من قصر المؤتمرات في تشرين الثاني نوفمبر 1991 الى مسرح الأولمبيا في نيسان ابريل 1993، المطربة اللبنانية ماجدة الرومي تغني للمرة الثانية في باريس بعد نجاح حفلتها الأولى في سهرتين، وبعد ترحيب العاصمة الفرنسية بها وتقدير الجمهور العربي لها. أرادت ماجدة أن تعبر عن إعجابها بالمغنية الفرنسية الراحلة إيديث بياف وتقديرها لها فغنت لها أغنية "بادام بادام" المشهورة في قصر المؤتمرات، إضافة الى مجموعة من أغنياتها الشهيرة، مع بعض جديدها، بصوت عذب أعجب الجمهور الذي كان بينه فرنسيون جاءوا بدافع الفضول لاكتشاف فنانة سمعوا بها وقرأوا عنها. أرادت ماجدة الرومي هذه المرة أن تؤدي وصلاتها فوق مسرح الأولمبيا الأصغر حجماً من قصر المؤتمرات والذي يتميز بتاريخ عريق، إذ استقبل فوق خشبته ألمع نجوم الغناء العالميين: إيديث بياف وأم كلثوم وفيروز وديميس روسوس وداليدا وجاك بريل وجان فيرا وشارل ازنافور وشارل تريفيه وتينو روسي وغيرهم. كان من المفروض أن تأتي ماجدة الى باريس قبل تاريخ افتتاح عروضها بحوالى شهر واحد للمشاركة في برنامج "ليالي رمضان" الذي يذيعه التلفزيون الفرنسي خلال شهر رمضان من كل عام. وكان من المفروض أن نلتقيها خلال هذه الزيارة، لكن جدول أعمال ماجدة تغير في آخر لحظة وتم الغاء سفرها الى باريس، فتحول لقاؤنا الى مكالمة هاتفية بين باريسوبيروت ردت فيها ماجدة الرومي على اسئلتنا، كعادتها، بلطف ودقة وروح مهنية ممزوجة بالدفء الشرقي المميز لأهل بلادنا، جعلتنا نتلهف لمشاهدتها وسماع صوتها وهي تغني فوق المسرح الذي اهتز قبلها لصوت أم كلثوم وفيروز. مسرح تاريخي لماذا مسرح الأولمبيا هذه المرة بدلاً من قصر المؤتمرات؟ - هناك مسألة برنامج القاعات وفراغها في أيام محددة، وهناك أيضاً رغبتي في خوض تجربة الغناء على مسرح له تاريخ قديم وشهد فوق خشبته وبين جدرانه أكبر نجوم الغناء والاستعراض. وهناك متعة الغناء في قاعة متوسطة الحجم أشعر فيها بدفء الجمهور ونَفَسه القريب الى خشبة المسرح. إن قاعة قصر المؤتمرات ممتازة بلا شك، وأي فنان يفرح ويتأثر إيجابياً بالغناء أمام أربعة آلاف متفرج. فهناك هذا المزيج العجيب بين الرهبة والسعادة. وعلى الرغم من عظمة المسارح الكبيرة، أعتقد أن دفء القاعة العادية المتوسطة الحجم لا يعوض بشيء، أنا فضلت مسرح الأولمبيا في هذه المرة بموافقة الأشخاص الذين يعملون معي في التنظيم والادارة، وأعتقد أن الفكرة جيدة. هل حفلاتك الباريسية هي محطة في إطار جولة ما، أو انها تنفرد بنفسها؟ - انها تنفرد بنفسها. أنا قادمة من بيروت الى باريس خصيصاً من أجل تقديم الحفلات هذه، ولا أقوم في الوقت الحالي بأي جولة فنية كبيرة. هل تعرفين ان ايديث بياف غنت فوق مسرح الأولمبيا؟ - أعرف ذلك وأنا سعيدة ومتأثرة بالوقوف فوق خشبة شهدت إيديث بياف في يوم من الأيام، كما ان كواليس هذا المسرح مليئة حسب ما سمعته بذكريات بياف وغيرها من الفنانين. وسأكتشف أخيراً روح هذا المكان الذي طالما سمعت عن أمجاده. هل تنوين تقديم أغنية ما من أغنيات إيديث بياف كما فعلت في المرة السابقة؟ - لا، لكني سأغني قصيدة شعرية لفيكتور هوغو لحنها لي الدكتور جمال سلامة، إنها جميلة جداً. هل ستقدمين أغنيات جديدة، أو فقط أغنياتك المعروفة الناجحة؟ - سأغني في الحقيقة بعض أغنياتي المعروفة وأضيف اليها مجموعة من الأغنيات الجديدة التي تم تأليفها بعد زيارتي الأخيرة لباريس في 1991. وبين هذه الأغنيات الجديدة أكثر من واحدة لحنها أيضاً الدكتور جمال سلامة. الحب والسلام هل تدور أغنياتك الجديدة حول محور محدد؟ - نعم وهذا المحور هو نفسه الذي تدور من حوله أغنياتي القديمة، وأقصد الحب. وإذا كنت تعرف أغنياتي جيداً ستعلم أني أتكلم عن الحب على أنواعه المختلفة، من حب الوطن الى الحب بين الرجل والمرأة الى حب العائلة والأطفال، وأضيف الى ذلك حبي لبيروت طبعاً. وسيحتل حب السلام مكانة خاصة في العروض التي سأقدمها، فهناك أغنية محددة وقوية أعتز بها تخص السلام فوق الأرض، وسأغنيها بإيمان قوي. ما هو نشاطك منذ زيارتك السابقة الى باريس؟ - قدمت ولا أزال أقدم حفلات لبنانيةوبيروتية بشكل خاص. ومن ناحية ثانية تدربت طبعاً على كل الأغنيات الجديدة أولاً بأول وسجلتها، وهذا أيضاً عمل طويل يتطلب الكثير من الوقت والمجهود. إن نشاطي المهني لم يتوقف بعد حفلة باريس. كان من المفروض أن تأتي الى باريس للمشاركة في برنامج تلفزيوني وكنا سنحاورك خلال هذه الزيارة. ما الذي جعلك تلغين السفر في آخر لحظة؟ - أسباب شخصية لا مجال لها في إطار هذا الحديث، وأنا أعتذر. تقارب ثقافي لماذا القدوم الى باريس بصورة خاصة، علماً أنك لا تقومين بجولة في الوقت الحالي؟ - لأن هناك حكاية حب بيني وبين فرنسا، وباريس بالتحديد مدينة أشعر تجاهها براحة كبيرة. أعتقد أن المسألة تتعلق بالناحية الثقافية قبل أي شيء آخر، فأنا أشعر بتقارب ثقافي كبير بين لبنانوفرنسا، وربما يجدر بي أن أقول بين العالم العربي وفرنسا. إن الشعب الفرنسي يفهمنا ويتميز بصفات قريبة إلينا من حيث الحساسية مثلاً. إن فرنسا تطل على المتوسط في جنوبها وهذا العنصر يجعلها قريبة في المزاج الى دول المتوسط عامة. أنا غنيت في بلاد أجنبية كثيرة ولم أشعر في أي بلد بما أشعره في فرنسا من دفء وتقدير وفهم. أتكلم عن الناس في الشارع والأماكن العامة وأيضاً عن الجمهور في قاعة المسرح. فاذا كان العدد الأكبر من المتفرجين في حفلاتي يتشكل بطبيعة الحال من العرب، كانت هناك في المرة الماضية في باريس فئة فرنسية لا بأس بها موجودة في القاعة في الحفلتين، واكتشفت أن هذا الجمهور حساس تجاه فننا وموسيقانا وثقافتنا عامة. المفاجأة وهل ستغنين من أجل هذا الجمهور أكثر من أغنية باللغة الفرنسية أو فقط قصيدة فيكتور هوغو؟ - سأغني أغنيات عدة بالفرنسية غير تلك التي تكلمت عنها والمأخوذة عن فيكتور هوغو. وأفضل ترك هذه النقطة كمفاجأة وعدم الدخول في تفاصيلها الآن، فإذا صرحت بكل شيء قبل قدومي الى باريس قللت من جاذبية عروضي. إن المفاجأة مهمة في رأيي، وأعتقد أن المتفرج يحب ذلك ويتلهف لما يحضره له الفنان من هذه الناحية. هل تصطحبك فرقة موسيقية كبيرة؟ - الفرقة مكونة من 27 عازفاً و12 شخصاً يشكلون كورس الغناء الجماعي. ما هي مشاريعك بعد باريس؟ - بيروت مرة جديدة لتقديم سلسلة من الحفلات وتحضير أغنيات جديدة. ما هي الدول التي قدمت فيها عروضك الغنائية حديثاً غير لبنان طبعاً؟ - غنيت منذ بداية التسعينات في الولاياتالمتحدة الأميركية وبالتحديد في سان فرانسيسكو ولوس انجليس ونيويورك. غنيت أيضاً في مونتريال بكندا وفي مهرجان قرطاج بتونس وهناك باريس طبعاً في 1991.