الاتصالات التي شهدتها دمشق اخيراً لاعطاء دفعة لعملية السلام اظهرت ان سورية لا تعتبر نفسها مسؤولة عن وصول المفاوضات الى طريق مسدود، بل ان اسرائيل هي المسؤولة، لأنها اكتفت بما جنته من "اتفاق غزة - أريحا". وحددت مصادر في دمشق الموقف السوري على الشكل الآتي: 1 - تحاول سورية توضيح موقفها عربياً ودولياً في انها مع مفاوضات تكون نتيجتها الانسحاب الكامل في مقابل السلام الكامل، وترفض المفهوم الاسرائيلي للسلام الذي يشترط اقرار السلام اولاً للبحث لاحقاً في مدى الانسحاب من الجولان. ولا تقبل سورية مجرد البحث في بعض الطلبات الاسرائيلية المستحيلة، مثل اعادة انتشار الجيش السوري الى ما وراء دمشق شمالاً وشرقاً. 2 - على رغم تمسكها بالعملية السلمية فان سورية ترفض استعجال المفاوضات اذا كانت ستؤدي الى سلام منقوص يقود الى نزاعات جديدة. وهي تربط بين انعقاد جولة جديدة من المفاوضات والتزام اسرائيلي واضح بتحقيق تقدم ملموس من خلال الاقرار بمبدأ الانسحاب من الجولان. 3 - استعداد سوري لمواجهة الضغوط بالاعتماد على تماسك الجبهة الداخلية. 4 - عدم استعداد سورية للبحث في انفصال المسارين اللبناني والسوري. 5 - على رغم التأييد العربي لاتفاق غزة - أريحا، الا ان الموقف السوري يحظى بتفهم عربي. 6 - الوصول الى قناعة دولية بأن السلام من دون سورية ليس ممكناً. والتصريحات الاخيرة لكبار المسؤولين الاميركيين في هذا الشأن تعطي انطباعاً مريحاً لدمشق. 7 - لن تكون سورية فلسطينية اكثر من الفلسطينيين، لذلك فان موقفها من الاتفاق هو عدم التأييد وعدم الرفض. ورداً على الذين يطالبونها بالضغط على الفصائل الفلسطينية العشرة المعارضة للاتفاق، تقول سورية: "لماذا يطلب من سورية هذا الطلب ولا يطلب من اسرائيل ان تضغط على تكتل الليكود المعارض للاتفاق؟". ويبقى الموقف السوري النهائي من الاتفاق مرتبطاً بتأثير هذا الاتفاق السلبي على المسارين السوري واللبناني وعلى توازن القوى في المنطقة بين الجانب العربي واسرائيل، خصوصاً بين سورية واسرائيل. وهذا التأثير سيظهر خلال الاسابيع القليلة المقبلة ونتيجة الصراع الدائر حالياً بين مطالبة سورية لواشنطن بتحريك المسارين السوري واللبناني قريباً على اسس واضحة، ومطالبة تل ابيب لواشنطن بتجميد المسار السوري حتى بعد "ابتلاع" المسار الفلسطيني ومن ثم العودة الى سورية بشروط اصعب والمحاولة خلال هذه الفترة فصل المسار اللبناني عن السوري.