أثار تقرير أوروبي، اتهم القوات الصربية باغتصاب ما لا يقل عن 20 ألف امرأة وفتاة مسلمات في البوسنة والهرسك، اهتماماً كبيراً في اوساط المسؤولين الاوروبيين والعرب والمسلمين الذين يتابعون عن كثب تطورات الاحداث المفجعة في البوسنة. هذا التقرير أعد بناء على طلب المجموعة الأوروبية وفي ضوء نتائج مهمة لجنة تقصي الحقائق التي ارسلتها الدول الأوروبية الى يوغوسلافيا السابقة للتأكد من عمليات الاغتصاب هذه. وتم ارسال نسخ من هذا التقرير الى جميع الحكومات الاوروبية والى دول عربية وإسلامية والى الأممالمتحدة. وبعد أيام قليلة من تسرب معلومات عن هذا التقرير وجه خبراء كرواتيون مكلفون درس جرائم الحرب في البوسنة والهرسك، اتهامات الى الصرب باغتصاب 30 ألف امرأة معظمهن مسلمات. وذكر هؤلاء الخبراء أسماء 15 معسكراً حربياً انشئت لارتكاب هذه الجرائم. "الوسط" التقت السيدة آن ووربورتون رئيسة لجنة تقصّي الحقائق في البوسنة والمشرفة على التقرير الاوروبي وأجرت معها حواراً خاصاً حول التقرير الأوروبي وأوضاع النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب. والسيدة ووربورتون ديبلوماسية بريطانية سابقة، عهدت اليها القمة الاوروبية مهمة تقصي الحقائق في البوسنة. وفي ما يأتي الحوار معها: هل صحيح ان القوات الصربية اغتصبت 20 ألف امرأة وفتاة مسلمة من البوسنة والهرسك؟ - ليس من السهل معرفة العدد الصحيح، لكن هناك آلافاً من النساء المسلمات البوسنيات تعرضن للاغتصاب على أيدي القوات الصربية. وذكرنا في تقريرنا أن بعض المصادر يعتقد فعلاً ان 20 ألف سيدة تم اغتصابها. سبب آخر يجعل من الصعب علينا التأكد من صحة الأرقام كلياً هو ان الكثير من النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب يجدن من الصعب التحدث عن الظروف التي مررن بها. لهذا أقرينا بحقيقة وجود حوالي 20 ألف امرأة مسلمة تعرضن للاغتصاب. وأشرنا الى ان تقديرات احد المصادر بوجود مثل هذا الرقم هي ممكنة. عندما قلت في حديث لك ان عمليات الاغتصاب في يوغوسلافيا السابقة هي من مظاهر الحياة اليومية هناك، ماذا كنت تعنين؟ - طُرحت في الفترة الأخيرة الكثير من التساؤلات حول ما اذا كانت ظاهرة الاغتصاب تتم نتيجة سياسة تقررت من قبل قيادة الميليشيات الصربية. ما أردنا قوله في تقريرنا انه لم نحصل على أدلة تدعم ذلك او تشير الى أن عمليات الاغتصاب تتم بأوامر من قيادات عليا. ولهذا استخدمت عبارة "ان الاغتصاب من قبل الصرب يتم بطريقة مألوفة"، وهو من العناصر التي تستخدم في عمليات الاعتداء على المسلمين الصرب، ولا تقتصر ذلك على الاغتصاب بشكل محدود، بل هو معلن ومنتشر لأن من شأن ذلك دفع الناس الآخرين الى الخوف وبالتالي النزوح من اماكن سكنهم الى مناطق اكثر أمناً. لقد اتخذت بعض عمليات الاغتصاب طابع الاذلال. هل كان من الصعب عليكم جمع معلومات في مناطق يدور فيها القتال؟ - لم نصل بعد الى البوسنة والهرسك، ولكننا نأمل أن نقوم بذلك خلال الأيام القليلة المقبلة. وما فعلناه هو اننا جمعنا معلومات وتحدثنا الى كثير من الناس والمؤسسات والجمعيات العاملة في ساحات القتال، لقد تحدثنا الى مواطنين عاديين ومسؤولين حكوميين ورجال دين، الأمر الذي ساعدنا على تكوين صورة عما يجري، من دون ان نزور مناطق القتال. اننا يجب ان نأخذ في الاعتبار الظروف التي نعمل بها والمناطق التي يمكن ان نزورها. كيف تم التوصل الى ان عدد المسلمات اللواتي اغتصبن هو 20 ألف امرأة؟ - ان هذا الرقم جاء من احصائيات قامت بها السلطات الكرواتية، ومن اشخاص كانوا حريصين على وضع تقديرات صحيحة، وعندما اشرنا الى هذا الرقم، كنا نهدف الى اشعار الرأي العام ودول المجموعة الأوروبية بأن عمليات الاغتصاب التي تجري أو جرت لا تتحدث عن ألف امرأة بل عن الآلاف، وإن كانت لا تصل ربما الى رقم الپ20 ألفاً الذي ذكرناه. ما هي الدلائل والشهادات التي استندتم اليها، وهل بالامكان ان تعطينا فكرة موجزة عنها؟ - لا أريد أن أشير أو اتحدث عن حالات خاصة، ولكني كنت حريصة مع زملائي وزميلاتي على اصطحاب مختصين في معالجة مثل هذه الحالات، وكان هدفنا مساعدة الضحايا بقدر اهتمامنا بجمع المعلومات، وفي النهاية فإن ما استحوذ على اهتمامنا ليس العدد ولكن ما يحدث، لأن العذاب والآثار النفسية التي تعرضت لها هذه النساء هي من الأمور التي لا يقوى الكثيرون على تحملها. ما الذي بامكان دول المجموعة الأوروبية التي كلفتكم القيام بهذه المهمة عمله لوقف هذه الاعتداءات؟ - مهمتنا ليست ايقاف هذه الظاهرة وإنما المساعدة في معالجة ضحاياها، وبالنسبة الى وقف هذه الظاهرة علينا ان نأمل بأن تنجح المحادثات التي تجري في جنيف بين مختلف الأطراف المتصارعة لوقف الحرب، ونحن سنوصي دول المجموعة الأوروبية باتخاذ بعض الاجراءات لدعم الهيئات والمؤسسات الطبية والانسانية التي تعمل لمساعدة الضحايا على التخلص من الاعراض النفسية الناتجة عن تعرضهن للاعتداءات، كما اننا نأمل ان تقوم هذه المؤسسات بالعمل على اعادة تأهيل هؤلاء الضحايا اجتماعياً بعد ان سببت لهن عمليات الاغتصاب تعقيدات ومشاكل اجتماعية. ان تأمين هذه المتطلبات سيسمح لهن بالعودة الى ممارسة حياة طبيعية. ما هي طبيعة الاشخاص او العصابات أو الميليشيات التي كانت تقوم بتنفيذ عمليات الاغتصاب؟ - لقد جرت عمليات الاغتصاب اما على أيدي عسكريين نظاميين أو على أيدي اعضاء في ميليشيات، لكن لا توجد كما أشرت أية دلائل تشير الى أن هذه سياسة تعتمدها القيادة العليا الصربية. لكن في الوقت نفسه لم تكن عمليات الاغتصاب دون تنظيم. هل حصلت وفيات نتيجة هذه الاعتداءات على النساء المسلمات؟ - معلوماتنا تفيد بأنه حصلت وفيات؟ - هل لديكم أرقام؟ - لا، لا توجد أية ارقام محددة، لأن الوضع الأمني غير المستقر كان يدفع الضحايا للتنقل من منطقة الى أخرى بحيث أصبح من الصعب علينا تنظيم احصائيات دقيقة حول عدد الضحايا من جراء عمليات الاغتصاب. هل سجلتم حالات اعتداء على اطفال قاصرين؟ - تفشي ظاهرة الاغتصاب يشير بلا شك الى تعرض اعداد كبيرة من الاطفال والقاصرين لعمليات اعتداء. لقد شكلت لجنة تحقيق لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في ما كان يسمى يوغوسلافيا، هل ستقدمون تقريراً لهذه اللجنة عن نشاطكم؟ - ان هدف مهمتنا هو التحري عن وجود عمليات اغتصاب ومعرفة اذا كان ذلك صحيحاً أو لا. وليس المطلوب منا تقديم نصائح عما يجب عمله أو الاجراءات التي يجب اتخاذها ضد مرتكبي هذه الجرائم. ان سؤالك هذا يجب طرحه على اعضاء لجنة محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في جنيف. صرّح زعيم الصرب البوسنيين الدكتور كارادزيتش ان تقريركم عن اغتصاب المسلمات غير صحيح، ما رأيك؟ - ما استطيع قوله هو أنه لو رأى الدكتور كارادزيتش وسمع ما رأيناه وسمعناه لكان تراجع عن تصريحه أو قال أشياء اخرى مخالفة لما قاله في تصريحه حول تقريرنا. هل انتم، كلجنة، على استعداد لاجراء تحقيق باشرافه أو برعايته؟ - أعتقد ان هناك مشاكل كثيرة تعترض قبولنا مثل هذا الاقتراح. وما الذي تنوون عمله بعد زيارتكم المقبلة للبوسنة والهرسك؟ - لا نزال نعمل على وضع برنامج لزيارتنا، لأننا معنيون وندرك انه مهما حدث في البوسنة والهرسك فاننا سنرسل فريقاً الى هناك، لكن عدده سيكون أقل من الفريق الذي زار زغرب ومناطق اخرى. وكم يبلغ عدد أعضاء اللجنة التي ترأسينها؟ - عندما ذهبنا الى كرواتيا كان وفدنا مؤلفاً من 9 أشخاص، 8 نساء ورجل واحد، أما الزيارة المقبلة فلا أدري، لقد كانت اللجنة الأولى مؤلفة من خبراء، والطابع السياسي للوفد لم يكن ظاهراً. لكن في الرحلة المقبلة سيضم الفريق سياسيين وممثلين لدول بشكل بارز. هل تتوقعين ان تقوم دول السوق الأوروبية باتخاذ اجراءات حول عمليات الاغتصاب التي تتعرض لها النساء في البوسنة؟ - آمل ذلك ولهذا نحن نقوم بهذه المهمة حالياً.