تحوّل موقف زعيم "الجماعة الاسلامية" الدكتور عمر عبدالرحمن من قضية العنف لغزاً إثر التناقض بين ما نقل عنه أخيراً من دعوة الى السلم وبين وصيته التي اعلنت شبكة "سي إن إن" الاميركية مساء الأحد انه تركها وأوصى فيها ابناءه بالانتقام من الولاياتالمتحدة. وكان الشيخ الضرير أصدر بياناً قبل أيام أحدث ردود فعل واسعة في اوساط الاسلاميين بارك فيه دعوة اطلقها محاميه في مصر السيد منتصر الزيات ل "تأسيس جبهة اسلامية عالمية تعتمد الوسائل السلمية للدفاع عن الاسلام". ودعا الشيخ الفصائل والجماعات الاسلامية بمختلف مسمياتها الى "الاتحاد بهدف نشر الدعوة الاسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالخطابة والكتابة والدرس والنصيحة والتعليم والحوار واظهار عظمة الاسلام". وليس سراً ان مواقف الاسلاميين المصريين المنتشرين في الخارج متباينة تجاه قضية العنف. ومنذ وقوع حادثة الاقصر قبل نحو عام، ظهر على السطح حجم التناقض والخلاف بين فريقين احدهما ايد العملية واعلن تبني "الجماعة الاسلامية" لها وآخر عارضها ونفى ان يكون التنظيم رتب لها من الخارج. وبغض النظر عن التقاء الفريقين في نهاية الطريق واتفاقهما على تجاوز الخلاف "حرصاً على وحدة الجماعة"، إلا ان ما يصدر عن القادة التاريخيين للتنظيم الذين يقضون عقوبة بالسجن في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات من بيانات تعتمد الاتجاه السلمي وكذلك ما يتمكن الشيخ الضرير من تسريبه من آراء أو بيانات ظل يجد لدى كل فريق ردَّ فعلٍ مختلفاً عن الفريق الآخر. ف "البيان السلمي" لعبدالرحمن حظي بتأييد القادة السجناء ومن يتبنون توجهاتهم من المقيمين في الخارج، في حين روج المعارضون للاتجاه السلمي لموضوع "الوصية" بل وذهب بعضهم الى حد اعلان انهم اطّلعوا عليها. وعلى رغم ان عبدالرحمن يُعد الأمير العام ل "الجماعة الاسلامية"، إلا ان اهميته تكمن في ان جماعات وتنظيمات اسلامية أخرى تعتبره زعيماً روحياً لها حتى انها هددت الولاياتالمتحدة مراراً بالانتقام منذ اعتقال الشيخ هناك والحكم عليه بالسجن مدى الحياة في قضية خطة تفجيرات في نيويورك. وحينما تمكن عبدالرحمن من الحديث عما يتعرض له من اجراءات اعتبر إنها عقابية ضده من جانب ادارة السجن الموجود فيه سواء عبر مكالماته الهاتفية مع افراد اسرته أو عن طريق زواره، جاء قطع المكالمات عنه ومنع الزيارة ليزيد من كثافة التهديدات التي تطلقها منظمات اسلامية مختلفة عملاً بمبدأ "نصرة الشيخ كعالم اسلامي محتجز في سجون الكفار". وحينما سألت "الحياة" السيد رامزي كلارك المحامي الاميركي للشيخ اثناء زيارته للقاهرة عن حقيقة مواقف موكله تجاه قضية العنف، اكد ان عبدالرحمن يساند كل اتجاه سلمي ويعارض العنف من اجل العنف وان ما يتعرض له من اجراءات داخل السجن يعود الى كونه "شخصية اسلامية بارزة" وليس لانه مساند للعنف أو اعماله. واكد كلارك ان البيان الذي اصدره الشيخ وبارك فيه مبادرة وقف العنف صحيح وصدر عنه من دون اي ضغوط. ولأن المحامي الزيات كان طرفاً في قضية بيان عبدالرحمن السلمي الاخير فإن "الحياة" سألته عن التناقض بين ما جاء في "بيانات الشيخ السلمية" والحديث عن وصيته. فعتب الزيات على من "أفشوا" ما جاء في الوصية "اذا كانت صحيحة". وقال: "الوصية أمر سري لا يجب ان يطلع عليها أي شخص قبل وفاة صاحبها الذي يكتبها ويطلب عدم كشفها إلا بعد وفاته". ولفت الى ان الوصية "تحمل مكنونات الشخص وسره الحقيقي وما لم يرد ان يتحدث عنه اثناء حياته". واعتبر ان كشف ما جاء في الوصية "يُخل بعرف عام ويحولها الى مجرد بيان أو تصريح". واضاف: "لا نعرف مدى صدق المعلومات حول موضوع الوصية. لكن ما لدي من معلومات يؤكد ان بيانه السلمي الاخير صحيح. وصادر عنه. كما ان معاملته السيئة في السجون الاميركية أمر مُحقق منه ولا يتعارض هذا مع ذاك". لكنه تابع: "يستحق اللوم من انتهك حرمة الوصية اذا كانت صحيحة".