القيادة تعزي في وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر    ولي العهد يعزي تشوي سانج في ضحايا حادث الطائرة    «مجلس التخصصات الصحية» يعتمد استراتيجية العام المقبل    إضافة 122 منتجاً وطنياً في القائمة الإلزامية للمحتوى المحلي    وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر    2024 يرسم نهاية حكم عائلة الأسد في سورية    الأخضر يختتم استعداداته لمواجهة عُمان في نصف نهائي خليجي 26    الهلال يكسب ودّية الفيحاء بثنائية "نيمار ومالكوم"    جابر: ثقتنا كبيرة في تجاوز المنتخب السعودي    "الشورى" يوافق على تعديل نظام إنتاج المواد التعليمية وتسويقها    مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون يعقد اجتماعه الرابع لعام 2024    تركي آل الشيخ يعلن عن القائمة القصيرة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    استعراض مؤشرات أداء الإعلام أمام الوزير    11 ألف مستفيد من برامج التواصل الحضاري بالشرقية    أمير الشرقية يشدد على رفع الوعي المروري    مغادرة ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    علاج شاب بزراعة بنكرياس باستخدام الروبوت    حتى لا نخسر الإعلاميين الموهوبين!    هل تفجّر أوابك ثورة إصلاح وتحديث المنظمات العربية    النصر يتوج بكأس الاتحاد السعودي لكرة قدم الصالات على حساب القادسية    بينهم عدوية والحلفاوي والسعدني.. رموز فنية مصرية رحلت في 2024    كلام البليهي !    التغيير العنيف لأنظمة الحكم غير المستقرة    مبادرة «عدادي»    تحقيقات كورية واسعة بعد كارثة تحطم طائرة بوينج 737-800    الوديعة السعودية أنقذت اليمن    "التجارة" تضبط مستودعاً استغلته عمالة مخالفة للغش في المواد الغذائية    إغلاق عقبة الهدا بالطائف شهرين    خبراء أمميون يطالبون بمعاقبة إسرائيل على الجرائم التي ترتكبها في الأراضي الفلسطينية المحتلة    توزيع 132 حقيبة إيوائية في ولاية بغلان بأفغانستان    وزير خارجية سوريا: نتطلع لبناء علاقات إستراتيجية مع السعودية    مكة المكرمة: القبض على شخص لترويجه 8,400 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الجوازات: صلاحية جواز السفر للمواطنين الراغبين في السفر إلى الخارج 3 أشهر للدول العربية و6 أشهر لبقية الدول    نائب وزير الخارجية يستقبل الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير باكستان لدى المملكة    نتائج نشرة خدمات 2023.. «الإحصاء»: 78.1% مدارس التعليم العام و800 ألف رحلة أقلعت من 29 مطاراً    فرع الصحة بجازان ينفذ "ملتقى الاستثمار الصحي الأول"    مدرب عُمان قبل مواجهة السعودية: نريد النهائي    "المرور": استخدام (الجوال) يتصدّر مسببات الحوادث المرورية    ابتكارات عصرية بأيدي سعودية تعزز رفاهية الحجاج في معرض الحج    الإحصاء تُعلن نتائج المسح الاقتصادي الشامل في المملكة لعام 2023م    الصقور تجذب السياح    "حركية الحرمين" السعي نحو حياة أسهل    المملكة وتركيا تعززان التعاون الدفاعي والعسكري    في بطولة خليجي "26".. الحمدان يتصدر الهدافين.. والدوسري يغيب عن نصف النهائي    عزة النفس وعلو الإنسان    معركة اللقاحات    الذكاء الاصطناعي يشخص أفضل من الأطباء    وزيرا «الإسلامية» و«التعليم» يدشّنان برنامج زمالة الوسطية والاعتدال لطلاب المنح الدراسية    5 فوائد للأنشطة الأسبوعية تطيل العمر البيولوجي    «تونسنا عليك»    بين الأماني والرجاء.. رحمٌ منبثٌ    ترحيل إجازة الشتاء لرمضان !    التعصب في الشللية: أعلى هرم التعصب    ما الفرق بين الدخان والهباء الجوي؟    نائب أمير مكة يعقد اجتماعاً مرئياً لمناقشة نتائج زيارته لمحافظات المنطقة    البسامي يتفقد الأمن الدبلوماسي    السعودية تعزّي كوريا في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جون قرنق زعيم المتمردين على البشير يتحدث بصراحة الى "الوسط" : هذه حقيقة مواقفي من النظام في الخرطوم وجبهة الترابي والمعارضة
نشر في الحياة يوم 03 - 05 - 1993

* أملك أدلة تثبت دعم ايران الكامل لنظام البشير
وان السودان يدرب ارهابيين يريدون اسقاط النظامين المصري والجزائري
* لا علاقة لي "بالمحاولة الانقلابية" ضد البشير... ولا اتصالات مع اسرائيل
في مقابلة خاصة وشاملة ومطولة هي الأولى من نوعها يدلي بها الى مطبوعة عربية، تحدث العقيد جون قرنق زعيم المتمردين على نظام الرئيس السوداني عمر حسن البشير الى "الوسط" عن كل ما يتعلق بالسودان وبمواقفه من النظام الحالي في الخرطوم وبتصوراته لمستقبل الوضع في هذا البلد. هذه المقابلة الخاصة مع "الوسط" تمت في منزل العقيد جون قرنق في نيروبي واستمرت 4 ساعات، واعترف خلالها مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان وزعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يقاتل النظام السوداني منذ 1983 بأنه يتحدث للمرة الاولى بهذا الشكل المستفيض والمفصل الى أية مطبوعة عربية. وتنشر "الوسط" هذه المقابلة على حلقتين: الاولى في هذا العدد والثانية في العدد المقبل.
هذه المقابلة تمت بعد تطورين مهمين:
* الاول توصل الحركة الشعبية التي يتزعمها قرنق الى اتفاق مع قادة المعارضة السودانية على تصور موحد لمستقبل الوضع في السودان. وقد تم الاتفاق على ذلك خلال اجتماع عُقد في العاصمة الكينية نيروبي يوم 17 نيسان ابريل الماضي وصدر عن الاجتماع بيان حمل اسم "اعلان نيروبي".
* التطور الثاني هو اعلان الرئيس السوداني البشير اكتشاف خطة لقلب نظامه شاركت فيها قوات تابعة لقرنق.
ولنتوقف قليلاً عند هذين التطورين قبل نشر الحوار مع قرنق.
يوم 17 نيسان ابريل الماضي اجتمع قادة "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض لنظام البشير في نيروبي مع مندوبي حركة قرنق وحزب الامة والحزب الاتحادي الديموقراطي والحزب الشيوعي وتجمع الاحزاب الجنوبية والمؤتمر الافريقي السوداني والقيادة الشرعية وشخصيات قومية، وهي كلها معارضة لنظام الخرطوم. وأصدر المجتمعون بياناً اكدوا فيه توصلهم الى "اتفاق شامل حول جميع بنود الدستور الانتقالي وحسم كل القضايا المعلقة في هذا الشأن". ومما جاء في هذا البيان الذي حمل اسم "اعلان نيروبي": "وناقش الاجتماع موضوع علاقة الدين بالسياسة وارتباطها بالوحدة الوطنية وتأمين السلام العادل والدائم في السودان، وتوصل الى اتفاق في هذا الشأن يُضمّن في الدستور الانتقالي وينص على ما يأتي:
1- تعتبر المواثيق والعهود الدولية المعنية بحقوق الانسان جزءاً لا يتجزأ من القوانين السودانية ويبطل اي قانون يصدر مخالفاً لها ويعتبر غير دستوري.
2- يكفل القانون المساواة الكاملة بين المواطنين تأسيساً على حق المواطنة واحترام المعتقدات والتقاليد وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين او العرق او الجنس او الثقافة، ويبطل اي قانون يصدر مخالفاً لذلك ويعتبر غير دستوري.
وبهذا يكون التجمع الوطني الديموقراطي توصل الى اتفاق شامل حول جميع بنود الدستور الانتقالي وحسم كل القضايا المعلقة في هذا الشأن. وأكد الاجتماع دعمه للنضال المسلح الذي تقوده الحركة الشعبية بقيادة الدكتور جون قرنق كما ناشد المنشقين عن الحركة بتوحيد الصف وتجاوز الخلافات والقضايا الهامشية والوقوف صفاً واحداً ضد العدو الأوحد لكل اهل السودان حزب الجبهة القومية الاسلامية".
التطور الثاني هو اعلان الرئيس السوداني البشير يوم 24 نيسان ابريل الماضي ان حكومته احبطت خطة لغزو السودان شاركت فيها مصر عن طريق تدريب معارضين سودانيين في بيروت "من دون علم الحكومة اللبنانية". وقال البشير ايضاً ان مصر وعدت المعارضين السودانيين بتزويدهم بطائرات مروحية لنقل قوات تابعة لحركة جون قرنق الى السودان. وذكر البشير "ان الوثائق اثبتت ان الصادق المهدي كان سيُعين رئيساً للوزراء". وأوضح مصدر امني في الخرطوم ان الوثائق التي ضبطت تشير الى نية لتشكيل "مجلس عسكري انتقالي" يحكم السودان لمدة خمس سنوات ويرأسه الفريق فتحي احمد علي زعيم المعارضة العسكرية ويكون نائبه جون قرنق. وقد نفت مصر رسمياً هذه المعلومات السودانية، كما نفى الصادق المهدي هذه الاتهامات.
وبدأ حوار "الوسط" مع جون قرنق بطرح اسئلة عن هذين التطورين. بالنسبة الى المحاولة الانقلابية اكد قرنق ان "لا علاقة له وللحركة الشعبية لتحرير السودان" بالمحاولة الانقلابية المزعومة التي اعلن عنها المسؤولون السودانيون وأضاف: "ان حديث النظام السوداني عن هذه المحاولة هدفه محاولة دعم الجبهة الداخلية لا اكثر".
وانتقل الحوار مع قرنق بعد ذلك الى مسألة "اعلان نيروبي". وقال قرنق تعليقاً على هذا "الاعلان": "اعلان نيروبي لم تتفرد بصياغته الحركة الشعبية لتحرير السودان، ولم نفرض بنود هذا الاعلان على اي طرف. اعلان نيروبي هو ثمرة حوار لم ينقطع بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وأحزاب المعارضة السودانية في التجمع. بدأ الحوار في اديس ابابا مباشرة بعد تشكيل "التجمع الوطني الديموقراطي" في ايلول سبتمبر 1989، وتواصل في القاهرة ولندن. في نيروبي كان اللقاء الرابع بين الحركة الشعبية والتجمع. وتم التوصل الى هذا الاتفاق.
* في شباط فبراير قرر قادة التجمع، خلال لقاء لندن، احالة حسم اشكالية العلاقة بين الدين والدولة في السودان على مؤتمر دستوري بعد 6 أشهر من سقوط النظام السوداني. وفجأة اعلن التجمع في نيروبي موافقته على حسم هذه الاشكالية بمجرد اصدار بيان سياسي يضمن بنود الدستور الانتقالي الذي سيعمل به بعد سقوط نظام البشير. وما هو رأيك بهذا التغيير المفاجئ في استراتيجية التجمع؟
- لربما اسهم نظام حزب الجبهة القومية الاسلامية في الخرطوم في تطوير فهم قادة التجمع للاشكالية الناتجة عن ممارسة النظام السوداني الحالي لتجربة اسلمة الدولة في السودان وما تسببت به هذه التجربة من نتائج يعاني منها الشعب والنظام معاً في السودان ونحن كذلك في الحركة الشعبية والتجمع. اذ لا يمكن ان ننتظر ريثما يسقط النظام السوداني الحالي، حتى نتجرأ على معالجة اشكالية العلاقة بين الدين والدولة في السودان. موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان واضح وثابت ولم يتغير منذ العام 1983، تاريخ تأسيس الحركة، فنحن لسنا ضد الاسلام، كدين. نحن مع منح حرية العبادة للمواطنين السودانيين. الدين او التدين مسألة خاصة بالمواطن. وعلى هذا الاساس أسسنا انطلاقاً من قناعتنا هذه المجلس الاسلامي للسودان الجديد داخل المناطق المحررة التي تسيطر عليها الحركة الشعبية لرعاية اوضاع المسلمين وصيانة حقوقهم في ممارسة ما يعتقدونه. نحن نطبق، عملياً، ما ننادي به من شعارات، وعدد من احزاب التجمع الوطني الديموقراطي المعارض لنظام الفريق البشير يشاطرنا رأينا بالنسبة الى علاقة الدين بالدولة.
* تقصد الاحزاب العلمانية داخل التجمع الوطني الديموقراطي؟
- حتى الاحزاب الطائفية داخل التجمع، مثل الامة والاتحادي الديموقراطي. السيد الصادق المهدي، زعيم حزب الامة، يتحدث في مبادرته لاحلال السلام في السودان عن المسلمين غير الملتزمين في السودان. والسيد محمد عثمان الميرغني، زعيم الحزب الاتحادي الديموقراطي، وافق في اديس ابابا خلال لقائي به في تشرين الثاني نوفمبر 1988 على تجميد قوانين الشريعة الاسلامية التي وضعها جعفر نميري عام 1983. الشعب السوداني لم يقبل على الاسلام بمجرد قرار سياسي او نتيجة تجربة سياسية، انما اقبل السودانيون على الاسلام كدين في سياق عملية لقاح حضاري تاريخية معقدة ومركبة ولم يفرض عليهم خلالها الاسلام بقوة الادوات السياسية. وتولى هذه المهمة، عبر الاقناع، الدعاة المسلمون والرحالة، وليس عبر القهر الاجتماعي ومن خلال الغاء الآخر واسقاط تعدد السودان وتنوعه الثقافي والحضاري.
* اذن انت لا ترى، كزعيم سياسي، في اطار الطبيعة الاسلامية الورعة للشعب السوداني، ان احزاب التجمع التي وافقت على "اعلان نيروبي" اقدمت على خطوة تشبه الانتحار السياسي؟
- أبدأ، احزاب التجمع لم تتنازل ولم تنتحر سياسياً. انما واجهت المسألة بشجاعة وقررت التعاطي مع حقائقها واختارت ما هو في صالح الشعب السوداني.
التفاوض مع الخرطوم
* قال قادة التجمع انهم حضروا الى نيروبي لاقناعك بعدم الذهاب الى ابوجا للتفاوض مع الحكومة السودانية. ولما وصلوا الى نيروبي وافقوا على البيان الذي يفوضك التحاور مع الحكومة السودانية على اساس انك تمثل احد ابرز فصائل التجمع. لماذا، برأيك، هذا الانقلاب الجذري في موقف التجمع الوطني الديموقراطي؟
- ليس هناك بند في ميثاق التجمع يحول دون التفاوض او يحرّم التفاوض مع الحكومة السودانية القائمة في الخرطوم. وحين التقيت الوزير السوداني علي الحاج في انتيبي اوغندا في 23 شباط فبراير الماضي انطلقت من هذه المسلمة. بدأت الحوار مع النظام السوداني الحالي في آب اغسطس 1989، بعد شهرين من انقلاب البشير، اديس ابابا. وفي كانون الاول ديسمبر 1989 التقينا انا وممثلو الحكومة السودانية في نيروبي برعاية الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر. مرة ثالثة تفاوضت مع الحكومة السودانية الحالية في ابوجا - واحد - آخر ايار مايو 1992. ابوجا - الثانية - في 26 نيسان ابريل الماضي وهي المرة الرابعة التي نتفاوض خلالها انا والخرطوم.
اما لماذا فوضني قادة التجمع محاورة النظام وعدّل مواقفه العلنية القائلة بعدم التفاوض مع النظام الحالي في الخرطوم، فهذا فهم خاص لعملية التفاوض. فأنا اتفاوض مع خصمي وليس مع اصدقائي وحلفائي. واما لماذا وافقوا في بيان نيروبي على ان اذهب وأتفاوض مع الحكومة السودانية. فربما مرد ذلك الى ثقة كبرى منحوني اياها.
* هل تعتقد انك الرابح الوحيد في لقاء نيروبي الاخير، اذ التقى التجمع الوطني الديموقراطي، بكل طروحاته السابقة، مع طروحاتك؟
- الرابح الوحيد هو شعب السودان. فنحن، ولأسباب تاريخية معقدة، انطلقت حركتنا من جنوب السودان، لكننا في الواقع نعبر عن طموحات ملايين السودانيين في هذه المناطق. والحزب الاتحادي الديموقراطي تتواصل وتمتد زعامته الشعبية وشرائح مؤيديه من الخرطوم باتجاه شرق السودان لتضم ملايين السودانيين. وحزب الامة تتواصل وتمتد قواعده الشعبية من الخرطوم باتجاه غرب السودان. واتفاق موقعي اعلان نيروبي على موقف سياسي واحد هو بمثابة انتصار للسودان الكبير الواحد وليس لفصيل سياسي بعينه. والذين وقّعوا على هذا البيان لم يتراجعوا انما عدلوا مواقفهم وطوروها.
* الاحزاب نفسها التي وافقت على اعلان نيروبي في 17 نيسان ابريل 1993، هي نفسها الاحزاب التي كانت في السلطة في الخرطوم بعد سقوط نميري في 5 نيسان ابريل 1985 ولغاية انقلاب الفريق البشير في 30 حزيران يونيو 1989. وكان تعثر الوصول الى حل يحسم اشكالية العلاقة بين الدين والدولة من بين الاسباب التي ادت الى حدوث انقلاب البشير وسقوط حكومة الصادق المهدي واستمرار الحرب في جنوب السودان. لماذا استغرق، برأيك، التوصل الى اتفاق مع الاحزاب نفسها هذا الوقت الطويل؟
- اعترف انه سؤال وجيه وحقيقي بقدر ما تكمن الاجابة عليه في الطبيعة المتعددة والمتنوعة للشخصية السودانية. لو كنا توصلنا الى هذا الاجماع من قبل، ومباشرة بعد سقوط نظام جعفر نميري وفي بداية فترة الديموقراطية الثانية، لكنا حقنا الكثير من الدماء ووفرنا سنوات طويلة من الظلم والقهر والتشرد. مع هذا اقول: الآن افضل من الغد. والغد افضل من السنة المقبلة. ان تشكيل القرار السياسي عملية مركبة ومعقدة ناتجة عن انصهار وجهات نظر مختلفة متأثرة ومتفاعلة مع معطيات ذاتية واقليمية ودولية.
الصادق المهدي والانقلاب العسكري
* هل تعتقد ان اتفاق نيروبي لن يلقى المصير نفسه الذي لقيه من قبل اتفاقان مماثلان اعتقد الموقعون عليهما انهما حسما اشكالية العلاقة بين السلطة وقوانين نميري المسماة "الاسلامية" لعام 1993؟ الاتفاق الاول كان بينك وبين الاحزاب السودانية نفسها الموقعة على "بيان نيروبي"، خلال لقاء كوكادام في اثيوبيا عام 1985، والثاني بينك وبين السيد محمد عثمان الميرغني، زعيم الحزب الاتحادي الديموقراطي، في اديس ابابا في تشرين الثاني نوفمبر 1988.
- اسئلتك تمس المناطق المؤلمة. لا استطيع التأكد ان اعلان نيروبي لن يلقى مصيراً مشابهاً لمصير اتفاقي كوكادام وأديس ابابا. مع هذا اقول، ولنعتقد ذلك، انها بداية جيدة. ومن هنا يجب ان نبدأ. مصير اتفاق نيروبي مرتبط بنا نحن الموقعين عليه، وبما سنفعل.
* هل حصلت على ضمانات تحملك على التفاؤل؟
- الضمانات تكمن في قبول هذا الاتفاق من جانب كل الاطراف الموقعة عليه. نحن نعرف ان جماهيرنا السودانية تتميز بالورع والتقوى والتدين. هذه الجماهير تؤمن بالتسامح وترفض فرض وصاية الآخر عليها، حتى في شمال السودان نفسه. فتجربة اسلمة الدولة القائمة حالياً في السودان تفرضها اقلية بسيطة في الخرطوم هي حزب الجبهة القومية الاسلامية بزعامة الدكتور حسن الترابي. غالبية الشعب السوداني في الشمال إما انها من جماهير طائفة الختمية الممثلة في الحزب الاتحادي الديموقراطي، وإما انها جماهير طائفة الانصار الممثلة في حزب الامة. لقاء كوكادام في العام 1985 شارك فيه ووقع على الاتفاق الصادر عنه حزب الامة وحده ولم يوقع عليه الحزب الاتحادي الديموقراطي. اتفاقية الميرغني - قرنق في تشرين الثاني نوفمبر 1988 في اديس ابابا لم يوقع عليها حزب الامة. الجديد في اتفاق نيروبي ان الحزبين الممثلين لجماهير الختمية والانصار، الاتحادي الديموقراطي والامة، وقعا عليه معاً. وهذا مهم للغاية. وبامكانك اعتباره بمثابة ضمانة كافية تحرضنا على التفاؤل. اعلان كوكادام عام 1985 وافق على الغاء قوانين نميري المسماة اسلامية عام 1983 وعقد مؤتمر دستوري لمعالجة مشكلة السودان. فنحن لا نستطيع الغاء الشريعة الاسلامية ولا نطالب بذلك ولا نستطيع ان نطالب المواطن السوداني ان يعامل وفق قوانين الشريعة الاسلامية. انما نحن ضد قوانين نميري المسماة اسلامية. ولما تشكلت اول حكومة سودانية منتخبة عام 1986 برئاسة الصادق المهدي ذهبنا اليه وقلنا: "انت ترأس الحكومة المنتخبة ديموقراطياً في السودان وامامك الاتفاق الذي وقعناه بالغاء قوانين 1983 وعقد المؤتمر الدستوري". فأجاب الصادق المهدي: "لا استطيع تنفيذ هذا الاتفاق لأن شريكي الحالي في الحكومة، الاتحادي الديموقراطي لم يوافق عليه. واذا تفردت وألغيت قوانين الشريعة 1983 فقد يخرج الحزب الاتحادي من الحكومة وتنهار الحكومة الائتلافية". وتساءل الصادق المهدي امام وفد الحركة الشعبية: "لماذا تطالبني الحركة الشعبية باتخاذ خطوة قد تؤدي الى انهيار الحكومة الائتلافية في الخرطوم؟".
ووجدنا ان تساؤلات الصادق المهدي رئيس الوزراء مقنعة ووجيهة. وذهبنا الى شريكه في الحكومة الحزب الاتحادي الديموقراطي مباشرة وبدأنا اتصالات معه. وشكلنا لجاناً ثنائية توصلت الى عقد لقاء بيني وبين زعيم الحزب محمد عثمان الميرغني في اديس ابابا في تشرين الثاني نوفمبر 1988، حيث اتفقنا، انا والسيد محمد عثمان الميرغني، على ضرورة تجميد قوانين 1983 وايجاد الظروف المناسبة لعقد المؤتمر الدستوري بغية ايجاد حل لمشاكل السودان بما يحفظ وحدته الترابية على اساس احترام التعدد. الفرق بين اتفاقي كوكادام 1985 وأديس ابابا 1988 اتفقنا على الغاء قوانين 1983 وفي العام 1988 يكمن في كلمة واحدة: في العام 1985 اتفقنا على ضرورة تجميدها ريثما نصل الى حل موضوعي يرضي الجميع. ولما ذهبت الحركة الشعبية الى رئيس الوزراء السيد الصادق المهدي، مباشرة بعد التوصل الى اتفاقية الميرغني - قرنق، قال انه لا يستطيع تجميد قوانين 1983 لأن الجبهة القومية الاسلامية المشاركة معه في الحكومة ستخرج من الحكومة احتجاجاً على الغاء هذه القوانين التي تولت صياغتها للرئيس نميري عام 1983، حين كان حسن الترابي مستشار نميري للشؤون الخارجية. وتسارعت الاحداث بعد ذلك وخرجت الجبهة من الحكومة الائتلافية برئاسة المهدي. وعاد الصادق المهدي فشكل حكومة اخرى مع الحزب الاتحادي الديموقراطي. وخلال فترة هذه الحكومة وعدت القيادة الشرعية للقوات المسلحة، المقيمة حالياً في القاهرة، ان تخطط لانقلاب وتستولي على السلطة وتحسم تردد رجال السياسية. وكان الغاء قوانين 1983 في طليعة اولوياتها. وبدأت هذه القيادة العسكرية تحركاتها تحضيراً للانقلاب الذي ستقوم به. وأنا اعرف، كما اعتقد، انك لا تتشاور طويلاً قبل القيام بانقلاب عسكري تعتقد انه قد يصلح الاوضاع المتردية. فبدأت الجبهة القومية الاسلامية تردد "ان الاسلام في خطر" ثم بادرت الى حسم الموضوع لصالحها فنفذت انقلاب 30 حزيران يونيو 1989، وأتى البشير الى الحكم.
دور ايران
* حين اصدر "التجمع الوطني الديموقراطي" اعلان القاهرة في تشرين الثاني نوفمبر 1992، معتبراً "ان الدين لله والوطن للجميع" احتج حزب الامة بزعامة الصادق المهدي لأن حسم اشكالية العلاقة بين الدين والدولة سيبتها المؤتمر الدستوري بعد 6 اشهر من سقوط نظام البشير، كما اتفق قادة التجمع في لندن خلال شباط فبراير 1992. وبالتالي جمد حزب الامة عضويته داخل التجمع. ما الذي يضمن اليوم موافقة قيادات حزبي الامة والاتحادي الاسلامية على اتفاق نيروبي الاخير؟
- باستطاعتك طرح هذا السؤال على مبارك الفاضل المهدي، مسؤول العمل الخارجي في حزب الامة، الذي وقّع على اتفاق نيروبي. كذلك اسألي نائب رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي السيد احمد السيد. اعتقد ان ممثلي هذين الحزبين كان لديهما الوقت الكافي للتشاور مع القيادات الدينية التاريخية لحزبي الامة والاتحادي الديموقراطي. اما تساؤلاتك فهي مشروعة وفي محلها. دعيني أجزم انهما تشاورا مع قياداتهما الدينية بصورة كافية تطمئنني.
* ما تقييمك للتجربة التي تطبقها الجبهة القومية الاسلامية في السودان حالياً؟
- لا اعتقد ان ما تقوم به الجبهة القومية الاسلامية في شمال السودان يعبر عن تطلعات جماهير السودان في هذا الجزء منه. حزب الامة الموقع على اتفاق نيروبي فاز ب106 مقاعد في المجلس النيابي عام 1986. الاتحادي الديموقراطي فاز ب63 مقعداً وحزب الجبهة القومية الاسلامية فاز ب55 مقعداً. وحده حزب الجبهة، كأقلية سياسية، يواصل تطبيق تجربة اسلمة الدولة وفقاً لمفهوم الجبهة. وقبلها وافق حزبا الامة والاتحادي تباعاً في 1986 و1988 على تجميد قوانين 1983 وتحييد الدولة عن السياسة، انما تعثر تطبيق الذي اتفق عليه بسبب صراع المصالح بين هذه الاحزاب وتغليبها مصالحها الحزبية الضيقة على مصلحة الوطن. حزبا الامة والاتحادي الديموقراطي ليسا متطرفين بل هما حزبان قابلان للحوار والانفتاح على العصر ويمكننا التنسيق معهما للتوصل الى ما فيه مصلحة السودان.
* من تعتقد انه الحاكم الفعلي في الخرطوم؟ الجبهة القومية الاسلامية بزعامة حسن الترابي ام مجلس قيادة الثورة بزعامة الفريق البشير؟ وما العلاقة بينهما؟
- رسمياً الحاكم الفعلي للسودان هو مجلس قيادة الثورة بزعامة الفريق البشير لكن الجبهة القومية بزعامة الترابي هي القوة الفعلية للنظام التي تتولى التخطيط للسياسات الداخلية والخارجية من خلف واجهة مجلس قيادة ثورة الانقاذ. مجلس قيادة الثورة وحزب الجبهة القومية الاسلامية يمثلان القوة العضوية للنظام السوداني. مجلس الثورة يمثل الساعد العسكري للنظام والسند الفعلي، وحزب الجبهة القومية هو القوة المعنوية الاساسية لهذا النظام، في حين تملأ كوادر الجبهة المثقفة دوائر الدولة وتديرها باشراف الترابي. انه زواج عضوي بين مجلس قيادة ثورة الانقاذ وحزب الجبهة القومية الاسلامية. كيف تتحرك هذه العلاقة؟ هذا امر تتحكم به ظروف موضوعية مختلفة. فما هو عسكري من اختصاص مجلس قيادة الثورة، انما توجهه معنوياً الجبهة القومية. وما هو سياسي تتشاور حوله الجبهة مع الضباط المرتبطين بها.
* تقول الحكومة السودانية ان دول الطوق الافريقية المحيطة بها تساعد الحركة الشعبية على اساس توافق مصلحي اساسه التصدي للاسلام واحتمال انتشاره في افريقيا عبر جنوب السودان، وتتحرك الخرطوم نحو دول اسلامية مثل ايران لدعم علاقاتها معها. ما رأيك بهذا الطرح؟ وهل ان دول الطوق الافريقية تساعدك، فعلاً، على اساس التصدي لانتشار الاسلام في افريقيا؟
- غير صحيح ان الدول الافريقية تساعدنا، سواء خشيت تعاظم اثر الاسلام السياسي ام تداركت تأثير الحكومة السودانية على اقلياتها الاسلامية داخل حدودها. نحن لا تساعدنا دول الطوق الافريقية على اساس العداء للاسلام او العروبة. هذه ذريعة تسوقها الخرطوم لتبرر استعانتها بايران حتى تواصل حربها ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان. الدول الاسلامية الاخرى، مثل ماليزيا وأندونيسيا تقدم دعماً معنوياً ثانوياً للخرطوم. ايران هي القوة الحقيقية التي تدعم النظام السوداني عسكرياً ومادياً ليواصل حربه ضدنا. كما تدعم ايران نظام الخرطوم لتأصيل التطرف في المنطقة على المستويين العربي والافريقي.
* هل لديك أدلة على الدعم الايراني العسكري والمادي لنظام البشير؟
- عندي ادلة ظرفية تثبت وجود دعم ايراني متكامل للنظام السوداني. والحكومات العربية التي تدرب الخرطوم مواطنين متطرفين منتمين اليها، كمصر والجزائر، لا شك ان لديها ايضاً ادلة ثابتة على الوجود الايراني في السودان. وأستطيع ان اؤكد ان هناك خبراء عسكريين ايرانيين في السودان، لا سيما على مستوى التدريب والتنظيم.
* هل لدى الجيش الشعبي لتحرير السودان اسرى حرب ايرانيون، على سبيل المثال؟
- لا ليس عندنا اسرى حرب ايرانيون. معلوماتنا تؤكد وجود عناصر ايرانية في معسكرات التدريب التابعة للقوات المسلحة السودانية في جوبا والدمازين. في العام 1988 القينا القبض على طيار ايراني. الوجود الايراني في السودان تعاظم حجمه منذ ثورة الانقاذ عام 1989، في حين تضاءل الوجود الليبي. وتأثير الخرطوم يتعاظم بالمقابل داخل الاقليات الاسلامية في شمال اوغندا وفي داخل كينيا. والخرطوم تدعم الحزب الاسلامي الكيني المتطرف الذي بدأ يحاول الاخلال بالتركيبة السياسية لكينيا منذ العام الماضي حين اندلعت الاضطرابات في مدينة مومباسا الساحلية، القاعدة السياسية لتواجد هذا الحزب الاسلامي غير المرخص له.
لا اتصالات مع اسرائيل
* هل تعتقد ان مساندة ايران للتجربة التي تطبقها الخرطوم تجعلك في حل للبحث عن اصدقاء لك مع دول غير عربية تشاطرك كاسرائيل مثلاً؟ هل قامت بينك وبين اسرائيل صلات من قبل؟
- صلاتنا مع الدول الافريقية لا تقوم على قاعدة العداء للاسلام كدين. نعم دول الطوق الافريقية ترقب عن كثب اصابع الخرطوم تقترب من اقلياتها المسلمة داخل حدودها. لكن هذا ليس سبباً حقيقياً ووحيداً لنتفق مع هذه الدول الافريقية. ثمة اسباب اخرى مردها الى ايمان هذه الدول الافريقية بقضيتنا. منذ مئات السنين والاسلام منتشر في افريقيا، انما عبر الدعاة والرحالة بهدف فتح آفاق جديدة امام الافارقة وليس بهدف الغاء مقومات الشخصية الافريقية. بالنسبة الى اسرائيل لم تحاول الاتصال بنا ونحن لم نبادر الى ذلك. فنحن نلمس حساسية هذه العلاقة بالنسبة الى اخواننا، لا سيما في اطار البعد العربي للهوية السودانية. ونحن لسنا في حاجة الى اشكالية جديدة تُضاف الى ما نعاني من اشكالات. في الوقت نفسه نحن في الحركة الشعبية نحيي الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية التي اقبلت على عملية التفاوض مع اسرائيل من اجل تحقيق سلام عادل ونهائي في المنطقة.
* في سياق الحديث عن الوجود الايراني في السودان لوحظ ان هيرمان كوهين، نائب وزير الخارجية الاميركي للشؤون الافريقية، ذكر خلال جلسة الاستماع امام الكونغرس في آذار مارس الماضي ان الادارة الاميركية ليست لديها ادلة على تورط الخرطوم في انشطة ارهابية تهدد أمن الدول المجاورة للسودان. ما رأيك في ذلك؟
- لا استطيع الحديث نيابة عن الادارة الاميركية، ولا استطيع تفسير سلوك وكلام هيرمان كوهين. ما اعرفه بالضبط، ولدي ادلة على ذلك، ان السودان يحتضن الارهابيين ويدرب متطرفين مصريين وجزائريين كي يحاربوا انظمة بلادهم ويستبدلوها بأنظمة اخرى. ولا يقتصر الامر على ذلك، فالخرطوم تساعد وتدرب متطرفين افارقة من كينيا وأوغندا لتلعب "ورقة الاسلام السياسي" داخل هذه البلدان كأداة ضغط على هذه الانظمة الافريقية تمهيداً لضرب علاقاتنا مع هذه الدول. الخرطوم تدعم الحزب الاسلامي الكيني غير المرخص له. والحركة الشعبية تعرف ان هناك معسكرات تدريب للمتطرفين في السودان. البلدان المتضررة من سياسات الخرطوم مثل مصر والجزائر والولايات المتحدة وكينيا وأوغندا لديها مبررات موضوعية كي تشعر بالقلق من النظام السوداني. وهذا القلق ينعكس على علاقاتها مع النظام الحالي في السودان.
قرنق : تعبت من الظلم لا من الحرب
قال جون قرنق بعد انتهاء جلسة الحوار الطويلة معه في منزله في نيروبي: "لقد تعبت من الظلم وليس من الحرب".
اسمه الكامل: الدكتور جون قرنق دي مبيور. ولد في جنوب السودان سنة 1945 لقبه الرسمي: رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان والقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان.
حملت الحركة الشعبية بقيادة قرنق السلاح ضد السلطة المركزية في الخرطوم في عهد الرئيس السابق جعفر نميري، وبالتحديد عام 1983. واستمرت هذه الحرب، على رغم جولات مفاوضات عدة، طوال هذه السنوات وخلفت وراءها اعداداً كبيرة من الضحايا ودماراً هائلاً في مناطق عدة كما اضعفت السودان ككل.
وقد بدأ قرنق بتجربته السياسية بوصفه احد كوادر حركة انيانيا - واحد، التي قاتلت النظام في الخرطوم 17 سنة بزعامة جوزف لاغو قبل ان توقع مع نظام الرئيس نميري اتفاقية اديس ابابا في العام 1972. ويعتقد قرنق ان "السلام البائس اشد خطراً من الحرب نفسها وهو بمثابة وقف اطلاق نار بين معركتين". وحين وقّع لاغو مع نميري اتفاقية اديس ابابا استوعبت القوات المسلحة السودانية، كما نصت الاتفاقية نفسها، قوات انيانيا - واحد، ومن بينها جون قرنق، الذي كان ترقى الى رتبة ضابط صغير في صفوف الحركة. وانتقل الملازم قرنق الى الخرطوم ليسافر لاحقاً الى الولايات المتحدة، وكان قبلها درس في تانزانيا وتعرف خلال الدراسة الجامعية على الرئيس الأوغندي الحالي يوري موسوفيني، وتأثر بالافكار الاشتراكية التي نظّر لها الرئيس التانزاني يوليوس نيريري.
بدأ قرنق المعركة العسكرية والسياسية ضد السلطة في الخرطوم عام 1983 رافعاً شعار "سودان علماني موحد"، وتعرض هذا الشعار الى اعادة نظر جذرية يرفض قرنق ان يراها الا "تطوراً لتجربته" في حين يرى آخرون انها بدأت، منذ صدور مقررات "توريت" في آب اغسطس 1991، تتجه نحو الأخذ بخيار حق تقرير المصير او انفصال الجنوب عن الشمال. ويؤكد قرنق ان شعار الحركة الاساسي لم يتبدل انما اضيفت اليه تفصيلات تجعله قابلاً للتطبيق. ويقف قرنق وأنصاره حالياً عند مفترق حاسم في تاريخ السودان ستتضح معالمه بعد انتهاء المفاوضات بين وفد يمثله وبين الحكومة السودانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.