هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    خفض البطالة.. استراتيجيات ومبادرات    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    السعوديات.. شراكة مجتمعية    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    مملكة العطاء تكافح الفقر عالمياً    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    العروبة يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    قيمة الهلال السوقية ضعف قيمة الأندية العربية المشاركة في المونديال    المغرد الهلالي محمد العبدالله: لا مكان لنيمار والمترو الأفضل وحلمي رئاسة «الزعيم»    هيئة الترفيه وأحداثها الرياضية.. والقوة الناعمة    الرياض يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    نائب وزير الموارد البشرية يزور فرع الوزارة والغرفة التجارية بالمدينه المنورة    عريس الجخّ    لولو تعزز حضورها في السعودية وتفتتح هايبرماركت جديداً في الفاخرية بالدمام    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    الاستدامة المالية    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    وزير الحرس الوطني يرعى ملتقى قادة التحول بوزارة الحرس الوطني    بالله نحسدك على ايش؟!    إنصاف الهيئات الدولية للمسلمين وقاية من الإرهاب    كابوس نيشيمورا !    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    الرياض يزيد معاناة الفتح في دوري روشن    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الرئاسة بمنطقة جازان    تكلفة علاج السرطان بالإشعاع في المملكة تصل ل 600 مليون ريال سنويًا    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    طلاب مدارس مكتب التعليم ببيش يؤدون صلاة الاستسقاء في خشوع وسط معلميهم    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية التوحد بالمنطقة    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    أمير تبوك يوجه بتوزيع معونة الشتاء في القرى والهجر والمحافظات    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    «مساندة الطفل» ل «عكاظ»: الإناث الأعلى في «التنمر اللفظي» ب 26 %    1500 طائرة تزيّن سماء الرياض بلوحات مضيئة    وزير الصحة الصومالي: جلسات مؤتمر التوائم مبهرة    الشائعات ضد المملكة    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر : مشروع الاصلاح يكسر الارتباط بالماضي ويبني آلة اقتصادية جديدة
نشر في الحياة يوم 08 - 11 - 1993

من الصعب في الجزائر الفصل بين الاقتصاد والسياسة، ومع ذلك أثار تعيين اصلاحي في منصب وزير الاقتصاد شعوراً بالارتياح لدى الأوساط المالية والدولية، وان كان المواطن الجزائري لا يزال يفضل التريث حتى ظهور النتائج الفعلية على التفاؤل بها، وهي لا تزال مجرد وعود.
أما السبب الذي شجع على الارتياح في الأوساط المالية الخارجية، فهو ان تعيين السيد مراد بن أشنوا وزيراً للاقتصاد يعكس في الأساس قراراً سياسياً بمتابعة سياسة الانفتاح وتجاوز مرحلة التردد التي صبغت سياسة حكومة بلعيد عبدالسلام التي يعتبر جزائريون كثيرون ان أحد أسباب سقوطها هو تمسكها بسياسة التردد وعدم المبادرة.
وثمة اعتقاد قوي في الجزائر بأن السمة الأساسية لحكومة مالك ستكون من دون شك حاجتها، لا بل قدرتها على اتخاذ القرارات التي لم تتخذها الحكومات السابقة، سواء في مجال الأمن والسياسة أو في مجال الاقتصاد.
وينظر في هذا الاطار الى اختيار بن أشنو وزيراً للاقتصاد على انه مؤشر واضح بحد ذاته. فالرجل كان مديراً تنفيذياً في البنك الدولي، مع ما يمكن ان يعينه ذلك من التزام سياسات الاصلاح الاقتصادي وبرامج تحرير الأسعار وفتح الباب أمام القطاع الخاص وتراجع دور القطاع العام الى أدنى مساحة ممكنة.
الانتاج والديون
إلا ان الدلالات الظاهرة ليست في كونه مسؤولاً سابقاً في البنك الدولي، فآراء الرجل، خلافاً لمعظم المفكرين الاقتصاديين في الجزائر، تتركز على اعتبار حل مشكلة الديون الخارجية المدخل أو البداية لإنهاء المشكلة الاقتصادية في الجزائر، وان لجوء الحكومات السابقة الى زيادة انتاج النفط والغاز أثبت فشله، فقد زادت الديون من دون ان يبدأ الاصلاح.
ويطرح وزير الاقتصاد الجزائري الجديد معادلة تقوم في الأساس على ما يسميه "اعادة تصنيع الجزائر"، أو اعادة تأسيس الآلة الاقتصادية في البلاد، على اعتبار أنها أصبحت آلة عاجزة ومثقلة بالبيروقراطية والأنظمة المعقدة ومحدودة الانتاج، الى جانب كونها ذات استهلاك مرتفع للطاقة.
ويدعو الوزير بصراحة الى فتح أبواب البلاد أمام الاستثمارات الأجنبية المساهمة في اعادة تفعيل الدورة الاقتصادية، وفي مقال كتبه في نيسان ابريل الماضي، ونشرته صحيفة "الوطن" الجزائرية، وصف سياسة الحكومة السابقة الرامية الى تكثيف انتاج النفط بهدف سد الفجوة المالية بدلاً من محاولة خفض الديون بأنها ستؤدي الى "دفع البلاد نحو وضع مالي أكثر خطورة".
ومع ذلك، فإن الارتياح الذي أثاره تعيين رجل ليبرالي في منصب وزير الاقتصاد قابله ميل الى التريث لمعرفة ما إذا كان بن أشنو قادراً على تطبيق نظرياته في فترة ما قبل السلطة أو أنه سيكون مضطراً للرضوخ أمام الضغوط التي ستؤدي اليها سياسة اقتصادية جديدة، مثل تحرير أسعار السلع والخدمات وفتح أبواب القطاع النفطي أمام الاستثمارات الأجنبية، وتخلي الحكومة عن دور المركز للنشاط الاقتصادي.
ويجمع مراقبون اقتصاديون على ضرورة الانتظار لمعرفة الصيغة التي ستقرر الحكومة الجزائرية اعتمادها لمواجهة مشكلة الديون الخارجية 25 مليار دولار، فهل تتخلى عن التحفظات السابقة باتجاه البحث في اعادة الجدولة، مع ما يعني ذلك من اتفاقات ثنائية مع كبار الدائنين لاعادة جدولة الديون من دون المرور بقنوات صندوق النقد؟
ويقول متابعون لتطورات الوضع الاقتصادي في الجزائر، ان "أحلى الخيارين مر"، فتطبيق استراتيجية اعادة الجدولة عبر صندوق النقد الدولي أو تحت اشرافه يعني بكل بساطة ان على حكومة مالك ان تكون قادرة على مواجهة الانعكاسات الاجتماعية والمعيشية وحتى السياسية التي يولدها مثل هذا الخيار.
وثمة تساؤلات واسعة عما إذا كانت الحكومة الجزائرية قادرة حالياً على مواجهة أوضاع جديدة، مثل ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة رفع الدعم الحكومي عنها، أو تحرير أسعار صرف الدينار الجزائري، وافساح المجال أمام القطاع الخاص لزيادة حصته، مع ما يستتبع ذلك من اجراءات لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية.
ومن المعروف ان الوصفات الاقتصادية لمعالجة اوضاع البلدان المريضة اقتصادياً، غالباً ما تحتاج الى سنوات من التطبيق للبدء باعطاء النتائج المتوقعة منها. فهل تكون الحكومة الحالية على قدر كاف من القوة والشجاعة لتحمّل مثل هذا الانتظار في ظل الاوضاع السياسية المعروفة في الجزائر حالياً؟
وقد تلجأ الحكومة الجزائرية الى خيار ثان، يقوم في الأساس على اعادة جدولة الديون مباشرة مع الدائنين من دون المرور بمظلة صندوق النقد، مع ما يعني ذلك التزام برامج صارمة لاعادة الهيكلية الاقتصادية. الا ان التساؤل الذي يثيره مثل هذا الخيار هو ببساطة، ما مصلحة الدائنين في دخول اتفاقات ثنائية من هذا النوع، وهل تكون الحكومة الجزائرية قادرة على تقديم وعود من غير الاكيد انها ستكون مستعدة لالتزامها؟
حدود الخطر
يميل بعض المتابعين للوضع الاقتصادي في الجزائر الى الاعتقاد بأن ثمة خياراً ثالثاً قد تلجأ اليه الحكومة، يبدأ باعادة النظر بالتركيبة الحالية لقطاع النفط والغاز لاجتذاب مزيد من الاستثمارات الاجنبية، على ان تكون اعادة النظر هذه فرصة لاعادة جدولة الديون في اطار اتفاقات ثنائية والحصول على سيولة اضافية لتوظيفها في مجال تفعيل الدورة الاقتصادية وتحسين مستويات الانتاجية واستيعاب عمالة جديدة.
واذا كانت السياسة الاقتصادية الجديدة لحكومة مالك لم تصبح بعد متكاملة المعالم والاهداف، على رغم بعض الاجراءات التي توحي باتجاه اقوى نحو الانفتاح، فان ثمة اجماعاً في الجزائر وفي خارجها على اعتبار ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي اصبح عند مستوى من الخطورة يستدعي اتخاذ الاجراءات الجذرية، وفي تقرير اعده مستشارو المجلس الاعلى للرئاسة ونوقش في اجتماع اقتصادي ظهر اجماع على ضرورة احداث تغييرات جذرية لكسر ما سمي "الارتباط بالماضي". وانتهت التوصيات التي خرج بها الاجتماع الى المطالبة بضرورة السعي لاعادة جدولة الديون الخارجية التي تصل قيمتها الى 25 مليار دولار تضاف اليها ديون داخلية بقيمة 8،43 مليار دولار تمثل ما بين 85 و90 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي مع الاشارة الى العائدات النفطية التي تشكل 90 في المئة من العائدات التي تحصل عليها الحكومة الجزائرية تذهب بنسبة 75 في المئة منها لتغطية الاقساط المستحقة للدين الخارجي.
ان التحدي الذي يواجه الحكومة الجزائرية ببساطة حاجاتها الى النجاح في مجالين: المجال السياسي لوقف دورة العنف و"تطبيع" الوضع العام في البلاد، وانهاء ازمة اقتصادية هي نتاج ثلاثة عقود من سيطرة الدولة على كامل مؤسسات الاقتصاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.