أطلت عروض الازياء الراقية لربيع وصيف 1993 في باريس اخيراً في أبهتها المعروفة التي رافقتها كالعادة الاضواء الفنية والاعلامية. لكن ليس دون بصمات خاصة هذه المرة وأهمها التغيرات التي جاشت في عالمها خلال الفترة التي سبقت العروض، والتي نتجت عن الازمات العالمية المتعدد. من كان له "حظ" مشاهدة عروض الازياء الراقية لربيع وصيف 1993، شعر بنسمات التغيّر مقبلة من ريح قوية كانت هبت في الاجواء المذكورة، فالاعلام لم يهادن أحداث التغيرات التي وقعت في دور الازياء الكبيرة التي لم "تغيّر" من عادتها في اقامة العروض في ارقى الفنادق الباريسية التي تحكي زخارف ورسوم سقوفها الكثير عن المجد الفني في القرنين الماضيين، حتى وزير الصناعة الفرنسية "دومينيك شتراوس" كان أدلى برأيه في موضوع الازياء الراقية ودعا الى اتخاذ تدابير عملية بشأن ديمومتها. نظر في "قوانين" أو قواعد هذه الموضة التي تعود الى 1945، السنة التي انتهت فيها الحرب العالمية الثانية وصارت بداية لانطلاقة نحو عالم الفن والسينما والعطور ونسيان المآسي. ووضع الوزير نصب عينيه هدفين لاصلاح قوانين الموضة الراقية: تسهيل وصول المواهب الشابة الى عالم كبار المصممين وحيازة "الماركة التجارية" الخاصة بهم، وشدّ الروابط بين هذه المهنة وبين الصناعات الاخرى القريبة منها. كان هذا التدبير بمثابة "زهيرة" رائعة تضيف بعض الأريج الى أنف فرنسا التي تحتل مكانة كبيرة في عالم الازياء الراقية في انحاء الكرة الأرضية. ففي سنة 1990 وصلت ارقام مبيعات هذه الموضة الى 273 مليون فرنك حسب المجلة التي تهتم بالصناعات النسيجية وبالألبسة. وقد تشكل فريق عمل للنظر في قوانين الموضة الراقية برئاسة "ديديه غرومباخ" المدير العام لأعمال المصمم تييري موغلر ومدير المعهد الفرنسي للموضة. من جملة الاقتراحات التي قدمت لتحسين قوانين الموضة الراقية توضيح مكانة المصممين والتخفيف من عروض الموضة وبعض الامور المتعلقة بممارسة المهنة. كان بيار كاردان اول من نادى، في العام الماضي، باجراء عرض للازياء الراقية مرة واحدة في السنة بدلاً من مرتين. والأسباب فنية واقتصادية، كان سؤال طرح بهذا الصدد على "جاك موكليه" رئيس غرفة نقابة العاملين في الازياء الراقية، خلال مقابلة تلفزيونية معه بمناسبة عروض الدور الكبيرة الربيعية والصيفية. قيل له: هناك ألف شخصية نسائية من نخبة المجتمع العالمي تصمم دور الازياء الراقية ثيابها. فهل هذا العدد يكفي لأن تعتمد عليه هذه الدور في استمراريتها؟ لم يتردد جاك موكليه في الاجابة ان اكثر من الف صحافي محلي وعالمي يكونون في عروض الازياء هذه. ومما يعكس اهمية هذا المهرجان الفني لعالم الموضة الذي تحمل باريس اسمه، آخر ارقام المبيعات الذي بلغ 293 مليون فرنك، للأزياء الراقية. والرقم لا يستهان به اقتصادياً، اما الجانب الفني منه فمتروك الى الضجة التي يثيرها اعلامياً واجتماعياً. من المعلومات الجديدة عن الواحد والعشرين دار أزياء راقية في باريس، هو ان خمس عشرة منها تقوم على دعم ممولين كبار. فحين تطل ازمة اقتصادية كالتي يجري الكلام عنها في سنة 1993، لا بد من مراجعة الحسابات. يجب التقشف الى حد ما. والتقليل من عدد الموديلات المعروضة يدخل في هذا الاطار. لكن يجب اتخاذ اجراءات في الداخل ايضاً، اقتصادية طبعاً، وإطاحة بعض الرؤوس الفنية احياناً. اذ لا بد من كبش محرقة والتوهم بأن التغيير هو العلاج الناجع. قضية شيرر الصحف الفرنسية ضجت أخيراً بقضية المصمم الكبير جان لوي شيرر الذي كان له باع كبير في عالم الموضة الراقية. وكانت عروض ازيائه الموسمية يحسب لها حساب. في الألوان كان له اختيار، وفي الاقمشة الموسلينية والحريرية والمطرزة والجوخية، كان شديد الدقة في الحرص على الأجمل والأفضل. وفي الموديلات كان متميزاً، غير ان جان لوي شيرر حُذف بجرة قلم من دنيا الازياء الراقية، الياباني "سيبو" ودار "هيرمس" للأزياء الراقية وملحقاتها، هما من اكبر المساهمين في دار شيرر. وهما اللذان أمرا بتسريح شيرر من مهمته الفنية والادارية. فخسارة الدار تبلغ اربعين مليون فرنك سنوياً. القضية اقتصادية اذاً والازمة كبيرة. لكن من الذي حلّ محل جان لوي شيرر في تصميم ازياء ربيع وصيف 1993؟ من سيكون جان لوي شيرر الجديد؟ جميع العيون بعدسات آلات تصويرها راحت تنتظر الحدث الموعود. لقد عُيّن "اريك مورتونس" ليكون سيد الدار "الشيررية" الفني، وقد اعترف منذ وصوله الى الدار بأنه من الصعب خلافة جان لوي شيرر ضمن الاجواء الحالية التي تنجم عليها الازمة الاقتصادية. ومن الصعب ان يكون الانسان سعيداً على حساب شقاء الآخرين. لكن "إيريك مورتونس" قطع الطريق على الألسنة التي قد تغوص اكثر في شؤون الدار العريقة التي صار على رأسها بعد ان تخلى عن امبراطورية "بالمان" للأزياء الشهيرة المنافسة بدورها. قال: "أشعر بالراحة في اجواء دار شيرر التي كنت اخشاها. استقبلت استقبالاً حسناً. شاهدت آخر مجموعتي أزياء لها بواسطة فيديو. لا اعرف اسلوب شيرر في التصميم الا من خلال الصحف، فأنا لم احضر ولا عرض ازياء من عروضه، في الحقيقة أنا كممثل قرأ مسرحية سيلعب دور البطل فيها. حين عرض عليّ لعب الدور فلأنني احمل موهبة ما دون شك. فهمت من خلال العرض ان هناك ازمة اقتصادية. الموضة الراقية لها صيتها ومكانتها العالمية، غير ان الزمن الحالي لا يصلح للتطريز". يفهم فوراً من كلمة التطريز ان هذا يكلف غالياً جداً. وقد تكون هناك موضة راقية فنية جداً، لكن من دون تطريز. ولا يمكن لايريك مورتونس ان ينسى جان لوي شيرر وهو يقدم أول عرض بعد رحيله. وتواكب هذه التغيرات في دار شيرر تغيرات من نوع آخر في دار ايف سان لوران. والتغيرات هنا اختيارية لا اكراهية. وأساسها طبعاً الازمة الاقتصادية. فبيار بيرجه هو رئيس مؤسسة ايف سان لوران ومديرها العام. ويشكل مع ايف سان لوران العمود الفقري للدار لأن معظم الأسهم تعود اليهما. لذا فالقرار بشأنها عائد للاداري بيرجه وللمصمم البارع ايف سان لوران. في آخر سنة 1992 بلغت ديون الدار العريقة مبلغ مليار وثمانمئة مليون فرنك فرنسي. وطرحت فكرة مؤسسة ايف سان لوران الى مؤسسة سانوفي الضخمة وهي فرع من شركة "الف اكيتين" الفرنسية الوطنية. وسانوفي التي تهتم بانتاج عطور ومستحضرات ايف روشيه وروجية - كالية، ونينا ريتشي وأوسكار دولارنتا، تضيف اليوم الى جعبتها "الصيدلانية" ايف سان لوران صاحب الاسم الكبير في عالم الموضة الراقية والعطور ومستحضرات التجميل. كانت كاترين دينوف سفيرته الجمالية في ميدان الاخيرة التي اطلقها الى الاسواق قبل مدة. قيل ايضاً ان بيرجه ولوران سيبقيان مستشارين لسانوفي في حقل العطور، مع حصة عشرة ملايين فرنك لكل منهما في السنة. النبأ كان مثلجاً للصدور لأن مستقبل دار ايف سان لوران قد تأمن، وطالما ان الابتكار بقي لإيف. الاقوال كثيرة والاخبار اكثر عن ازمات مشابهة في اكثر من دار، ويكفي الرجوع الى المثلين عن شيرر وعن سان لوران لأخذ فكرة موجزة عما يدور في الكواليس وبين جدران الشؤون المادية. وذلك مع تهادي العارضات في اجمل الموديلات على خشبات الصروح الفخمة تحمل لمسات آخر الابتكارات للربيع والصيف المقبلين. لكن ضمن شد الحزام على الخصور، والتنازل عن التقاليد. فيليب فينة قدم عرضه في صالة داره مع تقنين في عدد الحضور. كارفن طلبت من مصممة الدار الجديدة "جاندرا دي أنديا" استخدام اقصى موهبتها كي تقتصر موديلاتها على ثلاثين فقط عادة، يتضمن اي عرض حوالي المئة موديل وأكثر. مدير دار جيفنتشي الجديد "ريشارد سيمونان" اتخذ جميع التدابير كي يقلل كلفة العرض من 12 مليون فرنك الى ثمانية ملايين فرنك. والدار هذه بصدد دراسة موضوع تسريح ستة وثلاثين عاملاً في وقت قريب. والعرض تضمن خمسة وستين موديلاً بدلاً من مئة في المرة الماضية. التطريز يحني رأسه التطريز أحنى رأسه هذا الموسم. وجاء في المختصر المفيد فقط. لأول مرة تردد ايف سان لوران في اختيار مطرزاته بين الثمانية عشر نموذجاً وضعها فرانسوا لوساج بين يديه. ولوساج صاحب مدرسة في التطريز وسيد هذه المهنة على صعيد عالمي. هو اليوم خائف على مستقبل مدرسته وعلى مواهب تلامذتها. قال: "اذا ما حدث شيء لهذه المدرسة فسأرمي نفسي من النافذة". أضاف: "المصممون طلبوا الاسعار قبل تمرير طلباتهم. لم يكن هذا الامر وارداً قبل الآن. مديرة دار شانيل دعت الى التعقل بشأن ثوب تبلغ كلفة تطريزه مئة ألف فرنك". لكن "شيخوخة" الموضة الراقية لا تزال بعيدة، وهي لن تحدث غداً. أسياد هذه الموضة يقاومون الازمة، لأن الابداع يجب الا يتوقف. كريتسيان دو لاكروا كان في عرضه منسجماً مع ريح العصر. قال: "الأساسي في الموضة هو المهم. وكثير من التطريز قد يكون فخفخة مبالغاً فيها. الموضة المعقدة هي خطأ في سياستها. سأكون متعقلاً ولن اجعل ستين عاملاً في مؤسستي عاطلين عن العمل. الموضة الراقية تقدمت في داري مع المئتي طلب التي تلقيتها لشتاء 1992". كان رأي ايمانويل اونغارو يشابه ما قاله لاكروا. فهو خياط قبل كل شيء، كما يقول. وهو الممول لداره أيضاً: "لو أنني خسرت ملايين الفرنكات كل سنة لكنت اغلقت داري منذ زمان طويل. لقد ولدت خياطاً وأملك حرية الابداع والتصرف. وأنا آخذ في الاعتبار اليوم ان الموضة الراقية تدفع حالياً ثمن السهولة التي لاقتها في الثمانينات. وفي بدايتها بصورة خاصة. في العروض المقبلة سأختصر من الاحتفال. في قاعة داري يكون عرض الموديلات وأمام جمهور مختار بعناية". عافية بعض الدور يبقى ان كريستيان ديور لا يزال بكل صحة وعافية. وهذا على الأقل ما تريد الدار العريقة ان تظهر به. فالحاضرات لعروضه هنّ من النخبة السياسية والارستقراطية. هذه المرّة كانت ضيفة الشرف "دوقة كنت" الأنيقة الساحرة الآتية من لندن لحضور العرض. وأيضاً كانت كلود بومبيدو زوجة الرئيس الراحل جورج بومبيدو، وبرناديت شيراك زوجة جاك شيراك عمدة باريس. مصمم الدار "جيان فرانكو فيري" الذي تهادت ايزابيل ادجاني الى جانبه في العرض الماضي، فخور جداً بعرضه الربيعي والصيفي الجديد. ففي كواليس دار ديور يحتفظ جيان فرانكو، الفنان الغليظ القامة، بعشرات التماثيل لعرض الملابس عليها او ما يقال عنها "مانيكان" أو مجسمات على قياس جسم ما تستخدم لتحقيق الموديلات عليها. ويبلغ عدد هذه حوالى الخمسمائة محفوظة للشهيرات المواظبات على أناقة ديور من دوقة وندسور الى الممثلة الشهيرة الجميلة سيلفي فارتان. وعلى ذكر "المانيكان"، فهذه تخضع للتعديل في كل مرة يطرأ تغيير على جسم صاحبته. أنحف بقليل أو أكثر سمنة. هكذا يضاف أو يحذف بعض الخطوط من على الخصر مثلاً ومن انحاء مختلفة، حسب ما يقتضي الأمر. التغيير الذي حصل في دار بالمان هو مجيء المصمم الاميركي "اوسكار دولارنتا" اليها، قادماً من نيويورك بعد ان قضى في مهنة التصميم مدة اربعة وعشرين عاماً. طبعاً، هذا يعني ان بعض رياح التجديد تهب على الدار البالمانية بمناسبة الزواج الرابع لها من مصمم ذائع الصيت، وقع معاهدة على الاستمرار في كنفها لمدة ثلاث سنوات. حسب قوله، فليس "الدولار" هو غايته من القدوم الى دار بالمان، بل الطموح الفني الازيائي ودفع الدماء الابتكارية في عروقها. اوسكار متزوج وله ابنة، وقد حل في عاصمة الموضة مع عائلته. ولون الربيع والصيف الذي اختاره لموديلاته التي ستطل على النخبة الباريسية، هو "العاجي". "السنوات المتعقلة" تحتاج الى تجميل. سنة 1993 هي من جملة هذه السنوات المختلفة عن الثمانينات. الموضة الراقية يجب ان تستمر، فهي وجه فرنسا الذي تتهافت عليه الشهيرات. الثوب الواحد منها يصل ثمنه الى خمسمئة ألف فرنك. المبلغ ثروة قائمة بحد ذاتها. عاملات الخياطة في دور الازياء الكبيرة لا يوجد مثلهن في مكان آخر غير باريس. كل ثوب مشغول بأناملهن الدقيقة. والثوب يجر وراءه صناعات اخرى، من القماش الى الخيط ومن الخرزة الى اللؤلؤة ومن الاسوارة والعقد الى الحذاء والى العطور والإعلام والموسيقى والفنادق والقاعات الفخمة في الصروح التاريخية. وماذا تكون باريس اذا فقدت موضتها الراقية؟ عارضات الازياء النحيلات جداً كالتماثيل الممشوقة بإزميل الرشاقة والجمال، خطفن عدسات الاعلام. أقنية التلفزيون تخاطفت مشاهد من العروض وبثتها مع نشرات الاخبار الهامة. جنباً الى جنب مع احداث البوسنة - الهرسك الرهيبة ومع صور اطفال الصومال هياكل عظمية تتكسر في بشرتها الجافة جوعاً. تناقض في الحدث الى حد الغثيان. لكن هكذا العالم اليوم في أزمة. وتضحك أزمة الموضة الراقية رغم ذلك. فعليها يتعلق مصير عاملات ومصير صناعات مكملة لها. ان اصيبت بوعكة صحية، اصيب البقية بالعجز. رومانسية التقشف لا جامع لخطوط الموضة الراقية لربيع وصيف 1993. إيف سان لوران لم يهادنه ولا لحظة. الطويل كان سائداً عند كارفن. الأسود والأبيض لونان إلزاميان في كل عرض. التطريز انسحب من الساحة وبحث المبتكرون عن بديل له. المقلم والمعرّق والايكوسيه اندمجا في الزي الواحد كما اندمج قماش التويد مع الموسلين مثلاً في عرض لاغرفيلد لمجموعة شانيل. القبعات خفّ حجمها وعددها. ايف سان لوران استخدم قماشاً ملوناً يشبه الجنفيص ولف به رؤوس العارضات بشكل فني مجنح. البنطلون نزل الى بهجة الربيع المقبل بخصر مرتفع ومشدود بزنار عريض. التقشف له جماله الخاص فعلاً. لأن الابتكار يكون فيه أقوى. "تورنت" عوضت عن التقشف بالرومانسية. بطاقة الدعوة الى حضور العرض حملت شعراً والموديلات خطفت عناوين الشمس والزرقة والسعادة والقلب والذكريات والحلم وما شابه. في المقدمة كانت "إديت كريسون" رئيسة وزراء فرنسا السابقة. فهي "تورونتية" من درجة أولى. اللون الازرق طغى على بقية الألوان. الشِعرُ قال: "هل تذهب الجميلات لاستعادة بعض الوقت الضائع... في سحر الازرق يتلفحن بالدانتيل والموسلين... والقمر يظهر في العاجي من أفق الشمس وهي تسقط في البحر المتماوج على تغير زرقته". تورنت قدمت ثلاثة وخمسين موديلاً فقط. للسهرات كان الطويل كالعادة هو السيد، والتنورة التافتا المنفوخة والمنقطة بالأبيض مع قميص أورغنزا شدت التصفيق. وعلى ذكر الاورغنزا، فقد أبدع "تارلازي" الذي يصمم موضة دار غي لاروش الراقية، في زرع ألف وخمسمئة ريشة في صدرية من القماش المذكور بلون أبيض. وأثبت المصمم "انجلو تارلازي" في عرض غي لاروش ان لا شيء مستحيلا في الموضة الفخمة. الالوان التي اختارها هي الوان الشمس ككل وألوان الصحراء ككل وألوان البهارات ككل. احمر ناري لأثواب فضفاضة. رملي للبنطلونات من قماش الاورغونزا تحت جاكيتات طويلة وواسعة ومتحررة. مطرزات برتغالية على اثواب ساتانية مرسومة على شاكلة الموزاييك في القرن الثالث عشر. الموضة خيالية عند تارلازي وقد اجبرت التقشف على نسيان قسوته، بل ان يضحك. العارضة الشهيرة "مونيكا بيللوتشي"، بطلة فيلم دراكولا، ظهرت في عرض لاروش ترتدي ثوباً رائعاً للسهرة يحمل حروق سجائر. "كريستيان لاكروا" كان في عرض أزيائه كالباحث عن الوقت الضائع. مجموعة متقنة من الموديلات تتلخص في "جانب من الكون يختفي وآخر يبنى. ومن الطبيعي ان تعكس الموضة هذا الواقع". اسود ولون الحجر وتزاوج الموسلين والتويد ولعبة الطويل في نهاية ثوب او تنورة غير هندسية، ورفض للمعرّق بالازهار، هي موضة لاكروا. شيئان متميزان في خطوطه الجديدة هما: الجاكيت المستوحاة من القرن الثامن عشر والرادنجكوت الآتي من القرن التاسع عشر. هكذا غير المصمم البارع شيئاً من عالم الموضة وبنى آخر مكانه. للسهرات جاء بالموسلين المثنى كخيوط الشمس في ألوان بنية وكستنائية وجاء بالصدرية الرجالية الطويلة الموشاة برسوم من لونها، فوقها. حتى العروس عنده كانت ذهبية وتسريحتها على شكل تسريحة الدوقة "غرمونت" التي عرف الكاتب الشهير "بروست" كيف يصف تنورتها الكبيرة الواسعة المطرزة بأزهار قشية. المتألق والأكاديمي عند كريستيان ديور كان تأكيد على اللونين الابيض والذهبي في عرض الازياء الذي جرى تحت سقف احدى قاعات الفندق الكبير التاريخية في المنحوتات والرسوم. تايورات بلون العاج كالسنوات التي لا لون لها. ابيض وأبيض على زهري جعلا العرض حالماً ومتجسداً في "اللالون" تقريباً. وعند ديور تبقى القاعدة هي هي في الحرص على التفاصيل وعلى الدقة المتناهية في اختيار الاقمشة. وهذه المرة كانت الحريرية البيضاء تسيطر حتى على أثواب السهرات، "جيان فرانكو فيري" مصمم ديور اطل ايضا بجديد آخر، وذلك حين زاوج بين الجلد المطرز كالدانتيل في جاكيت صغيرة تسقط على ثوب من الحرير او بنطلون من نوعه ايضاً. مع أن بيار كاردان صار أكاديمياً، بعد أن انتخب ليحتل مقعداً شاغراً في أكاديمية عظماء الفنون الجميلة، فقد بقي خياطاً ومصمماً قبل كل شيء. آراؤه صارت معروفة بشأن اختصار عدد عروض الازياء الراقية الموسمية. ولا يهم ان طبق ذلك ام لا. المهم انه في عرضه الربيعي والصيفي الجديد كان ذاته في الابتكار. وهندسي كثيراً هنا. ثوب مخصور جدا بزنار عريض وتنورة واسعة وطويلة، غير انها تنتهي بقصات مربعة هندسية تستأثر الفراغات بينها بالتأمل. تايور تنورته طويلة من الموسلين، "مخصورة" ايضاً، تحت جاكيت قصيرة. ثوب تحتله سبعة عشر رسماً وتايورات رصينة الاناقة معدة سلفاً لتنال اعجاب من يقبلن على اعتناق موضته. وربما كانت هذه الكلاسيكية بالذات هي ما قصدها كاردان بقوله: "ان مجموعة أزيائي هذه لازمنية" بمعنى انها لا تتقيد بزمن. برزت حنكة جيرار بيبار، مصمم ازياء نينا ريتشي الراقية، في موديلات ربيع وصيف 1993 على طريقة الجاحظ في تحويل البخل الى عملية اقتصادية هامة. فدار ريتشي طلبت من "بيبار" المرافق لها منذ زمن طويل، ان يختصر من ميزانية عرضه لهذا الموسم حوالى ثلاثة ملايين فرنك. ولم يتذمر المصمم الأشيب الشعر على بياض وجه لم تقترب منه تجاعيد الزمن، مع ان له مع الزمن خطوات عميقة. في قصر شايو المطل على ساحة التروكاديرو، جرت عروض ريتشي. التطريز المعتاد اختفى وحل معه القش البلاستيكي الملون والخبنات الكثيرة في الثوب. برزت القصات في الازياء اليومية كما في تلك المخصصة للسهرات الضخمة. كان رئيس الوزراء الفرنسي بيار بيريغوفوا وعقيلته في الصف الامامي من المنصة. وكانت الاميرة الكسندرا اليوغوسلافية والبارونة "ريي" ونادين روتشيلد بين الحضور وكذلك "الجواهرجي" الشهير آلان بوشرون وعقيلته فلورنس. وهذا كان سعيداً بمشاهدة التطريز يختفي، لأن هذا يترك مكانا للاستعاضة عنها بالمجوهرات. ولوحظ في العرض الذي جرى مساء أن الكثيرات من الحاضرات اللواتي كن يرتدين ثياباً تصلح للمناسبة المسائية كن يتزين بمجوهرات حقيقية. تميزت موديلات ريتشي بالموديلات "البيجاما" المخططة بألوان زمردية وزهرية. البنطلون فيها كان واسعاً وأثواب السهرة معجوقة بالازهار وهي موضة "الاستقبال في البيت الابيض الاميركي بمناسبة تسلم الرئيس مهام مسؤوليته". "هيلاري كلينتون" كانت أوصت على ثوب ازرق للمناسبة بمبلغ خمسة وعشرين ألف دولار. وقيل لو ان هيلاري شاهدت عرض ريتشي قبل العشرين من شهر كانون الثاني يناير، وهو اليوم الذي صار فيه زوجها رسمياً رئيساً للولايات المتحدة الاميركية، لفضلت ان تختار ثوبها من تلك الدار. السينما في الموضة أوليفيه لا بيدوس كرّم الفن السابع بجعل موضوع ابتكاراته... السينما. صور على الاقمشة الموسيلينية والحريرية، من افلام سينمائية ولكبار مشاهير السينما، عرض سينمائي وأزيائي مدهش. وتغيير مخالف لجميع الابتكارات لهذا الموسم، ومن جملة ما ورد على الموديلات كان شعار مهرجان مدينة كان السينمائي. احدى "الجاكيتات" حملت رسوماً لعشرة نجوم وأفلام. كان "لوساج" هو الذي طرزها ورسمها. جاكيتات اخرى كتب على ظهورها اسماء جميع العاملين في توزيع الافلام. ولم يخفف هذا المهرجان السينمائي من شأن مقص "أوليفيه" الذي هو كأبيه "تيد" خياط ماهر جداً. ذهب اوليفيه الى الخمسينات والسبعينات وعاد منها بأفكار رائعة طبقها فوراً. في دار شيرر، كان من الصعب أن ينسى الحضور المعلم الاكبر "جان لوي"، مع ان "ايريك مورتونسن" الذي حل مكانه مصمم لا يستهان به. تميز العرض الأول لهذا الاخير في دار شيرر بتأكيد على مجد الخياطة الراقية كما كانت عليه في سنوات عزها. تايورات تشبه بنطلوناتها ما يستعمل في اثناء ركوب الدراجات، وقماشها من الجرسيه والدانتيل. لكن براعة "مورتونسن" برزت في اثواب السهرات. فتراه للتعويض عن خسارة شيرر الفنية، أقبل على التطريز في الوان الازرق والابيض والاحمر الرمّاني مسكوبة في قماش الحرير وكأن الاثواب حققت لاحتفال في قصر فرساي وفي اوبرا باريس الشهيرة. في قاعة بمدرسة الفنون الجميلة في باريس، جرى عرض ازياء شانيل. كارل لاغرفيلد ختم بهذا العرض عشر سنوات من تصميمه لها. لكنه جدد عقدا معها لست سنوات اخرى، وأمن على مستقبله الابتكاري حتى سنة 2000 في الدار العريقة. برز في العرض آخر صرعات لاغرفيلد الابتكارية حين غلف القامة "بالبلاستيك". قال في تعليق له عن الكآبة، انها "كالكريب الذي يعدي". لكن يبدو انه اخذ احتياطاته كي لا يصاب بكآبة الازمة: "في الأوقات الصعبة يجب التحرك بشكل مختلف، ويجب ان يكون الانسان انانياً وأن يفكر بذاته. ان يكون أنانياً، فهذا يعكس شانيل كثيراً". هذه الفلسفة تركزت على قواعد اقتصادية. وعلى خلاف ما جرى في الدور الاخرى، فقد اضافت شانيل خمساً وعشرين عاملة بشكل متناوب الى الثمانين عاملة دائمة في مشغلها. وعرض لاغرفيلد ثمانية وثمانين موديلاً لشانيل. جاكيت طويلة من التويد فوق تنورة طويلة من الموسلين. ووداعاً للقصير الذي لا ينسجم مع جزمة تعود موضتها الى سنة 1900، بقي لاغرفيلد محافظاً على ذهنية شانيل في الطابع الخاص بها. غير انه لعب بالخطوط. شانيل، ربيع وصيف 1993، قدمت تايوراً من الاورغنزا، وثوباً بثوبين، ولون المشمشي والدراقي للسهرات. العارضة الشهيرة "كلوديا شيفر" المرشحة لأن تكون خطيبة امير موناكو ألبرت، شدت الأكف بالتصفيق وهي تعرض ثوباً موسلينياً مزهراً بطبقتين وفوقه جاكيت "إيكوسيه" طويلة من التويد. الشهير الوسيم "ريشارد غير" كان بين الحضور وقد جاء خصيصاً كي يشاهد زوجته سيندي كراوفورد تعرض لشانيل ثوباً بلاستيكياً بتوقيع لاغرفيلد. عرض أونغارو في قاعة واغرام على خطوات من قوس النصر الباريسي. في الصف الأول تلاقى فرو الفيزون مع فرو الثعلب والزبلين. يعني كانت الشهيرات هناك ومنهن: كلوديا كاردينالي، أنوك إيميه، ماريزا بيرونسون. على خشبة العرض تهادت الموديلات، والمرأة ستكون "زهرة" استثنائية اذا ما اختارت واحداً منها لأناقتها. غابة من الزهور للنهار في ثوب مزهر وعليه جاكيت تويد ياقتها زهر أيضاً. تنورة بطبقات منفوخة للسهرات وفوقها صدرية محشوة بالازهار النافرة، حتى الخصر النحيل سيتزين بوردة كبيرة، الطويل ساد والخلاصة ان اونغارو جاء بموضة راقية، وراقية الى علو كبير. ومثله كان "لوي فيرو". حدائقي في موديلاته. الربيع العنيف في عز الشتاء الباريسي الضبابي. شعر "جيفرني وباغاتيل" تتناسب رومانسيته مع الطويل المزهر والواسع. عاد لوي فيرو بالحضور الى أيام الاميرة غريس دي موناكو. ألوان السهرات فضية على زرقة مع بعض التطريز. "لوي فيرو" طرز التايورات السوداء بذهب من عيار 18 قيراطاً. في داره بشارع فرانسوا الأول، بالجادة الثامنة الباريسية عرض فيليب فينة مجموعته الجديدة. تايورات كلاسيكية غاية في التفصيل والاتقان من قماش صوفي بوجهين. الجاكيت طويلة حتى الركبة تقريباً فوق ثوب مضاد لها في الألوان. الأبيض يتزاوج مع الرملي والزهري مع الكحلي. وهذا ما يعجب الانيقة الاميركية. وإحدى انيقاته من بلاد العم سام تأتي الى داره مرة كل اسبوعين، من نيويورك، من اجل قياس اثوابها وتايوراتها. ربيع الزهر وصيف الموسلين أكد اليوم الرابع لعروض الازياء هذه على امرأة جديدة في اناقتها. وسجل انتصار "امرأة رقيقة"، ناعمة المظهر ورومانسية الاطلالة. اقمشة خفيفة ورقيقة، الوان لطيفة وتزهير رومانسي. برسبورك كان أول العنقود في هذه المجموعة. الوان البحر والكستناء والرمل والورد على تنانير كبيرة مثناة خضراء من الموسلين. لعب برسبورك بالألوان اكثر من الحاحه على الخطوط. ومن مبدأ ان البساطة هي الجمال. الطويل عنده كان قاعدة. اليابانية "هناي موري" المقيمة في باريس منذ خمسة عشر عاماً كرست الربيع في موديلاتها، مثل برسبورك. وهذه السنة هي حظها، بعد ان بدأت تتلقى الطلبات من اليابان، من انيقات المجتمع الامبراطوري وسواه. زواج الامير ناروهيتو ابن الامبراطور في بلد الشمس الساطعة تقرر ان تكون حفلة زواجه على الديبلوماسية الجميلة "ماساكو اووادا" في حزيران يونيو المقبل. والاحتياط اذا ضروري منذ الآن. هناي موري حققت موديلاتها انطلاقاً من هذا الحدث الياباني العالمي. اثواب من الاورغنزا وكشاكش كبيرة، واستيحاء من تقاليد اليابان قبل الف عام، كان الطويل هو السيد المطلق. جاءت بأثواب تقليدية مستوحاة من رسوم تعود الى القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وبحدها تهادت به النجمة الراقصة "كلود بيسترا غالا". كان باتريك دوبون في الصف الأول، وبدا منفعلاً. باكو رابان كان رومانسياً على طريقته وجعل الاعلام يضج حديثاً وتصويراً عن موديلاته لمجرد انه اختار البطلة الاولمبية السمراء الداكنة "ماري جوزيه بيريك" عارضة لأزيائه. أربعة اثواب للعروس، ولكل فصل ثوب. القصير سائد والأقمشة المعدنية والدانتيل من المعدن وخشاخيش في ابتكارات معروفة عن رابان بأنها للفرجة فقط، او للمسرح او السينما. خارجة عن المألوف لحد الدهشة، وجميلة للاستعراض لحد المتعة. ثم يأتي "ليكوانة هيمانت" وهو ليس عتيقاً في مهنة الازياء الراقية كسواه مما سبق ذكرهم، غير ان له باعاً في الابتكار وتثبيت القوام خطوطه مستوحاة من الطبيعة. فهو "ايكولوجي" بالتعبير الأوروبي، في استخدام مواد الطبيعة في الازياء الراقية. ومثلاً، تنورة بطبقات من ألياف الرابان "الرافية" بالعربية. صدرية من السوحر نوع من الصفصاف تستعمل أغصانه السهلة الكي في صناعة السلال "تايور مزين بالاعشاب الجافة، صدرية اخرى من الياف جوز الهند، وغير ذلك مثله ايضا "كارفن" في التفاتة نحو "الايكولوجية" في تصاميمها. ثوب مطرز بحبات القمح. ثوب آخر مستوحى من اناقة الراحلة مارلين مونرو. ثلاثون موديلاً فقط، كما جاء في التحليل الذي ورد عن تقشفية الموضة، ونفذت المصممة الجاندرا دي أنديا، اوامر صاحبة الدار. الامير ايمانويل دي سافوا صفق للعرض القصير كقصر عدد الموديلات. الطويل على الاطلاق هو لربيع وصيف كارفن. انتظر الجمهور بلهفة وحشرية عرض ايف سان لوران الأول بعد ان صارت مؤسسته مؤسسة وطنية. الشهيرات كن هناك: كاترين دينوف، بالوما بيكاسو وإينيس عارضة لاغرفيلد قبل القطيعة، مع كبار شركة "إلف اكيتين". المصورون تحضروا للحدث منذ السادسة صباحاً في قاعة فندق الانتركونتيننتال. ستون موديلاً فقط. جزء منها طغى عليه التايورات. ببنطلون او بتنورة. الألوان الكحلية ومشتقات الازرق والاسود كانت طاغية، الاسود كثير. الاثواب طويلة. قماش مزهّر، او تضارب في ألوان عدة في الثوب الواحد: احمر مع برتقالي مع بنفسجي. لا تطريز. اساور وأحذية مبتكرة. قبعات كعمامة شرد طرفها، من قماش جنفيصي ملون، موسيقى نورييف. العروس جرت وراءها طرحة كبيرة وتولى جزء منها على وجهها والفستان الكلاسيكي المنفوخ. ايف سان لوران الذي يعتمد عليه في رفع اسهم المؤسسة التي اندمج فيها يراهن عليه "كقيمة" حقيقية في الابتكار والفن، على حد تعليق احدى الصحف. لكنه ظهر في نهاية العرض تعباً. كأنه يغالب خطواته مشياً الى قرب عروس ابتكاره. على عكس ضجة الاعلام، جاءت مجموعته تحمل بصمات ارهاقه. يعني كانت في نظر البعض اقل من المنتظر. جيفنتشي أودري هيبورن قيل ان كبار المصممين استخدموا الحكمة كي تأتي أزياؤهم الراقية على المستوى المطلوب. جيفنتشي كان من اولئك الكبار. بدأ عرضه بتحية خفية وحنون للراحلة اودري هيبورن. رحلت قبل قليل من موعد العرض هذا وكانت تتمنى، كعادتها، ان تكون بين الحضور. روبير جيفنتشي كان يحيطها باعجاب ومودة وحنان منذ ثلاثين سنة. صمم لها ازياءها لجميع المناسبات. من ابسط ثوب الى أفخمه كان جيفنتشي هو المصمم الوحيد لها. لذا حياها جيفنتشي تحية خاصة عبر مجموعته الازيائية التي مرت امام الجمهور تحمل عنوان "البساطة". تايورات "عاقلة" بأكتاف عريضة قليلاً. أثواب سهرة قصيرة كالتي ظهرت بها اودري هيبورن في افلامها القديمة. بنطلونات واكبت عصرية جيفنتشي وياقات بيضاء لعب بها لعبة ما يناسب الصباح وما يكمل سهرة مسائية. اقمشة من الموسلين لسهرات خاصة وتقليمات وأزهار. العروس تحلت بأزهار الحقل تكومت على رأسها. اودري هيبورن كانت رومانسية جدا وتحب الازهار كثيراً. بقيت بعض التعليقات تدور في الكواليس وتجتاز همسات الحضور. اوسكار دولارنتا، مصمم بالمان الجديد كان في تايوراته قريباً من إيف سان لوران. وفي اختياره اللون الكحلي والياقة البيضاء كان قريباً من جيفنتشي. وأثوابه الموسيلينية الطويلة جاءت مشابهة لتصاميم جان لوي شيرر. لكن دولارنتا لن يغوص في التعليق على التعليقات، فهو قادم من اميركا ليدفع دار بالمان الى استعادة ماضيها العريق. وهو لن يستطيع ان يتخلى عن اميركيته بجرة مقص. والتغيير آتٍ. كان الغائب الوحيد عن عروض الازياء الراقية لربيع وصيف 1993، لانفان. ورد اسمه على لائحة العارضين الكبار التي تصدرها غرفة نقابة الخياطة الباريسية في موسم العروض، لكن تاريخ العرض بقي غائباً من امام اسمه. ومن خارج اللائحة الرسمية التي تضم اسماء 21 داراً كبيرة للأزياء، عرض "فالنتينو" مجموعته الجديدة. ففي روما، يعتبر مشغله الازيائي الاكبر بين امثاله في العالم. وهو مشهور بتصاميمه المشغولة كثيراً والمعجوقة بالتطريز والتي تجلب شهيرات يرغبن في ارتداء ما هو غير عادي فنياً، "سمالتو" ايضا اقام عرضاً للأزياء النسائية والرجالية معاً صممها له "جان بول سكاربيتا" الذي استوحى كثيراً من الازياء الروسية التاريخية الموجودة في متحف "ايرميتاج" بليننغراد سابقاً وسان بطرسبرغ حالياً. صحيح ان فالنتينو وسمالتو عرضا مجموعتهما خارج اطار قلعة الپ21 داراً الحصينة للأزياء الراقية الباريسية، الا ان الصحافة لم تستطع ان تمر بهما عابراً طالما انهما عرضا في عز الموسم الربيعي والصيفي لأزياء ابتكارية تقاوم عصف الريح وهزات الرعد القوية. حرب بين الازمة والرومانسية والابداع، ولا بد من بعض الجروح. غير ان الفن لا يموت، وهو ان ينحني قليلاً فهذا لا يعني انه يتكسر، بل انه ينتظر ولو بتقشف حتى تمر العاصفة وتهدأ الريح. اصحاب ازياء ربيع وصىف 1993، كانوا حكماء ولم يصغوا الا الى زقزقة المقصات وحفيف الموسلين والتفتا. ولو من دون تطريز.