برعاية نائب أمير منطقة مكة المكرمة.. انطلاق مؤتمر طب العيون 2024    فان نيستلروي فخور بمسيرته كمدرب مؤقت مع يونايتد ويتمنى الاستمرار    النصر يتغلّب على الرياض بهدف في دوري روشن للمحترفين    القبض على شخص بمنطقة الجوف لترويجه مادة الحشيش المخدر    المملكة تختتم مشاركتها في المنتدى الحضري العالمي wuf12 بالقاهرة    الهلال: الأشعة أوضحت تعرض سالم الدوسري لإصابة في مفصل القدم    المملكة تؤكد التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي في الاجتماع الوزاري لدول مجموعة العشرين بالبرازيل    مدرب الأخضر يضم محمد القحطاني ويستبعد سالم الدوسري وعبدالإله المالكي    حائل: القبض على شخص لترويجه أقراصاً خاضعة لتنظيم التداول الطبي    ممثل رئيس إندونيسيا يصل الرياض    إطلاق النسخة التجريبية من "سارة" المرشدة الذكية للسياحة السعودية    انطلاق أعمال ملتقى الترجمة الدولي 2024 في الرياض    زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب جنوبي تشيلي    جمعية الدعوة في العالية تنفذ برنامج العمرة    ترقية بدر آل سالم إلى المرتبة الثامنة بأمانة جازان    «سدايا» تفتح باب التسجيل في معسكر هندسة البيانات    الأسهم الاسيوية تتراجع مع تحول التركيز إلى التحفيز الصيني    انطلاق «ملتقى القلب» في الرياض.. والصحة: جودة خدمات المرضى عالية    تقرير أممي يفضح إسرائيل: ما يحدث في غزة حرب إبادة    فرع هيئة الهلال الأحمر بعسير في زيارة ل"بر أبها"    خطيب المسجد النبوي: الغيبة ذكُر أخاك بما يَشِينه وتَعِيبه بما فيه    رفع الإيقاف عن 50 مليون متر مربع من أراضي شمال الرياض ومشروع تطوير المربع الجديد    أمانة الطائف تجهز أكثر من 200 حديقة عامة لاستقبال الزوار في الإجازة    بطلة عام 2023 تودّع نهائيات رابطة محترفات التنس.. وقمة مرتقبة تجمع سابالينكا بكوكو جوف    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    خطيب المسجد الحرام: من صفات أولي الألباب الحميدة صلة الأرحام والإحسان إليهم    في أول قرار لترمب.. المرأة الحديدية تقود موظفي البيت الأبيض    دراسة صينية: علاقة بين الارتجاع المريئي وضغط الدم    «مهاجمون حُراس»    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    ما سطر في صفحات الكتمان    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    لحظات ماتعة    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    حديقة ثلجية    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    الأزرق في حضن نيمار    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    التعاطي مع الواقع    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تكشفها وتحاور قادتها البارزين حماس : القصة السرية

كيف نشأت الحركة وتطورت وما علاقتها "بالحركة الاسلامية العالمية" ؟
ما حقيقة الاتفاق بين حماس وايران و"حزب الله"؟
ما طبيعة الخلاف مع منظمة التحرير وعرفات وما مدى قوة الحركة الفعلية ؟
هل أصبحت حماس - حركة المقاومة الاسلامية - هي "الذراع المسلح" لايران و"الباب" الذي تريد الثورة الايرانية ان تعبر منه الى الضفة الغربية وغزة والى الساحة الفلسطينية عموماً؟
هذا هو السؤال الكبير الذي يطرحه حالياً الكثيرون في الساحتين الفلسطينية والعربية وفي اوساط المعنيين بالقضية الفلسطينية.
لكن هذا السؤال ليس "التهمة" الوحيدة الموجهة الى حماس، بل ان هذه الحركة الفلسطينية الاسلامية، النشطة في الاراضي الفلسطينية، تواجه تهمة اخرى وهي انها تطرح هدفاً سياسياً غير واقعي في المعطيات الفلسطينية والاقليمية والدولية هو "تحرير كل فلسطين" بما في ذلك اسرائيل والضفة الغربية وغزة. ويبدو طرح هذا الهدف غير الواقعي مثيراً للتساؤل اذ يعتبر الكثيرون انه يدخل في باب المزايدة لا اكثر، وذلك لسببين رئيسيين: الاول ان كل الدول والاطراف العربية والفلسطينية المعنية مباشرة بالنزاع مع اسرائيل تخلت عن هذا الهدف وهي تتفاوض من اجل استعادة الاراضي العربية المحتلة عام 1967 والحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في مقابل الاعتراف بوجود اسرائيل "ضمن حدود آمنة". والسبب الثاني ان حماس لا تملك، بالطبع، القدرة على تحقيق هذا الهدف. بل اكثر من ذلك، لا تستطيع حماس، فعلياً وعملياً، التأثير مباشرة على مفاوضات السلام الفلسطينية - الاسرائيلية ومنع التوصل الى اتفاق لتطبيق الحكم الذاتي في الضفة الغربية وغزة، كما انها لا تستطيع منع تطبيق هذا الاتفاق في حال تم التوصل اليه.
لكن على رغم ذلك كله، فان حماس لها اهميتها ولها وجودها الشعبي والسياسي في الساحة الفلسطينية، خصوصاً في الاراضي العربية المحتلة. وقد تسلطت الاضواء، بقوة، على حماس في الفترة الاخيرة بسبب ما تردد عن قيام "تحالف" بينها وبين القيادة الايرانية، بحيث اصبحت حماس خاضعة "للوصاية الايرانية". فما الحقيقة؟
الاتفاق مع ايران
المعلومات التي تملكها "الوسط" في هذا الشأن من مصادر فلسطينية وعربية واوروبية وثيقة الاطلاع تكشف ان "التحول" في العلاقة بين حماس والقيادة الايرانية حدث مطلع تشرين الاول اكتوبر الماضي. ففي ذلك الحين زار طهران وفد من حماس يضم ابرز عناصرها القيادية من مجلس الشورى والمكتب السياسي برئاسة الدكتور موسى ابو مرزوق وعضوية الناطق الرسمي باسم الحركة ابراهيم غوشة. وتباحث الوفد مع عدد من كبار المسؤولين الايرانيين، بينهم خصوصاً المرشد الاعلى للثورة علي خامنئي وقائد الحرس الثوري الايراني. وخلال هذه الزيارة تم التوصل الى اتفاق يشمل الامور الاساسية الآتية:
1 - التفاهم على رفض ومواجهة مفاوضات السلام العربية - الفلسطينية - الاسرائيلية واعتبار ان اسحق رابين "تمكن من خداع الفلسطينيين واحراز مكاسب سياسية واقتصادية واعلامية" من خلال مفاوضاته معهم. وتم الاتفاق على مواصلة التشاور والتنسيق بين طهران وحماس بشأن هذه القضية والوصول الى مرحلة متقدمة من "التعاون والدعم".
2 - موافقة السلطات الايرانية على السماح لحماس بالقيام بنشاط سياسي واعلامي في طهران من خلال مكتب لها، وموافقتها على تقديم المساعدة لها لانشاء محطة اذاعة باسم حماس، الارجح في منطقة ما من لبنان.
3 - بناء على طلب المسؤولين الايرانيين وبحضور عدد منهم، عقد اجتماع في طهران بين وفد حماس ووفد من "حزب الله" اللبناني الاصولي كان يزور العاصمة الايرانية آنذاك برئاسة أمينه العام السيد حسن نصرالله. وخلال هذا الاجتماع تم الاتفاق على "التعاون" بين الطرفين في الساحة اللبنانية، خصوصاً في الجنوب اللبناني، وعلى استضافة عناصر من حماس في مراكز وقواعد تابعة لحزب الله في لبنان. ومثل هذا الامر يفتح المجال امام قيام عمليات مشتركة ضد الاسرائيليين بين حماس وحزب الله انطلاقاً من لبنان.
4 - ترددت معلومات ان الايرانيين وعدوا حماس بتقديم مساعدات مالية كبرى للحركة وتدريب عناصرها في معسكرات في ايران ولبنان. وذكرت مصادر منظمة التحرير الفلسطينية ان الايرانيين وعدوا بتقديم مبلغ 30 مليون دولار سنوياً لحماس وتدريب 3 آلاف عنصر من عناصرها في ايران ولبنان. وذهبت مصادر اسرائيلية ابعد من ذلك اذ ذكرت مجلة "مونتني" الاسبوعية الاسرائيلية ان حماس وايران ابرمتا في تشرين الاول اكتوبر الماضي اتفاقاً سرياً بينهما ينص على ان يقيم الايرانيون معسكرات تدريب لمقاتلي حماس في ايران وممثليات للحركة في "المناطق الشيعية في بيروت" وان يبدأ حراس الثورة الايرانيون في لبنان تدريب افراد من حماس في معسكرات حزب الله في سهل البقاع اللبناني. ويتضمن الاتفاق ايضاً اقامة محطة للبث الاذاعي والتلفزيوني في ايران في الاشهر القليلة المقبلة تبث من خلالها حماس برامجها للاراضي المحتلة. كما ان ايران ستقدم الى حماس خلال العامين المقبلين مساعدة بقيمة 30 مليون دولار.
مصادر حماس نفت هذه المعلومات ل "الوسط" كما ان المصادر الايرانية الرسمية نفتها كذلك. لكن ما تستطيع ان تؤكده "الوسط" هو ان حماس ستتلقى دعماً مالياً - محدوداً- من ايران في الفترة المقبلة، ويمكن ان يزداد هذا الدعم وفقاً لمدى تجاوب حماس مع المتطلبات الايرانية. اما بالنسبة الى تدريب عناصر حماس والتعاون بين هذه الحركة وحزب الله، فان ذلك صحيح، وستظهر الايام المقبلة مدى حجم هذا التعاون.
تبقى مسألة أساسية وهي ان حماس حركة اسلامية فلسطينية سرية غامضة، لا يعرف عنها الناس اموراً كثيرة. كما ان حماس هي، اليوم، محور تساؤلات كبيرة. "الوسط" تروي في هذا التحقيق الخاص قصة حماس، بخفاياها واسرارها، استناداً الى معلومات حصلت عليها من مصادر داخل الحركة نفسها ومن مصادر فلسطينية وعربية واوروبية وثيقة الاطلاع. ويتضمن هذا التحقيق حوارات مع ابرز العناصر القيادية في حماس ومع شخصيات فلسطينية اخرى معنية بهذه القضية. قام بهذا التحقيق زكي شهاب وشاركه فيه خالد الحروب وفيصل الشبول.
وفي ما يأتي قصة حماس:
اعترافات الشيخ ياسين
في الساعة الثانية وعشر دقائق بعد ظهر السادس من حزيران يونيو 1989، انهار الشيخ احمد اسماعيل حسن ياسين، أحد سكان قطاع غزة، أمام جلاديه في سجن غزة بعدما شاهد السوط يهوي على جسد نجله عبدالحميد، ورأى طوال ايام متتالية كل انواع التعذيب والارهاب، مما اضطره للاعتراف بدوره في تأسيس حركة المقاومة الاسلامية "حماس" بعد ان كان انكر كل ما اعترف به رفاق له عن دوره الرئيسي في تأسيسها.
كان المحقق الاسرائيلي شوكي امزيج الذي يحمل الرقم 54962 يجلس في غرفة مجاورة حين استدعاه احد الجلادين وابلغه ان الشيخ احمد ياسين مستعد للاعتراف بالتفصيل، فأخذ دفتراً وقلماً وتوجه اليه وأخذ يطرح عليه السؤال تلو السؤال ومما قاله الشيخ احمد ياسين في اعترافاته: "في سنة 1987 في مطلع شهر كانون الاول ديسمبر، قررت ان انشىء حركة حماس في قطاع غزة حيث تعمل ضد الاستيطان الاسرائيلي وتشارك بالاخلال في النظام العام وتصعّد في الانتفاضة وتوزع المناشير. واجتمعت بعدد من الاشخاص لهذا الغرض وهم الشيخ صلاح شحاده 40 سنة من سكان بيت حانون وعمل في الجامعة الاسلامية، وعيسى النشار35 سنة من سكان رفح ويعمل مهندساً، والدكتور ابراهيم اليازوري 45 سنة من سكان غزة وهو طبيب، والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي 40 سنة من سكان خان يونس وهو طبيب ايضاً، وعبدالفتاح دوخان 50 سنة من سكان مخيم النصيرات ويعمل مدير مدرسة، ومحمد شمعة 50 سنة وهو استاذ في احدى المدارس ومن سكان مخيم الشاطئ. وبعد هذه الاتصالات اتفقنا على انشاء "حماس"، وهي اختصار لحركة المقاومة الاسلامية، على ان يكون كل واحد من هؤلاء مسؤولاً عن منطقة سكنه وان اكون انا مسؤولاً عاماً عن "حماس" في قطاع غزة".
وأضاف الشيخ احمد ياسين في اعترافاته قائلاً: "نشاطاتنا كانت عبارة عن توزيع مناشير "حماس" وكتابة شعارات على الجدران والاخلال بالنظام العام، وفي كانون الاول ديسمبر 1987 اصدرت حماس منشورات عينت فيها تواريخ الاضرابات واقامة الحواجز ونشاطات ضد الجيش الاسرائيلي وإلقاء الحجارة ومنع العمال من العمل في اسرائيل. كانت كتابة المنشورات تتم في بيت خالد الهندي الذي كان يسلم المنشورات لروحي مشتهى والى آخرين لطبعها في مطبعة أكرم شابط. كنت التقي شهرياً بقادة المناطق إما في بيتي او في بيت عيسى النشار او في بيت غازي عبدالعال، وكنا نتحدث عن الوضع في القطاع وعن خطط جديدة للقيام بنشاطات ضد قوات الاحتلال".
وكشف الشيخ احمد ياسين في اعترافاته عن كيفية انشاء فرع لحركة "حماس" في الضفة الغربية، فقال: "في شهر كانون الثاني يناير 1988 جاء شخص يدعى جميل حمامي، وهو عضو في الاخوان المسلمين، لزيارتي في منزلي فسألته لماذا لا تشارك الضفة الغربية في الانتفاضة، واتفقت معه على انشاء تنظيم "حماس" في الضفة الغربية، وان يعمل هو على اقامته على ان اساعده، فوافق جميل على ذلك، وبعدها اصبحت أبعث له بمنشورات عن طريق روحي مشتهى وفايز عبدالعال. كان جميل يطبع كميات كبيرة ويوزعها على اعضاء "حماس" في الضفة الغربية، كما كان ينقل المنشورات الى عبدالرحمن خليفة في الاردن بعد تصويرها. وكانت الاتصالات بيني وبين المسؤولين تتم عبر الرسل وعبر جميل حمامي وعبر نقاط الاتصال في المساجد. وفي كل مرة كانت تنقصني الاموال كنت اتصل بجميل حمامي ليبلغ عمان، او اتصل بلندن عبر عضو في حركة حماس يدعى منير العشي حيث كان يتصل بدوره بالاردن ويخبرهم بطلباتنا. لقد اعطيت لكل مسؤول رقماً سرياً كي لا يعرف احد الآخر اذا ما تم القاء القبض على أحدنا". وكشف الشيخ احمد ياسين للمحقق الاسرائيلي عن جوانب من نشاط "حماس" العسكري والامني، فقال: "قبل بداية الانتفاضة في العام 1987 بشهرين جلست مع الشيخ صلاح شحادة الذي تعرفت عليه اثناء سجني في سجن المجدل - وقبل ان يطلق سراحي في عملية تبادل للاسرى عام 1985 - وناقشنا الوضع واتفقت معه على اقامة الجهاز العسكري والجهاز الامني للتنظيم. كان هدفنا، على الصعيد العسكري، محاربة السلطات الاسرائيلية والجيش، وكانت من مهام الجهاز الامني محاربة المخلين بالامن من سكان القطاع والخارجين عن تعاليم الاسلام واولئك الذين يتاجرون بالمخدرات ويتعاطون الدعارة وبائعي الخمور والمتعاونين مع السلطات الاسرائيلية. صلاح شحادة هو الذي اسس الجناح العسكري ل "حماس"، مع العلم انني اسست في سنة 1982 الجهاز العسكري المعروف باسم "المجاهدين الفلسطينيين"، وكانت من اهدافه جمع السلاح".
وعن نشاط الجهاز الامني لحركة حماس وتأسيسه ذكر الشيخ ياسين ان "الجهاز الامني" يحمل اسم "مجد" نسبة الى "مجموعة جهاد ودعوة"، ومن ابرز مهامه جمع المعلومات عن "اناس انحرفوا عن طريق الاسلام وتعاملوا او تاجروا بالمخدرات أو باعوا وشربوا الخمور أو تعاونوا مع السلطات الاسرائيلية". واضاف الشيخ ياسين انه اتفق مع يحيى سنوار الذي كان طالباً في الجامعة الاسلامية وخالد الهندي على تشكيل الجهاز الامني وطلب منهما تجنيد اشخاص للعمل في الجهاز، كما اتفق معهما على ان يكون يحيى سنوار مسؤولاً عن جنوب القطاع وخالد الهندي عن غزة وشمال القطاع. وبدأ الجهاز يجمع المعلومات وقلت لسنوار: "ان من يعترف بتعاونه مع السلطات الاسرائيلية أقتلوه".
عن تمويل حركة حماس قال الشيخ ياسين في اعترافاته "كانت تصلني الاموال مباشرة من عمان، لقد تلقيت مئة الف دينار حتى شهر آب اغسطس 1988، ونقل هذه الاموال اليّ غازي بسيسو وصلاح حرز الله وهما صرافان كما نقل اليّ صلاح حمامي اموالاً، ومجموع ما وصلني بلغ نحو نصف مليون دولار سلمته الى موسى ابو حسين امين صندوق التنظيم".
أجهزة حماس
وفي تصريح ل "الوسط" قال المحامي ناظم عويضه انه تولى الدفاع عن الشيخ ياسين سنوات عدة. وانه كان "نافذته على العالم". وأوضح عويضه: "ان اعترافات الشيخ احمد ياسين تمت في ظروف قاهرة لا أريد الخوض في تفاصيلها. وحين تم اعتقال الشيخ ياسين تم اعتقال ابنه عبدالحميد معه، وعلى رغم وضعه الصحي الصعب لاصابته بالشلل التام وجد نفسه امام امرين: اما ان يصبر ويصمد واما ان يعترف، فانهار نفسياً عندما رأى التعذيب يمارس ضد ابنه امامه ولأيام. اضف الى ذلك ان اعترافات الآخرين عن نشاطه جعلته في موقف صعب".
وقال محام فلسطيني تابع محاكمة بعض اعضاء حماس ل "الوسط" "ان اعترافات روحي مشتهى واللجنة التابعة له افادت بانهم كانوا على اتصال بالشيخ احمد ياسين، وضمت لائحة الاتهام ضد الشيخ اربعة بنود قتل، والنقطة المركزية في التهم الموجهة هي ان الشيخ ياسين اعطى حكماً شرعياً بقتل العملاء وجنود الاحتلال".
وقد حكمت المحكمة الاسرائيلية بالسجن المؤبد على الشيخ ياسين ويمضي ياسين عقوبته الآن في سجن كفاريونا على بعد حوالي 40 كيلومتراً من مدينة حيفا، وفي جناح يطلق عليه اسم "جناح الزعماء" اذ اعتقل فيه كل من فيصل الحسيني وسري نسيبه وداعية السلام الاسرائيلي ابي ناثان. ويقول المحامي عويضه ان ياسين بحاجة ماسة للعلاج وانه لا يقوى على تحريك رقبته او طرد ذبابة عن وجهه، ولا حتى الخروج الى المرحاض.
الواقع ان الافكار الاولى لتشكيل حركة اسلامية عسكرية في الضفة الغربية وغزة تعود الى العام 1983، كما تقول الوثائق الداخلية للحركة، وذلك حين ألقت سلطات الاحتلال الاسرائيلي القبض على الشيخ احمد ياسين الزعيم الروحي لحركة حماس لاحقاً بتهمة تخزين السلاح وتشكيل جماعات "ارهابية" بهدف القيام بعمليات عسكرية ضد اسرائيل وحُكم عليه بالسجن 13 عاماً بتلك التهمة، غير انه سرعان ما افرج عنه بعد سنتين فقط وذلك في 1985 اثر عملية تبادل اسرى بين الجيش الاسرائيلي والجبهة الشعبية - القيادة العامة احمد جبريل. خلال عامي 1985 و1986 برز بوضوح في الضفة الغربية وقطاع غزة مشاركة شباب المساجد في تظاهرات عارمة اثر سلسلة اعتداءات على المسجد الاقصى. وظهرت في الساحة السياسية بيانات تحريضية تحمل اسماء جديدة اهمها: حركة الكفاح الاسلامي والمرابطون على ارض الاسراء، وكان آخرها قبيل الانتفاضة حركة المقاومة الاسلامية.
حول هذه الفترة يقول ابو عمر - أحد أبرز سياسيي حماس - ان قراراً داخلياً اتخذ صيف 1985 يقضي بتفعيل المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الاسرائيلي. وبذلك دفع الاسلاميون في الضفة والقطاع وتيارهم الرئيسي هو الاخوان المسلمين بزخمهم وانطلقت حركة حماس.
وبعد صدور البيان الاول لحماس خريف 1987، تشكلت اجهزة عدة للحركة ابرزها: جهاز التعبئة والتنظيم وجهاز الامن مسؤوليته حفظ امن الحركة وجمع المعلومات والجهاز العسكري المسؤول عن تنفيذ العمليات العسكرية للحركة وجهاز الاحداث لمتابعة الانتفاضة والمساهمة في تصعيدها والجهاز السياسي المسؤول عن رسم السياسة العليا للحركة والجهاز الاعلامي وجهاز السجون الذي انشئ بعد تزايد عدد معتقلي الحركة وكان يقوم بتنظيم العلاقات بين المعتقلين داخل السجون الاسرائيلية. وفي آب اغسطس 1988 اصدرت حماس ميثاقها الذي حددت فيه مبادئها الاساسية وطبيعة علاقاتها مع منظمة التحرير الفلسطينية والدول العربية والاسلامية. وأبرز ما جاء في هذا الميثاق:
"اعتماد الاسلام منهجاً للحركة وموجهاً لفكرها".
المناداة ب "فلسطين من البحر الى النهر" وطرح فكرة "انها وقف لجميع المسلمين" ثم "رفض الحلول السلمية جملة وتفصيلاً" واعتماد "الجهاد وسيلة وحيدة للتحرير" والنظر الى القضية على انها "متعلقة بدوائر ثلاث، الدائرة الفلسطينية والدائرة العربية والدائرة الاسلامية".
تحديد العلاقات مع الحركات الاسلامية على اساس "التآخي" و"العلاقات مع منظمة التحرير على اعتبار انها "من اقرب المقربين الى الحركة، ففيها الاب او الاخ او الصديق"، ومع ذلك فقد ادان ميثاق الحركة علمانية المنظمة، ثم تحديد العلاقات مع الدول والحكومات العربية والاسلامية على اساس "العمل المشترك لتحرير فلسطين".
دعم من "الحركة الاسلامية العالمية"
وفي حوار مع "الوسط" كشف الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي والذي يعتبره الكثيرون القائد الفعلي لحركة حماس في غياب مؤسسها الشيخ احمد ياسين: "ان الاجتماع في منزل ياسين لاعلان قيام حركة "حماس" تم في التاسع من كانون الاول ديسمبر 1987، والحركة هي امتداد لحركة الاخوان المسلمين، وقد صدر البيان الاول في الرابع عشر من الشهر نفسه. وحتى ذلك التاريخ لم تكن هناك قيادة وطنية موحدة في الاراضي المحتلة".
وأضاف الرنتيسي "ان التهم التي وجهت اليه بعد اعتقاله من قبل الاسرائيليين هي المشاركة في تأسيس حركة حماس واصدار بيانات الحركة". وعن طبيعة الشكل القيادي والاسلوب الذي تدار به حماس، قال: "لقد تألف مجلس شورى يضم حوالي 24 شخصاً في المرحلة الاولى من تأسيس "حماس"، الا ان عدد اعضاء المجلس كان يتفاوت بين مرحلة ومرحلة بسبب موجات الاعتقال التي تعرض لها الكثيرون من قياديي الحركة واعضائها. كما ان لحركة "حماس" مجلس قيادة مؤلفاً من سبعة اشخاص تتفرع عنه لجان سياسية وامنية وعسكرية واعلامية وغير ذلك". وعن تأثير الاعتقالات على الحركة قال الرنتيسي: "ان الحركة منبثقة عن الاخوان المسلمين، وهذا يعني ان لها منهجاً ثابتاً وضعه حسن البنا. ولذا كان الاسرائيليون يفاجأون بعد كل حملة اعتقالات ان هناك مجموعة جديدة تتولى القيادة وتصدر البيانات وتحرك نشاط الحركة".
وعن تمويل الحركة اعترف الرنتيسي ل "الوسط" انه يأتي "من الحركة الاسلامية العالمية" لكنه اصر على "ان حركة "حماس" لا تتلقى دعماً من اية حكومة بل من تبرعات شخصيات اسلامية ومن اموال الزكاة ونشاط الكثير من الجمعيات الخيرية". وأوضحت قيادات في "حماس" ل "الوسط" ان طريقة عمل الحركة تعرضت لتغييرات كثيرة بسبب الاعتقالات ويملك كل قائد منطقة صلاحيات يشكل فيها لجاناً من دون ان تكون القيادة المركزية على علم بهوية عناصرها بحيث اذا تم اعتقال عنصر مركزي لا تؤثر عملية اعتقاله على استمرار نشاط التنظيم.
ووفقاً لما كشفه ل "الوسط" قيادي بارز في حماس فان قيادة الحركة تعتمد "الشورى"، والجسم الرئيسي لمجلس شورى الحركة يتوزع بين الداخل والخارج وينعقد في فترات متباعدة ليحدد الاطر العامة لسياسات الحركة بينما ينشط في الخارج ما يمكن تسميته "المكتب السياسي للحركة". ومن ابرز الشخصيات السياسية الناشطة في عمل هذا المكتب ابو عمر والمهندس ابراهيم غوشة الناطق الرسمي باسم الحركة ومحمد نزال ممثل الحركة في الاردن. ويشارك في العمل السياسي للحركة ايضاً المهندس عماد العلمي ممثلها في طهران ومحمد صيام رئيس الجامعة الاسلامية في غزة والذي ابعد منها.
حجم قوة حماس
ما مدى قوة وشعبية حماس في الضفة الغربية وغزة وفي حقوق الشعب الفلسطيني عامة؟ المسؤولون في حماس ينفون تراجع شعبية الحركة في الاراضي المحتلة لكن منصور الشوا وهو من شخصيات غزة المعروفة ونجل رئيس بلدية غزة الراحل رشاد الشوا قال ل "الوسط": "ان ظاهرة العنف والاشتباكات التي تدور وتقف وراءها حماس اضافة الى التعرض للنساء في الشوارع وعدم وجود مشروع سياسي واقعي لدى حماس، هذه الامور كلها اضعفت الحركة".
والواقع ان الوزن الحقيقي لحركة حماس في الوقت الحاضر يختلف ضمن تقييمين، احدهما لمنظمة التحرير وتعتبر فيه وجود حماس يتراوح بين 15 و20 في المئة من تأييد الشعب الفلسطيني، وثانيهما تقييم حماس نفسها الذي يرفع النسبة الى 40 - 50 في المئة من التأييد.
ويتفاوت معيار التأييد لحركة حماس حسب تطور عملية مفاوضات السلام ونجاحاتها او انتكاساتها. ففي الوقت الذي تتمنى الحركة وتعمل على افشال هذه العملية لحصد التأييد الشعبي فان المفاوضين الفلسطينيين لوّحوا اكثر من مرة بورقة التهديد الاصولي في فلسطين والذي سيجني ثمار اي فشل لعملية التسوية.
قال لنا زياد ابو غنيمة الناطق الرسمي باسم حركة الاخوان المسلمين في الاردن ان "حماس حركة جديدة من حيث الاسم، اذ ان بيانها الاول صدر يوم 14 كانون الاول ديسمبر 1987، لكنها قديمة من حيث انها امتداد لجماعة الاخوان المسلمين التي تشكلت في فلسطين في مطلع الاربعينات".
ويتحدث المهندس ابراهيم غوشة، الناطق الرسمي باسم "حماس" عن طبيعة العلاقة التي تربط حركته بالاخوان المسلمين فيقول "ان ميثاق حماس يؤكد انها جزء من حركة الاخوان المسلمين، ومعظم قيادات حماس هي من الاخوان. ومع انتشار حماس في اوساط الشعب الفلسطيني انضم الكثير من الشبان اليها، وكان من ضمن الامور التي راعيناها ألا يكون هؤلاء بالضرورة سبق لهم وانضموا الى حركة الاخوان المسلمين". ويعترف غوشة بأن "حماس" تنسق مع الاخوان المسلمين في الدول العربية والاسلامية، وتلتزم بسياسة عدم التدخل في شؤون الدول الاخرى سواء كانت عربية او غير عربية. ويضيف: "يمكن وصف منهجنا في هذا الاطار بأنه قريب من نهج جبهة التحرير الوطني الجزائرية ايام الثورة حيث كان التركيز على جمع كل القوى لدعم الجهاد الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي". ويميّز غوشة بين نشاط حركته ونشاط حركة "الجهاد الاسلامي في فلسطين".
ويقول انه كان هناك تيارات في حركة الاخوان المسلمين قبل الاعلان عن حركة حماس، الاول كان يطالب بوجود "قاعدة آمنة او دولة اسلامية وبعد ذلك يبدأ الجهاد من قواعدها" والثاني وهو رأي الشيخ احمد ياسين كان يؤكد ضرورة "ان نبدأ الجهاد من الاراضي المحتلة حتى لو تأخر ظهور الدولة المطلوبة بالمواصفات المعروفة لدينا". وهذا ما حدث.
الواقع انه يمكن القول ان حماس - وفقاً لما اوضحه ل "الوسط" هي "نتاج تطور طبيعي لافكار ثورية داخل حركة الاخوان المسلمين نادت باعتماد اسلوب الجهاد المسلح في مراحل مبكرة ولكن على رغم ان ميثاق الحركة اكد العلاقة المتينة بين الحركتين الا ان حقيقة هذه العلاقة ظلت غامضة. ويظهر بجلاء ان درجة المرونة السياسية التي تمتلكها حماس تتقدم كثيراً على الفكر التقليدي المعروف للاخوان المسلمين. ففي الممارسة السياسية استطاعت حماس ايجاد ارضية لقاء مع القوى المعارضة لتيار التسوية في المنظمة، بغض النظر عن توجهاتها، وقامت على تلك الارضية مجموعة من لجان التنسيق والعمل المشترك بين الاسلاميين واليساريين والقوميين. اما على مستوى الدول فقد استطاعت الحركة ان تحفظ وجودها في عدد من الساحات العربية.
العلاقة مع المنظمة
تميزت علاقة حماس بمنظمة التحرير بالتوتر الدائم والشك المتبادل، فمنظمة التحرير تتهم حماس بان اهدافها السرية تكمن في رغبتها بطرح نفسها كبديل عن المنظمة، اما حماس فشنت حملات اعلامية عنيفة ضد المنظمة بسبب عدم تبني المنظمة للنهج الاسلامي وبسبب انخراطها في عملية الحل السلمي، وقد تصاعد هذا التوتر اكثر من مرة خصوصاً بين فتح التيار الرئيسي في المنظمة وحماس، ووصل الى حد الاقتتال المسلح وسقوط القتلى في الضفة الغربية وغزة.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان يعتقد ان حماس هي في حرب مع منظمة التحرير الفلسطينية، قال الرنتيسي: "نحن لا، اما المنظمة للاسف فنعم". وأشار الى أن بيانات حماس وصفت المنظمة بأنها "الأخ والأب والابن"، واضاف: "نحن نتمنى لها القوة لسبب واحد على الاقل هو وجود قوة تقاوم الاحتلال وتخفف عن حركة حماس عبء المواجهة".
وعن الاسباب التي تحول دون عمل حماس من ضمن اطر المنظمة قال: "الوعاء الذي فيه خير الدنيا والآخرة هو الاسلام، فلماذا لا تعود المنظمة الى الاسلام؟". وتحدث الى "الوسط" عماد العلمي احد قادة حماس الذين تم ابعادهم الى خارج الارض المحتلة في تموز يوليو 1991 الى لبنان، ويشغل حالياً منصب ممثل حركة حماس في طهران فقال: ان حماس "ليست بديلاً للمنظمة". واضاف "ان امكان تحرك حماس من داخل المنظمة ممكن ضمن الشروط التي وضعتها الحركة، وعلى رغم رفض قيادة المنظمة لهذه الشروط فان حماس لا تزال تعتبر ان البديل هو المزيد من الحوار من اجل الوصول الى قاسم مشترك يؤدي الى الاتفاق بين حماس والمنظمة حول برنامج جهادي سياسي". وعن شروط العضوية في "حماس" اوضح العلمي "ان اهمها العمل والاخلاص لقضية فلسطين على الطريقة الاسلامية".
وذكر اشخاص على صلة وثيقة بحركة حماس في غزة ان، المسجد هو نقطة الالتقاء الرئيسية والمركز الاساسي للتعارف بين اعضاء التنظيم. ويقول ابراهيم غوشة عن علاقة حماس مع المنظمة "ان موضوعها طويل، ولكنني أؤكد ان حركة حماس لا تطرح نفسها بديلاً للمنظمة، والحركة تعتبر ان منظمة التحرير هي سقف وطني يستظل تحته جميع الفلسطينيين، وحركة حماس مستعدة لدخول مؤسسات منظمة التحرير، خصوصاً المجلس الوطني الفلسطيني ولكن لها شروط معينة تضمنتها المذكرة المعروفة التي قدمناها قبل عامين والتي تقول اننا مستعدون للدخول اما عن طريق اجراء انتخابات نزيهة يختار فيها الشعب الفلسطيني ممثليه او عبر اعطاء حماس بين 40 و50 في المئة من المقاعد وهو حجم تمثيلها في الشارع الفلسطيني".
وذكر غوشة ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عرض عليه والوفد الذي رافقه الى اجتماع الخرطوم في العاشر من ايلول سبتمبر 1991، 17 مقعداً اي حوالي 4 في المئة من مقاعد المجلس الوطني الفلسطيني البالغ عددها 450 مقعداً.
واوضح قيادي بارز في حماس ل "الوسط" ان الحركة "حرصت على ترتيب لقاءات مع ياسر عرفات شخصياً ووفد من المنظمة ثلاث مرات لحل الاشكالات وذلك في اليمن بتاريخ 11/8/90 وفي السودان في اوائل تشرين الثاني اكتوبر 1991 عدا عن لقاءات الحوارات مع قيادات من فتح كتنظيم في المنظمة وقدمت اكثر من مشروع لكن تلك المشاريع اصطدمت دائماً بتصلب ابو عمار شخصياً". ولدى مواجهة المسؤول في حماس بان حركته متهمة بمحاولة تشكيل اطار فلسطيني بديل للمنظمة من خلال مشروعها الذي طرحته على الفصائل الفلسطينية قبل اشهر والمسمى "لجنة التنسيق العليا الفلسطينية" اجاب "ان هذا المشروع جاء متأخراً وبعد فشلنا في تحقيق اي اتفاق مع المنظمة ورغبتنا ورغبة فصائل كثيرة بالاتفاق على حدود دنيا لتنسيق العمل من اجل افشال الحل السلمي الذي لم نقتنع به".
وقد تأزمت العلاقات بين عرفات وحماس في الاسابيع القليلة الماضية، اذ شن الرئيس الفلسطيني حملات عدة على هذه الحركة، في تصريحات مختلفة ادلى بها، متهماً اياها بالتبعية لايران. وذهبت هذه الحملة الى حد توجيه تهديد الى حماس بمواجهة اعضائها بالسلاح اذا ما استمروا في "مقاتلة" انصار فتح في الضفة الغربية وغزة. وفشلت محاولة جرت هذا الشهر لتحقيق "لقاء مصالحة" بين وفد من حماس وعرفات في الخرطوم، بسبب اصرار الحركة على ان "يعتذر" الرئيس الفلسطيني علناً ويتراجع عن تهديداته، قبل اتمام هذا اللقاء.
من يدعم حماس؟
من أية دول وجهات تتلقى حماس الاموال والدعم المادي؟
يرفض غوشة التحدث بشكل مفصل عن مصدر الاموال التي تتلقاها حماس، ويقول رداً على سؤال ل "الوسط" "ان تمويل حماس معظمه شعبي ومن الشعوب الاسلامية وهو اقل مما تتلقاه منظمة التحرير." وعن صحة المعلومات التي تتحدث عن نشاط استثماري لحركة حماس في السودان او غيرها من الدول، عبر افراد او شركات، يقول غوشة: "ليست لدينا اية استثمارات حالياً ولكن من طموحاتنا للمستقبل ان تصبح لدينا مؤسسات واستثمارات يستفيد منها ابناء الشهداء. اما موضوع الاستثمار في السودان فهو مبالغ فيه، والحقيقة ان السودان كبلد استقبل الكثيرين من الفلسطينيين. وقد وصل عدد من الاسلاميين الى السودان وفتحوا مؤسسات واقاموا مشاريع تجارية".
وينفي غوشة وجود قواعد عسكرية لحركة "حماس" خارج الاراضي المحتلة ويقول عن علاقة حماس بايران انها "بدأت العام الماضي اثناء مشاركته على رأس وفد من الحركة في مهرجان لدعم الانتفاضة الفلسطينية".
ويقول ابو عمر "أن حماس قامت بجهد شعبي وما زالت تعتمد على ذلك الجهد الشعبي في دعمها وتمويلها وان مصادر الدعم المادي للحركة هي تبرعات من مختلف البلدان.
ويضيف: "ان احد اهم العوائق التي تقف في طريق حماس هو قلة الامكانات المادية وندرتها".
ولا يعترف توفيق ابو خوصة، وهو من عناصر حركة فتح البارزة في قطاع غزة، بالدور الذي تدعيه قيادات حماس في اشعال الانتفاضة. وقد اكد ابو خوصه ل "الوسط" انه عند تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة - وكان هو احد اعضائها - اتصل بقيادة التيار الاسلامي وبالشيخ احمد ياسين وطلب منه الانضمام الى القيادة الوطنية الموحدة. واضاف ابو خوصة: "زرت الشيخ ياسين في الثالث عشر من كانون الاول ديسمبر 7819 في منزله وطرحت عليه الموضوع فقال لي: "هذه مسألة لا اقدر على اتخاذ قرار بشأنها". وعن البيان الذي اصدرته حركة حماس في 14 كانون الاول ديسمبر 1987، اي بعد سبعة ايام تقريباً من بدء الانتفاضة، قال ابو خوصة: "ان اعترافات الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي للمحققين الاسرائيليين تنفي تأسيس حماس في تلك الفترة، كما ان الكتابات على الجدران لم تكن تشير الى حماس على الاطلاق بل الى التيار الاسلامي. ان البيان الاول الذي تقول حركة حماس انها اصدرته في 14 كانون الاول ديسمبر 1987 لا صحة له على الاطلاق، والصحيح ان اول بيان صدر عن حماس كان يحمل الرقم 23 ليكون متوافقاً مع البيانات ال 23 التي اصدرتها القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة". ويستغرب ابو خوصة اعطاء الشيخ احمد ياسين هذه الهالة الكبيرة على رغم ان هناك مناضلين فلسطينيين في السجون يقضون مدداً طويلة ونفذوا عمليات بطولية ومهام اعقد بكثير من التي قام بها الشيخ ياسين". وقال ابو خوصة "ان موازنة حركة حماس الشهرية في غزة تصل الى نصف مليون دولار اميركي".
وسألت "الوسط" الدكتور الرنتيسي اذا كان هذا الرقم صحيحاً فقال: "يا ليت يكون هذا الكلام صحيحاً". وقال الرنتيسي ان ما يشاع عن تسهيلات تقدمها سلطات الاحتلال لحركة حماس، لا سيما في مجال بناء المساجد والمؤسسات التابعة للحركة هي "من المحاولات التي تهدف الى تشويه سمعة حماس وان العدو الاسرائيلي يعتقل الكثيرين من شباب حماس".
ما حقيقة علاقات حماس بايران والسودان ودول عربية واسلامية اخرى؟ قائد مسؤول في حماس قال ل "الوسط": "ان هناك ثوابت واسساً تعتمدها حماس في علاقاتها مع الجهات الرسمية، سواء أكانت انظمة أو حكومات، وأهم هذه الثوابت هي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى. وعلى هذا الاساس هناك وجود سياسي واعلامي لحماس في السودان وايران والاردن والجزائر وسورية وفي دول اخرى ولنامؤيدون في دول المغرب العربي. وما يشاع عن معسكرات التدريب، سواء في السودان أو غيرها، فلا أساس له من الصحة، أما في الاردن فلنا وجود سياسي متمثل برموزنا المعروفين والذين يعملون في وضح النهار. وموضوع اعتقال بعض الافراد من قبل سلطات الامن الاردنية كان بسبب وجود بعض الاسلحة لديهم من مخلفات حرب الخليج".
ويؤكد ابراهيم غوشة ل "الوسط" ان لحماس "علاقات وثيقة مع الحركات الاسلامية، خصوصاً الاخوان المسلمين في الاردن ومصر والدول العربية ومع الحركات الاسلامية في الجزائر وتونس والسودان وباكستان وايران ودول اسلامية عدة. وفي الاردن تعتبر الحركة الاسلامية الاخوان المسلمون القاعدة المؤازرة لحماس في فلسطين".
تسهيلات اسرائيلية؟
وأجرت "الوسط" حواراً مع خبير بريطاني بارز في الشؤون الفلسطينية هو كرسبين هواس الذي زار الضفة الغربية وغزة مرات عدة خلال السنوات الثلاث الماضية واجتمع مراراً الى عناصر قيادية من حماس. وقال هواس: "ان اخطر مشكلة تواجه حماس، اذا استمرت في رفضها التسوية السلمية للنزاع العربي - الاسرائيلي، هي انها ستفقد موقعها على الخريطة السياسية اذا ما ادت المفاوضات الى اتفاق فلسطيني - اسرائيلي حول الحكم الذاتي في الضفة وغزة.
وحول المنافسة بين حماس ومنظمة التحرير قال هواس: "ان عدم وجود برنامج سياسي لحركة حماس وعدم تطرق بيانات الحركة وميثاقها الى تفاصيل تهم المواطن الفلسطيني في الضفة وغزة امر لا يخدم توجهات حماس على المدى البعيد". ويصف هواس الدكتور الرنتيسي بانه القائد الفعلي لحركة حماس حالياً وان الشيخ ياسين اصبح بمثابة "رمز وزعيم روحي اكثر منه قائداً فعلياً".
وحول وضع حماس في غزة قال الخبير البريطاني: "ان وجودها يتركز في مخيمات جباليا وخان يونس والشاطئ ورفح، وقد تراجعت شعبيتها بعد احداث العنف التي شهدها القطاع. اما وجود حركة حماس في مدينة غزة وجوارها فهو لا يثير قلق انصار منظمة التحرير وقيادة فتح على وجه الخصوص". وقال هواس ان تقديراته تشير الى ان حماس والتيار الاسلامي يحظيان بدعم حوالي 35 في المئة من المواطنين في غزة في حين تصل نسبة شعبية انصار فتح نحو 50 في المئة ونسبة شعبية الجبهة الشعبية حوالي 10 في المئة". وقال هواس ان انصار منظمة التحرير الفلسطينية يتحدثون عن "تسهيلات اسرائيلية لحركة حماس في الداخل، الامر الذي اعتقد انه غير صحيح لكن ما لفت انتباهي ان تراخيص انشاء المساجد او تشييد مبان لحركة حماس يمكن الحصول عليها بصورة اسهل من الحصول على رخصة لتشييد مدرسة او مؤسسة قد يكون فصيل فلسطيني او جمعية اخرى وراء طلبها".
ويلاحظ هواس "ان حماس، كفصيل فلسطيني، تتميز عن غيرها من بقية الفصائل بالكم الهائل من المهنيين المنتمين اليها سواء كانوا اطباء او مهندسين وما شابه". وقال ان حماس تلقت اموالاً من "حكومات عربية". ويرى الكاتب الفلسطيني منير شفيق في حوار مع "الوسط": "ان القول ان حماس تشكل خطراً على منظمة التحرير الفلسطينية مبالغ فيه". ويعتقد شفيق "ان البديل الذي قد تطرحه حركة حماس لعملية السلام الحالية هو برنامج طويل الامد". وحول حقيقة حجم حماس قال منير شفيق "ليس هناك مقياس دقيق لحجم كل فصيل فلسطيني طالما انه لم تجر انتخابات عامة. لكن يمكن القول ان حماس لها شعبيتها ونفوذها.
ان قيادات حماس تتميز عن قيادات الفصائل الاخرى بانها موجودة في الداخل اكثر منها في الخارج. كما ان قيادات حماس قيادات شابة".
الاستنتاجات الرئيسية التي يمكن استخلاصها من هذا التحقيق، خصوصاً من تصريحات العناصر القيادية في حماس، هي الآتية:
1 - هناك تحالف جديد، يحيط المسؤولون في حماس مضمونه بالتكتم الشديد، بين هذه الحركة والقيادة الايرانية وبينها وحزب الله.
2 - يعترف احد زعماء هذه الحركة بان تمويل حماس يأتي من "الحركة الاسلامية العالمية" مما يعني ان حماس جزء من هذه الحركة.
3 - يعترف مسؤول قيادي آخر في الحركة ان هناك علاقات وثيقة بين حماس والحركات الاسلامية في دول عدة يذكر منها، خصوصاً، الاردن الاخوان المسلمين الجزائر المقصود بذلك الجبهة الاسلامية للانقاذ السودان المقصود بذلك الجبهة القومية الاسلامية بزعامة الدكتور حسن الترابي تونس المقصود بذلك حزب "النهضة المنحل بزعامة راشد الغنوشي. وهذه الحركات اصولية.
4 - الواضح ان حماس تعتبر نفسها المنافس الرئيسي الوحيد لقيادة منظمة التحرير وتسعى الى ممارسة هذا الدور، ضمناً او علناً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.