لم تكن مصادفة ان الشيخ عمر عبدالرحمن زعيم "الجماعة الاسلامية" في مصر والدكتور حسن الترابي زعيم الجبهة القومية الاسلامية في السودان والمسؤولين في حركة المقاومة الاسلامية "حماس"، وخلال فترة واحدة تقريباً، اعلنوا اعترافهم بوجود اسرائيل، وذلك للمرة الاولى منذ قيام الدولة اليهودية وتعاطي الاصوليين الاسلاميين مع هذه القضية. هذا التطور الملفت للانتباه الصادر عن أبرز رموز الاصوليين الاسلاميين يعكس امرين رئيسيين: 1 - الأول واقع الحركة الاصولية الاسلامية في المرحلة الراهنة. فهذه الحركة انتقلت من "مرحلة الدعوة الفكرية الاجتماعية" الى "مرحلة العمل السياسي"، في الطريق الى "مرحلة الدولة" على حد ما يأمل ويطمح اليه الاصوليون. ومرحلة "العمل السياسي" تتطلب "الواقعية" و"المرونة" في التعامل مع الساحة الدولية على الصعيد العلني على الاقل. 2 - الثاني ان المسؤولين في الحركة الاصولية ادركوا - كما أدرك سواهم من قبل - انه يصعب جداً قيام اي نوع من الحوار مع الغرب، ما لم يقبل الاصوليون واقع وجود اسرائيل. فقد لاحظ حسن الترابي، خلال جولته التي تمت في أيار مايو 1992 وشملت زيارة بريطانياوالولاياتالمتحدة وكندا، ومحادثاته مع بعض المسؤولين في هذه الدول، كما لاحظ من خلال لقاءاته واتصالاته في الفترة الاخيرة مع الديبلوماسيين الفرنسيين والاوروبيين في الخرطوم، ان هناك 5 قضايا أساسية تهم الدول الغربية في تعاطيها مع الحركات والقوى الاصولية الاسلامية وهي: 1 - هل تريد هذه الحركات الوصول الى الحكم في دولها عن طريق العنف والقوة ام بالوسائل السلمية والسياسية؟ 2 - ما علاقة هذه الحركات بايران، وهل هناك تنظيم اصولي دولي واحد يوجه ويحرك الاصوليين في المنطقة العربية، وما موقع ودور ايران والسودان فيه؟ 3 - ما موقف هذه الحركات الاصولية من الديموقراطية وقضية حقوق الانسان والاقليات غير المسلمة؟ 4 - ما موقف هذه الحركات من اسرائيل؟ 5 - ما موقف هذه الحركات من الغرب وهل تريد الاضرار بالمصالح الغربية؟ ويبدو ذلك واضحاً من محضر الشهادة التي أدلى بها حسن الترابي امام لجنة فرعية منبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الاميركي خلال زيارته لواشنطن في أيار مايو الماضي والمناقشات التي جرت خلال الجلسة نفسها مع بعض النواب الاميركيين، ان هناك اهتماماً اميركياً واضحاً بهذه القضايا ومنها قضية وجود اسرائيل. فقد سأل النائب غيلمان الترابي: - هل تعتقد ان هناك مجالاً لقيام دول غير اسلامية الى جانب الدول الاسلامية في الشرق الاوسط؟ ورد الترابي بالايجاب وتحدث عن "ضرورة تعامل المسلمين بايجابية مع الدول غير الاسلامية". وسأله النائب نفسه: - هل هذا ينطبق على الدول المسيحية واليهودية؟ أجاب الترابي. - المسيحيون واليهود كلهم يعاملون المعاملة نفسها. وما لاحظه الترابي من اهتمام غربي بقضية وجود اسرائيل وبالقضايا الاخرى، لاحظه مسؤولون آخرون في الحركات الاصولية الاسلامية خلال لقاءاتهم مع شخصيات ديبلوماسية او سياسية اجنبية. وفي اطار الرغبة في لعب "دور سياسي" وتجاوز مرحلة "الدعوة الفكرية الاجتماعية" وكذلك في اطار الرغبة في فتح "قنوات اتصال" مع الغرب، اعترف رموز الاصوليين الاسلاميين بواقع وجود اسرائيل، كوسيلة "تكتيكية" لاظهار "الانفتاح" على العالم والواقع الدولي. حسن الترابي اعترف بوجود اسرائيل ضمناً حين قال في حديث أدلى به الى "وكالة الصحافة الفرنسية" يوم 18 كانون الثاني يناير الماضي: "ان الهدف الاساسي هو استعادة كل الأراضي المحتلة من دون ترحيل اليهود... يجب الاخذ في الاعتبار الوضع القائم وقبوله. فهذه ليست المرة الاولى التي يخسر فيها العرب أرضاً". الشيخ عمر عبدالرحمن سجل اعترافه هذا في المقابلة المهمة التي أجرتها معه "الوسط" ونشرتها في العدد الرقم 59 الصادر يوم 15 آذار مارس الجاري، وقال فيها ما لم يقله في احاديثه الصحافية وتصريحاته العلنية. فقد أكد عبدالرحمن في المقابلة مع "الوسط": "اذا ارادت اسرائيل ان تبقى فان عليها الا ترتكب العدوان ضد الآخرين. فهل يمكن لدولة ان تبقى بالقضاء على دولة اخرى؟ ان في وسع اسرائيل ان تبقى ما طاب لها ولكن عليها الا ترتكب العدوان ضد جيرانها". وضمن اطار التكيف مع الواقع الدولي هاجم عمر عبدالرحمن، للمرة الاولى ايضاً في هذه المقابلة، الرئيس صدام حسين لأنه "اعتدى على الامة الاسلامية" ودعا الى الاطاحة به. قيادة حماس اعترفت، ايضاً، وللمرة الاولى، ضمناً بواقع وجود اسرائيل حين قال ممثلها في الاردن محمد نزال، ان حماس لا تعارض اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة "بعد انسحاب اسرائيل". وصحيح ان حماس اعتبرت ان هذه الدولة الفلسطينية هي "خطوة اولى نحو تحرير كامل تراب فلسطين"، الا ان هذه الحركة الاسلامية قبلت بوجود اسرائيل ولو مرحلياً. وهذا موقف لا سابق له، ويعيد الى الاذهان موقف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت بوجود اسرائيل "على مراحل"، وكانت الخطوة الاولى مطلع السبعينات قبول قيام كيان فلسطيني في الضفة الغربية وغزة، ثم وصل الامر بها اليوم الى التفاوض مع اسرائيل وقبول التعايش سلمياً معها. "الترغيب والتهديد" هذا "التعامل الواقعي" مع اسرائيل هو جزء من سياسة "اقتراب" الاصوليين الاسلاميين من العالم الغربي. والاصوليون الاسلاميون يتعاملون مع الغرب بطريقة هي مزيج من "الترغيب والتهديد"، لكن الواضح انهم يرغبون في اقامة "علاقات ما" مع الدول الغربية المؤثرة. ومن "أبرز" نماذج "الترغيب" ما ورد في شهادة حسن الترابي أمام الكونغرس الاميركي في أيار مايو الماضي. فقد قال الترابي ان الحركات الاسلامية - ويقصد بذلك الحركات الاصولية الاسلامية لكن الترابي يرفض استخدام كلمة اصولية - "تدعو الى الانفتاح على العالم". وأضاف ان "الاسلاميين الجدد" - أي الاصوليين - "منفتحون على التفاعل بين ثقافات العالم والحوار بين الحضارات المختلفة... وهم منفتحون جداً سياسياً على المستوى الدولي، وهم ليسوا متشددين قومياً ولا هم شوفينيون". وبالنسبة الى العلاقة مع الغرب بشكل محدد قال الترابي: "يعتقد الاسلاميون ان ثمة قيماً ايجابية كثيرة في الاسلام طورها الغرب... وبالتالي فانهم يشاركون الغرب في أمور كثيرة". ومن أبرز نماذج "التهديد" ما قاله عمر عبدالرحمن في المقابلة الخاصة مع "الوسط": "ان الحضارة الغربية تساعد على ضرب الحركة الاسلامية في بعض الدول العربية". وأضاف عبدالرحمن: "ان خوف اميركا من خطر الاسلام موجود قبل انهيار الشيوعية. كما ان اميركا والاتحاد السوفياتي كانا يتفقان على شيء واحد فقط وهو عداوتهما للاسلام. لكن مع انهيار الشيوعية لم تعد اميركا تجد خطراً سوى الاسلام. وهذه غلطة جسيمة من جانبها". وزاد: "ينبغي على اميركا الا تعارض هذا التيار" اي تيار الحركات الاسلامية الاصولية. لكن اسلوب "التهديد" هذا لا يمنع عمر عبدالرحمن من الاقامة في الولاياتالمتحدة، بل من الاصرار على البقاء فيها. اذ بعدما أجاز قاض اميركي طرد عبدالرحمن من الولاياتالمتحدة، قرر الشيخ الضرير استئناف الحكم بابعاده مما يمكنه من البقاء في الولاياتالمتحدة فترة طويلة. وتبدو قيادة حماس، ايضاً، في تعاملها مع الغرب، وخصوصاً مع الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا، راغبة في الحوار وتوضيح موقفها والتأكيد انها لا تضرب الاهداف والمصالح الغربية لكنها تحرص، في الوقت نفسه، على تغطية ذلك بمواقف متشددة وبالدعوة الى الانسحاب من مفاوضات السلام. هذه المواقف لزعماء و"رموز" الاصوليين الاسلاميين تتزامن مع أصوات القنابل والانفجارات وأعمال العنف والاغتيال التي ينفذها اصوليون مسلحون في مصر والجزائر بشكل خاص، وتتزامن مع الاتهامات الموجهة الى هؤلاء بأنهم وراء الانفجار في مبنى "المركز التجاري الدولي" في نيويورك الذي أدى الى مقتل 5 اشخاص واصابة اكثر من الف بجروح والحاق اضرار مادية بقيمة مليار بليون دولار. وقد يرى بعض المحللين والخبراء الغربيين توزيعاً للأدوار بين الاصوليين، وتكراراً لتجارب عربية سابقة مع الغرب - كتجارب الفلسطينيين وعبدالناصر وصدام حسين - وهي تجارب تقوم على اساس "اضرب وفاوض" او "اثبت وجودك وحاور". لكن المسؤولين في الدول الغربية لا يتوقفون عند الاقوال و"النيات" بل عند الافعال. وتستوقف هؤلاء المسؤولين اصوات القنابل والانفجارات وأعمال العنف والاغتيال أكثر مما تستوقفهم "المرونة" و"الواقعية" في المواقف العلنية لقيادات ورموز الاصوليين تجاه اسرائيل وتجاه الغرب. الحوار أم المواجهة؟ من هنا فان السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو: - هل يريد الغرب، ممثلاً خصوصاً بالولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وبعض الدول الاوروبية الاخرى، فتح "حوار" جدي مع الحركات الاصولية الاسلامية والتعامل معها على أساس انها "قوة سياسية" في المنطقة؟ هذا ما يأمله الاصوليون الاسلاميون. لكن الواقع، ونتيجة اتصالات وحوارات عدة بيننا وبين مسؤولين وديبلوماسيين اميركيين وفرنسيين وبريطانيين معنيين مباشرة بملف الحركات الاصولية الاسلامية... الواقع ان الغرب يعتبر نفسه في "حالة تأهب" و"حالة مواجهة" مع الحركات الاصولية الاسلامية وليس في "حالة حوار" او حالة "الاستعداد للحوار". وسنتوقف في هذا المجال عند الامور الرئيسية الآتية: 1 - سواء أثبت المحققون الاميركيون بالادلة - أم لم يثبتوا - بأن اصوليين اسلاميين هم الذين خططوا ونفذوا انفجار نيويورك، فان المسؤولين والخبراء في ادارة الرئيس كلينتون يتعاملون، منذ الآن، مع هذه القضية - وما هو مرتبط بها - على اساس ان "قوى اصولية" تحركها ايران على الارجح هي التي تقف وراء الانفجار. ويعتقد خبراء اميركيون ان هناك "قاسماً مشتركاً" بين انفجار نيويورك والانفجارات الاخيرة في القاهرة ونسف مبنى السفارة الاسرائيلية في بيونس ايرس مطلع 1992، وهذا "القاسم المشترك" هم الاصوليون الاسلاميون الذين يريدون، وفقاً للخبراء الاميركيين من وراء هذه العمليات وأمثالها، اثبات وجودهم. تماماً كما كان الحال مع الفلسطينيين في زمان خطف الطائرات واحتجاز الرهائن. وتعتقد مصادر اميركية رسمية ان انفجار نيويورك تمّ التخطيط له في دولة شرق اوسطية وان شخصاً عربياً جاء الى نيويورك قبل اسابيع من العملية وخطط لها ثم ترك أمر تنفيذها لآخرين. 2 - يعتبر المسؤولون الاميركيون والاوروبيون المعنيون بهذه القضية ان "خطر" الاصوليين الذين يستخدمون العنف ناتج عن انه ليس هناك تنظيم واحد واضح المعالم ومعروف، أو قيادة واحدة معروفة، وراء ما يجري في هذه الساحة أو تلك، بل ان هناك مجموعات عدة تتحرك، في هذه الدولة أو تلك، من دون ان تكون بينها روابط علنية ومباشرة. لكن هناك، بالطبع، "ايد خفية" تحرك هذه المجموعات. ولو كان هناك تنظيم واحد معروف او قيادة واحدة معروفة - كما هو الحال مثلاً مع بعض التنظيمات الفلسطينية التي لجأت الى العنف - لكانت محاربة هؤلاء الاصوليين أسهل. وقد حاول حسن الترابي، في شهادته امام الكونغرس، "تطمين" الاميركيين حين قال: "ليس هناك تنظيم موحد ولا قيادة مركزية للحركات الاسلامية". لكن الاميركيين والاوروبيين لا يشاركونه تحليله، وان كانوا يعتبرون ان "احدى القيادات الخفية" للاصوليين هي في ايران. نقطة ضعف "القوة الصاعدة" 3 - نقطة ضعف الاصوليين الرئيسية، وهذه يمكن ان تكون في الوقت نفسه مصدر خطر اذ قد تدفع الى المزيد من اعمال العنف، انهم لم يتمكنوا من الوصول الى الحكم في أية دولة عربية. فالثورة الايرانية لم تتمكن من تصدير ذاتها وأفكارها الى أي بلد آخر وهي غارقة في صراعات داخلية تكاد لا تنتهي. والنظام السوداني ليس نظاماً اصولياً مئة في المئة بل هو قائم على تحالف بين الاصوليين والجيش. هذا الوضع يدفع بعض الحركات الاصولية الى تصعيد اعمال العنف لمحاولة التعويض عن هذا الفشل، او "التعجيل" باحداث تغيير في هذا البلد او ذاك. لكن النتائج عكس ذلك. وقد اعترف زعيم اصولي عربي، مقيم حالياً في اوروبا، في دراسة نشرها الشهر الماضي، بفشل محاولات الاصوليين لتغيير النظام بالقوة في مصر والجزائر وتونس اذ قال: "لم تثبت احداث العمل الشعبي المسلح في مقاومة سلطة محلية نجاح تجربة واحدة، خلافاً لحرب العصابات ضد سلطة اجنبية او للعمل من داخل المؤسسة العسكرية" اي القيام بانقلاب. وأضاف: "ليس اسهل من اطلاق الرصاصة الاولى لكن المهم هو من يطلق الرصاصة الاخيرة". من هذا المنطلق لا يعتبر الغرب ان الحركات الاصولية الاسلامية هي "قوة صاعدة" او انها قادرة على احراز نجاحات اساسية في مصر او الجزائر مثلاً. 4 - الانظمة العربية التي تعرضت او تتعرض لعمليات الاصوليين صمدت وهي - وفقاً لتقديرات المسؤولين الاميركيين والفرنسيين والبريطانيين - ليست مرشحة للسقوط. والدول الغربية لا تضع سياساتها وخططها واستراتيجيتها في الشرق الاوسط على اساس ما تفعله او ما تريده الحركات الاصولية، بل على اساس ما تقوم به الانظمة القائمة. فالفرنسيون والاوروبيون - وبعض الاميركيين - الذين ابدوا حماسة العام الماضي، وما قبله، لبروز الجبهة الاسلامية للانقاذ في الجزائر، واستعدوا للتعامل معها على اساس انها ستتسلم الحكم في هذا البلد وانها "قادرة" على ذلك، بدلوا مواقفهم كلياً في الاشهر القليلة الماضية وقاموا بتمتين وتحسين علاقاتهم مع النظام القائم في الجزائر. والسبب الاساسي في ذلك ليس ان النظام الجزائري أثبت انه "أقوى" من جبهة الانقاذ فحسب، بل السبب ان الغرب ادرك ان وصول جبهة الانقاذ الى الحكم ستسبقه وتتبعه حرب اهلية، وان ذلك سيؤدي الى تغييرات في دول مجاورة اخرى. 5 - لم تستطع اية حركة اصولية اسلامية طرح وتقديم برنامج واضح ومفصل تحكم على اساسه هذا البلد أو ذاك، ويكون "أفضل" من برنامج الحكم الحالي. وحتى جبهة الانقاذ، التي كانت أقرب هذه الحركات الاصولية الى الحكم، لم يكن لديها برنامج حقيقي. وحين سألت "الوسط" الشيخ عمر عبدالرحمن عن برنامجه اجاب: "تعالوا واستمعوا الى محاضراتي... كل شيء جاهز". وغياب البرامج الواضحة لا يغري اية دولة غربية بالتحاور الجدي مع هذه الحركة الاصولية او تلك.
يبدو من ذلك كله ان العلاقة السائدة بين الحركات الاصولية الاسلامية والغرب هي علاقة مواجهة لا علاقة حوار. فليس هناك اي قاسم مشترك، في الظروف والمعطيات الراهنة، بين الغرب والاصوليين الاسلاميين، ولن يبدل هذا الامر بعض المواقف "الواقعية والمرنة" التي تصدر عن هذا الزعيم او ذاك. اضافة الى ذلك كله، ليست لدى الغرب اية مصلحة في التحاور مع الاصوليين الاسلاميين والتعامل معهم على اساس انهم "قوة سياسية"، في الوقت الذي يسعون الى زعزعة الاستقرار في مصر والجزائر وتونس وبعض الدول الاخرى، ويطمحون الى تغيير موازين القوى ولو لم تكن لديهم القدرة الفعلية على ذلك. غير ان المسؤولين الغربيين - الاميركيين والأوروبيين - يميزون تمييزاً تاماً بين الحركات الاصولية الاسلامية وبين الاسلام بشكل عام، فالمسؤولون الغربيون لا يعتبرون ان الحركات الاصولية الاسلامية هي الاسلام وانها هي التي تمثل المسلمين، كما يحاول زعماء هذه الحركات كحسن الترابي وعمر عبدالرحمن الايحاء بذلك في تصريحاتهم. والمسؤولون الغربيون لا يعتبرون اطلاقاً ان عمر عبدالرحمن وحسن الترابي وزعماء الاصوليين هم الذين يمثلون العالم الاسلامي، بل يرون انهم يمثلون حركات اختارت اساليب معينة لتعرض وجهة نظرها. وعلى هذا الاساس، يقف المسؤولون الغربيون ضد الحركات الاصولية الاسلامية التي تستخدم العنف والاساليب غير السلمية لمحاولة تحقيق اهدافها، لكنهم يقيمون في الوقت نفسه علاقات جيدة او طبيعية مع الغالبية العظمى من الدول والقوى الاسلامية. ويؤكد المسؤولون الاميركيون والأوروبيون، بقوة ووضوح، انهم ليسوا في "حالة مواجهة" مع الاسلام والمسلمين، ولا يريدون ان يكونوا كذلك، لكنهم، فقط، في "حالة مواجهة" مع الاصوليين والمتطرفين الذين يستخدمون اساليب العنف كوسيلة للتعبير عن آرائهم ولمحاولة اثبات وجودهم.