إعلان الحكومة السودانية عن شق قناتين للري في منطقتي كنانة والرهد بين النيلين الازرق والابيض لري حوالي 5،1 مليون فدان ورفع سد الروصيرص، هذا الاعلان من المتوقع ان يسبب قلقاً لمصر التي ظلت تستفيد من كمية مياه تراوح بين 4و6 مليارات متر مكعب هي اساساً من حصة السودان لكنها تذهب هدراً وراء السد العالي. ووفق اتفاقية مياه النيل الاولى بين مصر والسودان لعام 1929، فان حصة مصر كانت 48 مليار متر مكعب من مياه النيل وحصة السودان 4 مليارات متر. ويقول وزير الري السوداني الدكتور يعقوب ابو شبورة ان هذه الاتفاقية الموقعة قبل استقلال السودان تنص على تخصيص ايراد النيل الطبيعي في السودان خلال الفترة بين 19 كانون الثاني يناير و15 تموز يوليو من كل عام لمصر، باعتبار انها فترة حرجة بالنسبة الى مصر، على ان يستفيد السودان خلال هذه الفترة من مخزون سد سنار في اواسط البلاد، واعتبار ان نصيب كل بلد اصبح حقاً مكتسباً له. وفي عام 1959 تم تعديل اتفاقية مياه النيل فحصل السودان على كمية اضافية بلغت 5،14 مليار متر مكعب لتصبح حصته الاجمالية 5،18 مليار متر مكعب، فيما حصلت مصر على 5،7 مليار متر مكعب اضافية لتصبح حصتها 55 مليار متر مكعب، باعتبار ان متوسط ايراد النهر يبلغ 84 مليار متر، منها 10 مليارات تتبخر سنوياً. واعتبر خبراء ان مصر ظلت مطمئنة الى ان السودان لن يستطيع تنفيذ مشاريع مائية كبرى من حصته نظراً الى كلفتها العالية. لذلك يعتقد هؤلاء الخبراء ان قيام الرئيس السوداني عمر البشير بتنفيذ ضربة البداية لحفر قناتي الرهد وكنانة وتعلية سد الروصيرص يشكل "مفاجأة" لمصر، خصوصاً ان هذه المشاريع تعطل تنفيذها لأكثر من 30 عاماً بسبب عدم توفير التمويل لها، البالغ حوالي 300 مليون دولار، من مؤسسات التمويل الدولية والصناديق العربية. وتكمن مشكلة مصر - هبة النيل - في ان سكانها سيبلغون حوالي 70 مليوناً في نهاية هذا العقد، وهي لذلك تحتاج الى زيادة ايراداتها من المياه. ولهذا حرصت باستمرار على المحافظة على علاقات جيدة مع دول حوض النيل، خصوصاً اثيوبيا التي يأتي منها وحدها حوالي 80 في المئة من حجم ايراد النيل، عبر النيل الازرق. ولهذا ايضاً ظلت مصر تسعى في الماضي للتوسط بين السودان وأثيوبيا، واعترضت على أية مشاريع لأثيوبيا لاقامة سدود على النيل، على رغم ان اثيوبيا ظلت لا تعترف باتفاقية مياه النيل بين مصر والسودان، خصوصاً ان مشاريع أديس ابابا تزامنت مع انخفاض منسوب النهر بسبب الجفاف الذي ضرب الهضبة الاثيوبية في الثمانينات وأدى الى انخفاض انتاج الكهرباء التي يولدها السد العالي في مصر. وعلى رغم ان مصر والسودان ينفذان مشاريع عدة للاستفادة من كمية مياه تبلغ بين 11 و18 مليار متر مكعب تذهب هدراً بسبب التبخر في مستنقعات الجنوب، تتم كلها في اطار الهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل بين البلدين منها قناة جونقلي الذي تعطل العمل فيه بسبب الحرب الاهلية في الجنوب، الا ان هذه المشاريع لن تكون فعّالة في اجواء التوتر الحالية بين البلدين. وكان وكيل اول وزارة الري السوداني الدكتور احمد ادم قال في ختام اجتماعات عقدت في السودان لبحث وضع مياه النيل حتى عام 2000، ان السودان لا يعرقل انسياب مياه النيل لمصر، وانه يحترم المواثيق الدولية الخاصة بمياه النيل مع مصر. ونفى ان يكون السودان يفكر في ضرب السد العالي مؤكداً حق بلاده في استغلال باقي حصتها من مياه النيل البالغة ما بين 4 و6 مليارات متر مكعب. وأعلن المسؤول السوداني ان بلاده مستعدة لانشاء مشاريع مشتركة للمياه مع مصر للاستفادة من فاقد مياه النيل في مستنقعات الجنوب التي قال انه قد يصل الى 36 مليار متر مكعب.