى أنه حين أعد تيرنر افتتاحية ضد العنف في السينما والتلفزيون أجبره موظفون على عدم تكرار هذا العمل إطلاقاً مهما كانت المناسبة. ولم يكن السبب هو الاستهانة برأيه أو مخالفته وإنما إيمانهم بأنه يجب عدم السماح لأصحاب محطات التلفزيون بالظهور على الشاشة لعرض آرائهم أو فرض آرائهم على المشاهدين من خلال تدخلهم في برامجها. ومن الأمثلة على المصداقية الهائلة التي أثبتتها المحطة ما حدث في المحاولة الانقلابية ضد غورباتشوف. فبينما كانت محطات الاذاعة والتلفزيون في موسكو تقول إن قادة الانقلاب نجحوا كانت السفارات الأجنبية في المدينة تشاهد التلفزيون وترى بوريس يلتسن وهو يصعد فوق إحدى الدبابات وسط تصفيق الجمهور، وصور الجنود السوفيات الذين رفضوا التدخل بعد أن امتنعوا عن تأييد الانقلاب. كل ذلك على قناة سي.إن.إن. كذلك كان المواطنون السوفيات في الجمهوريات الأخرى يشاهدون سي.إن.إن ما جعلهم يدركون أن ما تبثه الاذاعة والتلفزيون السوفياتيان لم يكن صادقاً. ونظراً لاستمرار الزيادة في اعداد المشاهدين الآن خارج الولايات المتحدة فإن هاوارث يقول إن الحاجة الى أن تعرض سي. إن. إن أحداث العالم من زاوية غير أميركية أصبحت أعظم كثيراً. إذ يجب أن تلتزم الموضوعية والحياد. ففي المملكة العربية السعودية مثلا تدخل سي. إن. إن أكثر من 800 ألف بيت، بينما تدخل أكثر من نصف مليون منزل في اسرائيل، وحوالي مئتي ألف في البحرين، وأكثر من ثلاثين ألف بيت في مصر. ويعلق هاوارث على ذلك بقوله: "إن أكثر مناطق استقبالنا كثافة في الشرق الأوسط هي البحرين ثم السعودية ثم اسرائيل، دون الأخذ في الاعتبار استقبالنا عن طرق غير قانونية أي بالصحون". ويوجد عدد كبير من المحطات في مختلف أنحاء العالم يشتري برامج سي.إن.إن أو يرتبط معها بعقود لتغطية عدد معين من الساعات. وبالاضافة الى ذلك هناك اتفاقات بين المحطة وعدد من كبريات المحطات العالمية لتبادل البرامج والتغطية، وفي مقدمتها منافستها الأولى: بي.بي.سي والتلفزيون الاخباري المستقل في بريطانيا آي.تي.إن. وإذا كان الافتقار الى وجهات النظر الأجنبية من نقاط ضعف سي. إن. إن فإن هناك نقطة ضعف أخرى مهمة وهي افتقار المحطة الى اللغات الأجنبية مع أنها تبث الآن أربع ساعات ونصف الساعة بالاسبانية كل يوم لمشاهدي أميركا اللاتينية، كما ستبث قريباً داخل أميركا بالاسبانية للأميركيين الذين يتكلمون هذه اللغة في منازلهم وهم يشكلون نسبة 17 في المئة من مجموع السكان. كذلك توصلت المحطة الى اتفاق مع التلفزيون الألماني لكي تبدأ البث باللغة الألمانية قريباً. يضاف الى هذا أن المحطة تملك خمسين في المئة من أسهم محطة التلفزيون التجارية الوحيدة في روسيا التي ستباشر قريباً في بث برامج سي.إن.إن العالمية باللغة الروسية. وهناك مفاوضات تجري الآن في كل من فرنسا واليابان للبث باللغتين الفرنسية واليابانية علماً بأن سي.إن.إن تبث الآن أربع ساعات باليابانية برامج يقدمها مذيعون يابانيون. وتظهر بعض نقاط الضعف في عمل سي.إن.إن الأساسي في الشرق الأوسط حيث تتركز مكاتبها في القاهرة وعمان والقدس، علماً بأن مكتب القدس هو أكبر هذه المكاتب. وهذه نقطة ضعف واضحة نظراً لعدم وجود اتصالات اعلامية على نطاق واسع بين القدس وبقية العواصم العربية. ويشير هاوارث الى أن سي.إن.إن لا تزال تحتفظ بغرفة لها في فندق الرشيد في بغداد تستخدمها كمكتب من حين الى آخر. إلا أن التقسيم الجغرافي الذي وضعته المحطة للعالم يجعلها في مركز ضعيف عند تغطية أحداث مناطق معينة، كما هو الحال في الشرق الاوسط. فهي تقسم العالم الى ثلاث مناطق هي: أميركا اللاتينية واوروبا وآسيا. وتشمل منطقة اسيا القارة بأكملها اضافة الى القارة الافريقية واستراليا ونيوزيلندا. ويقول بيتر فيسي نائب الرئيس المسؤول عن سي.ان.ان العالمية "ربما كانت سي.ان.ان في اميركا وسيلة اعلام محلية. لكننا نحاول ان نكون عالميين في سوق عالمية، لا سيما اننا نقدم خدمة الى صفوة من المشاهدين من مسؤولي الحكومات والسفارات ورجال الاعمال والناس الذين ينزلون في الفنادق الفخمة. لكننا مع ذلك لم نصل الى مستوى عالمية بي.بي.سي التي بدأت تنافسنا الآن بتلفزيون الاذاعة العالمية". مع المسؤولين في كل مكان وتستخدم سي.ان.ان 12 قمراً صناعياً في بث برامجها، منها واحد للبث داخل الولايات المتحدة والباقي للبث في مختلف انحاء العالم. ومع ذلك فإن الغالبية الساحقة من الوجوه والاصوات التي تستخدمها المحطة هي اميركية، على رغم وجود بعض الاشخاص من اصول غير اميركية. فهناك كريستينا امنبور مديرة مكتب باريس وهي بريطانية المولد من ابوين ايرانيين، وستيفان كوتسونيس مدير مكتب عمان وهو اميركي من اصل يوناني مع انه يتكلم العربية. كما ان الكثيرين من العاملين بعيداً عن الكاميرا قد يكونون من ابناء البلد المحليين. وإدراكاً من المحطة لهذا النقص بدأت البحث عن اعلاميين محترفين من مذيعين ومراسلين وغيرهم من البلدان العربية والبلدان الاخرى التي تعتزم المحطة البث بلغاتها. ويقول فيسي: "نتلقى الانتقادات والنصح من اكثر مشاهدينا ولاء". ويستشهد في هذا الصدد بالملك حسين والرئيس حسني مبارك وامير الكويت: "كما انهم يبلغوننا اذا لم يكونوا راضين عن اي شيء وهو امر مفيد جداً لنا. لكن مراسلينا يحاولون الحصول على مقابلات مع اصحاب وجهات النظر المختلفة في دول الشرق الاوسط. ونحن ندرك ايضاً انه ينبغي علينا ان نزيد عدد مكاتبنا في الشرق الاوسط وان نوسع موضوعات تغطيتنا هناك". وربما لا يعرف الكثيرون ان هناك ايضاً اذاعة سي.ان.ان التي تستخدم المراسلين الذين يستخدمهم التلفزيون. الا ان البرامج الاذاعية مختلفة تماماً وليست مجرد اعادة لشريط الصوت الذي يرافق الصورة على التلفزيون. وفي هذا الصدد يقول فيسي: "إننا نبحث باستمرار عن المزيد من المراسلين الاذاعيين الذين يعملون لحسابهم او بالقطعة". كذلك يقول ايسون جوردان نائب الرئيس للبرامج الدولية انه يبحث عن مراسلين عرب. وهو فخور لان الخمسة الذين يعملون في مكتب نيودلهي على سبيل المثال هنود بمن فيهم مدير المكتب آشي راي. اما المكاتب الاخرى خارج نطاق الشرق الاوسط فهي طوكيو وسيول وبكين وبانكوك ومانيلا. لكن المكتب الوحيد في افريقيا موجود في نيروبي، علماً بأن المحطة تعتزم افتتاح مكتبين آخرين في غرب القارة وجنوبها. وسبق لجوردان ان زار العراق ثلاث مرات منذ حرب الخليج. وكان سبب الزيارة في مناسبتين بحث اعادة مراسلي سي.ان.ان بعد طردهم. وفعلا نجح في اعادة ريك سالينجر خلال ايام لان الاعتراضات لم تكن على ما بعثه هو من تقارير وانما على تقارير بعثها مراسلون آخرون في اماكن اخرى من الشرق الاوسط. اما الزيارة الثانية فكانت اكثر صعوبة، ويقول جوردان "كنت في طوكيو، واضطررت الى الذهاب بنفسي دون اي مساعد على الفور. وهكذا توجهت بالطائرة الى بانكوك ثم الى دبي وبعدئذ الى عمان ومنها براً الى بغداد. وامضيت هناك اسبوعاً سرت فيه تبعاً للبرنامج الذي وضعته السلطات لي، بما في ذلك جولة في منطقة الحظر الجوي. وبينما كنت خارج مدينة البصرة حيث زرت جسراً دمره قصف طيران التحالف اوقفني ضابط عراقي، وكنت آنذاك وحدي. وكان واضحاً لي انه يعرف انني صحافي ويريد ان يعرف ما اذا كنت اميركيا ام لا، وصوّب بندقيته نحوي. وبدأت افكر في طريقة لتفادي الاجابة بنعم فقلت له: "لا. سي.ان.ان" وفجأة ابتسم وقال: "آه! سي.ان.ان! بيتر آرنت. أهلاً وسهلاً". وحين عدت الى بغداد قرر وزير الاعلام يوسف حمادي السماح بعودة مراسلنا الى العراق". الا ان البث المباشر لا يزال يثير المشاكل من حين الى آخر. اذ يذكر بيتر فيسي انه كان في موسكو اثناء المحاولة الانقلابية عندما اقنع يلتسن باجراء مقابلة خاصة للمحطة. وكان المفروض ان تجري المقابلة في مقر المخابرات السوفياتية كي.جي.بي. لكن يلتسن قال انه لا يستطيع التحدث في مقابلة على الهواء مباشرة الا من مكتب واحد مأمون ليس له اي نوافذ، مما يعني انه لا يمكن ربط القمر الاصطناعي بالارض، اي بالمكتب، وبينما كان احد موظفي القناة يتجول في الممر عثر على غرفة بنوافذ على بعد حوالي مئة متر فمد الاسلاك ووصلها بالمكتب، ثم ابلغ فيسي ويلتسن انه بات في الوسع اجراء المقابلة حية على الهواء بعد ان تم ربط المكتب بالقمر الاصطناعي. وهناك حالات ايضا تثير الحرج كانقطاع الخطوط او اكتشاف عدم قدرة شخص على الحديث بالانكليزية مثلاً وما الى ذلك من المشاكل. المشكلة الرئيسية ويقول ايسون جوردان: "ان مشكلاتنا الرئيسية في الشرق الاوسط هي مع اسرائيل. اذ انني ذهبت الى هناك احدى المرات لتهدئة الاسرائيليين بعد ان قدمنا برنامجاً لنصف ساعة عن المبعدين في جنوب لبنان والغارات الاسرائيلية على المنطقة. وكانت القصة كالمعتاد: اسرائيل تشكو من تحيزنا وتقول انكم متحيزون مثل الاذاعة العالمية لهيئة الاذاعة البريطانية، اما الآن وبعد ان اصبح آري ميكيل مدير التلفزيون الاسرائيلي السابق قنصلاً عاماً لاسرائيل في اطلانطا فقد بدأ يشاهد سي.ان.ان لمدة 12 ساعة في اليوم. كما ان وزارة الخارجية الاسرائيلية تراقب سي.ان.ان لمدة 12 ساعة يومياً ومع هذا فهو يشاهد الشبكة الداخلية بينما تشاهد الوزارة الشبكة العالمية". ويضيف جوردان: "ان اسرائيل تنتهج تجاهنا خطاً اكثر صرامة وتشدداً من اي جهة اخرى. وعلاقتنا معها تتسم بالحساسية. فاسحق رابين يرفض اعطاءنا اي مقابلات. وحين كنت في القدس آخر مرة رفض ان نجري معه مقابلة لانني كنت انزل في فندق اميركان كولوني الذي قال عنه انه "مقر رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية". وحين ابلغت زوجة ياسر عرفات بذلك في تونس ضحكت وقالت: ترى كيف عرف ذلك"! ويقول جوردان ان الملك حسين والملكة نور يشاهدان سي.ان.ان بانتظام. كذلك يشاهدها عرفات والقذافي طوال الوقت ايضاً. وأثناء أزمة الخليج وقبل حرب الكويت تلقت غرفة الاخبار مكالمة هاتفية من شخص قال انه القذافي. وحين استمعت اليه كان يتحدث بانكليزية جيدة ولكن بلكنة عربية، وقال ان لديه بعض الاقتراحات لكي لا تتحول عملية درع الصحراء الى حرب. واستمعت اليه لفترة فأدركت انه شخص يدعي انه القذافي وقلت له انه متظاهر ومدع ووضعت سماعة الهاتف. ولكنه عاد فاتصل ثلاث مرات. وكنت في كل مرة اضع السماعة واقفل الخط. وبعد ذلك بدأت مكاتبنا في الخارج تتلقى شكاوى من السفراء الليبيين الذين تساءلوا لماذا تتعامل سي.ان.ان بوقاحة مع زعيمهم؟ واثر ذلك قلت للسفراء الذين اتصلوا بنا ان عليهم ان يؤمنوا له خطاً عن طريق القمر الاصطناعي لكي يتمكن المشاهدون من رؤيته والتأكد انه هو الذي يتحدث فعلاً. وهذا ما حدث، واجرينا مقابلة معه. وحين انتهت المقابلة قال لنا: "اذا كنتم تريدون الوصول الي فما عليكم الا ان تقولوا ذلك من خلال المحطة. فأينما كنت موجوداً في البلاد اشاهد سي.ان.ان او يشاهدها شخص آخر معي. وعندئذ سأتصل بكم هاتفياً".