تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    سجن سعد الصغير 3 سنوات    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    حرفية سعودية    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    «الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    فصل التوائم.. أطفال سفراء    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    ضاحية بيروت.. دمار شامل    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    ألوان الطيف    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقابلة خاصة مع الشيخ الضرير الزعيم الفعلي "للجماعة الاسلامية" في مصر - عمر عبدالرحمن في حديث خطير الى "الوسط": صدام حسين اعتدى على الامة الاسلامية ومن يعتدي على حقوق شعبه وجيرانه يجب أن يعزل ، تستطيع اسرائيل أن تبقى شرط عدم الاعتداء على الآخرين
نشر في الحياة يوم 15 - 03 - 1993

هل يجب اجراء مقابلة صحافية مع الشيخ الضرير عمر عبدالرحمن، الزعيم الفعلي "للجماعة الاسلامية" في مصر، المقيم في الولايات المتحدة منذ 1990، وهو الرجل الذي عارض رؤساء مصر الثلاثة: جمال عبدالناصر الذي وصفه بأنه "فرعون مصر" واتهمه "بالكفر والالحاد لأنه أحضر الروس الى هذا البلد"، انور السادات بسبب توقيعه معاهدة السلام مع اسرائيل، وحسني مبارك الذي يقول عبدالرحمن عن نظامه انه "غير ديموقراطي"؟ وأية اسئلة يجب ان توجه الى عمر عبدالرحمن؟
الواقع ان عمر عبدالرحمن من مواليد 1938 ليس رجل دين "عادياً". واذا كانت وسائل الاعلام العالمية سلطت الاضواء عليه في الأيام القليلة الماضية بسبب ارتباط اسمه بعملية تفجير "المركز التجاري الدولي" في نيويورك - على رغم ادانته لها - لكون المتهم الرئيسي في هذه العملية محمد سلامة من اتباعه... اذا كان هذا هو حاله اليوم، فان اسم هذا الشيخ الضرير ارتبط - بشكل او آخر - بأعمال العنف والاغتيالات. ولنتوقف عند ابرز المحطات في سجله.
1 - برز اسم عمر عبدالرحمن بقوة في الساحة المصرية، وللمرة الأولى، بعد اغتيال الرئيس انور السادات في تشرين الأول اكتوبر 1981. فقد وجهت اليه الاتهامات بأنه هو الذي أفتى باغتيال السادات. ويعترف عبود الزمر - المعتقل في عملية اغتيال السادات - ان عمر عبدالرحمن هو الذي اصدر فتوى اغتيال السادات "لأنه كافر" وذلك قبل حادث المنصة بأشهر، لكنه وضع شرطاً وهو ان تتاح للسادات "الفرصة للرجوع عن كفره". وبعد اغتيال السادات اتهم عبدالرحمن في قضيتين: الأولى خاصة بتنظيم الجهاد، باعتباره المنظّر الوحيد والزعيم الروحي له، والثانية لتحريضه المصلين في الفيوم على التظاهر والتخريب والاعتداء على رجال الشرطة وسياراتهم. ووضع في السجن ثم افرج عنه.
2 - في نهاية الثمانينات اصدر عمر عبدالرحمن - وفقاً لتقارير اجهزة الامن المصرية - فتوى باغتيال بعض الشخصيات المهمة من الوزراء والكتّاب والفنانين ضمت، وفقاً للمصادر نفسها، وزير الداخلية السابق زكي بدر وأنيس منصور ونجيب محفوظ وليلى علوي وفرج فودة وعادل إمام وآخرين. وغادر عبدالرحمن مصر الى الولايات المتحدة، بعدما مر بالسودان وسويسرا، في مطلع صيف 1990.
3 - يعتبر عمر عبدالرحمن الزعيم الفعلي "للجماعة الاسلامية" في مصر التي تنبثق عنها تنظيمات عدة منها تنظيم الجهاد. وهو، من هذا المنطلق، ومن مقر اقامته في الولايات المتحدة في ولايتي نيويورك ونيوجرسي، اخذ خلال الاشهر الماضية يقود ويحرك مجموعات من الاصوليين والمتشددين في مصر، ويحرض هؤلاء على الحكومة والنظام في مصر. ويرسل عبدالرحمن تعليماته الى انصاره في مصر، إما عن طريق اتصالات هاتفية يومية او عن طريق اشرطة مسجلة. وضمن هذا النطاق قاد عبدالرحمن حملة ضد السياح والسياحة في مصر، وأخذ يبلغ انصاره ان "السياح يجب أن يبقوا خارج مصر ولا يأتوا اليها" وان "مصر لا تحتاج اليهم". ويعترف انصاره ومؤيدوه في مصر: "اننا لا نصدر رأياً او نتخذ موقفاً من دون الرجوع الى عمر عبدالرحمن وهذا دفع بعض المسؤولين المصريين الى اتهام عبدالرحمن بأنه هو الذي شجع او حرض عناصر مصرية متطرفة على شن هجمات على السياح والمراكز السياحية.
4 - تربط عمر عبدالرحمن "علاقات قوية" بالدكتور حسن الترابي زعيم الجبهة القومية الاسلامية في السودان. وتتفق مصادر رسمية مصرية وتونسية وجزائرية مطلعة على القول، ان هناك "تنظيماً اصولياً دولياً" يضم اكثر من حركة ومجموعة اصولية واسلامية متشددة ويتبع العنف سبيلاً لتحقيق دعوته ويتميز بالتنسيق الدقيق بين عناصره. ووفقاً لهذه المصادر فان رموز التنظيم الاصولي العالمي أربعة اشخاص وهم: الدكتور حسن الترابي، عمر عبدالرحمن، عباسي مدني زعيم "الجبهة الاسلامية للانقاذ" المحظورة في الجزائر وراشد الغنوشي زعيم حركة "النهضة" المنحلة في تونس.
الاقامة في اميركا
ماذا يفعل عمر عبدالرحمن في الولايات المتحدة؟
1 - دخل عمر عبدالرحمن الى الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية صيف 1990 ولم تعتقله السلطات الاميركية على رغم ان مسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية يعترفون "بأن اسم عبدالرحمن يندرج على لائحة الاشخاص المشتبه بقيامهم بأعمال ارهابية". وقد حققت السلطات الاميركية اكثر من مرة مع عبدالرحمن، لأسباب مختلفة، لكنها لم تتخذ الى الآن قراراً بابعاده عن البلاد.
2 - يعمل عمر عبدالرحمن كواعظ ويلقي خطباً في بعض المساجد في نيويورك ونيوجرسي وله اتباعه، ومنهم المتهمان اللذان اعتقلا في قضية تفجير "المركز التجاري الدولي" وهما محمد سلامة وابراهيم الغبروني، احد اقرباء سيد نصير الذي اتهم عام 1990 باغتيال الحاخام الاسرائيلي المتطرف مئير كاهانا.
3 - ارتبط اسم عبدالرحمن، بصورة غير مباشرة، بعملية اغتيال كاهانا، اذ اعلن ان سيد نصير من المنتمين الى جماعته، وتحرك الى جانب عدد من العناصر السودانية والتونسية والفلسطينية اثناء محاكمة نصير لمؤازرته. وتمت تبرئة نصير من تهمة قتل كاهانا، لكن حكم عليه بالسجن بتهم اخرى منها حيازته اسلحة ومتفجرات.
هل يجب، اذن، اجراء مقابلة صحافية مع عمر عبدالرحمن، على رغم سجله الحافل هذا؟ طرحنا على انفسنا هذا السؤال وتوصلنا الى القناعة الآتية: "اجراء مقابلة صحافية مع عمر عبدالرحمن لا يعني اطلاقاً تبني افكاره ومواقفه او تأييدها. فالهدف ليس الترويج لأفكار عمر عبدالرحمن او الدعاية لها. والمهم في مثل هذه المقابلة الاسئلة التي توجه الى عمر عبدالرحمن والطريقة التي يتم بها الحوار معه. فليس الهدف من الحوار معه الاكتفاء بنشر آراء معروفة له، معادية وعنيفة ضد النظام والحكومة في مصر، كما لا يمكن قبول ما يقوله من دون نقاش، بل لا بد من النقاش ولا بد من اظهار التناقض، حين يكون هناك تناقض، بين اقواله وأعمال اتباعه ومؤيديه في الساحة المصرية. والهدف من المقابلة يجب ان يكون كشف جوانب جديدة من شخصية وطريقة تفكير عمر عبدالرحمن".
على هذا الاساس أجرت "الوسط" مقابلة خاصة مع عمر عبدالرحمن. وقام بهذه المهمة ايان وليامس مراسل "الوسط" في نيويورك الذي التقى الشيخ الضرير في شقته في مدينة جيرسي لمدة ساعتين، قبل اعتقال محمد سلامة المتهم في عملية تفجير "المركز التجاري الدولي" في نيويورك.
وللأمانة لا بد من توضيح الامور الآتية:
1 - "الوسط" لم تنشر كل ما قاله عمر عبدالرحمن، بل حذفنا من المقابلة مقاطع عدة، خصوصاً ما يتعلق منها بالحملة على النظام والحكومة في مصر، من جهة لأن بعضها مكرر ومن جهة ثانية لأن مضمونها يتميز بالحدة الشديدة. لكن خلاصة كلامه عن مصر تبين ان عمر عبدالرحمن "معاد أشد العداء" للنظام وللسلطة القائمة في بلده.
2 - لم نكتف بنشر المقابلة على طريقة سؤال وجواب بل حرصنا على التعليق على بعض اقوال ومواقف عمر عبدالرحمن.
3 - ايان وليامس مراسلنا في نيويورك اجرى المقابلة، اما التعليقات والتحليلات فقام بها المحرر الديبلوماسي لپ"الوسط".
الحوار مع عمر عبدالرحمن
وفي ما يأتي المقابلة مع عمر عبدالرحمن.
"تعتبر السلطات الاميركية الشيخ عمر عبدالرحمن رجلاً خطراً"، وتهدد بطرده، لكنها، مع ذلك، لم تقدم على هذه الخطوة حتى الآن. ويعيش الشيخ الضرير في نيوجيرسي وهي مدينة صناعية بشعة على ضفة نهر هدسون المقابلة لمانهاتن. لكنه تحدث في المقابلة مع "الوسط" من "منزل آمن" وهو شقة في الدور الرابع مكدسة بالكتب في مدينة جيرسي. وبينما كانت "الوسط" تتحدث اليه كانت هناك مجموعة من أتباعه تجلس في الغرفة وتبتسم كلما رأت ان عمر عبدالرحمن أفصح عن "نقطة جيدة".
إجراء المقابلات مع عمر عبدالرحمن ليس بالأمر السهل، مع انه من الصعب على المرء ان يعرف اذا كان السبب في ذلك هو الناحية الامنية أو عدم كفاءة اتباعه. وهو يخطب في جموع المصلين في مسجدين، احدهما في نيوجيرسي والثاني في بروكلين على الجانب الآخر من مدينة نيويورك. وعلى رغم اتصالنا هاتفياً بالمكانين مرات عدة فاننا لم نتلق اي رد، الى ان التقينا مصادفة بأحمد احد اتباعه الذي رتب اجراء المقابلة خلال اسبوع، وبعد ان حذرنا من "تشويه" ما يقوله الشيخ عمر، مثلما فعلت الصحافة الغربية.
وقد بدا واضحاً طوال المقابلة ان عمر عبدالرحمن لديه "قضية محددة واحدة" - على حد قوله - وهي معارضة النظام المصري.
بدأ الحوار بالحديث عن مصر وسألنا عمر عبدالرحمن عن "رأيه" بامكانات "التعايش" بين المسلمين والمسيحيين في مصر اجاب: "ليست هناك أقلية اخرى، كالاقباط في مصر، لديها مثل هذه الامتيازات او تتمتع بمثل هذه الحرية، ولا تواجه مشاعر معادية. فالاسلام يعترف بحقوق الديانات الاخرى، ولهذا فان المسلمين منحوا المسيحيين جميع الحقوق التي للمسلمين. فهم يحافظون على اموالهم وإرثهم وحياتهم وما الى ذلك. وإذا ما عدت الى التاريخ سترى ذلك. اذ ليس هناك نزاع بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وإنما الحكومة هي التي تلفق ذلك... ان هناك من يحبونني بين الاقباط في مصر".
وسألنا الشيخ عمر، اذا كان مثل هذا التسامح يشمل اليهود، فقال: "انني لا أعارض سوى أولئك اليهود الذين يعارضون حقوق الآخرين. مثل الذين يعتدون على حقوق المسلمين في فلسطين". وحين سألناه عن تفصيلات أدق لما يرى انه يجب ان يحدث في فلسطين تفادى الرد بصراحة وقال: "انا لست رجل سياسة لمعالجة اوضاع كهذه. ولكن على الذين اعتدوا على حقوق الآخرين ان يعيدوا تلك الحقوق. أعني المسلمين في فلسطين. فالمبعدون الفلسطينيون ليسوا سوى احدث حلقة. وعندما يحصل الفلسطينيون على حقوقهم ويستردونها فانه ربما يكون هناك سلام".
هل تعني حقوقهم في كل فلسطين أو الأراضي المحتلة عام 1967 فقط؟
قال: "هذه القضية يمكن ان يحكم عليها اناس منصفون، ويجب ان يحصل الفلسطينيون على كامل حقوقهم". ولكن من هم أولئك الناس المنصفون؟ يرد بسؤال: "وهل ترى أي أناس عادلين على الأرض؟" إذن هل تقصد الأمم المتحدة؟ "كلا. فهي الأمم المتحدة الاميركية".
الاعتراف بوجود اسرائيل
قلنا لعمر عبدالرحمن:
- لكن منظمة التحرير الفلسطينية مستعدة للاعتراف بوجود اسرائيل ضمن حدود 1967، فهل يؤيد ذلك وهل يعتبر هذا الحل عادلاً؟
أجاب: "يجب أن تكون جميع الاطراف الفلسطينية ممثلة في مثل هذا الاتفاق" وهل تعني حماس؟ "قلت جميع الاطراف".
وسألناه:
ماذا عن اسرائيل؟ هل تعترف بوجود اسرائيل؟
أجاب: "مع أنني قلت انني لست رجل سياسة، وأنا أمثل قضية محددة فانني أود أن أقول انه يجب معاقبة كل معتد على عدوانه". هل يحق لاسرائيل ان تبقى كدولة؟ قال: "اذا ارادت اسرائيل ان تبقى فان عليها ألا ترتكب العدوان ضد الآخرين. فهل يمكن لدولة ان تبقى بالقضاء على دولة اخرى؟ ان في وسع اسرائيل ان تبقى ما طاب لها، ولكن عليها ألا ترتكب العدوان ضد جيرانها". اذن ما رأيه في اتفاقات كامب ديفىد؟ "كانت معاهدة غير منصفة وغير عادلة - ولا أريد الخوض في التفاصيل". وكيف يرد الشيخ عمر على الاتهامات التي وجهت اليه بأنه يتآمر على الاطاحة بالحكومة المصرية واسرائيل؟
يضحك ويقول: "واسرائيل أيضاً"؟
ثم يبدأ بشن حملة على النظام والحكومة في مصر، ويكرر، في هذا المجال، ما سبق له ان قاله في مناسبات عدة سابقاً. ويعتبر عبدالرحمن انه "ليست هناك حرية او ديموقراطية في مصر" وان نتائج الانتخابات "مزورة". وسألناه:
- هل لديك اي دليل او اثبات على ان الانتخابات كانت مزورة؟ فأجاب:
- الناس يعرفون في قرارة انفسهم ان هذه النتائج مزورة.
قلنا لعمر عبدالرحمن:
هل تؤمن بالديموقراطية؟
أجاب: "ان في النظام الاسلامي شيئاً اعظم من الديموقراطية الا وهو الشورى. فالشورى تعني الانتخابات والحريات والاعراب عن كل رأي سليم يمكن المحاججة فيه بقوة".
اذا كان الشيخ عمر ممن لا يقيمون وزناً كبيراً للحضارة الغربية، فلماذا يصر على البقاء اذن في الولايات المتحدة؟
قال: "انني لا أريد البقاء في الولايات المتحدة. اما بالنسبة الى الحضارة الغربية فان العكس هو الذي يحدث. اذ ان الحضارة الغربية هي التي تعارض المسلمين. فالحضارة الغربية تساعد على ضرب كل حركة مسلمة".
ويندفع عمر عبدالرحمن في حديثه عن مسألة "محاربة الحضارة الغربية للحركات الاسلامية" لكنه لا يقدم اية أدلة او امثلة محددة عن هذه "الحرب". ولا يوضح، خصوصاً، ما المقصود بالحركات الاسلامية: هل المقصود بذلك بعض القوى والتنظيمات التي تستخدم، في بعض البلدان العربية، العنف لمحاولة تحقيق اهدافها؟ ثم أين تقع "مسؤولية الحضارة الغربية" اذا اتخذت الحكومات في مصر والجزائر وتونس ودول اخرى اجراءات مشددة ضد عناصر تزعم انها تتحرك باسم الاسلام وتقوم بأعمال تفجير واغتيالات ضد رموز السلطة ومراكزها؟
الاقوال والافعال
وينتقل الحوار بعد ذلك الى موضوع حساس آخر هو السياحة. وسألنا عمر عبدالرحمن اذا كان يؤيد الهجمات التي يتعرض لها السياح الاجانب في مصر - وأدت الى مقتل عدد منهم - وهي هجمات اضرت بالاقتصاد المصري والحقت خسائر مادية كبيرة ببلده؟ ويجيب عبدالرحمن عن هذا السؤال بالتمييز بين السياحة "الحلال" والسياحة "الحرام"، ثم يقول انه لم يدع الى قتل السياح، وان الذين يشنون هجمات على السياح في مصر يريدون تأمين الافراج عن اقارب لهم معتقلين في السجون المصرية! ولا بد من التوقف قليلاً عند هذه النقطة، اذ ان هناك تناقضاً بين اقوال عمر عبدالرحمن وأعمال انصاره واتباعه ومؤيديه في مصر. صحيح ان عمر عبدالرحمن لم يدع صراحة الى قتل السياح في مصر لكنه شن حملة عنيفة جداً ضدهم، في مقابلة صحافية صدرت في الغرب، ورافقت هذه الحملة هجمات على السياح قامت بها عناصر "متطرفة" تنتمي الى تنظيمات متفرعة عن "الجماعة الاسلامية".
"صدام اعتدى على الامة الاسلامية"
اذا ما تقرر طرد الشيخ عمر من الولايات المتحدة، الى أين يود الذهاب؟ مرة اخرى تفادى الاجابة الصريحة وقال: "هناك خمس قارات اضافة الى الولايات المتحدة. كما ان الحكومة المصرية عرضت في السابق أن اعود الى مصر".
لكنه توقع ان يتم اعتقاله في حال عودته. لكن لماذا يمكن ان يقدم المصريون على سجنه؟ "لأنني انتقد الحكومة وأعارضها". ونسأله: هل صحيح انه مسؤول عن اغتيال السادات؟ يجيب: "لقد قضت المحكمة العسكرية بأنني بريء".
اذن ألم تحزن لما حدث للسادات؟ تململ الشيخ عمر واعترض بشدة: "حزنت؟ بكل تأكيد لم أحزن على ما حدث للسادات".
ويعتبر عبدالرحمن ان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان "رديئاً".
ونسأله:
اذا قررت السلطات الاميركية طردك فالى اين ستذهب؟ هل تذهب الى الجزائر ام الى السودان أم الى بلد آخر؟ يضحك ويقول: "انني احرص على عدم التحديد".
ومهما يكن من أمر فانه يبدو ان العراق لا يحتمل ان يكون بين الاماكن التي يحبذ التوجه اليها، لأنه عندما سألناه عن رأيه في صدام حسين كان صريحاً اذ قال: "قبل ان أذكر لك مشاعري تجاه صدام حسين، يجب ان اتحدث عن مشاعري تجاه الشعب العراقي الذي يتعرض للهجوم. ليس هناك من شك في أن صدام اعتدى على الامة الاسلامية وهاجم الكويت وهاجم شعبه ايضاً. فقد هاجم الاكراد وقتل الآلاف منهم".
وسألناه:
هل تتمنى الاطاحة بنظام صدام حسين؟
أجاب: "ليس هناك شك في أن هجمات صدام حسين واعتداءاته المتكررة تعني ان أي مسلم يود ان يراه خارج السلطة. وأي شخص يعتدي على حقوق شعبه وحقوق جيرانه يجب ان يعزل من السلطة". لكنه اضاف الى ذلك القول: "من المؤكد ان الحظر لا يؤذي صدام او عصابته وإنما يؤذي الشعب العراقي".
ولدى سؤاله عن بعض الحكومات التي تتهمها المنظمات الغربية بانتهاك حقوق الانسان، مثل السودان، يعود الى انتهاج الخط العام في الاجابة ويقول: "انا لست رجل سياسة. فأنا رجل قضية محددة وهي معارضة الاضطهاد والقمع" في مصر.
ونسأله:
هل لديك برنامج محدد للشعب المصري؟
ويبدو واضحاً من رده ان لا برنامج لديه اذ قال: "تعالوا واستمعوا الى محاضراتي في هذه المواضيع. فمثل هذه الاسئلة والقضايا لا يمكن معالجتها في مقابلة صحافية. كل شيء جاهز. والحكومة لن تتشكل مني أو من أتباعي".
كذلك ينفي الشيخ عمر ان يكون له أي دور في التحريض على قتل اناس مثل الحاخام مائير كاهانا. لكن القضية الاساسية التي اعدتها دائرة الهجرة الاميركية ضد الشيخ عمر هي ان له اكثر من زوجة. وحين سئل عن عدد زوجاته قال: "هذه مسألة شخصية". ومع ذلك فهو يضيف القول: "مع انها مسألة شخصية فانه ليس لي عائلة هنا او زوجة هنا ولكنني أبحث عن زوجة". ويبتسم الشيخ ويقول: "لقد قال وزير الداخلية المصري انني متزوج من اميركية سوداء".
وكم اذن عدد اتباعه؟ "ان كل الذين يؤمنون بالعدالة هم أتباعي. وكل من يعشق الحقيقة من اتباعي". الا انه بدا عليه الانزعاج الواضح عندما قلنا له ان تقرير مكتب التحقيقات الفيديرالي اف.بي.آي يقدر اتباعه بمئة وخمسين شخصاً فقط، اذ قال: "أين وردت هذه الأرقام؟".
وهل هناك أي علاقة بين الشيخ عمر ومنظمات اخرى مثل حماس او الجبهة الاسلامية للانقاذ في الجزائر او الاخوان المسلمين في الاردن؟ اجاب رداً على هذا السؤال: "علاقة المحبة والدعاء لها بالنصر".
بعدما امضيت ساعتين مع عمر عبدالرحمن تذكرت عبارة قالها لي ديبلوماسي مصري: "هناك مبالغة كبيرة في تقدير قوة ونفوذ عمر عبدالرحمن".
ملاحظات
ولا بد من تسجيل الملاحظات الآتية على ما ورد في هذه المقابلة مع عمر عبدالرحمن:
1 - للمرة الاولى يعترف عبدالرحمن، ضمناً، بوجود اسرائيل اذ يقول في حواره مع "الوسط": "تستطيع اسرائيل ان تبقى لكن عليها الا ترتكب العدوان ضد جيرانها".
2 - للمرة الاولى يهاجم عمر عبدالرحمن بعنف، صدام حسين ويدعو ضمناً الى الاطاحة به.
3 - يعترف عمر عبدالرحمن بأنه ليس لديه أي برنامج محدد لمصر ولشعب مصر، لكنه يصر على شن حملة قوية ضد النظام والحكومة فيها.
4 - يتحدث عمر عبدالرحمن وكأنه ينطق باسم "المسلمين" في العالم أو "الحركات الاسلامية"، ويوجه اتهامات عامة من دون ان يقدم ادلة محددة على ما يقوله.
5 - لم يشرح عمر عبدالرحمن الاسباب التي تدفع السلطات الاميركية الى الامتناع عن ابعاده عن البلاد.
6 - يبدي عمر عبدالرحمن انزعاجاً واضحاً حين يقول له البعض "ان عدد اتباعك لا يتجاوز المئتين".
كيف دخل عمر عبدالرحمن الى الولايات المتحدة ؟
اعترفت وزارة الخارجية الاميركية، في بيان رسمي لها، ان الشيخ عمر عبدالرحمن دخل الى الولايات المتحدة وأقام فيها "نتيجة اخطاء بيروقراطية"، وكشفت انه حصل على تأشيرة دخول اليها من السفارة الاميركية في الخرطوم.
وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر ان الشيخ عمر عبد الرحمن حصل على اجازة العمل والاقامة مع ان اسمه كان وارداً على "اللائحة الحمراء" للأشخاص غير المرغوب بهم في الولايات المتحدة وذلك بسبب "الدور الذي يضطلع به منذ فترة طويلة في التحريض على العنف". وكان عبدالرحمن قدم طلباً للحصول على تأشيرة دخول سياحية من السفارة الاميركية في السودان في تموز يوليو 1990. وأوضح باوتشر ان عبدالرحمن حصل بالفعل على التأشيرة عن طريق "الخطأ" لأن موظفي السفارة الاميركية في الخرطوم لم يلاحظوا ان اسم الشيخ وارد على "اللائحة الحمراء" وتم الغاء هذه التأشيرة في السادس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر 1990. ومع ذلك فان عبدالرحمن تمكن من الدخول الى الولايات المتحدة عبر مطار كينيدي في نيويورك في السادس عشر من كانون الأول ديسمبر 1990 بتأشيرة دخول ملغاة كما افادت سلطات الهجرة الاميركية. ومن ثم تقدم بطلب اقامة وحصل عليها "مستغلاً اخطاء بيروقراطية لا سيما الكتابات المختلفة لاسمه وتدوين اليوم والشهر اللذين ولد فيهما بشكل معاكس" وفقاً لما ذكرته المصادر الاميركية الرسمية. وقد الغيت اجازة الاقامة هذه في آذار مارس 1992.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.