في وقت حقق فيه انتاج الحبوب في السودان هذا العام قفزة كبيرة، حيث تقدره الحكومة بحوالي 4 ملايين طن من القمح والذرة والدخن، ووصل إنتاج القمح الذي يتم حاليا حصاده الى حوالي 800 ألف طن، اي حوالي 90 في المئة من الاستهلاك، الا ان الحكومة زادت اسعار الخبز بنسبة 400 في المئة ضمن زيادة اسعار عدد من السلع الاساسية، كالسكر والبترول، وتقليص الدعم عنها. وبرر وزير التجارة زيادة سعر الخبز بأن دعمه، بعد قرارات زيادة الاسعار وتقليص الدعم وتخفيض الجنيه السوداني، كان سيرتفع من ملياري جنيه حالياً الى 15 ملياراً. وجاءت نتيجة زيادة سعر الخبز من 50 قرشاً للقطعة الى 250 قرشاً كما يقول وكيل وزارة التجارة الكندي، بتخفيض بنسبة استهلاكه الى حوالي 40 في المئة، باعتبار ان قيام اصحاب المخابز والمطاحن بسحب القمح والدقيق من مخازن الحكومة انخفض عقب زيادات الاسعار في مطلع شباط فبراير الماضي بنسبة 40 في المئة. وشهدت المخازن ذات الطاقة المحدودة تكدساً لم تشهده من قبل بلغ في الشهر الجاري مئة ألف جوال. ويقول وكيل وزارة التجارة ان المواطنين عزفوا عن شراء الخبز لارتفاع اثمانه ولجأوا الى البدائل خصوصاً الذرة لصنع "الكسرة" وهي الادام الشعبي السائد في السودان والتي قل الاقبال عليها نظراً الى ارتفاع سعر الذرة في مقابل انخفاض سعر القمح المدعوم، الامر الذي شجع المنتجين في الارياف على الهجرة وترك الزراعة حيث العيش اسهل. ويوجد في الخرطوم اربع مطاحن كبيرة للدقيق طاقتها عشرة آلاف "جوال" يومياً وعليها ضغط شديد لأنها لا تكفي لتغطية حجم الاستهلاك ويواجه الخبز المنتج من دقيقها المحلي منافسة شديدة من الخبز المنتج من الدقيق المستورد الذي يبلغ سعره ضعف سعر الخبز المحلي. وتخطط الحكومة لانشاء معهد لتدريب الخبازين لصناعة خبز قليل السمك لتوفير الدقيق كما انها تجري تجارب لتصنيع خبز مخلوط بالقمح والذرة تشارك في تمويله هيئة المعونة الاميركية التي ظلت تمد البلاد في الاعوام السابقة بمعظم احتياجاتها من القمح بقروض ميسرة ولكنها تشجع هذه التجارب لتقليل استهلاك القمح في السودان والذي يتزايد معدله بنسبة 12 في المئة سنوياً، وبالتالي تقليل الاعتماد على القمح الاميركي. وقد وزعت الحكومة كميات كبيرة من الذرة على المواطنين لمواجهة غلاء القمح الذي ارتفع انتاجه في البلاد من حوالي 343 ألف طن في منتصف الثمانينات الى 700 ألف طن. من جهة أخرى، ينتظر ان تواجه سياسة الحكومة بتحويل تمويل الزراعة من البنك المركزي الى البنوك التجارية صعوبات حقيقية هذا العام، في ظل ارتفاع تكلفة الانتاج بسبب تخفيض الجنيه وزيادة اسعار الوقود. ومن المتوقع ان تصل احتياجات الزراعة هذا العام الى 14 مليار جنيه مقارنة بپ6.3 مليار جنيه وفرتها البنوك هذا العام لتمويل القمح والذرة والقطن.