رحب المسلمون البوسنيون بالاحكام الشديدة التي اصدرتها محكمة جرائم الحرب في لاهاي بحق ثلاثة من الصرب بتهم اغتصاب نساء مسلمات وتعذيبهن، فيما اعربت الأوساط الصربية عن استيائها منها. وعلى رغم عدم صدور تعقيبات رسمية في البوسنة ويوغوسلافيا، الا ان وسائل الاعلام فيهما، تابعت القضية بشكل واسع، وأوضحت تباين المواقف في شأنها بين المسلمين والصرب. ووصفت صحيفة "اوسلوبوجينيا" الصادرة في العاصمة البوسنية ساراييفو امس، الاحكام بأنها "مناسبة" بحسب قواعد محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة. لكنها أضافت ان "العدالة ينبغي ان تطاول المجرمين الكبار، وخصوصاً رئيس صرب البوسنة السابق رادوفان كاراجيتش وقائده العسكري الجنرال راتكو ملاديتش". أما تلفزيون بانيالوكا عاصمة صرب البوسنة، فانه اكد عدم ارتياح الجماهير الصربية لهذه الاحكام باعتبار انه "لا توجد ادلة جنائية تثبت الاتهامات التي اوردها الادعاء العام وأنكرها المتهمون الثلاثة، وفندوها هم ومحاموهم، لكن المحكمة تجاهلت براءتهم منها". وكانت محكمة لاهاي دانت أول من امس، ثلاثة من عسكريي صرب البوسنة السابقين هم: دراغوليوب كوناراتس مواليد 1961 حكم عليه بالسجن 28 سنة، ورادومير كوفاتش 1963 20 سنة، وزوران فوكوفيتش 1963 12 سنة، بتهم "ارتكاب عدد من جرائم الاغتصاب والتعذيب لنساء مسلمات في مدينة فوتشا خلال عامي 1992 و1993". وتعد هذه المرة الأولى التي يتضمن فيها حكم صادر عن المحكمة الدولية اشارة للاغتصاب على انه جريمة ضد الانسانية، ووصفته المحكمة بأنه "جرى بطريقة انتهاك كرامة النساء وحقوقهن كبشر بصورة بشعة، وشمل فتيات لا يتعدى عمر بعضهن 12 سنة، ادى الى اصابتهن بعاهات مستديمة، وذلك كسلاح في اطار تنفيذ عمليات التطهير العرقي". وكانت المحكمة استمعت الى شهادات عدد من ضحايا المدانين الثلاثة، وسمحت لهن بحجب وجوههن خلف ستار. ومعلوم ان مدينة فوتشا تقع جنوب شرقي البوسنة، وهي حالياً داخل الكيان الصربي. وكان عدد سكانها قبل الحرب حوالى 40 ألف نسمة: 54 في المئة مسلمين و46 في المئة صرباً. واجتاحتها القوات الصربية في نيسان ابريل 1992 مع بداية الصراع في البوسنة الهرسك، وتكاد تكون في الوقت الحاضر خالية من سكانها المسلمين نتيجة التطهير العرقي الذي نفذ ضدهم. ويذكر ان محكمة جرائم الحرب لمنطقة يوغوسلافيا السابقة، انشئت بقرار من مجلس الأمن عام 1993 وأصدرت لوائح اتهام بحق 96 شخصاً، دانت 19 منهم وتحتجز 36 آخرين، في حين تلاحق الباقين الذين من ضمنهم سلوبودان ميلوشيفيتش ورادوفان كاراجيتش وراتكو ملاديتش. وتناقضت المعلومات بخصوص جنرال صرب البوسنة السابق راتكو ملاديتش، احد المتهمين الرئيسيين بالجرائم التي ارتكبت اثناء الحرب البوسنية، اذ اعلن وزير داخلية الحكومة الصربية دوشان ميخاشيلوفيتش، اول من امس، ان الشرطة ليس لديها معلومات عن مكان وجوده. وجاء تصريحه، رداً على طلب من رئيسة هيئة الادعاء العام للمحكمة كارلا ديل بونتي، من سلطات بلغراد بتسليم ملاديتش وحده "كدليل على حسن النية". وإزاء ما اعلنه وزير الداخلية الصربي، نشرت صحيفة "داناس" الصادرة في بلغراد امس، ان ملاديتش يقيم في منطقة كوشوتنياك في بلغراد، ويقع مسكنه في شارع بلاغوي باروفيتش بالقرب من منزل ابن رادوفان كاراجيتش. وأفاد جيرانه انه عزز حراسته خلال زيارة ديل بونتي لبلغراد. وأضافت الصحيفة ان ملاديتش شوهد السبت الماضي، في مقبرة طوبجيدار في بلغراد، اثناء "مناسبة تكريم الموتى الارثوذكسية" التي يزور فيها الصرب قبور اقاربهم.